بتاريخ 19 فبراير/ شباط 2012 نشر الكاتب طارق إبراهيم مقالاً في صحيفة «الوطن» السعودية تحت عنوان «30 مبتعثاًَ يعتنقون النصرانية». وكانت افتتاحية المقال هي «في خطبة يوم الجمعة الماضي، في جامع الحي الذي أقطن فيه، تحدث الإمام قائلاً إن من أسباب تفشي الإلحاد بين شبابنا أمرين.
الأول يكمن في ابتعاث الطلبة للخارج والثاني في توفر أجهزة الجوال و(النت) وبالتالي إطلاعهم على ما يكتب في شبكات التواصل الاجتماعي الجديدة، وهم في الحالتين غير محصنين لمواجهة ما يقال لهم أو ما يقرؤونه ويشاهدونه.
وأضاف الإمام أن لديه من الحقائق والمعلومات المثبتة والمسجلة ما يفيد بدخول ثلاثين مبتعثاً في الدين النصراني».
تكذيب الرقم المذكور أو التشكيك فيه لا يبدل الحال، ولا يوجد وقاية تمنع من تسرب الأفكار والمعتقدات إلى أذهان الشباب لا في الغرب ولا في بلادنا الإسلامية كما أن تصديق الرقم والقبول به يجب أن لا يوجد حالة من الاستسلام لهذا التحدي، مع تحفظي على تحليل الخطيب من حيث الضحالة والسطحية.
ربما يكون سبب الحديث بصوت مرتفع هو أن أولئك وغيرهم قد اعتنقوا النصرانية، وإلا فهناك أعداد غير قليلة من الشباب الذين ليس لهم من الدين إلا الاسم، أما الفكر والهوى والسلوك فهو في وادٍ آخر، وهؤلاء بيننا، ليسوا في البعثات الدراسية، وليسوا بعيدين عن تأثيرنا وأفكارنا.
لابد أن نقلع عن التفكير الذي استرسلنا فيه عن هؤلاء الشباب وغيرهم، فالحديث دائماً عن ماذا قلنا لهم؟ وماذا سمعوا من غيرنا؟ هو حديث يرجع إلى عصر انقرض وولى.
شبابنا لا ينتظرون ماذا نقول لهم فحسب، ولا يسمعون لما يقوله الآخرون لهم، ولو كان الاعتماد في هذا الزمن على القول لما بقي أحد على وجه المعمورة إلا وكان الإسلام وجهته.
إن الذي يجتذب بعض شبابنا اليوم إلى تلك الأقوام، وإلى كل ما عندها من سلوك وأخلاق وأفكار ومعتقدات، هو ما يشاهده من نتاجها وتقدمها وخدمتها للإنسان في شتى مجالات الحياة.
الإجلال والاحترام الذي يهيمن على الشاب لتلك المجتمعات بغثها وسمينها وهو يقود تلك السيارة الفارهة ويتمتع بجهاز الاتصال – الجوال – المتطور ويستمتع في حياته بعد الله بفضل ما قدمه أولئك للبشرية جمعاء يوجد في نفسه انبهاراً كبيراً، قد يقود البعض إلى قناعات فكرية وعقدية غير متوقعة.
الحديث الشريف القائل: «كونوا دعاة لنا بغير ألسنتكم» ليس كما يتصوره البعض محصوراً في السلوك والأخلاقيات، أي كونوا بأخلاقكم جاذبين ومبهرين للناس كي يسألوا ما الذي حفزهم على هذا السلوك وتلك الأخلاقيات؟ ومن خلال ذلك يقبلون ما تقولونه وتبشرون به، بل هو يشمل ذلك ويتعداه إلى ما ننتج ونفيد.
إن ارتفاع أو هبوط قيمتنا في نفوس بعض أبنائنا ونظرتهم لنا كمجتمعات لها أفكارها وتصوراتها وعقائدها يرتبط ارتباطاً وثيقاً بما نحسن وننتج، كما جاء في الحديث «قيمة كل امرئ ما يحسنه».
وإذا كان الأنبياء في كل زمان ومكان جاءوا بما يبهر الناس ويسبق العصر وتحدوا الآخرين به، فإنهم أرادوا تأكيد معادلة مفادها أن أقوى وسائل الدعوة والتبليغ هي أن تكون الأفضل والأحسن والأكثر إنتاجاً وقوة في كل عصر وكل زمان ومكان.
شبابنا في الغرب لا تؤثر فيهم الخطب والمواعظ والمحاضرات من الآخرين، فالآخرون بعيدون عن هذا الأسلوب الخاص بنا، إن كل شاب يتجول هناك سيرى ويسمع كل الأشياء تدعوه لثقافتها وأفكارها من ناطحات السحاب الشاهقة إلى ولاعة الدخان التي في يده، ومروراً بكل ما أنتجته تلك العقول، ولاشك أن البعض سيستجيب خصوصاً إذا نظر إلى تخلفنا1.
- 1. الشيخ محمد الصفار * صحيفة الوسط البحرينية 28 / 2 / 2012م – 11:50 ص