معظم الناس ينظرون إلى الصدقة بأنها المال القليل الذي يُعطى للفقير لدفع البلاء، و رغم أن المال الذي يتصدق به على الفقير يُعدُّ صدقة و من مصاديقها إلا أن تعريف الصدقة أعم من هذا التعريف و الفهم المحدود.
تعريف الصدقة
قال العلامة الطريحي رحمه الله في تعريف الصدقة:
الصدقة : ما أعطى الغير به تبرعا بقصد القربة غير هدية ، فتدخل فيها الزكاة و المنذورات و الكفارة و أمثالها.
و عرفها بعض الفقهاء بالعطية المتبرع بها من غير نصاب للقربة.
و تصدقت بكذا : أعطيته .
لكن هذا التعريف و إن كان صحيحاً إلا أنه ليس جامعاً، حيث أن دائرة الصدقة أوسع بكثير و لا تنحصر في المساعدات المالية أبداً، و بمراجعة سريعة إلى النصوص الدينية المأثورة عن النبي المصطفى صلى الله عليه و آله و الأئمة من أهل البيت عليهم السلام يتضح بأن الصدقة تشمل كل عمل خيري مادي أو معنوي أو خدمي يقوم به الإنسان قربة إلى الله تعالى و بنية خالصة لا يشوبها الرياء و السمعة، بل و كل نية طيبة و صادقة على فعل الخير هي أيضاً من مصاديق الصدقة.
تعريفنا للصدقة
الصدقة بذل مال أو خدمة أو النطق بكلمة في معروف أو دفع خطر عن ذي نفس أو جلب منفعة للنفس و الأهل و المجتمع و حتى العناية بالبيئة بنية صادقة و خالصة من الرياء و السمعة و عن غيرها من الأمور المبطلة للصدقة بهدف القربة إلى الله عَزَّ و جَلَّ و مرضاته.
كل معروف صدقة
مما يؤيد تعريفنا للصدقة هو قول رسول الله صلى الله عليه و آله: “… وَ كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ”.
و عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله فِي وَصِيَّتِهِ لَهُ أنَّهُ قَالَ: “يَا أَبَا ذَرٍّ، الْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَ كُلُّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَة”.
رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله أَنَّهُ قَالَ: “إِنَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ صَدَقَةً”.
قَالَ رَجُلٌ: مَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ؟!
قَالَ صلى الله عليه و آله: “إِمَاطَتُكَ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَ إِرْشَادُكَ الرَّجُلَ إِلَى الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ، وَ عِيَادَتُكَ الْمَرِيضَ صَدَقَةٌ، وَ أَمْرُكَ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَ نَهْيُكَ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ، وَ رَدُّكَ السَّلَامَ صَدَقَةٌ”.
نعم الصدقة قد تكون معونة لفرد ضعيف مادياً، و قد تكون معونة لانسان ضعيف أو مريض غير قادر على القيام أو القعود بمساعدته لكي يقوم أو يجلس، أو دلالة شخص على الطريق، أو ما شابه ذلك، كل هذه الأمور هي من مصاديق الصدقة إن قام بها الإنسان بدافع الخدمة الصادقة لوجه الله، فقد رُوِيَ عن الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام أنَّهُ قال: ” عَوْنُكَ لِلضَّعِيفِ مِنْ أَفْضَلِ الصَّدَقَةِ “.
الصدقة الواجبة و المستحبة
الصدقة على نوعين ، صدقة واجبة ، و أخرى مستحبة .
- الصدقة الواجبة فهي زكاة الأموال و هي التي تجب في الذهب و الفضة و الأنعام و الغلات، و زكاة الأبدان، و هي زكاة الفطرة، و يجب صرفها في مواردها المقررة في الفقه الاسلامي.
- الصدقة المستحبة، و هي ما يدفعه الشخص لغيره تقرباً لله تعالى و كسب مرضاته، و عرَّفها بعض الفقهاء بالعطية المتبرع بها من غير نِصاب للقربة، و يجوز إعطائها للفقير و للغني، و يتأكد إستحباب إعطائها للأرحام، و للمؤمنين.