و وبسم الله الرحمن الرحيم
✍🏻 زكريَّا بركات
١٦ أغسطس ٢٠١٧
من الطبيعي أن ترتاح لبعض الناس، ومن الطبيعي ألَّا ترتاح لآخرين.. ولكن من المهم أن تتساءل: ما هو السبب في ارتياحي لهذا؟ وما هو السبب في عدم ارتياحي لذاك؟
المسألة مُهمَّة جداً؛ وذلك لسببين:
السبب الأول: أنَّ علينا أن نتحقق من صحة مواقفنا ـ حتى العاطفية من الناس ـ وعلى أي أساس نرتاح أو لا نرتاح.. فإن كثيراً من الخلل في العلاقات الاجتماعية ناشئ من حالات الارتياح وعدم الارتياح المبنية على الأمزجة الفاسدة والأهواء السقيمة..
السبب الثاني: أنَّنا من خلال الإجابة الصحيحة (الصادقة) عن هذا السؤال نستطيع أن نقيِّم أنفسنا أيضاً.. فالإنسان ـ بقدر تعلقه بالقيم النبيلة والأخلاق الحميدة ـ يرتاح لأصحاب تلك القيم والأخلاق، وبقدر ابتعاده عن تلك القيم والأخلاق يشعر بعدم الارتياح لأصحابها..
إننا نؤكد على الصدق في تقييم أنفسنا لأنه من المؤسف أن كثيراً من الناس يحاولون خداع أنفسهم أو خداع من حولهم حين يبررون عدم ارتياحهم لأصحاب المبادئ والقيم، أو حين يبررون ارتياحهم لأناس ضعفاء في المبادئ والقيم..
فمثلاً: الذي لا يلتزم بأحكام الشريعة المقدَّسة، لا يرتاح لمن هو ملتزم بها، ولا يحب أن يماشيه ويصادقه.. ولكنه حين يبرر موقفه هذا يذكر تبريرات غير حقيقية، كأن يقول: هو متشدد أو متعصب لذلك لا أحب أن أمشي معه..
وبهذا الأسلوب السيئ في خداع النفس أو خداع الآخرين في تبرير المواقف؛ يرتكب الإنسان إساءة جديدة؛ لأنه بهذا ـ بدلاً من أن يعترف بخطئه ويصحح موقفه ـ يقوم برمي اللائمة على الإنسان الصالح الذي لا عيب فيه، وذلك من أجل أن يبرِّئ نفسه ويكون موقفه مقبولاً لدى الناس..!
وتراه يرتاح لمن ليس من أهل التقوى والفضيلة؛ لأنه يشاركه انفلاته وذوقه وهواه.. ولكنه يبرر هذا أيضاً بتبرير مزيف آخر حيث يقول ـ مثلاً ـ : أنا أرتاح له لأنه مثقف منفتح ومتحرر وصاحب أخلاق عالية..!
وهكذا يرتكب إساءة أخرى شائنة حين يجمِّل صورة إنسان غير مستقيم.. فهو يشجعه ـ بهذا ـ على الاستمرار في مساره الخاطئ، ويشجع الآخرين على احتذاء نموذجه..!
وهكذا تجرنا الأخطاء إلى أخطاء أخرى.. وخطوات الشيطان مسارٌ يلزم أن نحذر منه..
نسأل الله أن يرزقنا البصيرة؛ لكي نكتشف عيوبنا، ويرزقنا الإرادة والعزيمة لنعالجها، وأن يجعل قلوبنا محبة لما يحبه ولمن يحبهم، مبغضة لما يبغضه ولمن يبغضهم..
والله ولي التوفيق.