نص الشبهة:
كثير من علماء الشيعة في إيران لا يعرفون اللغة العربيّة ، فكيف يستنبطون الأحكام من كتاب الله وسنة نبيه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) مع العلم أنّ المعرفة بالعربية هي أحد ضرورات العالم .
الجواب:
لنسأل أوّلاً جامع الأسئلة هل أنّه زار إيران وطاف حولها وفهم ما يجري فيها ، وتيقّن بأنّ علماء الشيعة لا يعرفون اللّغة العربيّة ؟ هل اطّلع على البرامج الدراسيّة للحوزات العلميّة والكتب الدراسيّة المنتشرة فيها باللغة العربيّة ، وهل زار المكتبات الموجودة هناك وهي تضم آلاف الكتب والمجلاّت في مختلف المجالات الفقهيّة والأُصوليّة والحديثيّة والتأريخيّة أكثرها مدوّنة باللغة العربيّة .
ثم إنّ ما أثاره السائل يصدق على علماء أهل السنّة الموجودين في غرب وشرق إيران حيث هناك حوزات سنّية تدار من قبلهم .
أضف إلى ذلك : إنّا لو رجعنا إلى أعمدة المذهب السنّي نراهم من غير العرب فعلى سبيل المثال أنّ أبا حنيفة والشافعي ومالك هم من الفرس .
كما أنّ أغلب أصحاب الصحاح هم من غير العرب ، نذكر منهم :
أ . البخاري : محمد بن إسماعيل بن اباهيم صاحب « الصحيح » الشهير .
ب . الترمذي : ابن عيسى بن سورة الضرير تلميذ البخاري .
ج . محمد بن يزيد بن ماجة مولى ربيعة ، صاحب السنن .
د . أحمد بن علي بن شعيب النسائي ، نسبة لمدينة « نسا » بخراسان ، وهو صاحب السنن .
هـ . السجستاني سليمان بن الأشعث بن إسحاق ، وينسب إلى سجستان وهي بلدة قرب هراة ، وقد نسب إلى الأزد ولم ينصوا على أن النسبة بالأصل أم بالولاء .
كما إن معظم رواة الأحكام والأخبار ، ومعظم الفقهاء والمفسرين هم من الفرس ومنهم على سبيل المثال : مجاهد ، عطاء بن أبي رباح ، عكرمة ، سعيد بن جبير ، الليث بن سعد ، مكحول ، محمد بن سيرين ، الحاكم صاحب المستدرك ، عاصم ، وعبدالحق الدهلوي ، عبدالحكيم القندهاري ، عبدالحميد الخسروشاهي ، عبدالرحمن العضد الايجي ، عبدالرحمن الجامي ، عبدالرحمن الكرماني ، شيخي زاده ، أحمد بن عامر المروزي ، سهل بن محمد السجستاني .
ولو رمت أن أمشي معك على هذا الخط فسنصل إلى نسب عالية جداً من الناحية الكمية من نسبة العلماء والمؤرخين والمفسرين من الفرس ، ذلك إن الفكر السني بكل أبعاده مدين للفرس ومصبوغ بالفارسية ، وحتّى أنّ مؤسس الوهابية (أعني محمد عبدالوهاب) تربى ونشأ وتثقّف على أيدي الفرس وكان تربيته وثقافته بين كردستان وهمدان وأصفهان وقم كما نص على ذلك أحمد أمين 1 .2 .
- 1. انظر : زعماء الإصلاح في العصر الحديث لأحمد أمين : 10 ، طبع مصر ، 1971 م .
- 2. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته.