مقالات

الختان في الشريعة الاسلامية …

وهو من الأمور المستحبّة في الإسلام وهو أيضاً شرطٌ من شروط صحّة الطّوافّ للرجل في الإسلام، وقد وردت عنه رواياتٌ عديدةٌ منها ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): (الختان سُنَّةٌ للرجال، ومَكرمة للنساء)، وفي روايةٍ أخرى أنّه يُستحبّ إقامة وليمةٍ بعد الختان كما في الرواية عن الإمام الرضا (عليه السلام) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: (لا وليمة إلاّ في خمس: في عرس أو خرس “النفاس بالولد” أو عذار “الختان” أو دكار “الرجل يشتري بيتاً” أو ركاز “الرجل يقدم من الحج”)، والمُستحبّ أن يكون الختان في اليوم السابع من ولادة الصّبي كما في الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): (إختنوا أولادكم لسبعة أيامٍ فإنّه أطهر وأسرع لنبات اللحم…)، وقد ورد أنّ من لم يختتن في صغره يستحبّ له أن يفعله ولو بعد البلوغ مهما وصل عمره، ففي الرواية عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: (قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): “إذا أسلم الرجل اختتن ولو بلغ ثمانين سنة”.

والختان ليس مُختصّاً بالرجل بل يشمل المرأة أيضاً وقد ورد في ذلك رواياتٌ كما في الرواية التي ذكرناها في أوّل المقالة وغيرها مثل الرواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (لا تُخفض الجارية حتى تبلغ سبع سنين).

والختان هو عبارةٌ عن قصّ الجلدة التي تكون على الحشفة عند آلة الرجل، وأمّا الخفض عند الفتاة فهو قصّ الجلدة الموجودة فوق الفرج وشكلها كعُرف الدّيك. وعلى كلّ حالٍ فالشّريعة الإسلاميّة لم تبيّن سبب وجوب الختان عند الرجل أو استحبابه عند المرأة، وإنّما يفعله المسلمون كأمرٍ تعبّديّ أمرت به الشّريعة السمحاء، إلاّ أنّ الطّبّ الحديث كشف الكثير من الحقائق عن الختان وأهميّته بالنسبة للإنسان عموماً وللرجل خصوصاً ولا بأس بذكر بعضها للإعتبار والإتّعاظ والإستفادة والإشارة إلى المقاصد الشرعيّة من الختان أو الفوائد المترتّبة عليه ومنها:

  1. الختان وقايةٌ من الإلتهابات الموضعيّة في آلة الرجل، لأنّ الأغلف الذي لم يختتن تشكّل هذه الجلدة المحيطة بالحشفة مكاناً مناسباً لإفرازات آلة الرجل التّي قد تتشكّل منها الجراثيم المؤدّية إلى التهاب الحشفة ممّا يؤدّي بالتالي إلى أن تصبح عمليّة الختان أمراً لا بدّ منه.
  2. الختان يحمي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البوليّة وفق دراساتٍ طبيّةٍ أكّدت ذلك وعدم الختان قد يؤدّي إلى وصول الجراثيم إلى الدم فتفسده وقد يؤدّي إلى فشلٍ أو قصورٍ في عمل الكلَى.
  3. الختان وقايةٌ وحمايةٌ من الكثير من الأمراض الجنسيّة وفق الإختبارات الحسيّة، وإنّ أكثر هذه الأمراض تحدث عند غير المختونين وهذا الكلام نتيجة أكثر من ستين دراسةٍ علميةٍ حول هذا الموضوع، فمثلاً مرض الإيدز وفق الدراسات أسرع عند أصحابه غير المختونين من المختونين بتسعة أضعاف، أيّ أنّه في مقابل كلّ مختونٍ يصاب بهذا المرض هناك تسعةٌ من غير المختونين يصابون به.

وبالإضافة للفوائد الطبيّة للختان هناك أحكامٌ شرعية تترتّب على عدم الختان وأهمها حكمان:

الأول: الختان شرطٌ في إمام الجماعة في الصلاة، فإذا كان المسلم غير مختونٍ لا يجوز له أن يصلي إماماً بالناس وقد وردت رواياتٌ في ذلك ومنها ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام): (الأغلف -غير المختون- لا يؤمّ القوم وإن كان أقرأهم، لأنّه ضيّع من السُّنّة أعظمها، ولا نقبل له شهادة، ولا يصلَّى عليه إلاّ أن يكون ترك ذلك خوفاً على نفسه).

الثاني: الختان شرطٌ في صحّة الطّواف والحجّ، وقد وردت رواياتٌ كثيرةٌ في هذا المجال ومنها ما ورد عن الإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): (الأغلف لا يطوف بالبيت، ولا بأس أن تطوف المرأة)، وكذلك عن أبي عبد الله (عليه السلام): (لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة، فأمّا الرجل فلا يطوف إلا وهو مختتن).

ونختم بكلامٍ للبروفسور “ديزيل” قاله عام 1990: (لقد كنت من أشدّ أعداء الختان وشاركت في الجهود التي بُذلت عام 1975 ضدّ إجرائه، إلاّ أنّه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبيّة زيادةً في نسبة حدوث إلتهابات المجاري البوليّة عند الأطفال غير المختونين، وبعد تمحيصٍ دقيقٍ للأبحاث التي نُشرت، فقد وصلت إلى نتيجةٍ مخالفةٍ وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينيّاً يجب أن يجري لكلّ مولود).

وهذا الكلام من خبيرٍ غربي وغيره كثيرون ممّن أجروا الأبحاث حول هذا الأمر. إنّ الفطرة البشرية لا بدّ أن تنتصر في نهاية الأمر، لأنّ هذه الفطرة هي سنّة الله في خلقه، وإنّ أمر الله لنبيّه إبراهيم (عليه السلام) بالختان لإحياء هذه السُّنَّة الإلهية هو من أجل أن يتحلّى المؤمن ويتخلّق بأخلاق الأنبياء (عليهم السلام) التي هي التّطبيق العملي للفطرة الإنسانية، ومن أجل خير الإنسان وصالحه ومن أجل سلامة صحته من كثيرٍ من الأمراض المتفشية في هذا العصر بسبب عدم الختان عند الكثير من شعوب العالم غير الإسلامي1.

  • 1. نقلا عن موقع سبل السلام لسماحة الشيخ محمد التوفيق المقداد (حفظه الله).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى