نص الشبهة:
يقال للشيعة : أنتم تقولون بأنّه لا يصحّ خلوّ الزمان من قائم لله بالحجّة وهو الإمام ، فإذا كانت التقيّة تسعة أعشار الدِّين وهي سائغة للإمام ، فكيف تتمّ الحجّة به على الخلق ؟
الجواب:
تصوّر جامع الأسئلة ـ لضآلة علمه ـ أنّ أئمّة الشيعة يعملون بالتقيّة في جميع أبواب الفقه ومعارف القرآن والسنّة ، ولذلك تراه يقول تسعة أعشار كلامهم تقيّة وقسمٌ واحد فقط كلام واقعي ، ويكمن الخطأ في هذه النقطة بالذات ، لأنّ التقيّة لها موارد خاصّة كما أسلفنا ، وهي الموارد التي كان حكّام الجور يعملون بأحكام مخالفة للشريعة الإسلاميّة نتيجة جهلهم بسنّة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، أو أنّ الفقهاء الذين تمّ تنصيبهم من قِبل هؤلاء الحكّام يحكمون بأحكام خاطئة ، هنا يعمل الأئمّة ( عليهم السلام ) بالتقيّة لأجل حقن دماء شيعتهم ويفتون لهم بالعمل طبقاً لفتاوى فقهاء السلطة .
وأمّا غير هذه الفتاوى فالإجهار بالحقيقة في مجالي العقيدة والشريعة لم يكن مقروناً بالضرر ، وأئمة أهل البيت كانوا قد جاهروا بالحقيقة ، ومن حسن الحظ فإنّ فقهاء الشيعة يرجعون إليهم في كثير من هذه الأحكام .
وأمّا المراد من قولهم : إنّ تسعة أعشار الدِّين في التقيّة ، فهو كناية عن أهمّية حفظ دماء المؤمنين ، لأنّ بعض الشيعة ينشر آراءه المخالفة لرأي الحكّام الظَلَمة بدون مبالاة ، ويعرّض بذلك نفسه وقومه للخطر .
وقد ذكرنا سابقاً أنّ تلاميذ الإمام الحقيقيّين يميّزون جيداً بين ما هو من التقيّة وما هو من غيرها ، وذلك لأنّهم كانوا على اطّلاع واسع بروايات أئمّة أهل البيت ( عليهم السلام ) الحقيقيّة ، ويفرّقون من خلال أُسلوب الإمام ( عليه السلام ) في كلامه بين ما قاله تقية أو أنّه قال الحكم الواقعي 1 .
- 1. هذه الإجابة نُشرت على الموقع الالكتروني الرسمي لسماحة آية الله العظمى الشيخ جعفر السبحاني دامت بركاته .