المؤلف:
الشيخ المحقق جعفر السبحانى
الصحابى و عدالته
الوحدة حول مائدة الكتاب و السنة
1ـ تعريف الصحابي في مدرسة الخلفاء
2ـ تعريف الصحابي بمدرسة أهل البيت عليهم السلام
3ـ ضابطتهم لمعرفة الصحابي و مناقشتها
4ـ مناقشة ضابطة معرفة الصحابي
عدالة الصحابة لدى المدرستين
3ـ ضابطة لمعرفة المؤمن و المنافق
على مائدة الكتاب و السنة (4)
الصحابى و عدالته
بسم الله الرحمن الرحيم
قال رسول الله(ص)في حق شهداء أحد:
«هؤلاء أشهد عليهم»
فقال أبو بكر:
ا لسنا يا رسول الله إخوانهم، أسلمنا كما أسلموا و جاهدنا كما جاهدوا؟!
فقال رسول الله(ص):
«بلى،و لكن لا أدري ما تحدثون بعدي».
الموطأ 2:462 ح 32 كتاب الجهاد
الوحدة حول مائدة الكتاب و السنة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،و الصلاة على محمد و آله الطاهرين،و السلام على أصحابه البررة الميامين.
و بعد:تنازعنا معاشر المسلمين على مسائل الخلاف في الداخل ففرق أعداء الإسلام من الخارج كلمتنا من حيث لا نشعر،و ضعفنا عن الدفاع عن بلادنا،و سيطر الأعداء علينا،و قد قال سبحانه و تعالى:و أطيعوا الله و رسوله و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم(الأنفال/46).
و ينبغي لنا اليوم و في كل يوم أن نرجع إلى الكتاب و السنة في ما اختلفنا فيه و نوحد كلمتنا حولهما،كما قال تعالى:فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله و الرسول(النساء/59) .
و في هذه السلسلة من البحوث نرجع إلى الكتاب و السنة و نستنبط منها ما ينير لنا السبيل في مسائل الخلاف،فتكون بإذنه تعالى وسيلة لتوحيد كلمتنا.
راجين من العلماء أن يشاركونا في هذا المجال،و يبعثوا إلينا بوجهات نظرهم على عنوان :
بيروتـص.ب 124/24 العسكري
تعريف الصحابي لدى المدرستين
1ـتعريف الصحابي في مدرسة الخلفاء
قال ابن حجر في مقدمة الاصابة،الفصل الأول في تعريف الصحابي:
الصحابي من لقي النبي(ص)مؤمنا به و مات على الإسلام،فيدخل في من لقيه من طالت مجالسته له أو قصرت،و من روى عنه أو لم يرو،و من غزا معه أو لم يغز،و من رآه رؤية و لو لم يجالسه،و من لم يره لعارض كالعمى (1) .
و ذكر في«ضابط يستفاد من معرفته صحبة جمع كثير»قال:إنهم كانوا في الفتوح لا يؤمرون إلا الصحابة.
و أنه لم يبق بمكة و لا الطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم و شهد مع النبي حجة الوداع.
و انه لم يبق في الأوس و الخزرج أحد في آخر عهد النبي(ص)إلا دخل في الإسلام.
و ما مات النبي(ص)و أحد منهم يظهر الكفر (2) .
و إذا راجع باحث أجزاء كتابنا«خمسون و مائة صحابي مختلق»يرى مدى تسامحهم في ذلك و مبلغ ضرره على الحديث.
