{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ(٤)}
الفتح
(كلام في الإيمان و ازدياده)
الإيمان بالشيء ليس مجرد العلم الحاصل به كما يستفاد من أمثال قوله تعالى: «إِنَّ اَلَّذِينَ اِرْتَدُّوا عَلىٰ أَدْبٰارِهِمْ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ لَهُمُ اَلْهُدَى» : سورة محمد: ٢٥، و قوله: «إِنَّ اَلَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ وَ شَاقُّوا اَلرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مٰا تَبَيَّنَ لَهُمُ اَلْهُدىٰ» : سورة محمد: ٣٢، و قوله: «وَ جَحَدُوا بِهٰا وَ اِسْتَيْقَنَتْهٰا أَنْفُسُهُمْ» : النمل: ١٤، و قوله: «وَ أَضَلَّهُ اَللّٰهُ عَلىٰ عِلْمٍ» : الجاثية: ٢٣، فالآيات كما ترى تثبت الارتداد و الكفر و الجحود و الضلال مع العلم.
فمجرد العلم بالشيء و الجزم بكونه حقا لا يكفي في حصول الإيمان و اتصاف من حصل له به، بل لا بد من الالتزام بمقتضاه و عقد القلب على مؤداه بحيث يترتب عليه آثاره العملية و لو في الجملة، فالذي حصل له العلم بأن الله تعالى إله لا إله غيره فالتزم بمقتضاه و هو عبوديته و عبادته وحده كان مؤمنا و لو علم به و لم يلتزم فلم يأت بشيء من الأعمال المظهرة للعبودية كان عالما و ليس بمؤمن
.و من هنا يظهر بطلان ما قيل: إن الإيمان هو مجرد العلم و التصديق و ذلك لما مر أن العلم ربما يجامع الكفر.
و من هنا يظهر أيضا بطلان ما قيل: إن الإيمان هو العمل، و ذلك لأن العمل يجامع النفاق فالمنافق له عمل و ربما كان ممن ظهر له الحق ظهورا علميا و لا إيمان له على أي حال.
و إذ كان الإيمان هو العلم بالشيء مع الالتزام به بحيث يترتب عليه آثاره العملية، و كل من العلم و الالتزام مما يزداد و ينقص و يشتد و يضعف كان الإيمان المؤلف منهما قابلا للزيادة و النقيصة و الشدة و الضعف فاختلاف المراتب و تفاوت الدرجات من الضروريات التي لا يشك فيها قط. هذا ما ذهب إليه الأكثر و هو الحق و يدل عليه من النقل قوله تعالى: « لِيَزْدٰادُوا إِيمٰاناً مَعَ إِيمٰانِهِمْ » و غيره من الآيات، و ما ورد من أحاديث أئمة أهل البيت (ع) الدالة على أن الإيمان ذو مراتب.
الميزان في تفسير القرآن (سيد محمد حسین طباطبائي، الجزء ١٨، الصفحة ٢٥٨)
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT