أَنْفَذَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ علي بن أبي طالب عليه السلام مِيثَمَ التَّمَّارَ 1 فِي أَمْرٍ فَوَقَفَ عَلَى بَابِ دُكَّانِهِ 2.
فَأَتَى رَجُلٌ يَشْتَرِي التَّمْرَ، فَأَمَرَهُ بِوَضْعِ الدِّرْهَمِ وَ رَفْعِ التَّمْرِ.
فَلَمَّا انْصَرَفَ مِيثَمٌ وَجَدَ الدِّرْهَمَ بَهْرَجاً 3.
فَقَالَ فِي ذَلِكَ 4.
فَقَالَ عليه السلام: “فَإِذَا يَكُونُ التَّمْرُ مُرّاً” .
فَإِذَا هُوَ بِالْمُشْتَرِي رَجَعَ وَ قَالَ: هَذَا التَّمْرُ مُرٌّ 5.
- 1. ميثم التمار: ميثم بن يحيى التمار وُلد بمدينة النهروان بالعراق، و كان عبدا لامرأة من بني أسد، ثم أسلم فاشتراه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و أعتقه، فأصبح ملازماً لعلي عليه السلام ملازمة الظل صاحبه فكان يحذو خلفه حذو الفصيل أثر أمه، فاكتسب من علومه و معارفه ما لم يكتسبه إلا القلة من حواري الإمام عليه السلام.
كان ميثم ناشطاً في نشر فضائل و مناقب الإمام علي عليه السلام بصورة خاصة و فضائل أهل البيت عليهم السلام بصورة عامة و فضح مخازي بني أمية لا سيما معاوية و من سار خلفه، و استمر ميثم في رسالته يحدّث بفضائل بني هاشم، فقيل لابن زياد: قد فضحكم هذا العبد، فقال: ألْجِموه! فكان أوّل خَلق اللهِ أُلجِم في الإسلام. ثم أمر ابن زياد بصلبه ثم قتله، و كان قتل ميثم رحمه الله قبل قدوم الحسين بن علي عليهما السلام إلى العراق بعشرة أيّام، فلمّا كان اليوم الثالث من صَلْبه طُعِن ميثم بالحربة فكبّر، ثمّ انبعث في آخر النهار فمُه وأنفه دماً!
صُلِب ميثم التمّار رضوان الله عليه يوم الأحد في العشرين من ذي الحجّة سنة ستّين من الهجرة، و قُتل يوم الثلاثاء في الثاني و العشرين من ذي الحجّة.
دفن ميثم بالكوفة و ما زال قبره مَزاراً للمحبّين و الموالين، و هو قريب من مسجد الكوفة الأعظم من جهة الجنوب الغربي على يسار الذاهب من الكوفة إلى النجف الأشرف. - 2. أي أرسله في مهمة و بقي أمير المؤمنين عليه السلام واقفاً عند دكان ميثم التمار حتى يرجع.
- 3. البهرج: الرديء.
- 4. أي أخبر أمير المؤمنين عليه السلام بذلك.
- 5. مناقب آل أبي طالب (عليهم السلام): 2 / 329، للعلامة المُحدِّث رشيد الدين محمد بن شهر آشوب المازندراني، المولود سنة: 489 هجرية بمازندران/إيران، و المتوفى سنة: 588 هجرية بحلب/سوريا، طبعة مؤسسة العلامة للنشر، قم/إيران، سنة: 1379 هجرية.