مقالات

التحكيم والإمام علي…

نص الشبهة: 

فان قيل فإذا كان عليه السلام من أمر التحكيم على ثقة ويقين فلم روي عنه (ع) انه كان يقول بعد التحكيم في مقام بعد آخر:

لقد عثرت عثرة لا تنجبر *** سوف اكيس بعدها واستمر

واجمع الرأي الشتيت المنتشر

أو ليس هذا اذعانا بأن التحكيم جرى على خلاف الصواب؟ .

الجواب: 

قلنا قد علم كل عاقل قد سمع الأخبار ضرورة ان أمير المؤمنين عليه السلام وأهله وخلصاء شيعته وأصحابه كانوا من أشد الناس إظهارا لوقوع التحكيم من الصواب والسداد موقعه، وان الذي دعي إليه حسن، والتدبير أوجبه، وأنه (ع) ما اعترف قط بخطأ فيه ولا أغضى عن الاحتجاج على من شك فيه وضعفه، كيف والخوارج انما ضلت عنه وعصته وخرجت عليه، لأجل انها إرادته على الاعتراف بالزلل في التحكيم فامتنع كل امتناع وأبي اشد إباء وقد كانوا يقنعون منه ويعاودون طاعته ونصرته بدون هذا الذي أضافوه إليه (ع) من الإقرار بالخطأ وإظهار الندم.
وكيف يمتنع من شئ ويعترف بأكثر منه، ويغصب من جزء ويجيب إلى كل هذا مما لا يظن به احد ممن يعرفه حق معرفته. وهذا الخبر شاذ ضعيف، فإما ان يكون باطلا موضوعا أو يكون الغرض فيه غير ما ظنه القوم من الاعتراف بالخطأ في التحكيم.
فقد روي عنه عليه السلام معنى هذا الخبر وتفسير مراده منه، ونقل من طرق معروفة موجودة في كتب أهل السير، انه عليه السلام لما سئل عن مراده بهذا الكلام، قال كتب إلى محمد بن أبي بكر بأن اكتب له كتابا في القضاء يعمل عليه، فكتبت له ذلك وانفذته إليه، فاعترضه معاوية فأخذه، فأسف (ع) على ظفر عدوه بذلك، وأشفق من أن يعمل بما فيه من الأحكام، وتوهم ضعفة أصحابه ان ذلك من علمه ومن عنده، فتقوى الشبهة به عليهم.
وهذا وجه صحيح يقتضي التأسف والتندم، وليس في الخبر المتضمن للشعر ما يقتضي ان تندمه كان على التحكيم دون غيره. فإذا جاءت رواية بتفسير ذلك عنه (ع)، كان الأخذ بها أولى 1.

  • 1. تنزيه الأنبياء عليهم السلام للسيد مرتضى علم الهدى، دار الأضواء: 199 ـ 200 .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى