الرسول الأعظم صلّى الله عليه وآله
من أخلاقه الشريفة ، وآدابه الرفيعة ما جمع من الأحاديث الواصفة له ، والمذكورة في مناقبه ، جاء فيها : ـ كان النبيّ الأكرم صلّى الله عليه وآله أحكم الناس ، وأحلمهم ، وأشجعهم ، وأعدلهم ، وأعطفهم حتّى وصفه الله تعالى بقوله : ( بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) (۱).
وكان أسخى الناس ، حتّى وصف بأنّه : « لا يثبت عنده دينارٌ ولا درهم ».
وكان يجلس على الأرض ، وينام عليها ، ويأكل عليها.
وكان بنفسه يخصف النعل ، ويُرقّع الثوب ، ويفتح الباب ، ويحلب الشاة ، ويعقل البعير ، ويطحن مع الخادم إذا تعب ، ويضع طهوره بالليل بيده ، ويخدم في أهله ، ويقطع اللّحم لهم.
وكان لا يجلس متّكئاً ، وإذا جلس على الطعام جلس بتواضع ، ويلطع أصابعه ، ولم يتجشّأ قطّ.
وكان يُجيب دعوة الحرّ والعبد ولو على كراع ، ويقبل الهديّة ولو جُرعةٌ من اللّبن ، ولا يأكل الصدقة.
وكان في معاشراته لا يُثبت بصره في وجه أحد ، ويغضب لربّه ولا يغضب لنفسه ، ويوصي بالوالدين إحساناً.
وكان يلبس الغليظ من القطن والكتّان ، وأكثر ثيابه البيض ، ويلبس القميص من قبل ميامنه.
وكان له عباءٌ يُفرش له حيث ما ينتقل ، ويردف خلفه عبده أو غيره ، ويركب ما أمكنه من فرسٍ أو بغلة أو حمار بلا تكبّر.
وكان يشيّع الجنازة ، ويعود المرضىٰ في أقصى المدينة ، ويجالس الفقراء ، ويؤاكل المساكين ، ويناولهم بيده.
وكان يُكرم أهل الفضل في أخلاقهم ، ويتألّف أهل الشرف بالبرّ لهم ، ويصِل رحمه ، ولا يجفو على أحد ، ويقبل معذرة المُعتذر.
كان أكثر الناس تبسّماً ، وما شتم أحداً بشتمة ، ولا لعن خادماً بلعنة ، ليس بفظٍّ ولا غليظ ، ولا يجزي السيّئة بالسيّئة ، بل يغفر ويصفح ، حتّى وصفه ربّه بالخُلق العظيم.
يبدأ من لقيه بالسلام ، وإذا لقي مسلماً يبدأ بالمصافحة ، وما أخذ أحدٌ يده فيرسل يده حتّى يرسلها ذاك ، ولا يقوم ولا يجلس إلّا على ذكر الله تعالى.
وكان خير الناس لأهله ويقول : خيركم خيركم لأهله وأنا خيرٌ لأهلي ، ويعال الرجل أسراؤه ، وأحبّ العباد إلى الله عزّ وجلّ أحسنهم صُنعاً إلى أُسراءه.
وكان لا يجلس عند أحدٌ وهو يصلّي إلّا خفّف صلاته وأقبل عليه وقال : ألكَ حاجة ؟
وكان يجلس حيث ما ينتهي به المجلس ، وأكثر ما يجلس مستقبل القبلة ، ويكرم من دخل عليه حتّى ربّما بسط له ثوبه ، ويُؤثِر الداخل بالوسادة.
قال خادمه : خدمتُ النبيّ تسع سنين ، ما عاب عليَّ شيئاً قطّ.
أدركه أعرابيّ فأخذ برداءه ، فجذبه جذبةً شديدة ، حتّى نظرت إلى صفحة عنقه قد أثّرت به حاشية الرداء من شدّة جذبته ..
ثمّ قال الأعرابي : مُر لي يا محمّد من المال الذي عندك.
فالتفت إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فضحك ، وأمر له بعطاء (۲).
الهوامش
۱. التوبة : ۱۲۸.
۲. لاحظ بحار الأنوار / ج ۱٦ / ص ۲۳٦ عن المناقب لابن شهر آشوب.
مقتبس من كتاب : [ أخلاق أهل البيت عليهم السلام ] / الصفحة : ٤۱ ـ ٤۳