جاء الإسلام ليحرّر عقل الإنسان وتفكيره من الأغلال المتراكمة الموروثة الّتي خلقتها له الأجيال الماضية وهو يخاطب العقل ويدعوه إلى التأمّل والتفكير، ويخاطب القلب والضمير بما حوله من الأدلّة الناطقة، ويكفيك أنّ الذكر الحكيم استعمل مادة «العقل» بمختلف صورها 47 مرة، و «التفكّر» 18 مرة و«اللب» 16 مرّة، و «التدبّر» 4 مرات و «النهى» مرتين. فبذلك نهى عن التقليد وحثّ على التعقّل ببيانات مختلفة.
فتارة فتح عيون الإنسان إلى الكائنات لما فيها من دلائل ناطقة على وجوده سبحانه وصفاته .قال سبحانه: ﴿ أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا* رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا * وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا * وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ 1.
واُخرى دعاه إلى التفكير والاستدلال المنطقي، فقال سبحانه:﴿ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ ﴾ 2.
فعالج المشاكل العلمية والفلسفية تارة بالدعوة إلى النظر في الكون نظرة فاحصة، واُخرى بالحثِّ عى التفكير في المعارف باسلوب منطقي وبرهاني، وبذلك أيقظ عقول المسلمين وبعثهم إلى اعمال الحس والتعقّل وأعطى لكلّ قدره وقيمته غير أنّ المسلمين سوى قليل منهم تنكّبوا عن هذا الطريق، خصوصاً في ما يرجع إلى المعارف العليا، فصاروا بين مشبّه ومعطّل، فالبسطاء منهم بنوا عقائدهم على الجمود بالمفردات الواردة في الكتاب والسنّة، وبذلك استغنوا عن أىّ تعقّل وتفكّر، إلى أن بلغت جرأتهم إلى حدّ قال بعضهم في الخالق: اعفوني عن الفرج واللحية واسألوني عمّا وراء ذلك3، فهؤلاء هم المجسّمة والمشبّهة ،وأمّا غيرهم فاختاروا تعطيل العقول عن التفكّر في اللّه سبحانه، فقالوا: اُعطينا العقل لاقامة العبودية لا لادراك الربوبيّة، فمن شغل ما اُعطي لاقامة العبودية بادراك الربوبية فاتته العبودية، ولم يدرك الربوبية4.
فالأكثرية الساحقة في القرون الاُولى كانوا بين مشبّه ومعطّل، غير أنّه سبحانه شملت عنايته اُمّة من المسلمين رفضوا التشبيه والتعطيل، وسلكوا طريقاً ثالثاً، وقالوا بأنه يمكن للانسان التعرّف على ما وراء الطبيعة بما فيها من الجمال والكمال عن طريقين:
- النظرة الفاحصة إلى عالم الوجود وجمال الطبيعة كما وردت في القرآن الكريم.
- ترتيب الأقيسة المنطقية للوصول إلى الحقائق العليا، وهذا هو الخط الّذي رسمه القرآن الكريم، ومشى على هذا الخط أئمّة أهل البيت ـ عليهم السلام ـ من أوّلهم إلى آخرهم.ترى ذلك في كلام الامام علي ـ عليه السلام ـ بوضوح، في أحاديثه وخطبه، ورسائله وكلمه ولا يمكن لنا نقل معشار منه، ونكتفي بحديث واحد.
سأله سائل: هل يقدر ربّك أن يُدخل الدنيا في بيضة من غير أن يُصغّر الدنيا أو يُكبّر البيضة؟ فقال: إنّ اللّه تبارك وتعالى لا ينسب إلى العجز والّذي سألتني لا يكون5.
إنّ خطب الامام ـ عليه السلام ـ ورسائله وقصار حكمه صار هو الحجر الأساس لكلام الشيعة وآرائهم في العقائد والمعارف، ولم يقف نشاط الشيعة في ذلك المجال، بل جاءت الأئمة بعد الامام، ففتحوا عقول شيعتهم بالدعوة إلى التدبّر والتفكّر في المعارف، حتّى تربّى في مدرستهم عمالقة الفكر من عصر سيد الساجدين إلى عصر الامام العسكري، تجد أسماءهم وتآليفهم وافكارهم في المعاجم وكتب الرجال، وقد نبغ في عصر أئمة أهل البيت مفكّرون بارزون افادوا الأجيال من بعدهم، نأتي بأسماء البارزين بعد استفحال علم الكلام في أوائل القرن الثاني.
متكلّموا الشيعة في القرن الثاني
1- زرارة بن أعين بن سُنسُن: مولى (بني عبداللّه بن عمرو السمين بن اسعد بن همام بن مرة بن ذهل بن شيبان)، أبوالحسن. شيخ أصحابنا في زمانه، ومتقدّمهم، وكان قارئاً، فقيهاً، متكلّماً، شاعراً، أديباً، قد اجتمعت فيه خصال الفضل والدين، صادقاً في ما يرويه.
قال أبو جعفر محمّد بن علي بن الحسين بن بابويه: رأيت له كتاباً في الاستطاعة والجبر6 وقال ابن النديم: وزرارة أكبر رجال الشيعة فقهاً وحديثا ومعرفة بالكلام والتشيّع7 وهو من الشخصيات البارزة للشيعة الّتي اجتمعت العصابة على تصديقهم، وهو غنيّ عن التعريف والتوصيف.
2- محمّد بن علي بن النعمان بن أبي طريفة البجلي: مولى الأحول «أبو جعفر»، كوفي، صيرفي يلقب بـ «مؤمن الطاق» و «صاحب الطاق»، ويلقّبه المخالفون بـ «شيطان الطاق»… وكان دكانه في طاق المحامل، بالكوفة، فيرجع إليه في النقد فيردّ ردّاً فيخرج كما يقول، فيقال «شيطان الطاق». أمّا منزلته في العلم وحسن الخاطر، فاشهر وقد نسب إليه أشياء لم تثبت عندنا. وله كتاب «افعل لا تفعل» رأيته عند أحمد بن الحسين بن عبيداللّه رحمه اللّه، كتاب حسن كبير، وقد أدخل فيه بعض المتأخرين أحاديث تدل فيه على فساد، ويذكر تباين أقاويل الصحابة. وله كتاب «الاحتجاج في إمامة أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ » وكتاب كلامه على الخوارج، وكتاب مجالسه مع أبي حنيفة والمرجئة…8 فقد توفي الامام الصادق عام 148، وأبو حنيفة عام 150، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني.
وقال ابن النديم وكان متكلّماً حاذقاً وله من الكتب كتاب الامامة، كتاب المعرفة، كتاب الرد على المعتزلة في إمامة المفضول، كتاب في أمر طلحة والزبير وعائشة9.
