كان صاحب معالي الأخلاق الطيّبة حتّى مع أعداءه فضلاً عن مواليه ، ففي حديث محمّد بن إسماعيل العلوي قال :
جلس أبو محمّد عليه السلام عند عليّ بن أوتاش وكان شديد العداوة لآل محمّد عليهم السلام ، غليظاً على آل أبي طالب … فما أقام إلّا يوماً حتّى وضع خدّه له ، وكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً ، وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرةً ، وأحسنهم قولاً فيه (۱).
وهذا يدلّ على أجلّ محاسن الأخلاق التي يكنّ العدوّ له.
ومن ذلك تلاحظ سيرته الطيّبة حتّى مع أخيه جعفر التوّاب وذلك حين حبسه المعتمد العبّاسي ، ففي الحديث أنّه حبسه مع أخيه جعفر عند سجّانه عليّ بن جرين.
قال : كان المعتمد يسأل عليّاً عن أخباره في كلّ وقت فيخبره أنّه يصوم النهار ، ويصلّي الليل.
فسأله يوماً من الأيّام عن خبره فأخبره بمثل ذلك ، فقال له : امض السّاعة إليه واقرئه منّي السلام ، وقُل له : انصرف إلى منزلك مصاحباً.
قال عليّ بن جرين : فجئت إلى باب الحبس فوجدت حماراً مسرّجاً فدخلت عليه فوجدته جالساً وقد لبس خفّه وطيلسانه وشاشته ـ أي عمامته ـ فلمّا رآني نهض فأدّيت إليه الرسالة فركب.
فلمّا استوى على الحمار وقف.
فقلت له : ما وقوفك يا سيّدي ؟
فقال لي : حتّى يجيء جعفر.
فقلت : إنّما أمرني بإطلاقك دونه.
فقال لي : ترجع إليه فتقول له : خرجنا من دار واحدة جميعاً فإذا رجعت وليس هو معي كان في ذلك ما لا خفاء به عليك فمضى وعاد ، فقال له : يقول لك : قد أطلقت جعفراً لك لأنّي حبسته بجنايته على نفسه وعليك ، وما يتكلّم به ، وخلّى سبيله فصار معه إلى داره (۲).
الهوامش
۱. بحار الأنوار / ج ٥۰ / ص ۳۰۷.
۲. بحار الأنوار / ج ٥۰ / ص ۳۱٤.
مقتبس من كتاب : [ أخلاق أهل البيت عليهم السلام ] / الصفحة : ۸۱ ـ ۸۲