2ـتعريف الصحابي بمدرسة أهل البيت عليهم السلام
الصاحب و جمعه:صحب،و أصحاب،و صحاب،و صحابة (3) .و الصاحب:المعاشر (4) و الملازم (5) ،و لا يقال إلا لمن كثرت ملازمته (6) ،و ان المصاحبة تقتضي طول لبثه (7) .و بما أن الصحبة تكون بين اثنين،يتضح لنا أنه لا بد أن يضاف لفظ«الصاحب»و جمعه«الصحب و…»إلى اسم ما في الكلام،و كذلك ورد في القرآن في قوله تعالى:يا صاحبي السجن و أصحاب موسى،و كان يقال في عصر الرسول صلى الله عليه و آله:«صاحب رسول الله»و«أصحاب رسول الله»مضافا إلى رسول الله صلى الله عليه و آله،كما كان يقال:«أصحاب بيعة الشجرة»و«أصحاب الصفة»مضافا إلى غيره،و لم يكن لفظ الصحاب و الأصحاب يوم ذاك أسماء لأصحاب الرسول صلى الله عليه و آله،و لكن المسلمين من أصحاب مدرسة الخلافة تدرجوا بعد ذلك على تسمية أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله بالصحابي و الأصحاب،و على هذا فإن التسمية من نوع تسمية المسلمين و مصطلح المتشرعة.
كان هذا رأي المدرستين في تعريف الصحابي.
3ـ ضابطتهم لمعرفة الصحابي و مناقشتها
بالإضافة إلى ما ذكرنا عرف مترجمو الصحابة بمدرسة الخلفاء ضابطة لمعرفة الصحابي كما نقلها ابن حجر فيالاصابة و قال:
و مما جاء عن الأئمة من الأقوال المجملة في الصفة التي يعرف بها كون الرجل صحابيا و إن لم يرد التنصيص على ذلك،ما أورده ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق لا بأس به:أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمرون إلا الصحابة (8) .
و الرواية التي جاءت من طريق لا بأس به بهذا الصدد،هي التي رواها الطبري و ابن عساكر بسندهما عن سيف عن أبي عثمان عن خالد و عبادة قال فيها:
و كانت الرؤساء تكون من الصحابة حتى لا يجدوا من يحتمل ذلك (9) .
و في رواية أخرى عند الطبري عن سيف قال:
إن الخليفة عمر كان لا يعدل أن يؤمر الصحابة إذا وجد من يجزي عنه في حربه،فإن لم يجد ففي التابعين باحسان،و لا يطمع من انبعث في الرواة في الرئاسة… (10) .
4ـ مناقشة ضابطة معرفة الصحابي
إن مصدر الروايتين هو سيف المتهم بالوضع و الزندقة (11) .
و سيف يروي الضابطة عن أبي عثمان،و أبو عثمان الذي يروي عن خالد و عبادة في روايات سيف،تخيله سيف،يزيد بن أسيد الغساني،و هذا الاسم من مختلقات سيف من الرواة (12) .
و مهما تكن حال الرواة الذين رووا هذه الروايات و كائنا من كان،فإن الواقع التاريخي يناقض ما ذكروا.
فقد روى صاحب الأغاني و قال:
أسلم امرؤ القيس على يد عمر و ولاه قبل أن يصلي لله ركعة واحدة (13) .
و تفصيل الخبر في رواية بعدها عن عوف بن خارجة المري قال:و الله إني لعند عمر بن الخطاب (رض)في خلافته إذ أقبل رجل أفحج أجلح أمعر (14) يتخطى رقاب الناس حتى قام بين يدي عمر فحياه بتحية الخلافة.
فقال له عمر:فمن أنت؟
قال:أنا امرؤ نصراني،أنا امرؤ القيس بن عدي الكلبي،فعرفه عمر،فقال له:فما تريد؟
قال:الإسلام.
فعرضه عليه عمر،فقبله ثم دعا له برمح فعقد له على من أسلم بالشام من قضاعة (15) ،فأدبر الشيخ و اللواء يهتز على رأسه…الحديث (16) .
و يخالفهـأيضاـما في قصة تأمير علقمة بن علاثةالكلبي بعد ارتداده،و قصته كما في الأغاني و الإصابة (17) بترجمته ما يلي:
أسلم علقمة على عهد رسول الله و أدرك صحبته ثم ارتد على عهد أبي بكر،فبعث أبو بكر إليه خالد ففر منه.
قالوا:ثم رجع فأسلم.
و في الاصابة:
شرب الخمر على عهد عمر فحده فارتد و لحق بالروم فأكرمه ملك الروم،قال له:أنت ابن عم عامر بن الطفيل،فغضب و قال:لا أراني أعرف إلا بعامر (18) ،فرجع و أسلم.و في الأغاني و الإصابة و اللفظ للأول:
لما قدم علقمة بن علاثة المدينة و كان قد ارتد عن الاسلام،و كان لخالد بن الوليد صديقا،فلقيه عمر بن الخطاب(رض)في المسجد في جوف الليل،و كان عمر(رض)يشبه بخالد،فسلم عليه و ظن أنه خالد.
فقال له:عزلك؟
قال:كان ذلك.
قال:و الله ما هو إلا نفاسة عليك و حسدا لك.
فقال له عمر:فما عندك معونة على ذلك؟
قال:معاذ الله،إن لعمر علينا سمعا و طاعة و ما نخرج إلى خلافه.
فلما أصبح عمر(رض)أذن للناس فدخل خالد و علقمة.
فجلس علقمة إلى جنب خالد،فالتفت عمر إلى علقمة،فقال له:
أيه يا علقمة أنت القائل لخالد ما قلت؟
فالتفت علقمة إلى خالد،فقال:
يا أبا سليمان أفعلتها؟قال:ويحك!و الله ما لقيتك قبل ما ترى،و إني أراك لقيت الرجل.
قال:أراه و الله.
ثم التفت إلى عمر(رض)فقال:
يا أمير المؤمنين!ما سمعت إلا خيرا.
قال:أجل،فهل لك أن أوليك حوران (19) .
قال:نعم.
فولاه إياها فمات بها،فقال الحطيئة يرثيه…الحديث.
و زاد في الإصابة:
فقال عمر:لأن يكون من ورائي على مثل رأيك أحب إلي من كذا و كذا.
كان ما نقلناه هو الواقع التاريخي،غير أن علماء مدرسة الخلفاء استندوا إلى ما رووا و اكتشفوا مما رووا ضابطة لمعرفة صحابة رسول الله صلى الله عليه و آله،و أدخلوا في عداد الصحابةمختلقات سيف بن عمر المتهم بالزندقة مما درسناه في كتابنا«خمسون و مائة صحابي مختلق».
بعد دراسة رأي المدرستين في تعريف الصحابي،ندرس في ما يلي أمر عدالة الصحابة لدى المدرستين .
عدالة الصحابة لدى المدرستين
1ـ رأي مدرسة الخلفاء في عدالة الصحابة
ترى مدرسة الخلفاء أن الصحابة كلهم عدول و ترجع إلى جميعهم في أخذ معالم دينها.
قال إمام أهل الجرح و التعديل الحافظ أبو حاتم الرازي (20) في تقدمة كتابه:
فأما أصحاب رسول الله(ص)فهم الذين شهدوا الوحي و التنزيل،و عرفوا التفسير و التأويل،و هم الذين اختارهم الله عز و جل لصحبة نبيه(ص)و نصرته،و إقامة دينه،و إظهارحقه،فرضيهم له صحابة،و جعلهم لنا أعلاما و قدوة،فحفظوا عنه(ص)ما بلغهم عن الله عز و جل،و ما سن و شرع،و حكم و قضى و ندب و أمر و نهى و حظر و أدب،و وعوه و أتقنوه ففقهوا في الدين و علموا أمر الله و نهيه و مراده بمعاينة رسول الله(ص)و مشاهدتهم منه تفسير الكتاب و تأويله،و تلقفهم منه و استنباطهم عنه،فشرفهم الله عز و جل بما من عليهم و أكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة،فنفى عنهم الشك و الكذب و الغلط و الريبة و الفخر و اللمز و سماهم عدول الأمة،فقال عز ذكره في محكم كتابه:و كذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس،ففسر النبي(ص)عن الله عز ذكره قوله وسطا قال:«عدلا».فكانوا عدول الأمة،و أئمة الهدى،و حجج الدين،و نقلة الكتاب و السنة.
و ندب الله عز و جل إلى التمسك بهديهم و الجري على منهاجهم و السلوك لسبيلهم و الاقتداء بهم،فقال:و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى الآية (21) .و وجدنا النبي(ص)قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة،و وجدناه يخاطب أصحابه فيها،منها أن دعا لهم فقال:«نضر الله إمرءا سمع مقالتي فحفظها و وعاها حتى يبلغها غيره»،و قال (ص)في خطبته:«فليبلغ الشاهد منكم الغائب»،و قال:«بلغوا عني و لو آية و حدثوا عني و لا حرج».
ثم تفرقت الصحابة(رض)في النواحي و الأمصار و الثغور،و في فتوح البلدان و المغازي و الإمارة و القضاء و الأحكام،فبث كل واحد منهم في ناحيته و البلد الذي هو به ما وعاه و حفظه عن رسول الله(ص)،و أفتوا في ما سألوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله(ص)عن نظائرها من المسائل،و جردوا أنفسهم مع تقدمة حسن النية و القربة إلى الله تقدس اسمه لتعليم الناس الفرائض و الأحكام و السنن الحلال و الحرام،حتى قبضهم الله عز و جل رضوان الله و مغفرته و رحمته عليهم أجمعين.
و قال ابن عبد البر في مقدمة كتابه الاستيعاب (22) .ثبتت عدالة جميعهم.
ثم أخذ بايراد آيات و أحاديث وردت في حق المؤمنين منهم نظير ما أوردناه من الرازي.
و قال ابن الأثير في مقدمة أسد الغابة (23) :
…إن السنن التي عليها مدار تفصيل الأحكام و معرفة الحلال و الحرام إلى غير ذلك من أمور الدين إنما ثبتت بعد معرفة رجال أسانيدها و رواتها،و أولهم و المقدم عليهم أصحاب رسول الله(ص)،فاذا جهلهم الانسان كان بغيرهم أشد جهلا و أعظم إنكارا،فينبغي أن يعرفوا بأنسابهم و أحوالهم…
و الصحابة يشاركون سائر الرواة في جميع ذلك،إلا في الجرح و التعديل،فانهم كلهم عدول لا يتطرق إليهم الجرح…
و قال الحافظ ابن حجر في الفصل الثالث،في بيان حال الصحابة من العدالة من مقدمة الاصابة (24) :اتفق أهل السنة على أن الجميع عدول،و لم يخالف في ذلك إلا شذوذ من المبتدعة…
و روى عن أبي زرعة أنه قال:
إذا رأيت الرجل يتنقص أحدا من أصحاب رسول الله(ص)فاعلم أنه زنديق،و ذلك أن الرسول حق،و القرآن حق،و ما جاء به حق،و إنما أدى ذلك الينا كله الصحابة،و هؤلاء يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب و السنة،و الجرح بهم أولى،و هم زنادقة (25) .
كان هذا رأي مدرسة الخلفاء في عدالة الصحابة،و في ما يلي رأي مدرسة أهل البيت عليهم السلام في ذلك:ـرأي مدرسة أهل البيت في عدالة الصحابة ترى مدرسة أهل البيت عليهم السلام تبعا للقرآن الكريم:أن في الصحابة مؤمنين أثنى عليهم الله في القرآن الكريم و قال في بيعة الشجرة مثلا:لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم و أثابهم فتحا قريبا(الفتح/18).
فقد خص الله الثناء بالمؤمنين ممن حضروا بيعة الشجرة،و لم يشمل المنافقين الذين حضروها مثل عبد الله بن أبي و أوس بن خولى (26) .
و كذلك تبعا للقرآن ترى فيهم منافقين ذمهم الله في آيات كثيرة،مثل قوله تعالى:و ممن حولكم من الأعراب منافقون و من أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم(التوبة/101).