3- هشام بن الحكم: قال ابن النديم: هو من متكلّمي الشيعة الإمامية وبطانتهم، وممّن دعا له الصادق ـ عليه السلام ـ ، فقال: أقول لك ما قال رسول اللّه لحسان: لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك. وهو الّذي فتق الكلام في الإمامة وهذّب المذهب وسهّل طريق الحجاج فيه، وكان حاذقاً بصناعة الكلام حاضر الجواب10 .
يقول الشهرستاني: وهذا هشام بن الحكم، صاحب غور في الاُصول، لا ينبغي أن يغفل عن الزاماته على المعتزلة، فانّ الرجل وراء ما يلزم به على الخصم، ودون ما يظهره من التشبيه، وذلك أنّه ألزم الغلاة…11.
وقال النجاشي: هشام بن الحكم أبو محمّد مولى كندة، وكان ينزل بني شيبان بالكوفة، انتقل إلى بغداد سنة 199، ويقال انّ في هذه السنة مات. له كتاب يرويه جماعة. ثم ذكر أسماء كتبه على النحو التالي:
1- علل التحريم، 2- الفرائض، 3- الإمامة، 4- الدلالة على حدوث الأجسام، 5- الرد على الزنادقة، 6- الرد على أصحاب الاثنين، 7- التوحيد، 8- الرد على هشام الجواليقي، 9- الرد على أصحاب الطبائع، 10- الشيخ والغلام في التوحيد، 11- التدبير في الإمامة، 12- الميزان، 13- إمامة المفضول، 14- الوصية والرد على منكريها، 15- الميدان، 16- اختلاف الناس في الإمامة، 17- الجبر والقدر، 18- الحكمين، 19- الرد على المعتزلة وطلحة والزبير، 20- القدر، 21- الألفاظ، 22- الاستطاعة، 23- المعرفة، 24- الثمانية أبواب، 25- على شيطان الطاق، 26- الاخبار، 27- الرد على المعتزلة، 28- الرد على ارسطاطاليس في التوحيد، 29- المجالس في التوحيد، 30- المجالس في الإمامة12.
يقول أحمد أمين: أكبر شخصية شيعية في الكلام، وكان جداً قوىّ الحجة، ناظر المعتزلة وناظروه، ونقلت له في كتب الأدب مناظرات كثيرة متفرقة تدل على حضور بديهته وقوّة حججه.
إنّ الرجال كان في بداية أمره من تلاميذ أبي الشاكر الديصاني، صاحب النزعة الالحادية في الإسلام ثمّ تبع الجهم بن صفوان، الجبري المتطرّف المقتول بترمذ عام 128 هـ ، ثم لحق بالإمام الصادق ـ عليه السلام ـ ودان بمذهب الإمامية، وما تنقل منه من الآراء الّتي لا توافق اُصول الامامية، فانّما هي راجعة إلى العصرين اللذين كان فيهما على النزعة الالحادية أو الجهمية، وأمّا بعد ما لحق بالإمام الصادق ـ عليه السلام ـ فقد انطبعت عقليته بمعارف أهل البيت إلى حد كبير، حتّى صادر أحد المناضلين عن عقائد الشيعة الامامية13.
4- قيس الماصر: أحد أعلام المتكلمين، تعلّم الكلام من علي بن الحسين ـ عليه السلام ـ روى الكليني انّه أتى شامي إلى أبي عبداللّه الصادق ليناظر أصحابه، فقال ـ عليه السلام ـ ليونس بن يعقوب: اُنظر من ترى بالباب من المتكلمين…إلى أن قال يونس: فأدخلت زرارة بن أعين وكان يحسن الكلام، وأدخلت الأحول وكان يحسن الكلام، وأدخلت هشام بن الحكم وهو يحسن الكلام، وأدخلت قيس الماصر وكان عندي أحسنهم كلاماً وقد تعلم الكلام من علي بن الحسين ـ عليهما السلام ـ 14.
5- عيسى بن روضة، حاجب المنصور: كان متكلّماً، جيّد الكلام، وله كتاب في الإمامة. وقد وصفه أحمد بن أبي طاهر في كتاب بغداد، وذكر أنّه رأى الكتاب. وقال بعض أصحابنا رحمهم اللّه: انّه راى هذا الكتاب. وقرأت في بعض الكتب: انّ المنصور لمّا كان بالحيرة، تسمّع على عيسى بن روضة، وكان مولاه، وهو يتكلّم في الإمامة فاُعجب به واستجاد كلامه15 وبما أنّ المنصور توفّي عام 158، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني.
6- الضحاك، أبو مالك الحضرمي: كوفي، عربي، أدرك أبا عبداللّه ـ عليه السلام ـ وقال قوم من أصحابنا: روى عنه وقال آخرون: لم يرو عنه. وروى عن أبي الحسن، وكان متكلّماً ثقة ثقة في الحديث. وله كتاب: في التوحيد، رواية علي بن الحسن الطاطري16 فالرجل من متكلّمي القرن الثاني. وقال ابن النديم: من متكلّمي الشيعة وله مع ابي علي الجبّائي مجلس في الإمامة وتثبيتها بحضرة أبي محمّد القاسم بن محمّد الكوفي وله من الكتب كتاب الإمامة، نقض الإمامة على أبي علي ولم يتمّه17.
7- علي بن الحسن بن محمّد الطائي: المعروف بـ «الطاطري» كان فقيهاً ثقة في حديثه له كتب منها: التوحيد، الامامة، الفطرة، المعرفة، الولاية18 وغيرها وعدّه ابن النديم من متكلمي الامامية وقال: ومن القدماء: الطاطري وكان شيعياً واسمه… وتنقّل في التشيّع وله من الكتب كتاب الإمامة حسن17 وبما أنّه من أصحاب الإمام الكاظم فهو من متكلّمي القرن الثاني.
8- الحسن بن علي بن يقطين بن موسى: مولى بني هاشم، وقيل مولى بني أسد، كان فقيهاً متكلّماً روى عن أبي الحسن والرضا ـ عليهما السلام ـ ،وله كتاب مسائل أبي الحسن موسى ـ عليه السلام ـ 19 وبما أنّ أبا الحسن الأول توفّي عام 183، والثاني توفّي عام 203، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني وأوائل الثالث، وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الرضا20 وهو الّذي سأل الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ بأنّه لا يقدر على لقائه في كل وقت فعمّن يأخذ معالم دينه؟ فأجاب الامام ـ عليه السلام ـ خذ عن يونس بن عبدالرحمان21.
9- حديد بن حكيم: أبو علي الأزدي المدائني، ثقة، وجه، متكلّم، روى عن ابي عبد الله، وأبي الحسن ـ عليهما السلام ـ له كتاب يرويه محمّد بن خالد22 وبما أنّه من تلاميذ الصادق والكاظم ـ عليهما السلام ـ فالرجل من متكلّمي الشيعة في القرن الثاني.
10- فضال بن الحسن بن فضال: وهو من متكلّمي عصر الصادق ـ عليه السلام ـ وذكره الطبرسي في احتجاجه ومناظرته مع أبي حنيفة فلاحظ23.
