نص الشبهة:
إن الإنسان يرتكب الذنب كالقتل مثلاً في لحظة واحدة، ويحرم المقتول من عشر سنوات من حياته التي كانت مكتوبة له .. فلماذا يكون جزاؤه جهنم خالداً فيها؟! ولماذا لا يبدل حكم الإعدام بالحبس المؤبد، كما أصبح شائعاً في القوانين الوضعية؟! ألا يتنافى الحكم بالقتل مع العدل؟! .
الجواب:
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله الطاهرين ..
وبعد ..
فإن القتل وإن كان يتم في لحظة، ويحرم الإنسان من سنوات عشر من عمره، لكن المقياس ليس هو الحرمان من العمر المتبقي الذي كتبه الله له .. بل المقياس هو ما حرمه منه من فرص لأعمال مصيرية، حيث قد تكون لحظة واحدة سبباً في السعادة الأبدية، فإن ليلة القدر خير من ألف شهر وربما لا يختص ذلك به بل يتعداه لغيره من سائر الناس، الذين قد يتصدى لهدايتهم .. فلا بد أن يحرم هذا القاتل أيضاً من هذه السعادات إلى الأبد ..
كما أنه حين قطع يد شخص، أو فقأ عينه، فإنه يكون قد حرمه من طاعات وخيرات كان يمكنه أن يمارسها بها قد يكون لها أعظم الأثر في حياته الأبدية .. فيجب أن يحرم هو من ذلك إلى الأبد أيضاً ..
لأن النقص الذي حدث، إنما حدث في الحياة الإنسانية، لا في عمر الإنسان ليكون القياس بين زمانين، بل الميزان هو العمل الذي حرمه من فرصة اختياره لينال من خلاله السعادة الأبدية ..
وبذلك يتضح: أن تبديل حكم الإعدام بالحبس المؤبد، ليس له ما يبرره، وفيه تضييع لمعنى العدل الذي يجب أن يكون هو الحاكم والمهيمن على حياة الناس .. وفيه أيضاً تضييع لمعنى الحكمة المشار إليها في قوله تعالى ﴿ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ … ﴾ 1 .
وما ذلك إلا لأن الله سبحانه قد خلق الكون والحياة وفق نظام معين، تتصل فيه الآخرة بالدنيا اتصالاً حقيقياً .. فأي خرق في أنظمته أو إخلال، فإنه سيترك أثره في الدنيا، وفيما يوازيه أيضاً في الحياة الأخروية .. وذلك ظاهر لا يخفى ..
والحمد لله رب العالمين 2.
- 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 179، الصفحة: 27.
- 2. مختصر مفيد .. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة الثانية»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423- 2002، السؤال (95) .