لعل التطور المهم الذي أثمرته وثيقة التعايش بين السنة والشيعة وشمول بنودها العديد من النواحي الإشكالية والمهمة، فضمن أول البنود جاء الإقرار بجامعية الإسلام لكل أبنائه فلا يحق لأحد أن يكفر أحداً، ولا يشكك أحد في إسلام الآخر، فكلنا مسلمون نتوجه إلى قبلة واحدة، ولنا قرآن واحد، وبالتالي يدان أي كلام تكفيري يشكك في دين الآخر.
وأما البند الثاني فيتحدث عن تعزيز الاحترام المتبادل بين الطرفين وإدانة وتجريم أي إساءة من أي طرف للطرف الآخر، فيما ركز البند الثالث على تعزيز المساواة والعدل بين المواطنين ومواجهة حالات التمييز على أساس مذهبي وطائفي، وتناول البند الرابع التعاون في سبيل خدمة المصالح المشتركة لأمن البلاد ووحدة الأمة…
وجدير بالذكر أن هنالك جهدا بذل مع مجموعة أخرى من السلفيين عبر الدكتور عبد الرحمن المحرج لدراسة وثيقة مماثلة، كما أن هناك وثيقة للتسامح مع العالم والقاضي السلفي الشيخ محمد الدحيم، وهناك حديث عن وثيقة مع عالم وداعية سلفي بارز هو الدكتور عايض القرني، وكلها تدور في نفس الإطار وتتسع اليوم دائرة الحديث عن ضرورة الوحدة والتعايش بين السنة والشيعة في السعودية، فبعد تصريحات العريفي تدفقت عشرات المقالات المنصفة في مختلف جرائد المملكة تدين هذا النوع من السوء والتهجم، وتدعو للتعاطي مع الطوائف الأخرى بصدق وعدل واحترام، كما دعت تلك المقالات إلى ضرورة طمر الهوة بين هذين المكونين المهمين حفاظا على الوطن وأهله.
وفي الجانب الشيعي كان أبرز تناغم مع تلك الكتابات هو بيان الوحدة الذي وقعه خمسون من رجال الحوزات العلمية، بمناسبة ذكرى مولد الرسول لهذا العام 1431هـ.
وقد أكدت صياغة البيان ذلك في موقعين الأول (يجب الحذر من كل ما من شأنه تفتيت عرى المحبة والمودة بين المسلمين قولا أو فعلا)، والثاني طلب سن قانون يجرم ويعاقب كل طرف يسيء للآخر (سن القانون الذي يدين ويجرم الإساءة لمعتقده وأعلام مذهبه).
لقد جاءت صياغة بيان علماء المنطقة بمناسبة المولد النبوي الشريف حاملة لهذا الهاجس فقد جاء فيه وان ما ورثناه – نحن الشيعة – من العلم أو العمل بطريقٍ معتبرٍ عن النبيِّ وآلِهِ (عليه وعليهم السلام) ليس مما يقبل التنازلَ عن قيد أنملة منه، ولا يصح جعلُ التخلي عنه أو إغماض النظر عن الحقائق التاريخية بأي شكل من الأشكال شرطاً للوحدة أو التعايش، وختاما ليس لنا موقع على خارطة بلدنا إلا بالتعايش مع غيرنا، ولن يحصل التعايش ونحن سجناء الرعب والتخويف والاتهام، كما لن يمد الآخرون أيديهم ما دمنا ندور في فلك الكلام الإجمالي الذي تفصيله في قلب الشاعر فقط، بل لا بد من مساهمات واضحة ومبادرات يخضع أي لبس فيها للمعالجة، وهذا من الطرفين وليس من طرف واحد فقط1.
- 1. االموقع الرسمي لسماحة الشيخ حسن الصفار (حفظه الله)، و المقال منشور في جريدة الدار الكويتية 21 / 3 / 2010م – 3:29 ص – الأحد 21 مارس 2010م – العدد: 665.