وما ذكرناه نماذج من مشاهير المتكلّمين في عصر الصادقين والكاظم، وهناك من لم نذكرهم ولهم مناظرات واحتجاجات احتفلت بهم الكتب التاريخية والكلامية كحمران بن أعين الشيباني، وهشام بن سالم الجواليقي، والسيد الحميري ،والكميت الاسدي24.
متكلّموا الشيعة في القرن الثالث
1- الفضل بن شاذان بن الخليل أبو محمّد الأزدي النيشابوري: كان أبوه من أصحاب يونس، وروى عن أبي جعفر الثاني وقيل الرضا ـ عليهما السلام ـ وكان ثقة، أحد اصحابنا الفقهاء، والمتكلمين، وله جلالة في هذه الطائفة وهو في قدره أشهر من أن نصفه وذكر الكنجي انّه صنّف مائة وثمانين كتابا.
وذكره الشيخ في رجاله في أصحاب الإمام الهادي والعسكري، وقد توفّي عام 260 فهو من متكلّمي القرن الثالث. وقد ذكر النجاشي فهرس كتبه نقتبس منه ما يلي:
كتاب النقض على الاسكافي في تقوية الجسم، كتاب الوعيد، كتاب الرد على أهل التعطيل، كتاب الاستطاعة، كتاب مسائل في العلم، كتاب الاعراض والجواهر، كتاب العلل، كتاب الايمان، كتاب الرد على الثنوية، كتاب اثبات الرجعة، كتاب الرد على الغالية المحمدية، كتاب تبيان اصل الضلالة، كتاب الرد على محمّد بن كرام، كتاب التوحيد في كتب اللّه، كتاب الرد على أحمد بن الحسين، كتاب الرد على الأصم، كتاب في الوعد والوعيد آخر، كتاب الرد على بيان ايمان ابن رباب (الخارجي)، كتاب الرد على الفلاسفة، كتاب محنة الإسلام، كتاب الأربع مسائل في الامامة، كتاب الرد على المنّانية، كتاب الرد على المرجئة، كتاب الرد على القرامطة، كتاب الرد على البائسة، كتاب اللطيف، كتاب القائم عليه السلام، كتاب الإمامة الكبير، كتاب حذو النعل بالنعل، كتاب فضل أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ ، كتاب معرفة الهدى والضلالة، كتاب التعري والحاصل، كتاب الخصال في الإمامة، كتاب المعيار والموازنة، كتاب الرد على الحشوية، كتاب الرد على الحسن البصري في التفضيل، كتاب النسبة بين الجبرية والبترية25.
2- حكم بن هشام بن الحكم: أبو محمّد، مولى كندة، سكن البصرة، وكان مشهوراً بالكلام، كلّم الناس، وحكي عنه مجالس كثيرة، ذكر بعض أصحابنا أنّه راى له كتاباً في الامامة26 وقد توفّي والده 200 أو 199، فهو من متكلمي أواخر القرن الثاني، وأوائل القرن الثالث.
3- داود بن أسد بن أعفر: أبو الأحوص البصري ـ رحمه الله ـ شيخ جليل، فقيه متكلّم من أصحاب الحديث ثقة ثقة، وأبوه من شيوخ أصحاب الحديث الثقات، له كتب منها، كتاب في الإمامة على سائر من خالفه من الاُمم، والآخر مجرد الدلائل والبراهين27. وذكره الشيخ الطوسي في الفهرست في باب الكنى وقال: انّه من جملة متكلّمي الإمامية، لقيه الحسن بن موسى النوبختي، وأخذ عنه، واجتمع معه في الحائر على ساكنه السلام، وكان ورد للزيارة28. فبما أنّه من مشايخ الحسن بن موسى النوبختي المعاصر للجبّائي (ت 303) فهو من متكلّمي القرن الثالث المعاصر.
4- محمّد بن عبداللّه بن مملك الاصبهاني: أصله جرجان، وسكن اصبهان، جليل في أصحابنا، عظيم القدر والمنزلة كان معتزلياً ورجع على يد عبدالرحمان بن أحمد بن جبرويه ـ رحمه الله ـ . له كتب منها، كتاب الجامع في سائر أبواب الكلام كبير، وكتاب المسائل والجوابات في الإمامة، كتاب مواليد الأئمة ـ عليهم السلام ـ ، كتاب مجالسه مع أبي علي الجبّائي (235 ـ 303)29.
5- ثبيت بن محمّد، أبو محمّد العسكري: صاحب أبي عيسى الوراق (محمّد بن هارون) متكلّم حاذق، من أصحابنا العسكريين، وكان أيضاً له اطّلاع بالحديث والرواية، والفقه. له كتب، منها:
- كتاب توليدات بني اُمية في الحديث وذكر الأحاديث الموضوعة.
- الكتاب الّذي يعزى إلى أبي عيسى الوراق في نقض العثمانية له.
- كتاب الأسفار.
- دلائل الأئمة ـ عليهم السلام ـ 30.
وبما أنّه من أصحاب أبي عيسى الوراق، وقد توفّي هو في 247، فالرجل من متكلّمي القرن الثالث.
6- إسماعيل بن محمّد بن إسماعيل بن هلال المخزومي: أبو محمّد، أحد أصحابنا، ثقة فيما يرويه، قدم العراق، وسمع أصحابنا منه، مثل أيوب بن نوح، والحسن بن معاوية، ومحمّد بن الحسين، وعلي بن الحسن بن فضال، له كتاب التوحيد، كتاب المعرفة، كتاب الإمامة.
وبما أنّ الراوي عنه كعلي بن الحسن بن فضال من أصحاب الهادي والعسكري ـ عليهما السلام ـ وقد توفّي الامام العسكري عام 260، فهو في رتبة الحسن بن علي بن فضال، الّذي هو من أصحاب الإمام الرضا ـ عليه السلام ـ فيكون من متكلّمي القرن الثالث31.
7- محمّد بن هارون: أبو عيسى الوراق: له كتاب الإمامة، وكتاب السقيفة، وكتاب الحكم على سورة لم تكن وكتاب اختلاف الشيعة والمقالات. قال ابن حجر: له تصانيف على مذهب المعتزلة، وقال المسعودي له مصنّفات حسان في الإمامة وغيرها وكانت وفاته سنة 247 32.
8- إبراهيم بن سليمان بن أبي داحة المزني: مولى آل طلحة بن عبيداللّه، «أبو إسحاق»، وكان وجه أصحابنا البصريين في الفقه والكلام والأدب والشعر. والجاحظ يحكي عنه، وقال الجاحظ: «حدثني إبراهيم ابن داحة، عن محمّد بن أبي عمير»33.
وبما أنّ اُستاذه ابن أبي عمير توفّي عام 217، والجاحظ، الراوي عنه توفّي عام 255، فهو من متكلّمي القرن الثالث يروي عنه الجاحظ في البيان والتبيين34.
