الديجي الاسلامي ــ حسب التعبير الرائج ــ هو غناء إنتزع منه الموسيقى، فإن إنطبق عليه حكم الغناء فهو حرام و إن لم يكن فيه شيء من الموسيقى و ذلك لأن الغناء حرام في الشريعة الإسلامية و إضافة الوصف الإسلامي لا يحلل و لا يغير الحكم الشرعي.
لمعرفة الحكم الشرعي بخصوص الأشعار و الاناشيد التي قد تكون مادة أو محتوى لـ الديجي الاسلامي فلا بد من عرضها على المعايير الشرعية بخصوص الغناء و الموسيقى اللهوية المحرمة، و لمعرفة تلك المعايير و التمييز بين حلالها و حرامها فلابد من معرفة التعريف الفقهي لكل من الغناء و الموسيقى و مفرداتهما أولاً:
- اللهو: اللهو هو الإنشغال بالباطل عن الحق.
- الغناء: الغناء اللهوي هو الكلام الباطل المُرَجَّع الصارف عن الحق و عن ذكر الله.
- الموسيقى المحرمة: هي الموسيقى التي تستعمل و تعزف في مجالس اللهو و الباطل، و هي الموسيقى التي تُعزف بألحان و نغمات تستخدم في الأغاني اللهوية المحرمة و المطربة، و هي تختلف تماماً عن التي تستخدم في الأناشيد الدينية و الحماسية و الوطنية و الحربية.
فالديجي الاسلامي ــ حسب التعبير الرائج ــ و إن خلا عن الموسيقى فهو غناء، و الموسيقى اللهوية كما أشرنا محرمة في الشريعة الاسلامية، و الغناء كذلك محرم في نفسه و يجب الاجتناب عنه. هذا و يُعَدُّ الاستماعُ الى الغناء من جملة المحرمات التي وعد الله عزَّ وجل عليها العذاب.
تعريف الغناء بتفصيل
الغناء في تعريف الفقهاء هو الكلام اللهوي ـ من حيث المحتوى و من حيث كيفية الأداء ـ شعراً كان او نثراً، كالذي يؤتى به بالألحان المتعارفة عند اهل اللهو و اللعب.
و أما قراءة الشعر و النثر النزيه بغير الكيفية المذكورة فلا مانع منه.
الغناء في القرآن الكريم
ذكر القرآن الكريم الغناء بتعبيرات مختلفة، فتارة عبَّر عن الغناء بلهو الحديث، و تارة بقول الزور.
قال الله عزَّ و جلَّ: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ 1.
و قال جلَّ جلاله أيضاً: ﴿ وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا ﴾ 2.
و قال عزَّ ذكره: ﴿ ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ 3.
الغناء في الأحاديث الشريفة
صرَّحت الأحاديث بأن المراد من “لهو الحديث” و “قول الزور” المذكورين في القرآن الكريم هو الغناء.
فقد رَوى أبو بصير قائلاً سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ (عليه السلام) ـ أي الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ـ عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ: ﴿ … فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ﴾ 3؟
قَالَ: ” الْغِنَاءُ ” 4.
و رَوى مُحَمَّدُ بن مُسْلِمٍ قَائلاً: سَمِعْتُهُ يَقُولُ ـ أي الإمام محمد بن علي الباقر (عليه السلام) خامس أئمة أهل البيت (عليهم السلام) ـ: “الْغِنَاءُ مِمَّا وَعَدَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ النَّارَ، وَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ 1 ” 5.
الآثار السلبية للغناء
توعد القرآن الكريم أصحاب الغناء بالعذاب المهين، و ذكرت الأحاديث آثاراً سلبية كثيرة للغناء منها:
- أنَّ الْغِنَاءُ عُشُّ النِّفَاقِ.
- أنَّ الغناء كُفرانٌ للنعمة.
- أنَّ الغناء سبب لزوال الغيرة.
- أنَّ بَيْتُ الْغِنَاءِ لَا تُؤْمَنُ فِيهِ الْفَجِيعَةُ، وَ لَا تُجَابُ فِيهِ الدَّعْوَةُ، وَ لَا يَدْخُلُهُ الْمَلَكُ.
- أنَّ الْغِنَاءُ مَجْلِسٌ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى أَهْلِهِ.
- أنَّ صاحب البيت الذي يتغنى فيه يُنُزعَ مِنْهُ الْحَيَاءُ، وَ لَمْ يُبَالِ مَا قَالَ وَ لَا مَا قِيلَ فِيهِ.
- أنَّ الله يُعرِضُ عن أهل البيوت التي يُتغنَّى فيها.
- أنَّ اسْتِمَاعُ الْغِنَاءِ وَ اللَّهْوِ يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ كَمَا يُنْبِتُ الْمَاءُ الزَّرْعَ.
- أنَّ الغناء من الباطل.
- 1. a. b. القران الكريم: سورة لقمان (31)، الآية: 6، الصفحة: 411.
- 2. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 72، الصفحة: 366.
- 3. a. b. القران الكريم: سورة الحج (22)، الآية: 30، الصفحة: 335.
- 4. الكافي: 6 / 431، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.
- 5. الكافي: 6 / 431