قد تتعالى بين الحين والآخر بعض الأصوات التي تطالب بالتجديد في الشعائر الحسينية، وتدعو إلى ضرورة إخراج المنبر الحسيني من حالته الحاضرة إلى وضع آخر أفضل، لتكون فائدته أكثر ومنفعته أعم.
ومن الواضح أن كلمة (التجديد) لها معنى غير محدد المعالم، ويمكن أن تحمل في طياتها كثيراً من الأمور الصحيحة وغير الصحيحة في نفس الوقت، وعلى كل من ينادي بالتجديد في الشعائر الحسينية أو المنبر الحسيني أن يضع النقاط على الحروف حتى لا يكون في كلامه أي غموض يمكن أن يساء فهمه بسببه.
ولا يخفى أن عامة الشعائر لا يمكن أن يتحقق فيها التجديد مطلقاً؛ لأن الشعائر توقيفية تتلقى من الشارع المقدس، ونتعبد بها كما وردت بلا أي تغيير أو تبديل، وليس لأحد أن يُدخل فيها ما ليس منها بأي حال من الأحوال وبأي عنوان من العناوين، وكل زيادة في أي شعيرة أو تغيير يعد بدعة محرمة في الدين.
ومن هذا البيان يتضح أن أصوات الذين ينادون بالكف ـ مثلاً ـ عن البكاء على الحسين عليه السلام لا يمكن سماعها أو الالتفات إليها مع حث الأئمة الأطهار عليهم السلام وتأكيدهم في كل مناسبة على أهمية البكاء والتباكي على الحسين عليه السلام وعظم ثوابهما.
وأما التجديد في المنبر الحسيني فلا محذور فيه إذا كان التجديد تغييراً نحو الأصلح والأنفع، فإنا مع التغيير للأفضل لا مع مجرد التجديد حتى لو كان للسيئ، فليس كل جديد حسناً، كما أنه ليس كل قديم سيئاً، فلسنا مع تسييس واقعة الطف، وإخراجها عن إطارها الديني، وتضييقها في حدود موقف سياسي لثائر من الثوار.
نعم نحن ندعو إلى التجديد في طرح واقعة الطف، والاستفادة من وسائل الإعلام الحديثة في هذا الجانب، فلا محذور في بيان حوادث عاشوراء بواسطة الأفلام السينمائية، والبرامج التلفزيونية، التي لا يخفى أنها تؤثر في شريحة واسعة جدا ومختلفة من الناس، ما لا تؤثره أية وسيلة أخرى1.
- 1. نقلا عن الموقع الرسمي لسماحة الشيخ علي ال محسن حفظه الله.