مقالات

العلوم والشيعة…

ونريد بعلم اللغة، الاشتغال بألفاظ اللغة من حيث اُصولها، واشتقاقها، ومعناها وهو يطلب لنفسه تأليف معاجم لغوية إمّا في موضوعات خاصّة كالخيل والشاة والوحوش والإنسان فقد اُلّف حولهما كتب تحتوي كلّ منها أسماء الحيوانات وأعضائها، ومن الإنسان أعضائه وأسماؤه. أو موضوعات عامة وأوّل من ألّف في القسم الثاني هو:
1- أبو عبدالرحمان الخليل بن أحمد البصري الفراهيدي الأزدي: سيد أهل الأدب، هو أوّل من ضبط اللغة وأوّل من استخرج علم العروض إلى الوجود، فهو أسبق العرب إلى تدوين اللغة وترتيب ألفاظها على حروف المعجم فألّف كتابه «العين» جمع فيه ما كان معروفاً في أيّامه من ألفاظ اللغة وأحكامها، وقواعدها، ورتّب ذلك على حروف الهجاء، لكنّه رتّب الحروف حسب مخارجها من الحلق، فاللسان، فالأسنان، فالشفتين، وبدأ بحرف العين وختمها بحروف العلّة «واى» وسُمِّي الكتاب بأوّل لفظ من ألفاظه1 .
وكان الكتاب مخطوطاً عزيز النسخة، لكنّه رأى النور أخيراً وطبع محقّقاً. لم يشك أحد من علمائنا أنّ الخليل كان شيعيّاً وعن المرزباني أنّه ولد عام مائة من الهجرة وتوفي سنة 170 أو 175 وقال ابن قانع أنه توفّي سنة 1602 قد ألّف كتاباً في الإمامة، أورده بتمامه محمّد بن جعفر المراغي في كتابه واستدرك عليه ما لم يذكره وأسماه «الخليلي» قال النجاشي محمّد بن جعفر بن محمّد: أبو الفتح الهمداني الوادعي المعروف بـ «المراغي» كان يتعاطى الكلام، له كتاب مختار الأخبار، كتاب الخليلي في الامامة، وكتاب ذكر المجاز من القرآن3 .
قال العلاّمة في الخلاصة: كان خليل بن أحمد أفضل الناس في الأدب وقوله حجّة فيه واخترع علم العروض، وفضله أشهر من أن يذكر وكان إماميّ المذهب4 .
وقال ابن داود: الخليل بن أحمد شيخ الناس في علوم الأدب فضله وزهده أشهر من أن يخفى، كان إماميّ المذهب5 .
2- أبان بن تغلب بن رباح الجُرَيري: من أصحاب الباقر والصادق، قال النجاشي: كان قارئاً من وجوه القرّاء، فقيهاً، لغوياً، سمع من العرب وحكى عنهم6 وقال ياقوت: ذكره أبو جعفر الطوسي في مصنفّي الامامية. وقال: هو ثقة جليل القدر عظيم المنزلة وقال: كان قارئاً، فقيهاً، لُغويّاً، نبيهاً ثبتا7 .
3- ابن حمدون النديم: شيخ أهل اللغة ووجههم واُستاذ أبي العباس ثعلب8 .
4- أبوبكر محمّد بن الحسن بن دريد الأزدي: الأديب اللغوي، صاحب الجمهرة في اللغة مات هو وأبو هاشم الجبّائي في يوم واحد فقال الناس: مات علم اللغة والكلام. ألّف كتاب «جمهرة اللغة» على منوال «العين» واختصره الصاحب وسمّاه «جوهرة الجمهرة»9 .
5- الصاحب بن عباد: عظيم الشأن، جليل القدر في العلم والأدب، وألّف الصدوق (306 ـ 381) كتابه عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ لأجله، ومن كتبه في اللغة: «المحيط» عشر مجلدات وقد عرفت تلخيص الجوهرة. وأمّا تشيّعه فحدّث عنه ولا حرج .
وكم له من قصائد في مدح أهل البيت نذكر منها ما يلي:
ألم تعلموا انّ الوصي هو الذي *** أتى الزكاة وكان في المحراب
ألم تعلموا انّ الوصي هو الذي *** حكم الغدير له على الأصحاب10
ولنكتف بهذا المقدار فانّ المقصود اراءة نماذج من كبار القدماء الذين شاركوا المسلمين في تأسيس العلوم العربية وتطويرها وأمّا التفصيل فيرجع إلى محالّه11 12.

  • 1. آداب اللغة العربية 427 ـ 428 .
  • 2. المامقاني: تنقيح المقال 1 / 403 برقم 3739 .
  • 3. النجاشي: الرجال 2 / 318 برقم 1054 .
  • 4. العلامة الحلّي: الخلاصة، القسم الأول 67 .
  • 5. ابن داود الحلّي: الرجال، القسم الأول 88 برقم 574 .
  • 6. النجاشي: الرجال 1 / 73 برقم 6 .
  • 7. ياقوت: معجم الاُدباء 1 / 107 .
  • 8. الطوسي: الفهرست 11 / 56 .
  • 9. الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد 2 / 195 .
  • 10. الغدير 4 / 66 وله قصائد اُخرى مذكورة فيه .
  • 11. لاحظ تأسيس الشيعة للسيد الصدر فقد ترجم فيه 24 شخصاً كلّهم من أقطاب علم اللغة وللمناقشة في بعض ما ذكره وان كان مجالا لكنّه لا ينقص عن عظم الجهد الّذي بذله في طريق منشوده .
  • 12. من كتاب دور الشيعة في بناء الحضارة الاسلامية، لأية الله الشيخ جعفر السبحاني، طبعة: بيروت، دار الاضواء للطباعة والنشر، سنة 1993م.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى