لاتوجد فرقة من فرق الاسلام تنكر الإمامة ولذا شاعت هذه الكلمة واستخدمت لكن في غير مواقعها بمايدل على تحريف مفهومها والتلاعب بمصاديقها، فلااحد يستطيع ان ينكر الامامة لأنها موجودة في القرآن الكريم وهي مرتبة عليا حصل عليها النبي ابراهيم عليه السلام في آخر مرتبة من مرحلة نبوته كما يذكر القرآن الكريم ذلك بالنص
السؤال : هل إنّ الإمامة من أصول الدين أم لا ؟ حيث أنّ التوحيد و النبوة و اضحتان بأنّهما أصل من أصول الدين ، وإنكار أحدهما كفر، بينما الإمامة غير واضحة بمثل هذه الكيفية، فهل إنكار إمامة الإمام الكاظم عليه السلام كفر مثل إنكار نبوة الرسول صلى الله عليه وآله ؟ و إذا لم تكن كفر، فهل معناه أنّ المنكر لبعض أصول الدين ليس بكافر ؟
الجواب : من سماحة الشيخ محمّد السند
الإمامة وإن كانت من أصول الدين إلا أنّه لا يحكم على منكرها بالكفر الظاهري ؛ وذلك لتطرق الشبهة في الأذهان ، نعم انكارها يوجب الكفر الأخروي ، أي بحسب باطن القلب لا بحسب ظاهر اللسان ؛{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ }(الحجرات/14).
ويدل على كونها من أصول الدين : ما قصّه القرآن من وصف إبليس في عدة سور أنّه : كافر ورجيم ، مطرود من رحمة الله ، وأنّ عليه اللعنة ، وكفر إبليس لم يكن إلا لعدم خضوعه ومتابعته لخلافة آدم عليه السلام ، والخلافة هي تملّك مقاليد الأمور من دون تجافي لقدرته تعالى في ما استخلف آدم فيه ، وإلا فإبليس كان يقرّ بتوحيد الله تعالى وبالمعاد ؛ { رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}(الحجر/36). وكان يقرّ بنبوة آدم ؛ { أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ }(الإسراء/62).{ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ }(الأعراف/20). ولكن كان منكراً لخلافة آدم عليه السلام:{ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً }(البقرة/30).
وغير ذلك من الآيات ، كآية المودّة: { قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(الشورى/23) ، فجعل تعالى مودة القربى عدل للرسالة بكل اُصولها وفروعها ، فلا تكون المودة إلا من أصول الدين كي تعادل بقية أصول الدين ومفتاح لها .
وكذلك آية الغدير:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا}(المائدة/3)، فرضا الرب بإسلام الناس ، أي بإقرارهم بالشهادتين مشروط بالولاية لعلي عليه السلام ممّا يدلل على كون ولايته على مستوى الأصول في الدين ولها مثل هذا الموقع الخطير .
السؤال : ما قولكم في من لايقول بأنّ الإمامة أصل من أصول الدين ؟
الجواب : من سماحة الشيخ محمّد السند
روى عن النبي صلى الله عليه وآله كل من الفريقين بطرق متواترة أن : « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » بألفاظ مختلفة ، ومن البين أنّ المعرفة قلبية اعتقادية ، وهذا الإمام الذي معرفته هي مدار إيمان وإلا فيموت الإنسان موتة أهل الجاهلية ، لا يكون إلا معصوماً ، والقول بإمامته من أصول الدين .
وكذلك قوله تعالى : { قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}(الشورى/23) ؛ فإن جعل أجر الرسالة كلها ، بما فيها من أصول الدين ، جعل أجر أصول الدين وفروعه مودّة آل محمّد صلوات الله عليهم ، دال على أنّ مودّتهم وولايتهم وإمامتهم من نسيج أصول الدين ؛ بمقتضى التعادل والتساوي بين المعوض والعوض والأجر ، وإلا لكان تعبير القرآن بالأجر مسامحة والعياذ بالله تعالى .
وكذلك قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا }(المائدة/3) ، « سورة المائدة ، آخر السور نزولاً » ؛ ما هو الخطب في ذلك اليوم الذي يصفه القرآن بأن الدين لم يكمل قبله ، أنّ أصول الدين لم تكمل قبله ، وأنّه تعالى لم يكن راضياً للمسلمين بالإسلام من دونه ؛ فما هو ذلك الخطب في ذلك اليوم يوم غدير خم بعد حجة الوداع ؟ ! لا يكون ما نزل في ذلك اليوم إلا من أصول الدين ، فهو الذي يتناسب مع هذا الحجم من التعظيم والخطورة التي يبرزها القرآن له ، ولذلك قال تعالى في سورة المائدة ـ آخر السور نزولاً ـ أيضاً : {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}(المائدة/67) ، فما هو هذا الأمر الذي عادل الباري تعالى بينه وبين مجموع الرسالة ، وأنّ خطورته تعدل مجموع الرسالة ، وأنّه كانت لدى النبي صلى الله عليه وآله خشية من عدم قبول الناس لتبليغه ذلك الأمر ، وأنّه تعالى جعل الجاحدين لذلك الأمر هم القوم الكافرين بالإيمان ؟ !
فترى المعأدلة في هذه الآية ، وكذلك الآية السابقة ، وكذلك آية المودة ، وكذلك الحديث النبوي في معرفة الإمام ، وكذلك حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين : « إني تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي » ؛ فإنّ المعأدلة بين الكتاب والعترة ، تقضى بأنّ إمامتهم من أصول الدين ؛ لأنّ الإيمان بالكتاب من أصول الدين ، ومن الإيمان بنبوة النبي صلى الله عليه وآله ، فكذلك أعدال الكتاب ، وغير ذلك من الأدلة الدالة على كون إمامتهم من أصول الدين ، وعلى ذلك فمن يقول بأنّ الإمامة ليست من أصول الدين ، يعني أنّ الاعتقاد بإمامتهم غير واجب وغير لازم ، أي لا يلزم نفسه بالاعتقاد بإمامتهم ، وبالتالي فيخرج نفسه من ربقة الإيمان بمقتضى الأدلة والبراهين الدينية المتقدمة ، وإن بقي على ظاهر الإسلام لا على حقيقته :{قَالَتْ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}(الحجرات/14).
“الم تسمعوا رسول الله (ص) يقول بامامة الحسن والحسين ؟ فمن لايعتقد بامامتهما فهو راد على رسول الله !!.. وكيف يقول انه مسلم من يخالف رسول الله؟
المصدر : الجوار