و فيهم من أخبر الله عنهم بالافك،أي من رموا فراش رسول الله صلى الله عليه و آله بالإفك (27) ـنعوذ بالله من هذا القولـ.و فيهم من أخبر الله عنهم بقوله:و إذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها و تركوك قائما(الجمعة/11)،و كان ذلك عند ما كان رسول الله قائما في مسجده يخطب خطبة الجمعة.
و فيهم من قصد اغتيال رسول الله في عقبة هرشى عند رجوعه من غزوة تبوك (28) أو من حجة الوداع (29) .
و إن التشرف بصحبة النبي صلى الله عليه و آله ليس أكثر امتيازا من التشرف بالزواج بالنبي صلى الله عليه و آله،فإن مصاحبتهن له كانت من أعلى درجات الصحبة،و قد قال الله تعالى في شأنهن:يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين و كان ذلك على الله يسيرا*و من يقنت منكن لله و رسوله و تعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين و أعتدنا لها رزقا كريما*يا نساءالنبي لستن كأحد من النساء…(الأحزاب/30ـ32).
و قال في اثنتين منهما:إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما و إن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه و جبريل و صالح المؤمنين و الملائكة بعد ذلك ظهير إلى قوله تعالى:ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح و امرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلن يغنيا عنهما من الله شيئا و قيل ادخلا النار مع الداخلين،و ضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة…و مريم ابنة عمران…(التحريم من أول السورة إلى آخرها).
و منهم من أخبر عنهم الرسول صلى الله عليه و آله في قوله عن يوم القيامة:
«و أنه يجاء برجال من أمتي،فيؤخذ بهم ذات الشمال،فأقول يا رب أصيحابي،فيقال:إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك،فأقول كما قال العبد الصالح:و كنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم،فيقال:إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم» (30) .و في رواية:
«ليردن علي ناس من أصحابي الحوض حتى عرفتهم اختلجوا دوني فأقول:أصحابي،فيقول:لا تدري ما أحدثوا بعدك» (31) .
و في صحيح مسلم:
«ليردن علي الحوض رجال ممن صاحبني حتى إذا رأيتهم رفعوا إلي اختلجوا دوني،فلأقولن:أي رب أصيحابي،فليقالن لي:إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» (32) .
3ـ ضابطة لمعرفة المؤمن و المنافق
لما كان في الصحابة منافقون لا يعلمهم إلا الله،و قد أخبر نبيه بأن عليا لا يحبه إلا مؤمن و لا يبغضه إلا منافق،كما رواه:الإمام علي عليه السلام (33) ،و أم المؤمنين أم سلمة (34) ،و عبد الله بنعباس (35) ،و أبوذر الغفاري (36) ،و أنس بن مالك (37) ،و عمران بن حصين (38) ،و كان ذلك شائعا و مشهورا في عصر رسول الله صلى الله عليه و آله.
قال أبو ذر:ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم اللهو رسوله و التخلف عن الصلوات و البغض لعلي بن أبي طالب (39) .
و قال أبو سعيد الخدري:إنا كنا لنعرف المنافقينـنحن معاشر الأنصارـببغضهم علي بن أبي طالب (40) .
و قال عبد الله بن عباس:إنا كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله ببغضهم علي بن أبي طالب (41) .
و قال جابر بن عبد الله الأنصاري:ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب (42) .لهذا كله و لقول رسول الله صلى الله عليه و آله في حق الإمام علي:
«اللهم وال من والاه و عاد من عاداه» (43) .
فهم يحتاطون في أخذ معالم دينهم من صحابي عادى عليا و لم يواله،حذرا من أن يكون الصحابي من المنافقين الذين لا يعلمهم إلا الله.
******************************************************
(1)الاصابة 1: .10
(2)نفس المصدر: .16
(3 و 4)راجع لسان العرب،مادة«صحب».
(5 و 6 و 7)مفردات الراغب،مادة«صحب».
(8)الاصابة 1: .13
(9)الطبري 1:2151 ط.أوربا.
(10)الطبرى 1:2457ـ .2458
(11)راجع ترجمة سيف في أول الجزء الأول من كتاب عبد الله بن سبأ.