9- الشكّال: قال ابن النديم: صاحب هشام بن الحكم وخالفه في اشياء إلاّ في اصل الإمامة وله من الكتب كتاب المعرفة، كتاب في الاستطاعة، كتاب الامامة، كتاب على من أبى وجوب الإمامة بالنص35 وبما أنّ هشاماً توفّي عام 199، فالرجل من متكلّمي أوائل القرن الثالث.
10- الحسين بن اشكيب: شيخ لنا، ثقة مقدم، ذكره أبو عمرو في كتاب الرجال في أصحاب أبي الحسن، صاحب العسكر ـ عليه السلام ـ ووصفه بأنّه عالم متكلّم مؤلّف للكتب، المقيم بسمرقند وكش. له من الكتب، كتاب الرد على من زعم أنّ النبيّ كان على دين قومه، والرد على الزيدية، وبما أنّه من أصحاب أبي الحسن المتوفى عام 260، فهو من متكلمي القرن الثالث36.
وعده الشيخ في رجاله من أصحابه الامام الهادي ـ عليه السلام ـ 37.
11- عبدالرحمان بن أحمد بن جبرويه، أبو محمّد العسكري: متكلّم من أصحابنا، حسن التصنيف، جيّد الكلام، وعلى يده رجع محمّد بن عبداللّه بن مملك الاصبهاني عن مذهب المعتزلة إلى القول بالإمامة، وقد كلّم عباد بن سليمان، ومن كان في طبقته، وقع إلينا من كتبه: كتاب الكامل في الإمامة، كتاب حسن38.
وبما أنّ محمّد بن عبداللّه معاصر للجبّائي (235 ـ 303) وله مجالس معه29 فالرجل من متكلّمي القرن الثالث، ولعلّه أدرك أوائل القرن الرابع.
12- علي بن منصور، أبو الحسن: كوفي سكن بغداد، متكلّم، من أصحاب هشام، له كتب، منها كتاب التدبير في التوحيد والإمامة39. وقال النجاشي في ترجمة هشام بن الحكم: كتاب التدبير في الإمامة، وهو جمع علي بن منصور من كلامه12وبما أنّ هشام توفّي عام 199، فالرجل من متكلّمي القرن الثاني، وأوائل القرن الثالث.
13- علي بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم بن يحيى التمّار: أبو الحسن مولى بني أسد، كوفي، سكن البصرة، وكان من وجوه المتكلّمين من أصحابنا، كلّم أبا الهذيل (135 ـ 235) والنظام (160 ـ 231) له مجالس وكتب منها كتاب الإمامة، كتاب مجالس هشام بن الحكم وكتاب المتعة40 .وعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الرضا برقم 52 فهو من متكلّمي القرن الثاني. وقال ابن النديم: أوّل من تكلّم في مذهب الإمامة علي بن إسماعيل بن ميثم التمّار، وميثم (جده) من أجلّة أصحاب علي ـ رضي الله عنه ـ ولعلي من الكتب كتاب الإمامة، كتاب الاستحقاق41.
متكلّموا الشيعة في القرن الرابع
1- الحسن بن علي بن أبي عقيل: أبو محمّد العماني الحذّاء، فقيه متكلّم ثقة، له كتب في الفقه والكلام، منها كتاب المتمسّك بحبل الرسول. قال النجاشي: وقرأت كتابه المسمّى: الكرّ والفرّ، على شيخنا أبي عبداللّه المفيد ـ رحمهم الله ـ وهو كتاب في الإمامة، مليح الوضع.
وذكره الشيخ في الفهرست والرجال42 ، وبما أنّه من مشايخ أبي القاسم جعفر ابن محمّد المتوفّي عام 368 فالرجل من أعيان القرن الرابع،المعاصر للكليني، المتوفّي عام 329.
2- إسماعيل بن علي بن إسحاق بن أبي سهل بن نوبخت: كان شيخ المتكلّمين من أصحابنا وغيرهم، له جلالة في الدنيا والدين، يجري مجرى الوزراء في جلالة الكتاب، صنف كتباً كثيرة، منها كتاب الاستيفاء في الإمامة، التنبيه في الإمامة. قال النجاشي: قرأته على شيخنا أبي عبداللّه (المفيد) ـ رحمهم الله ـ ، كتاب الجمل في الإمامة، كتاب الرد على محمّد بن الأزهر في الإمامة، كتاب الرد على اليهود، كتاب في الصفات للرد على أبي العتاهية (130 ـ 211) في التوحيد في شعره، كتاب الخصوص والعموم والأسماء والأحكام، كتاب الإنسان والرد على ابن الراوندي، كتاب التوحيدن كتاب الارجاء، كتاب النفي والاثبات، مجالسه مع أبي علي الجبّائي (235 ـ 303) بالأهواز، كتاب في استحالة رؤية القديم، كتاب الرد على المجبرة في المخلوق، مجالس ثابت بن أبي قرة (221 ـ 288)، كتاب النقض على عيسى بن أبان في الاجتهاد، نقض مسألة أبي عيسى الوراق في قدم الاجسام، كتاب الإحتجاج لنبوّة النبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ ، كتاب حدوث العالم43.
وقال ابن النديم أبو سهل: إسماعيل بن علي بن نوبخت من كبار الشيعة وكان أبو الحسن الناشي يقول إنّه اُستاذه وكان فاضلا، عالماً، متكلماً، وله مجالس بحضرة جماعة من المتكلمين… وذكر فهرس كتبه44.
3- الحسين بن علي بن الحسين بن موسى بن بابويه (أخو الصدوق) القمي أبو عبداللّه، ثقة روى عن أبيه اجازة، وله كتب منها:
1- كتاب التوحيد ونفي التشبيه.
2- كتاب عمله للصاحب أبي القاسم بن عباد (326 ـ 385) وقد توفّي أخوه عام 381 فهو من أعيان القرن الرابع، وهو وأخوه ولدا بدعوة صاحب الأمر ـ عليه السلام ـ ، ترجمه ابن حجر في لسان الميزان45.
4- محمّد بن بشر الحمدوني «أبو الحسين السوسنجردي»: متكلم جيد الكلام، صحيح الاعتقاد، كان يقول بالوعيد، له كتب، منها كتاب المقنع في الإمامة، كتاب المنقذ في الإمامة46 وقال ابن النديم: السوسنجردي من غلمان أبي سهل النوبختي. ويكنّى أبا الحسن، ويعرف بالحمدوني منسوباً إلى آل حمدون، وله من الكتب كتاب الانقاذ في الامامة47 وقال ابن حجر: كان زاهداً ورعاً متكلماً، على مذهب الإمامية وله مصنّفات في نصرة مذهبه48.
5- يحيى أبو محمّد العلوي من بني زبارة: علوي، سيد، متكلّم، فقيه، من أهل نيشابور. قال الشيخ الطوسي: جليل القدر، عظيم الرياسة، متكلّم، حاذق، زاهد، ورع، لقيت جماعة ممّن لقوه وقرأوا عليه، له كتاب ابطال القياس، وكتاب في التوحيد49 ، وعلى هذا فالرجل في درجة شيخ مشايخ الطوسي، فهو من متكلّمي القرن الرابع.
6- محمّد بن القاسم، أبوبكر، بغدادي: متكلم عاصر بن همام، له كتاب في الغيبة، كلام50.وابن همام هو محمّد بن أبي بكر بن سهيل الكاتب الاسكافي الّذي ترجم له النجاشي في رجاله برقم 1033 وذكره الخطيب في تاريخه 3 / 365 وقال أحد شيوخ الشيعة، ولد عام 258 وتوفّي عام 338 وعلى هذا فالمترجم من متكلّمي أوائل القرن الرابع.
7- محمّد بن عبدالملك بن محمّد التبان: يكنّى أبا عبداللّه، كان معتزلياً، ثمّ أظهر الانتقال، ولم يكن ساكنا، له كتاب في تكليف من علم اللّه انّه يكفر، وله كتاب في المعدوم، ومات لثلاث بقين من ذي القعدة سنة 419 51.
8- محمّد بن عبدالرحمان بن قبة الرازي أبو جعفر: متكلّم، عظيم القدر حسن العقيدة، قوي في الكلام، كان قديماً من المعتزلة، وتبصّر وانتقل، له كتب في الكلام، وقد سمع الحديث، وأخذ عنه ابن بطة وذكره في فهرسته الّذي يذكر فيه من سمع منه فقال: وسمعت من محمّد بن عبدالرحمان بن قبة.
له كتاب الانصاف في الامامة، وكتاب المستثبت نقض كتاب أبي القاسم البلخي (ت 319)، وكتاب الرد على الزيدية، وكتاب الرد على ابي علي الجبائي، المسالة المفردة في الامامة.
قال النجاشي: سمعت أبا الحسين السوسنجردي ـ رحمه الله ـ وكان من عيون أصحابنا وصالحيهم المتكلّمين، وله كتاب في الإمامة معروف به، وقد كان حج على قدميه خمسين حجة يقول: مضيت إلى أبي القاسم البلخي إلى بلخ بعد زيارتي الرضا ـ عليه السلام ـ بطوس فسلمت عليه وكان عارفاً بي ومعي كتاب أبي جعفر بن قبة في الإمامة المعروف بالانصاف، فوقف عليه، ونقضه بالمسترشد في الإمامة فعدت إلى الري، فدفعت الكتاب إلى ابن قبة فنقضه بالمستثبت في الامامة، فحملته إلى أبي القاسم فنقضه بنقض المستثبت، فعدت إلى الري فوجدت أبا جعفر قدمات ـ رحمه الله ـ 52.
وقال ابن النديم: أبو جعفر بن محمّد بن قبة من متكلّمي الشيعة وحذّاقهم وله من الكتب: كتاب الانصاف في الإمامة، كتاب الإمامة53.
وقال العلاّمة: وكان حاذقاً شيخ الإمامية في عصره54.
9- علي بن وصيف، أبوالحسن الناشي: (271 ـ 365) الشاعر المتكلّم، ذكر شيخنا ـ رضي الله عنه ـ انّ له كتاباً في الإمامة55 . قال الطوسي: وكان شاعراً مجوداً في أهل البيت ـ عليهم السلام ـ ومتكلّماً بارعاً وله كتب56.قال ابن خلكان: من الشعراء المحبين وله في أهل البيت قصائد كثيرة، وكان متكلماً بارعاً، أخذ علم الكلام عن أبي سهل إسماعيل بن علي بن نوبخت المتكلم، وكان من كبار الشيعة، وله تصانيف كثيرة، وقال ابن كثير: إنّه كان متكلّماً، بارعاً من كبار الشيعة57، فهو من متكلمي القرن الرابع.
10- الحسن بن موسى، ابو محمّد النوبختي: شيخنا المبرز على نظرائه في زمانه قبل الثلاثمائة وبعدها، له على الأوائل كتب كثيرة، منها:
- كتاب الآراء والديانات، يقول النجاشي: كتاب كبير حسن يحتوي على علوم كثيرة قرأت هذا الكتاب على شيخنا أبي عبداللّه (المفيد) ـ رحمه الله ـ.
- كتاب فرق الشيعة.
- كتاب الرد على فرق الشيعة ما خلا الإمامية.
- كتاب الجامع في الإمامة.
- كتاب الموضع في حروب أميرالمؤمنين ـ عليه السلام ـ.
- كتاب التوحيد الكبير.
- كتاب التوحيد الصغير.
- كتاب الخصوص والعموم.
- كتاب الأرزاق والآجال والأسعار.
- كتاب كبير في الجزء.
- مختصر الكلام في الجزء.
- كتاب الرد على المنجّمين.
- كتاب الفرد على أبي علي الجبّائي في ردّه على المنجّمين.
- كتاب النكت على ابن الراوندي.
- كتاب الرد على من أكثر المنازلة.
- كتاب الرد على أبي الهذيل العلاّف في أنّ نعيم أهل الجنة منقطع.
- كتاب الإنسان غير هذه الجملة.
- كتاب الرد على الواقفة.
- كتاب الرد على أهل المنطق.
- كتاب الرد على ثابت بن قرة.
- الرد على يحيى بن أصفح.
- جواباته لأبي جعفر بن قبة.
- جوابات اُخر لأبي جعفر.
- شرح مجالسه مع أبي عبداللّه بن مملك.
- حجج طبيعية مستخرجة من كتاب أرسطاطاليس في الرد على من زعم أنّ الفلك حي ناطق.
- كتاب في المرايا وجهة الرؤية فيها.
- كتاب في خبر الواحد والعمل به.
- كتاب في الاستطاعة على مذهب هشام وكان يقول به.
- كتاب في الرد على من قال بالرؤية للباري عزّوجلّ.
- كتاب الاعتبار والتمييز والانتصار.
- كتاب النقض على أبي الهذيل في المعرفة.
- كتاب الرد على أهل التعجيز، وهو نقض كتاب أبي عيسى الوراق.
- كتاب الحجج في الإمامة.
- كتاب النقض على جعفر بن حرب (177 ـ 236) في الإمامة.
- مجالسه مع أبي القاسم البلخي (ت 319).
- كتاب التنزيه وذكر متشابه القرآن.
- الرد على أصحاب المنزلة بين المنزلتين في الوعيد.
- الرد على أصحاب التناسخ.
- الرد على المجسّمة.
- الرد على الغلاة.
- مسائله للجبّائي في مسائل شتّى58.
والرجل من أكابر متكلّمي الشيعة، عاصر الجبّائي (ت 303) والبلخي (ت 319) وأبو جعفر بن قبة المتوفّى قبل البلخي فهو من أعيان متكلّمي الشيعة في أواخر القرن الثالث، وأوائل القرن الرابع.
وقال ابن النديم: أبو محمّد الحسن بن موسى بن اُخت أبي سهل بن نوبخت، متكلّم، فيلسوف كان يجتمع إليه جماعة من النقلة لكتب الفلسفة، مثل أبي عثمان الدمشقي، وإسحاق وثابت وغيرهم وكانت المعتزلة تدّعيه، والشيعة تدّعيه ولكنّه إلى حيّز الشيعة ما هو (كذا) لأنّ آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده ـ عليهم السلام ـ في الظاهر، فلذلك ذكرناه في هذا الموضع… وله مصنفات وتأليفات في الكلام والفلسفة وغيرها ثمّ ذكر فهرس كتبه ولم يذكر إلاّ القليل من الكثير59.
إنّ بيت نوبخت من أرفع البيوتات الشيعية خرج منه فلاسفة كبار، متكلّمون عظام، وقد آثرنا الاقتصار ومن أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب المؤلّفة حول هذا البيت.
هؤلاء أعلام الشيعة ومتكلّموهم في القرون الأربعة فهم الذين ذادوا عن حياض الإسلام والتشيّع ببيانهم وبنانهم أتينا بأسمائهم في المقام ليكونوا كنموذج لما لم نذكره أو لم يحتفل بذكرهم التاريخ فإنّ الإستقصاء يخرجنا إلى تأليف منفرد .
ونختم هذا الفصل بمتكلّم فحل وبارع لا يسمع الدهر بمثله إلاّ في فترات يسيرة أعني اُستاذ الشيعة وشيخ الاُمة الشيخ المفيد (336 ـ 414) الّذي أنطق علمه وفضله وورعه وتقاه، لسان كل موافق ومخالف وإليك نموذج ممّا ذكره أصحاب التذكرة وعلماء الرجال في كتبهم على وجه الإيجاز ونركّز على كلمات أهل السنّة ونذكر القليل من كلمات الشيعة في حقه .
1- هذا هو ابن النديم (ت 388) معاصره ويعرّفه في الفهرست بقوله:
«ابن المعلم، أبو عبداللّه، في عصرنا انتهت رياسة متكلّمي الشيعة إليه، مقدم في صناعة الكلام على مذهب أصحابه، دقيق الفطنة، ماضي الخاطرة، شاهدته فرأيته بارعا…60
والمعروف انّه ألّف الفهرست عام 377، وتوفّي حوالي 388، وعلى ضوء هذا فالمفيد انتهت إليه رياسة متكلّمي الشيعة وله من العمر ما لا يجاوز الخمسين.
2- وقال الحافظ أحمد بن علي الخطيب البغدادي (ت 463):
أبو عبداللّه المعروف بابن المعلم، شيخ الرافضة، والمتعلم على مذهبهم، صنّف كتباً كثيرة في ضلالاتهم والذب عن اعتقاداتهم61.
3- وقال عبدالرحمان ابن الجوزي (ت 597):
شيخ الإمامية وعالمها، صنّف على مذهبه، ومن أصحابه المرتضى، كان لابن المعلم مجلس نظر بداره، بدرب رياح، يحضره كافة العلماء، له منزلة عند اُمراء الأطراف، لميلهم إلى مذهبه62.
4- وقال أبو السعادات عبداللّه بن أسعد اليافعي (ت 768):
وفي سنة ثلاث عشرة وأربعمائة توفّي عالم الشيعة وإمام الرافضة صاحب التصانيف الكثيرة شيخهم المعروف بالمفيد، وابن المعلم أيضاً، البارع في الكلام والجدل والفقه، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة والعظمة في الدولة البويهية. قال ابن ابي طي: وكان كثير الصدقات، عظيم الخشوع، كثير الصلاة والصوم، خشن اللباس، وقال غيره: كان عضد الدولة ربّما زار الشيخ المفيد، وكان شيخاً ربعة نحيفاً أسمر، عاش ستاً وسبعين سنة، وله أكثر من مائتي مصنّف، وكانت جنازته مشهورة وشيّعه ثمانون الفاً من الرافضة والشيعة63.
5- ووصفه أبوالفداء الحافظ ابن كثير الدمشقي (ت 774) بقوله:
شيخ الإمامية الروافض، والمصنّف لهم، والمحامي عن حوزتهم، وكان يحضر ملجسه خلق كثير من العلماء وسائر الطوائف64.
6- وقال الذهبي (ت 748):
محمّد بن محمّد بن النعمان، الشيخ المفيد، عالم الرافضة، أبو عبداللّه ابن المعلم، صاحب التصانيف البدعية، وهي مائتا مصنف65.
عالم الشيعة، وإمام الرافضة وصاحب التصانيف الكثيرة، قال ابن ابي طي في تاريخه ـ تاريخ الإمامة ـ : هو شيخ مشايخ الطائفة ولسان الإمامية ورئيس الكلام والفقه والجدل، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة في الدولة البويهية66.
7- قال ابن حجر (ت 852) بعد نقل ما ذكره الذهبي:
وكان كثير التعقيب والتخشّع والاكباب على العلم، تخرج به جماعة، وبرع في المقالة الإمامية حتّى يقال: له على كل إمام منّة، وكان أبوه معلماً بواسط وما كان المفيد ينام من الليل إلاّ هجعة ثمّ يقوم يصلي أو يطالع أو يدرس أو يتلو القرآن67.
8- وقال ابن العماد الحنبلي: (ت 1089):
«وفيها توفّي المفيد، ابن المعلم، عالم الشيعة، إمام الرافضة، وصاحب التصانيف الكثيرة، قال ابن أبي طي في تاريخ الإمامية: هو شيخ مشايخ الطائفة ولسان الإمامية، رئيس الكلام، والفقه والجدل وكان يناظر اهل كل عقيدة مع الجلاله والعظمة في الدولة البويهية»68.
هذا بالنسبة للسنّة، وأمّا الشيعة فنقتصر على كلام تلميذيه: الطوسي والنجاشي ونترك الباقي لمترجمي حياته .
1- يقول الشيخ الطوسي (385 ـ 460) في الفهرست:
المفيد يكنّى أبا عبداللّه المعروف بابن المعلم، من جملة متكلّمي الإمامية، انتهت إليه رئاسة الإمامية في وقته، وكان مقدّماً في العلم، وصناعة الكلام، وكان فقيهاً متقدماً فيه، حسن الخاطر، دقيق الفطنة، حاضر الجواب وله قريب من مائتي مصنف كبار وصغار وفهرست كتبه معروف، ولد سنة 338 وتوفّي لليلتين خلتا من شهر رمضان سنة 413، وكان يوم وفاته يوماً لم ير أعظم منه من كثرة الناس للصلاة عليه وكثرة البكاء من المخالف والموافق69.
2- ويقول تلميذه الآخر، النجاشي (372 ـ 450):
شيخنا واُستاذنا ـ رضي الله عنه ـ فضله أشهر من أن يوصف في الفقه والكلام والرواية والوثاقة والعلم ثمّ ذكر تصانيفه70.
وهذه الكلم تعرّفنا منزلته الرفيعة وانّه لم يكن يومذاك للشيعة متكلّم أكبر منه، وكفى في ذلك انّه تخرّج على يديه لفيف من متكلّمي الشيعة نظير: السيد المرتضى (355 ـ 436) والشيخ الطوسي (385 ـ 460) وهما كوكبان في سماء الكلام، وحاميان عظيمان عن حياض التشيع، ببيانهم وبنانهم.
ولنكتف في سرد أسماء أئمة الكلام بهذا المقدار ولنترك الباقي من القرن الخامس إلى عصرنا هذا غير أنّه يطيب لي أن اشير إلى بعض أساتذة الفلسفة منهم.
مشاهير أئمّة الفلسفة بعد القرن الرابع
1- إذا كان الشيخ المفيد أكبر متكلّم للشيعة ظهر في العراق، فإنّ الشيخ الرئيس ابن سينا (380 ـ 424) أكبر فيلسوف اسلامي شيعي ظهر في المشرق، وهو من الذين دفعوا عجلة الفكر والعلم إلى الأمام في خطوات كثيرة وقد طار صيته شرقاً وغرباً، وكتبت عنه دراسات ضافية من المسلمين والمستشرقين ونحن في غنى عن افاضة القول في ترجمة حياته، وآثاره الّتي خلّفها، والتلاميذ الذين تربّوا في مدرسته ولكن نشير إلى كتابين من كتبه لأنّهما كوكبان.
الف ـ الشفاء وهو يشتمل على المنطق، والطبيعيات والإلهيات والرياضيات وقد طبع أخيراً في مصر في أجزاء، وبالامعان فيما ذكره في مبحث النبوّة يعلم مذهبه قال: والاستخلاف بالنص أصوب فانّ ذلك لا يؤدّي إلى التشعّب والتشاغب والاختلاف71.
باء ـ الاشارات وهو يشتمل على المنطق والطبيعات والإلهيات وهو من أحسن مؤلّفاته وفيه آراؤه النهائية وقد وقع موقع العناية لمن بعده، فشرحه الامام الرازي (543 ـ 606) والمحقق الطوسي (597 ـ 672) والشرح الثاني، كان محور الدراسة في الحوزات العلمية.
2- نصير الدين الطوسي: الخواجه نصير الدين الطوسي، سلطان المحققين واُستاذ الحكماء والمتكلمين (597 ـ 672) وهو أشهر من أن يذكر، شارك في جميع العلوم النظرية فاصبح اُستاذاً محقّقاً مؤسّساً أثنى عليه الموافق والمخالف.
3- الشيخ كمال الدين: الشيخ كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني (636 ـ 699) الفيلسوف المحقّق، والحكيم المدقّق، قدوة المتكلمين، تظهر جلالة شأنه وسطوع برهانه من الامعان في شرحه لنهج البلاغة في أربعة أجزاء وله «قواعد المرام في الكلام» وكلاهما مطبوعان.
4- العلاّمة الحلّي: شيخ الشيعة جمال الدين المعروف بالعلاّمة الحلّي (648 ـ 728) له الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد، وكشف المراد في الكلام، وكتبه في المنطق والكلام والفلسفة تنوف على العشرين.
5- الرازي: قطب الدين الرازي (ت 766)، تلميذ العلاّمة الحلّي واُستاذ الشهيد الأوّل، له شرح المطالع في المنطق والمحاكمات بين العلمين: الرازي ونصير الدين الطوسي.
إلى غير ذلك من أدمغة كبيرة ظهرت في الحوزات الشيعيّة، كالفاضل المقداد (ت 808) مؤلّف نهج المسترشدين في الكلام، والشيخ بهاء الدين العاملي (953 ـ 1030)، والسيد محمّد باقر المعروف بالداماد (ت 1040) ،وتلميذه المعروف بصدر المتألّهين مؤلّف الأسفار الأربعة (971 ـ 1050) وغيرهم ممّن يتعسّر علينا احصاء أسمائهم فضلا عن تحرير تراجمهم.
هذه لمحة عابرة عن مشاركة الشيعة في بناء الحضارة الإسلامية في مجال العلوم العقلية واقتصر نا على المشاهير منهم إلى أواسط القرن الحادي عشر، وتركنا أسماء الكثيرين. هذا وقد قام المتتبّع المتضلّع الشيخ عبداللّه نعمة بتأليف كتاب حول فلاسفة الشيعة ومتكلّميهم أسماه «فلاسفة الشيعة» وسدّ بذلك بعض الفراع حيّاه اللّه وبيّاه.
ومن حسن الحظ أنّ ركب التفكير والبرهنة والاستدلال لم يقف، بل توالت إلى عصرنا، فترى في حقول الكلام والفلسفة شخصيات بارزة ومؤلّفات لا تحصى في الكلام والفلسفة والمنطق، وقد عاش كثير من هؤلاء في الظروف السياسية الصارخة بالدم والرعب، وقد صار ذلك سبباً في اختفاء آثارهم وضياعها، بل وتراكم الأساطير حولها.
وبذلك تقف على قيمة ما ذكره المستشرق «آدم متز» في حق كلام الشيعة: «أمّا من حيث العقيدة والمذهب، فانّ الشيعة هم ورثة المعتزلة، ولابدّ أن يكون قلّة اعتداد المعتزلة بالأخبار المأثورة ممّا لاءم أغراض الشيعة ولم يكن للشيعة في القرن الرابع مذهب كلامي خاص به»72.
إنّ الشيعة منذ بكرة أبيهم، كانوا مقتفين أثر أئمتهم، ولم يكونوا ورثة المعتزلة، وانّما أخذت المعتزلة اُصول مذهبهم عن أئمة أهل البيت، كما أوضحنا حاله في الجزء الثالث من هذه الموسوعة، والعجب أنّ الشيعة كانت تناظر المعتزلة من عصر الامام الصادق ـ عليه السلام ـ إلى عصر المفيد وبعدهم حتّى أنّ الشيخ المفيد وضع كتباً في نقد المعتزلة، كما وضع قبلهم بعض أئمة المتكلمين من الشيعة ردوداً على المعتزلة، فكيف يكون الشيعة ورثة للمعتزلة، نعم وأنّ القائل خلط مسألة الاتّفاق في بعض المسائل بالتبعية والاقتفاء، فالشيعة والمعتزلة تتفقان في بعض الاُصول، لا أنّ أحدهما عيال على الآخر73.
- 1. القران الكريم: سورة النازعات (79)، الآيات: 27 – 33، الصفحة: 584.
- 2. القران الكريم: سورة الطور (52)، الآية: 35 و 36، الصفحة: 525.
