قال إبن حَیُّون المغربي: وَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ1 جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (عليه السَّلام) أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ ذَكَرَ لَهُ عَنْ بَعْضِ مَنْ مَرَقَ مِنْ شِيعَتِهِ اسْتَحَلَّ الْمَحَارِمَ مِمَّنْ كَانَ يُعَدُّ مِنْ شِيعَتِهِ، وَ قَالَ إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا الدِّينُ الْمَعْرِفَةُ، فَإِذَا عَرَفْتَ الْإِمَامَ فَاعْمَلْ مَا شِئْتَ؟
فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ: “إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ، تَأَمَّلَ الْكَفَرَةُ مَا لَا يَعْلَمُونَ، وَ إِنَّمَا قِيلَ اعْرِفِ الْإِمَامَ وَ اعْمَلْ مَا شِئْتَ مِنَ الطَّاعَةِ فَإِنَّهَا مَقْبُولَةٌ مِنْكَ، لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَمَلًا بِغَيْرِ مَعْرِفَةٍ، وَ لَوْ أَنَّ الرَّجُلَ عَمِلَ أَعْمَالَ الْبِرِّ كُلَّهَا، وَ صَامَ دَهْرَهُ، وَ قَامَ لَيْلَهُ، وَ أَنْفَقَ مَالَهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَ عَمِلَ بِجَمِيعِ طَاعَاتِ اللَّهِ عُمُرَهُ كُلَّهُ، وَ لَمْ يَعْرِفْ نَبِيَّهُ الَّذِي جَاءَ بِتِلْكَ الْفَرَائِضِ فَيُؤْمِنَ بِهِ وَ يُصَدِّقَهُ، وَ إِمَامَ عَصْرِهِ الَّذِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيْهِ طَاعَتَهُ فَيُطِيعَهُ، لَمْ يَنْفَعْهُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ عَمَلِهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي ذَلِكَ: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ 2 .
وَ قَالَ صلوات الله عليه: “وَ لَوْ تَقَطَّعَ الْجَاهِلُ مِنْ الْعِبَادَةِ إِرْباً إِرْباً مَا ازْدَادَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا بُعْداً”3.
- 1. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق (عليه السَّلام)، سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
- 2. القران الكريم: سورة الفرقان (25)، الآية: 23، الصفحة: 362.
- 3. دعائم الإسلام (و ذكر الحلال و الحرام و القضايا و الأحكام): 1 / 53 ، لأبي حنيفة النعمان بن أبي عبد الله محمد بن منصور بن احمد بن حَیُّون المغربي، المتوفى سنة: 363 هجرية، الطبعة الثانية سنة: 1427 هجرية، مؤسسة آل البيت (عليهم السَّلام) قم/إيران.