(12)راجع مخطوطة«رواة مختلقون»و كتاب عبد الله بن سبأ 1:117 ط.بيروت 1403 ه.
(13)الأغاني 14:158 ط.ساسي.
(14)الأفحج:من تدانت صدور قدميه و تباعد عقباه،و الأجلح:الذي انحسر شعره عن جانبي رأسه،و الأمعر:القليل الشعر.
(15)قضاعة:قبائل كبيرة،منهم قبائل حيدان و بهراء و بلى وجهينة،ترجمتهم في جمهرة أنساب ابن حزم:440ـ460،و كانت ديارهم في الشجر ثم في نجران ثم في الشام،فكان لهم ملك ما بين الشام و الحجاز إلى العراق،راجع مادة قضاعة،معجم قبائل العرب 3: .957
(16)الأغاني 14:157 ط.ساسي،و أوجزه ابن حزم في جمهرة أنساب العرب: .284
(17)ترجمته في الاصابة 2:496ـ498،و الأغاني 15:56 ط.ساسي،و قصة تنافر علقمة و عامر في الإغاني 15:50ـ55،و في جمهرة ابن حزم: .284
(18)وقعت منافرة بين علقمة و عامر ذكرها الاخباريون،قال في الأغاني 15:50 ط.ساسي:إن علقمة كان قاعدا ذات يوم يبول،فبصر به عامر،فقال:لم أر كاليوم عورة رجل أقبح…
فقال علقمة:أما و الله ما وثبت على جاراتها و لا تنازل كناتها،يعرض بعامر…
فقال عامر:و الله لأنا أكرم منك حسبا و أثبت منك نسبا…
فقال علقمة:لأنا خير منك ليلا و نهارا.
فقال عامر:لأنا أحب إلى نسائك…إلى آخر القصة في الإغاني.
و ترجمة علقمة في الإصابة،و لذلك أنف علقمة من أن يكرم لأنه ابن عم عامر و يشتهر ذلك عنه.
(19)حوران:كورة واسعة من أعمال دمشق ذات قرى كثيرة و مزارع.معجم البلدان 2: .358
(20)هو أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي المتوفى سنة 327 ه و كتابه هذا«تقدمة المعرفة لكتاب الجرح و التعديل»ط.حيدر آباد 1371 ه،نقلنا ما أوردناه من ص 7ـ9 منه.
(21)ترى مدرسة أهل البيت عليهم السلام أن المقصود من كل ذلك المؤمنون منهم،كما نصت الآية عليه،و سيأتي مزيد بيانه إن شاء الله تعالى.
(22)الاستيعاب في أسماء الأصحاب للحافظ المحدث أبي عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري القرطبي المالكي 363ـ463 ه،و قد نقلنا من نسخة هامش الاصابة: .2
(23)اسد الغابة في معرفة الصحابة لأبي الحسن عز الدين علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري المعروف بابن الأثير(ت:630 ه)1: .3
(24)الاصابة في تمييز الصحابة للحافظ شهاب الدين أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني الشافعي المعروف بابن حجر(773ـ852 ه)،و قد رجعنا إلى ط.المكتبة التجارية 1358 ه بمصر 1:17ـ .22
(25)الاصابة 1: .18
و أبو زرعة هو عبيد الله بن عبد الكريم بن يزيد،قال ابن حجر في تقريب التهذيب 2:536 الترجمة 1479:امام حافظ ثقة مشهور من الطبقة الحادية عشرة من الرواة،مات سنة أربع و ستين و مائتين،و روى عنه من أصحاب الصحاح مسلم و الترمذي و النسائي و ابن ماجة.
أقول:لست أدري ماذا يقول الإمام أبو زرعة في حق المنافقين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و آله.
(26)راجع خبر بيعة الشجرة(الرضوان)في مغازي الواقدي و خطط المقريزي.
(27)إشارة إلى قصة الإفك التي نزلت في شأنها الآيات(11ـ17)من سورة النور في براءة عائشة عما رميت به كما روتها هي،أو في براءة مارية عما رميت به على قول غيرها كما في ج 2 من أحاديث أم المؤمنين عائشة.
(28)مسند أحمد 5:390 و 453،و راجع صحيح مسلم 8:122ـ123 باب صفات المنافقين،و مجمع الزوائد 1:110 و 6:195،و مغازي الواقدي 3:1042،و امتاع الأسماع للمقريزي:477،و في تفسير«هموا بما لم ينالوا به»الآية 74 من سورة التوبة بتفسير الدر المنثور للسيوطي 3:258ـ .259
(29)ورد في أحاديث الشيعة ان ذلك كان عند مرجعه من حجة الوداع و بمناسبة واقعة غدير خم بأرض الجحفة،راجع البحار 28:97 ط.المكتبة الإسلامية بطهران 1392 ه.
(30)البخاري،تفسير سورة المائدة،باب أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك،و تفسير سورة الأنبياء،و الترمذي،أبواب صفة القيامة،باب ما جاء في شأن الحشر و تفسير سورة طه.
(31)البخاري،كتاب الدعوات،باب في الحوض،و ابن ماجة،كتاب المناسك،باب الخطبة يوم النحر،ح 5830،و راجع مسند أحمد 1:453 و 3:28 و 5: .48
(32)صحيح مسلم،كتاب الفضائل،باب اثبات حوض نبينا،ح .40
(33)الإمام علي ابن عم الرسول أبي طالب بن عبد المطلب:ولد في جوف الكعبة كما رواه الحاكم في المستدرك 3:483،و المالكي في الفصول المهمة،و المغازلي الشافعي في المناقب،و الشبلنجي في نور الأبصار:69،و كانت ولادته في 13 رجب سنة ثلاثين من عام الفيل،و بايعه المهاجرون و الأنصار سنة 35،و ضربه ابن ملجم المرادي ليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان سنة 40 للهجرة في محراب مسجد الكوفة،و استشهد في يوم 21 منه،روى عنه اصحاب الصحاح 536 حديثا،راجع ترجمته في الاستيعاب و اسد الغابة و الاصابة و ص 276 من جوامع السيرة،و روايته في المنافقين في صحيح مسلم 1:61 باب الدليل على أن حب الأنصار و علي من الايمان و بغضهم من علامات النفاق،و صحيح الترمذي 13:177 باب مناقب علي،و سنن ابن ماجة،الباب الحادي عشر من مقدمته،و سنن النسائي 2:271 باب علامة المؤمن و باب علامة المنافق من كتاب الايمان و شرائعه،و خصائص النسائي:38،و مسند أحمد 1:84 و 95 و 128،و تاريخ بغداد 2:255 و 8:417 و 16:426،و حلية الأولياء لأبي نعيم 4:185 و قال حديث صحيح متفق عليه،و تاريخ الإسلام للذهبي 2 :198،و تاريخ ابن كثير 7:354،و بترجمته في كل من الاستيعاب 2:461،و أسد الغابة 4: 292،و كنز العمال 15:105،و الرياض النضرة 2: .284
(34)أم سلمة هند ابنة أبي أمية بن المغيرة القرشي المخزومي:كانت قبل رسول الله عند أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي،أسلما قديما و هاجرا إلى الحبشة ثم إلى المدينة،و لما جرح أبو سلمة بأحد و توفي سنة ثلاث من الهجرة تزوجها رسول الله و كانت مصيبة،و توفيت بعد قتل الحسين سنة ستين.
روى عنها أصحاب الصحاح 378 حديثا،راجع ترجمتها و ترجمة زوجها باسد الغابة و جوامع السيرة :276،و تقريب التهذيب 2: .617
و حديثها في شأن المنافقين في صحيح الترمذي 13:168،و مسند أحمد 6:292،و الاستيعاب 2 :460 بطرق متعددة،و تاريخ ابن كثير 7:354،و كنز العمال 6:158 ط.الاولى.