- 3. الشهرستاني: الملل والنحل 1 / 105 ط دار المعرفة لبنان .
- 4. علاقة الاثبات والتفويض نقلا عن الحجة في بيان المحجة 33 .
- 5. الصدوق: التوحيد 130 باب «القدرة» برقم 9 .
- 6. النجاشي: الرجال 1 / 397 برقم 461، الطوسي الفهرست برقم 314، الكشي: الرجال برقم 62، الذهبي: ميزان الاعتدال 2 برقم 2853 .
- 7. ابن النديم: الفهرست 323 .
- 8. النجاشي: الرجال 2 / 203 برقم 887، الطوسي: الرجال أصحاب الكاظم برقم 18 والفهرست للطوسي برقم 594، الكشي: الرجال برقم 77 .
- 9. ابن النديم: الفهرست 264 وأيضاً 258 .
- 10. ابن النديم: الفهرست 257 .
- 11. الشهرستاني: الملل والنحل 1 / 185 .
- 12. a. b. النجاشي: الرجال 2 / 397 برقم 1165 .
- 13. إنّ للعلامة الحجة الشيخ عبداللّه نعمة كتاباً في حياة هشام بن الحكم، فقد أغرق نزعاً في التحقيق وأغنانا عن كل بحث وتنقيب .
- 14. الكليني الكافي 1 / 171 .
- 15. النجاشي: الرجال 2 / 145 برقم 794 .
- 16. النجاشي: الرجال 1 / 451 برقم 544 .
- 17. a. b. ابن النديم: الفهرست 266 .
- 18. النجاشي: الرجال 2 / 77 برقم 665 .
- 19. النجاشي: الرجال 1 / 148 برقم 9 .
- 20. الشيخ الطوسي: الرجال برقم 7 .
- 21. النجاشي: الرجال 2 / 421 برقم 1209 .
- 22. النجاشي: الرجال 1 / 377 برقم 383،وذكره الخطيب في تاريخه ج 8 برقم 4377.
- 23. التستري: قاموس الرجال 4 / 313 .
- 24. لاحظ أعيان الشيعة 1 / 134 ـ 135 .
- 25. النجاشي: الرجال 2 / 168 برقم 838، والطوسي: الرجال برقم 1 و 2 في أصحاب الهادي والعسكري ـ عليهما السلام ـ ، والكشي: الرجال برقم 416 .
- 26. النجاشي: الرجال 1 / 328 برقم 349 .
- 27. النجاشي: الرجال 1 / 364 برقم 412 .
- 28. الطوسي: الفهرست 221 برقم 875 .
- 29. a. b. النجاشي: الرجال 2 / 297 برقم 1034 .
- 30. النجاشي: الرجال 1 / 293 برقم 298، وثبيت على وزان زبير .
- 31. النجاشي: الرجال 1 / 120 برقم 66 .
- 32. النجاشي: الرجال 2 / 280 برقم 1017، ابن حجر: لسان الميزان ج 5 برقم 1360، المحقق الداماد: الرواشح السماوية 55 ومر ذكره في ترجمة تثبيت وما في كلام ابن حجر من عده من المعتزلة، ناشئ عن الخلط بين المعتزلة والامامية .
- 33. النجاشي: الرجال 1 / 87 برقم 13، و 2 / 205 برقم 888 .
- 34. البيان والتبيين 1 / 61 .
- 35. ابن النديم: الفهرست 264 .
- 36. النجاشي: الرجال 1 / 146 برقم 87 .
- 37. الشيخ الطوسي: الرجال برقم 18 .
- 38. النجاشي: الرجال 2 / 47 برقم 623 .
- 39. النجاشي: الرجال 2 / 71 برقم 656 .
- 40. النجاشي: الرجال 2 / 72 برقم 659 .
- 41. ابن النديم: الفهرست 263 .
- 42. النجاشي: الرجال 1 / 153 برقم 99 ولاحظ فهرست الشيخ رقم 204، ورجاله في باب من لم يرو عنهم برقم 53 .
- 43. النجاشي: الرجال 1 / 121 برقم 67 (وهو خال الحسن بن موسى مؤلّف فرق الشيعة) .
- 44. ابن النديم: الفهرست 265 .
- 45. النجاشي: الرجال 1 / 189 برقم 161، ابن حجر: لسان الميزان 2 / 306 برقم 1260.
- 46. النجاشي: الرجال 2 / 298 برقم 1037.
- 47. ابن حجر: لسان الميزان 5 / 93 برقم 304.
- 48. ابن النديم: الفهرست 266.
- 49. النجاشي: الرجال 2 / 413 برقم 1192، وقد جاءت ترجمته أيضاً برقم 1195، الشيخ الطوسي: الفهرست برقم 803.
- 50. النجاشي: الرجال 2 / 298 برقم 1036.
- 51. النجاشي: الرجال 2 / 333 برقم 1070.
- 52. النجاشي: الرجال 2 / 288 برقم 1024.
- 53. ابن النديم: الفهرست 262.
- 54. العلامة: الخلاصة ـ القسم الأول ـ 143.
- 55. النجاشي: الرجال 2 / 105 برقم 707.
- 56. الطوسي: الفهرست 233 طبع ليدن.
- 57. المامقاني: تنقيح المقال 2 / 313 برقم 8549.
- 58. النجاشي: الرجال 1 / 179 برقم 146 ترجمه ابن حجر في لسان الميزان 2 / 258 برقم 1075 وترجمة هبه الدين الشهرستاني في مقدمة فرق الشيعة.
- 59. ابن النديم: الفهرست 265 ـ 266 الفن الثاني من المقالة الخامسة.
- 60. ابن النديم: الفهرست 266 في فصل أخبار متكلّمي الشيعة.
- 61. الخطيب البغدادي: 3 / 331 برقم 1799.
- 62. ابن الجوزي: المنتظم 15 / 157.
- 63. اليافعي: مرآة الجنان 3 / 28 طبع الهند.
- 64. ابن كثير: البداية والنهاية 11 / 15.
- 65. الذهبي ميزان الاعتدال 4 / 30.
- 66. الذهبي: العبر 2 / 225.
- 67. ابن حجر: لسان الميزان 5 / 368 برقم 1196.
- 68. ابن العماد الحنبلي: شذرات الذهب 3 / 199 وفيه مكان الطائفة: الصوفية. وهو لحن.
- 69. الشيخ الطوسي: الفهرست برقم 710.
- 70. النجاشي: الرجال 2 / 327 برقم 1068.
- 71. الشفاء قسم الإلهيات 2 / 564 طبع ايران.
- 72. الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري، تعريب محمّد عبدالهادي أبو ريدة 1 / 106 الطبعة الثالثة.
- 73. من كتاب: بحوث في الملل والنحل لآية الله الشيخ جعفر السبحاني، ج6 ص573-599، الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي، الطبعة الثانية، ١٤١٥ هـ.ق.