نص الشبهة:
أُودّ الاستفسار عن المختار بن يوسف الثقفي (رضي الله عنه) ، وما حقيقة ما يتردّد حوله من مزاعم ؟ وما موقف الأئمّة (عليهم السلام) منه ؟
الجواب:
ذكر السيّد الخوئي (قدس سره) ترجمة المختار في كتابه ( معجم رجال الحديث ) ، فقال : ( والأخبار الواردة في حقّه على قسمين : مادحة وذامّة ، أمّا المادحة فهي متضافرة ، منها … عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : ” ما امتشطت فينا هاشمية ولا اختضبت ، حتّى بعث إلينا المختار برؤوس الذين قتلوا الحسين ” ، وهذه الرواية صحيحة .
وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ” لا تسبّوا المختار فإنّه قتل قتلتنا ، وطلب بثأرنا ، وزوّج أراملنا ، وقسّم فينا المال على العسرة ” .
وعن عمر بن علي بن الحسين : أنّ علي بن الحسين (عليهما السلام) لمّا أتي برأس عبيد الله بن زياد ، ورأس عمر بن سعد قال : فخرّ ساجداً وقال : ” الحمد لله الذي أدرك لي ثأري من أعدائي ، وجزى الله المختار خيراً ” ) 1 .
ثمّ ذكر السيّد الخوئي ثلاث روايات أُخرى في هذا المجال ، ثمّ ذكر بعض الروايات الذامّة وقال : ( وهذه الروايات ضعيفة الإسناد جدّاً ) .
ثمّ نقل (قدس سره) قول المجلسي في ( بحار الأنوار ) فقال : ( وقال المجلسي (قدس سره) : قال جعفر بن نما : أعلم أنّ كثيراً من العلماء لا يحصل لهم التوفيق بفطنة توقفهم على معاني الأخبار ، ولا رؤية تنقلهم من رقدة الغفلة إلى الاستيقاظ ، ولو تدبّروا أقوال الأئمّة في مدح المختار لعلموا أنّه من السابقين المجاهدين ، الذين مدحهم الله تعالى جلّ جلاله في كتابه المبين ، ودعاء زين العابدين (عليه السلام) للمختار دليل واضح ، وبرهان لائح ، على أنّه عنده من المصطفين الأخيار ، ولو كان على غير الطريقة المشكورة ، ويعلم أنّه مخالف له في اعتقاده ، لما كان يدعو له دعاء لا يستجاب ، ويقول فيه قولاً لا يستطاب ، وكان دعاؤه (عليه السلام) له عبثاً ، والإمام منزّه عن ذلك ، وقد أسلفنا من أقوال الأئمّة في مطاوي الكتاب تكرار مدحهم له ، ونهيهم عن ذمّه ما فيه غنية لذوي الأبصار ، وبغية لذوي الاعتبار ، وإنّما أعداؤه عملوا له مثالب ، ليباعدوه عن قلوب الشيعة ، كما عمل أعداء أمير المؤمنين (عليه السلام) له مساوي ، وهلك بها كثير ممّن حاد عن محبّته ، وحال عن طاعته ، فالولي له (عليه السلام) لم تغيّره الأوهام ، ولأباحته تلك الأحلام ، بل كشفت له عن فضله المكنون ، وعلمه المصون ، فعمل في قضية المختار ما عمل مع أبي الأئمّة الأطهار … ) 2 .
والخلاصة : لم يكن المختار إلاّ رجلاً أبلى في سبيل قضية أهل البيت (عليهم السلام) أحسن البلاء ، فعمل أعداؤه على محاربته ، من خلال وضع التهم والأكاذيب عليه ، ولما كان خصومه هم الغالبون ، وقد امتد نفوذهم بعده ، فمن الطبيعي أن تصاغ هذه الأكاذيب في روايات مسندة ، لتدخل التاريخ بوجه مشروع ، حين يكون منهج المؤرّخ هو جمع الأخبار ، دون التحقيق والتمحيص فيها ، أو بوجه غير مشروع ، حين تلتقي مع هوى المؤرّخ ، أو تعينه على نصرة الاتجاه الذي يميل إليه ، أو التنكيل بالاتجاه الذي يميل عنه 3 .
- 1. معجم رجال الحديث 19 / 102 .
- 2. بحار الأنوار 45 / 386 .
- 3. موسوعة الأسئلة العقائدية : 1 /315 – 317 ، مركز الأبحاث العقائدية ، الطبعة الاولى ، سنة 1429 هـ .