عقيدتنا في التوحيد
نعتقد: بأنّه يجب توحيد الله تعالى من جميع الجهات، فكما يجب توحيده في الذات ونعتقد بأنّه واحد في ذاته ووجوب وجوده، كذلك يجب ثانياً توحيده في الصفات، وذلك بالاعتقاد بأنّ صفاته عين ذاته، وبالاعتقاد بأنه لا شبه له في صفاته الذاتية، فهو في العلم والقدرة لا نظير له، وفي الخلق والرزق لا شريك له، وفي كلّ كمال لا ندَّله.
وكذلك يجب ثالثاً توحيده في العبادة، فلا تجوز عبادة غيره بوجه من الوجوه، وكذا إشراكه في العبادة في أيّ نوع من أنواع العبادة، واجبة أو غير واجبة، في الصلاة وغيرها من العبادات.
ومن أشرك في العبادة غيره فهو مشرك، كمن يرائي في عبادته ويتقرّب إلى غير الله تعالى، وحكمه حكم من يعبد الأصنام والأوثان، لا فرق بينهما.
أمّا زيارة القبور وإقامة المآتم، فليست هي من نوع التقرّب إلى غير الله تعالى في العبادة ـ كما توهّمه بعض من يريد الطعن في طريقة الإمامية، غفلة عن حقيقة الحال فيها ـ بل هي من نوع التقرّب إلى الله تعالى بالأعمال الصالحة، كالتقرّب إليه بعيادة المريض، وتشييع الجنائز، وزيارة الإخوان في الدين، ومواساة الفقير.
فإنّ عيادة المريض ـ مثلاً ـ في نفسها عمل صالح يتقرّب به العبد إلى الله تعالى، وليس هو تقرُّباً إلى المريض يوجب أن يجعل عمله عبادة لغير الله تعالى أو الشرك في عبادته، وكذلك باقي أمثال هذه الأعمال الصالحة التي منها: زيارة القبور، وإقامة المآتم، وتشييع الجنائز، وزيارة الإخوان.
أمّا كون زيارة القبور وإقامة المآتم من الاعمال الصالحة الشرعية، فذلك يثبت في علم الفقه، وليس هنا موضع إثباته.
والغرض، إنّ إقامة هذه الاعمال ليست من نوع الشرك في العبادة ـ كما يتوهمه البعض ـ وليس المقصود منها عبادة الأئمة، وإنّما المقصود منها إحياء أمرهم، وتجديد ذكرهم، وتعظيم شعائر الله فيهم ﴿وَمَن يُعظِّم شَعائِرَ اللهِ فَإنَّها مِن تَقوَى القُلوب ِ﴾1.
فكلّ هذه أعمال صالحة ثبت من الشرع إستحبابها، فاذا جاء الإنسان متقرّباً بها إلى الله تعالى طالباً مرضاته، استحقّ الثواب منه ونال جزاءه.
*عقائد الامامية، الشيخ محمد رضا المظفر، ص: 29- 30.
1- الحج: 32.