(35)عبد الله ابن عم النبي عباس بن عبد المطلب:ولد قبل الهجرة بثلاث سنين،و توفي سنة ثمان و ستين بالطائف،و روى عنه أصحاب الصحاح 1660 حديثا،ترجمته باسد الغابة و الاصابة و جوامع السيرة: .276
(36)أبوذر جندب أو بريد بن جنادة أو عبد الله أو السكن أو غير ذلك:تقدم اسلامه و تأخرت هجرته،فشهد ما بعد بدر من غزوات رسول الله،توفي منفيا بالربذة سنة اثنتين و ثلاثين من الهجرة،روى عنه أصحاب الصحاح 281 حديثا،ترجمته في التقريب 2:420،و جوامع السيرة:277،و الجزء الثاني من عبد الله بن سبا.
(37)أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي:روى هو أنه خدم النبي عشر سنين،كان يخلق ذراعيه بخلوق للمعة بياض كانت به،و كان ذلك من دعاء الإمام علي عليه لكتمانه الشهادة بحديث الغدير أن يضربه الله بيضاء لا تواريها العمامة،أشار إليه في الاعلاق النفيسة :122،و تفصيله بشرح نهج البلاغة 4:388 و توفي في البصرة بعد التسعين،روى عنه أصحاب الصحاح 2286 حديثا،ترجمته باسد الغابة و التقريب و جوامع السيرة:276،و روايته في شأن المنافقين بكنز العمال 7:140 ط.الاولى.
(38)أبو نجيد عمران بن حصين الخزاعي الكعبي:أسلم عام خيبر و صحب الرسول و قضى بالكوفة،و توفي بالبصرة سنة 52،روى عنه أصحاب الصحاح 180 حديثا،و روايته بشأن المنافقين بكنز العمال 7:140 ط.الاولى،ترجمته في التقريب 2:72،و جوامع السيرة: .277
(39)مستدرك الصحيحين 3:129،و كنز العمال 15: .91
(40)أبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الخزرجي الخدري:شهد الخندق و ما بعدها،مات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس و ستين و قيل:سنة أربع و سبعين،و روى عنه أصحاب الصحاح 1170 حديثا،ترجمته بأسد الغابة 2:289،و التقريب 1:289،و جوامع السيرة:276،و حديثه في شأن المنافقين في صحيح الترمذي 13:167،و حلية أبي نعيم 6: .284
(41)في تاريخ بغداد 3:153 قال:كانوا عند ابن مسعود،فتلى ابن عباس يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار قال علي بن أبي طالب،ثم قال:إنا كنا نعرف…الحديث.
(42)جابر بن عبد الله بن عمر و الأنصاري السلمي:صحابي ابن صحابي،شهد بيعة العقبة مع أبيه و شهد 17 غزوة مع النبي و صفين مع الإمام علي،و مات بالمدينة بعد السبعين،و روي عنه أصحاب الصحاح 1540 حديثا،ترجمته باسد الغابة 1:256ـ257،و التقريب 1:122،و جوامع السيرة:276،و روايته في شأن المنافقين في الاستيعاب 2:464،و الرياض النضرة 2:284،و في تاريخ الذهبي 2:198 و لفظه:ما كنا نعرف منافقي هذه الامة،و في مجمع الزوائد 9:133 و لفظه:ما كنا نعرف منافقينا معشر الأنصار…
(43)صحيح الترمذي 13:165 باب مناقب علي،و سنن ابن ماجة،باب فضل علي،ح 116،و خصائص النسائي :4 و 30،و مسند أحمد 1:84 و 88 و 118 و 119 و 152 و 330 و 4:281 و 368 و 370 و 372 و 5:307 و 347 و 350 و 358 و 361 و 366 و 419 و 568،و مستدرك الصحيحين 2:129 و 3:9،و الرياض النضرة 2:222ـ225،و تاريخ بغداد 7:377،و 8:290 و 12:343 و مصادر أخرى كثيرة.