أسئلة وأجوبة

الخوف من الله كيف ولماذا؟

إن الخوف المرضي أو (الخواف)، هو الخشية من (الوهم)، أما (الخوف) من الشيء الحقيقي فلا يعتبر حالة مرضية. من هنا يكون الخوف من الله تعالى مطلوبا وحقيقيا وفي مجاله الصحيح.. فالله تعالى هو القوة القادرة المسيطرة على الكون والانسان.
فهو خالقنا ومصورنا ومنشئنا وبارينا، وهو الذي يمدنا بالوجود والحياة والنعم.. وفي اي لحظة من اللحظات ، تنحسر عنا رحمته وعنايته، فيصبح وجودنا عدما، وحياتنا سرابا..
وهو سبحانه وتعالى يذكرنا بنعمه ورحمته المتتابعة، ويهددنا بامكانية سلب هذه النعم ان اقتضت ذلك حكمته ومشيئته ، في لحظة واحدة..
يقول تعالى : ﴿ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ 1.
﴿ وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ﴾ 2.

  1. إن عينك التي تعتز بها، وتنظر بها الاشياء، لست انت صاحب القرار في استمرار وجودها وعملها.. يقول تعالى : ﴿ وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ ﴾ 3.
  2. وهذه الأرض التي نعيش فوقها وتقدم لنا مختلف النعم والخدمات، وهذا الغلاف الجوي الذي يقينا نيازك السماء، وشهبها الخارقة، لا يرتبط بقدرتنا ولا ارادتنا، ان ذلك كله بيد الله.. يقول تعالى : ﴿ أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ ﴾ 4.
  3. إن ثلاثة أرباع الكرة الارضية التي نعيش عليها وجهها مغمور بمياه المحيطات العميقة، والبحار المتموجة.. وما الذي يمنع زحف طوفان المحيطات، وأمواج البحار علينا، الا ارادة الله.. ﴿ وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ فَلَا صَرِيخَ لَهُمْ وَلَا هُمْ يُنْقَذُونَ ﴾ 5.
  4. إن وجودنا وحياتنا مرتبطة بمشيئة الله تعالى ، واذا اقتضت مشيئته ألا نكون فسوف يتبخر وجودنا في اقل من لحظة.. ﴿ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَىٰ ذَٰلِكَ قَدِيرًا ﴾ 6.

هذا بعض قليل من مظاهر احتياجنا لرحمة الله تعالى في دار الدنيا.. أما بعد مغادرة الحياة الدنيا.. وانتقالنا الى الآخرة، فهناك يكون الاحتياج والانقطاع والارتباط برحمة الله ومشيئته اظهر وأجلى واوضح..
هناك حيث الوحدة والوحشة والحساب والعقاب.
يا رحمة الله الواسعة.. ويلنا ان لم تدركنا رحمته تعالى وعنايته.
هناك يتمنى الانسان لو انه كان عدما غير موجود: ﴿ إِنَّا أَنْذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا ﴾ 7.
وهناك يهرب الانسان من عائلته وأقربائه واصدقائه، ويكون همه نجاة نفسه: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَٰئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴾ 8.
إذن هنا الخوف الحقيقي.
ان اية قوة يمكن ان يخشاها الانسان في الحياة ويهابها لاتساوي ذرة امام قوة الله تعالى.
وكل الاخطار التي يخافها الانسان ويحذرها في الدنيا، ليست شيئا امام اخطار الآخرة ومصاعبها.

فلماذا نخاف من القوى الزائفة؟

أليس الاصح والاولى ان نخاف من القوة الحقيقية المهيمنة وهي قوة الله تعالى؟
ولماذا نتهيب المشاكل الصغيرة والحقيرة، ونتجاهل تلك الاخطار الكبيرة المصيرية، التي تنتظرنا في الآخرة؟.
مسكين هو الانسان ينخدع وتنطلي عليه الامور، ويبتلى بقصر النظر.. رغم التذكيرات المتكررة له من قبل السماء.
ان الله تعالى يذكرنا بهذه الحقيقة في آيات كثيرة.
يقول تعالى ﴿ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ 9.
﴿ … وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ … ﴾ 10.
﴿ … فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ … ﴾ 11.
﴿ … أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ 12.

ولكن كيف وماذا يعني الخوف من الله؟

هل هو مجرد ازعاج للنفس بالمخاوف والآلام؟ او تعقيد النفس واشغالها بالقلق؟
كلا.. إن الخوف من الله منهج وسلوك.

1- انه يعني الالتزام بحدود الله وقوانينه، والفرار من المعاصي والذنوب والاعتداءات على الآخرين.
ان الخوف من الله هو الذي منع هابيل ابن آدن من البدء بالاعتداء، وقتل اخيه قابيل.. بينما تجرأ قابيل فارتكب اول جريمة قتل في تاريخ البشر، لان قلبه كان خاليا من خشية الله، يقول سبحانه وتعالى : ﴾﴿ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ 13.
والخوف من عذاب الآخرة هو الذي يعصم المؤمن من المعصية والانحراف.. ﴿ قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ * مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ ﴾ 14.
2- والخوف من الله ومن الآخرة يعني الاندفاع والاقبال على العمل الصالح الذي يرضي الله، ويسعد المؤمن في يوم القيامة، ويجنبه العذاب والشقاء.. ﴿ وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا ﴾ 15.
3- وأخيرا فالخوف من الله يعني احتضان القيم الالهية، والعمل على نشرها وتطبيقها ، والاستهانة بكل قوة او خطر يقف في طريق ذلك.. فالمؤمنون المخلصون الذين يجسدون حقيقة الخوف من الله في أجلى صوره ومظاهره، حينما يتحملون مسؤولية الرسالة، ويعملون من أجل الحق والخير.. يقول تعالى ﴿ الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا ﴾ 1617

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى