لا ريب في أن الجزء الأكبر من آيات الذكر الحكيم ينير بصيرة الإنسان ويعلّمه فنّ الحياة ، ولكنّ هناك حقائق كبرىينحسر عادة عنها وعي الناس العادييّن ، وإنما يرتفع إلى وعيها أولئك الرجال الذين تسامى علمهم ، وتعالت روحهم وإرادتهم .
ومما لا شك فيه أن استيعاب هذه الحقائق الكبرى هو الذي يمنح الإنسان القدرة على التعامل مع الطبيعة تعاملاً سليماً ، وتسخير ما في الكون من أجل مصلحته ومصلحة سائر أبناء البشر .
الطريق الخاطئ مشكلة الإنسان
وكثيراً ما يسلك الإنسان طريقاً خاطئاً ، ولكننا نراه دائماً يفتش عن أفضل السبل لقطع المسافات ، ولكن ماذا ينفعه هذا التفتيش والاجتهاد إذا كان طريقه لا يوصل إلى هدف ؟ فالإنسان إنما يستطيع الاستفادة من تعبيد الطريق ، ومنالبحث عن الوسيلة المناسبة للسير فيه إذا كان هذا الطريق سليماً مؤدّياً إلى هدفه .
إن غالبيّة الناس مثلهم كمثل الإنسان الذي تراه يفتش عن أصغر الأمور ، وأدقها ليدقق فيها موظفاً ما يتمتع به منوعي وعقل وذكاء ، ولكنه لا يكلّف نفسه عناء اكتشاف هل أن الطريق الذي يسير فيه مغلوط أساساً أم لا ؟
إن هذه الظاهرة تمثل إحدى المشاكل الكبرى التي يعاني منها الإنسان في حضارته ؛ فهو يهتم بالحقائق الجزئية الصغيرة دون الاهتمام بالحقائق الكبرى .
والقرآن الكريم يحدثنا عن هذه الحقائق الكبرى التي لو عرفها الإنسان لنجح في حياته ، ومن هذه الحقائق حقيقة الصراع الأبدي بين أهل الحق والباطل ، ولكننا للأسف الشديد وعلى الرغم من قراءتنا المتكررة للقرآن لم نستطع أننعي أن هناك صراعاً أبدياً بين أهل الحق وأهل الباطل ، وأن العاقبة ستكون للمتقين .
إن هذه الحقيقة البسيطة يطرحها القرآن الكريم المرّة بعد الأخرى .
بين الدين و الحضارة
وقبل أن نتحدث عن علاقة الدين بالحضارة ، نذكّر أولاً ببصيرتين أساسيتين ؛
الأولى : تتمثل في أن مشكلة الحضارة تتلخص في أنها مبتورة إذا ما قيست بالدين ، فالدين يتحرك مع الحضارة لمسافة معيّنة ، ولكنّ هذه الحضارة سرعان ما تتوقف .
والثانية : إن الدين يمضي قدماً إلى النهاية السعيدة ، إذ الحضارة تحدثنا عن الوسيلة ، بينما الدين يحدثنا عن الهدف بعد أنيشير إلى الوسيلة أيضاً ؛ والحضارة تبين لنا الجزئيات ، بينما الدين يقولب هذه الجزئيات ضمن إطار عام ؛ والحضارة تزودنا العلم ، بينما الدين يمنحنا فقهاً ؛ والحضارة تعلّمنا ما هي الحياة ، والدين يعلّمنا كيف ننتفع منها ، ولماذا كانت الحياة ، وكيف ينبغي أن تكون . .
معرفة فن الحياة
إننا ـ كمسلمين ـ لابد أن ينصب جلّ اهتمامنا على المسائل الحياتية ، أو بتعبير آخر ؛ على معرفة فنّ الحياة ، مستلهمينذلك من كتاب ربّنا تعالى ومن منهجه في فهم الحياة . أما أن نبقى نبحث في الجزئيات ـ سواء كانت هذه الجزئيات مرتبطة بالدين أم بالحياة ـ ونلغي النظر في الكليات ، فإن هذه الحالة سوف تؤدّي إلى إصابتنا بهزائم متلاحقة .
إن من مشاكل كل أمة متخلفة أنها تبحث عن الجزئيات دون أن تربط بينها وتحوّلها إلى إطار واحد مشترك ، فالغالبية العظمى من الناس تكون تصوراتهم عن الحياة تصورات تجزيئية ؛ أي تصوّر الأشياء دون ربطها ببعضها .
ومشكلتنا نحن ـ المسلمين ـ تتمثل في أن معرفتنا بالقضايا السياسية والاجتماعية والدينية وما إلى ذلك ، هي معرفة متنافرة غير مجتمعة ضمن إطار واحد ، ولذلك فإن هذه المعرفة لا تعيننا على فهم الحياة .
ومما لا ريب فيه أننا نمتلك كوادر وأصحاب اختصاصات في مختلف العلوم ، ولكن أكثرهم علماء ، أمّا الذين أوتوا الحكمة ، وفنّ معرفة الحياة ، ومعرفة الخطوط العريضة فيها ؛ فإنهم لا يشكلون إلا أقلية هي أقل من القليل ، أما الغالبية العظمى فإنهم لم يحوّلوا معلوماتهم إلى رؤية وبصيرة ، وهذه هي المشكلة الرئيسية التي نعاني منها نحن المسلمين .
وبكلمة ؛ إن القرآن الكريم يعلّمنا فنّ الحياة الحرّة الكريمة ، وكيف نتعامل مع الأحداث المختلفة المحيطة بنا ، لذا يجدر بنا أننتدبّر في آياته الكريمة ، ونتعمق فيها ، ونتدارسها لكي نستوحي منها برنامجاً ومنهاجاً متكاملين نستطيع من خلالهما أننحصل على البرنامج الأفضل والأمثل في الحياة لكي نتمكن من الوصول إلى أهدافنا الحضارية المنشودة من أقصر السبل وأكثرها استقامة وصحّة ، ولكي لا نتيه ونضيع في متاهات الطرق الأخرى التي لا تزيدنا عن أهدافنا إلا بعداً وانحرافاً وضلالاً كما ابتليت بذلك الأمم والشعوب الأخرى ، ولم تعرف السبيل الأفضل في الحياة ، والطريق الأمثللتحقيق الأهداف بسبب ابتعادها عن بصائر الرسالات الإلهية .
أصالة الحضارة
عندما اجتمع الكفار واستشكلوا على أهلية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للرسالة متذرعين بأنه يتيم الأبوين ، ولا يمتلك من الأموال والثروة ما يؤهّله لقيادة العرب ، أنزل اللَّه سبحانه وتعالى آيات بينات تؤكد على أن الرب الجليل هو مقسم الرزق بينالعباد ، وأن الثروة ليست مقياساً للحق والباطل أو المجد والضعة ، وبالتالي فإنه لا يحق لأي إنسان أن يقرر على من يجبأن تهبط الرسالة ، لأن الرسالة أعظم مجد من الممكن أن يحظى به الإنسان ، وهي عطاء اللَّه تبارك وتعالى لخيرة عباده .
لقد قال الكفار في هذا المجال كما جاء في القرآن الكريم : ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَٰذَا الْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ 1 ؛ أي على رجل عظيم من مكة أو الطائف ، فأجابهم اللَّه تعالى قائلاً : ﴿ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا … ﴾ 2 .
التفاوت ليس مقياس الافضلية
إن الدرجات التي يتفاوت بها الناس ما بين فقير وذي ثروة طائلة ، وأسير ومأمور ، وصحيح الجسم وسقيم . . . كل ذلكليس دليلاً على أن اللَّه سبحانه وتعالى يفضلّ بعض الناس على بعض دون سبب ، بل هي تدبيرات إلهية لتنظيم حياة البشر . فاللَّه تبارك وتعالى وزّع المعادن فوق كوكبنا بحيث تمتلك بعض المناطق معادن لا توجد في المناطق الأخرى ،والحكمة في ذلك أن يحتاج الناس إلى بعضهم البعض ، وأن تتشابك مصالحهم ، ويتعاونوا في الحياة الدنيا .
ومع ذلك فإن رحمة اللَّه ، ورسالاته وقيمه خير من حطام الدنيا الذي يتكالب عليه أبناء البشر ، كما يشير إلى ذلك قوله عز من قائل : ﴿ وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ ﴾ 3 .
فلولا أن اللَّه يعلم أن حيازة الكفّار لمباهج الدنيا وزخرفها تؤثر في الناس ، وتجمعهم في ملّة الكفر ، لخصّهم بهذه النعمالزائلة ، كما يقول رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم : ( لو كانت الدنيا عنده ( عند اللَّه ) تعدل جناح بعوضة لماسقى كافراً به مخالفاً له شربة ماء ) 4 .
التطور لا يعني تفوق المذهب
إن تلك الآيات والأحاديث تؤكد قضية هامة ترتبط بالتقدم والتخلف ، فهناك الكثير من الناس عندما يرون التقدمالتكنولوجي والعملي ، وتكدّس الثروات ، وتراكم الإمكانات في الغرب ينبهرون وينهارون أمامها ، فيقولون مستندين إلى تصوّراتهم الخاطئة هذه : مادام اللَّه قد أعطى اليابانيين ـ مثلاً ـ هذه الأدمغة الممتازة التي صنعوا بها المخترعاتالإلكترونية ، ومادام الأمريكيون يمتلكون قوّة هائلة ، ويبعثون بمركباتهم الفضائية إلى الكواكب البعيدة ، ومادام الروس يتمتعون بقوة عسكرية هائلة يستطيعون بها تدمير الكوكب الذي نعيش عليه . . . فإن دينهم لابد أن يكون هو الأفضل ، وأخلاقياتهم وسلوكياتهم هي المثلى ، وعليه ؛ فلا مناص لنا من أن نخضع لمناهجهم ونتبعها!
إن هؤلاء يتجاهلون التشريعات الإلهية التي تقول أن التقدم المادي ليس دليلاً على سلامة المذهب والمنهج لسببين :
التقدم ليس محكوما بالارادة دائما
1. إن تقدم أمة ما ليس محكوماً بإرادتها فحسب ؛ فالهنود الحمر ـ مثلاً ـ لو لم يقعوا لسبب من الأسباب فريسة لمجموعة من العوامل الطبيعية والحضارية المختلفة لكانوا أكثر تقدماً من الشعب الأمريكي ، إلا أن الأخير وبسبب توفر العوامل الخارجية والذاتية فيه ، وبسبب هجرة العقول إلى تلك المنطقة ، وانعدام الضمير لدى المهاجرين الأوائل إلىأميركا استطاع أن يقطع أشواطاً طويلة من التقدم على حساب تخلف السكان الأصليين ، ولو كانت تلك العوامل قد توفرت لهؤلاء السكان لكان التقدم من نصيبهم .
وقد قرر علماء الحضارات أن شعوباً كانت أكثر ذكاءً ، وهمّة ، وسعياً ، وخلقاً فاضلاً ، وتعاوناً فيما بينها ، ولكنها مع ذلك لمتستطع أن تتقدم لعدم اكتمال أسباب وعوامل الحضارة عندها مثل انعدام الخصوبة في الأرض وما إلى ذلك ، في حين توفّرت عوامل التقدم لشعوب أخرى .
فالإنسان الذي يولد في بلد نفطي تُهيّأ له أسباب المعيشة الرغيدة ، ويذرع بطائرته الخاصة عواصم العالم ، ثم ينسى رغمكل ذلك أن اللَّه جل جلاله هو الذي فجّر في أرضه الآبار البترولية ، فإنه لا يؤدي في الحقيقة واجب شكر هذه النعمة التي تستلزم التقدم في سائر المجالات ، واستثمارها في تقدم العالم الإسلامي .
التقدم ليس خيرا دائما
2. ليس من الضروري أن يكون تقدم مجموعة ما خيراً لها ، فقدرتها على الوصول إلى القمر ، وتمكنها من صنع أكثر الأجهزة تعقيداً ، فكل ذلك قد لا يكون في صالحها بقدر ما هو ضرر لها . فقد تكون هذه الوسائل سبباً لدمار الإنسانوضياعه ، ودافعاً لابتعاده عن قيمه وذاته ، وبالتالي قد تكون معبراً لفساد ضميره ، فما قيمة إنسان بلا إنسانية ؟ إن منينسى اللَّه سبحانه وتعالى ينسيه نفسه فيصبح كالأنعام ؛ لا يبحث في حياته إلا عن سراب وخيالات حتى تنتهي فترةبقائه فيعود إلى بارئه صفر اليدين ، كما يؤكد على ذلك تعالى في قوله : 5 .
وعندما ينبهر الإنسان بأصحاب الثروات ، والمسيطرين على الإمكانيات المادية ، ويركز جهده على الدنيا وما فيها ،فحينئذ تتهيأ نفسه لضلالات الشيطان كما يقول عز من قائل : ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ 6 . وكلمة ﴿ … يَعْشُ … ﴾ 6 تعني تعامي الإنسان ، فمع أن عينه سليمة إلا أنه يتعامى بمحض إرادته عن الرؤية . وإذا نسي القلب ذكر الرب ، وغفل عن المنعم ، وابتعد عن خلقه ، فحينئذ ستكون نفسهمسرحاًً وميداناً لعمل الشيطان الذي يكون له قريناً في الدنيا والآخرة .
وبمعنى آخر ؛ فإن أراد الإنسان الابتعاد عن آثار الإعلام والدعايات التضليلية ، فلابد أن يكون قلبه متصلاً بذكر اللَّه أبداً .
لنحذر التضليل الاعلامي
ومن المعلوم أننا الآن خاضعون لموجة هائلة من التضليل الإعلامي ، فينبغي أن ننتبه لذلك حتى لا نقع ضحية الإعلام الاستكباري ، وذلك من خلال الاتصال قلبياً باللَّه تقدست أسماؤه دائماً وأبداً ، لأن الشيطان محدق بالإنسان ، فبمجرد أنيبتعد الأخير عن ذكر اللَّه ويغفل ، فإن الوساوس الشيطانية سوف تقبل عليه ، لتعشعش في نفسه ، وتبعده عن سواء السبيل ، وتوحي له بأنه على طريق الهدى كما يقول تعالى : ﴿ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ 7 .
وفي أيامنا هذه نستطيع أن ندرك خبث الإعلام وطبيعة مكائده ، فقديماً كان أعداء الإسلام في الشرق والغرب يشيعونأن الإسلام ضعيف ، وأنه قد انتهى ، ولم يعد بإمكانه أن ينظم مجتمعاً ويدير شؤونه أو أن يخلق واقعاً سياسياً ، ولا يمكن أنيكون فاعلاً في الساحة .
وعلى ضوء ذلك ؛ برزت في المجتمع الإسلامي تكتلات شرقية وغربية ؛ فالمتأثرون بالإعلام الشرقي كانوا يبثونادعاءات تفيد أن الأفكار الإسلامية رجعية ، وداعية إلى التخلّف ، فدعوا الناس إلى الانتماء إلى أحزاب الكادحين والبروليتاريا لزعمهم أنها قادرة على ضمان التقدم للعالم!
أما المتأثرون بالإعلام الغربي ؛ فكانوا يوحون بأن الأفكار الإسلامية إنما هي أفكار بالية قد أكل الدهر عليها وشرب ، وإن كان لابد من الإسلام فلنأخذ منه بعض الشعائر والطقوس ثم نكون بعد ذلك أحراراً في اقتصادنا وتجارتنا لنكون في مستوى العصر!
إذا أردنا أن نتحوّل إلى مسلمين حقيقيين علينا أن ننبذ هذه الأطروحات والمشاريع التي تستهدف القضاء علىالإسلام ، وحسر تأثيره في النفوس ، وأن نعود إلى ينابيعه الصافية المتمثلة في القرآن والسنة الشريفة ، وبذلك نستطيعاللحاق بركب الحضارة ، وإذ ذاك سنتحوّل إلى أمة فاعلة تمارس التأثير الأكبر في مسيرة الحضارة البشرية ، كما كان ذلك ديدننا في العصور السالفة عندما كانت الشريعة الإسلامية في جانبيها العقيدي والتشريعي هي التي تدفع المسلمين إلىأداء دورهم في الحياة . وبالفعل فقد أدوا دورهم كأحسن ما يكون الأداء ، وإن المطلوب منّا الآن أن نحيي هذا الدور ، وأن نعود خير أمة أخرجت إلى الناس 8 .
- 1. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 31، الصفحة: 491.
- 2. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 32، الصفحة: 491.
- 3. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 33 و 34، الصفحة: 491.
- 4. بحار الأنوار : 9 / 273 .
- 5. القران الكريم: سورة (59)، الآيات: 19 – 4، الصفحة: -1.
- 6. a. b. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 36، الصفحة: 492.
- 7. القران الكريم: سورة الزخرف (43)، الآية: 37، الصفحة: 492.
- 8. كتاب : الحضارة الاسلامية ، آفاق و تطلعات ، الفصل الثاني : في السلوك الحضاري .