روي بطرق عدّة أنّ النبي المصطفى صلّى الله عليه وآله قد بشّر جابر بن عبد الله الأنصاري بأنّه يدرك زمان الباقر عليه السلام ، وسمّاه له ولقّبه ، وذكر بأنّه يبقر العلم بقراً ، وأنّ الله يهب له النور والحكمة ، وأبلغه سلامه.
روى الطبري عن أبان بن تغلب ، عن أبي جعفر عليه السلام ، قال : « جاءني جابر ابن عبد الله وأنا في الكتّاب ، فقال لي : اكشف لي عن بطنك ، فكشفت له عن بطني فقبّله ، ثمّ قال : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أمرني أن أقرئك السلام » (۱).
وروى جابر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، قال : « يا جابر ، يوشك أن تبقى حتّى تلقى ولداً من ولدي ، يقال له محمّد بن علي بن الحسين ، يبقر العلم بقراً ، فإذا رأيته فاقرأه منّي السلام ». قال جابر رضي الله عنه : فأخّر الله تعالى مدّتي حتّى رأيت الباقر ، فأقرأته السلام عن جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله ».
وروى المديني عن جابر ، أنّه قال للباقر عليه السلام وهو صغير : رسول الله صلّى الله عليه وآله يسلّم عليك ، فقيل له : وكيف ذاك ؟ قال : كنت جالساً عنده والحسين في حجره ، وهو يداعبه ، فقال : « يا جابر ، يولد له مولود اسمه علي ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد : ليقم سيّد العابدين ، فيقوم ولده ، ثمّ يولد له ولد اسمه محمّد ، فإن أدركته يا جابر ، فأقرئه منّي السلام ».
وفي بعض الأحاديث : وإن لقيته فاعلم أنّ بقاءك بعده قليل ، فلم يعش جابر رضي الله عنه بعد ذلك إلّا قليلاً (۲) ، وذلك من أعلام النبوّة.
وقالوا في معنى يبقر العلم بقراً الواردة في حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله : أيّ يفجّره تفجيراً ، ويظهره إظهاراً.
ونقل في بعض الأحاديث أنّ آباء الباقر عليهم السلام قد أبلغوه سلام جدّه رسول الله صلّى الله عليه وآله أيضاً ، ففي وصيّة أمير المؤمنين علي إلى ولده الحسن عليهما السلام : أنّه أخذ بيد علي بن الحسين ، وقال : « وأمرك رسول الله صلّى الله عليه وآله أن تدفعها إلى ابنك محمّد بن علي ، فأقرئه من رسول الله ومنّي السلام » (۳).
وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام : « أجلسني جدّي الحسين بن علي في حجره ، وقال لي : رسول الله صلّى الله عليه وآله يقرئك السلام. وقال لي علي بن الحسين : أجلسني علي بن أبي طالب في حجره ، وقال لي : رسول الله صلّى الله عليه وآله يقرئك السلام » (٤).
وفي حديث عن أمير المؤمنين علي عليه السلام عن رسول الله صلّى الله عليه وآله : أنّه أقبل على الحسين عليه السلام ، فقال : « سيولد محمّد بن عليّ في حياتك ، فأقرئه منّي السلام » (٥).
الهوامش
۱. المنتخب من ذيل المذيل / الطبري : ١٢٩ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٧٥.
۲. هذا الحديث مروي بطرق وألفاظ متعدّدة ، قال ابن شهرآشوب : حديث جابر مشهور معروف ، رواه فقهاء المدينة والعراق كلّهم ، وقد أخبرني جدّي شهرآشوب وابن كيابكي الحسيني بطرق كثيرة عن سعيد بن المسيب ، وسليمان الأعمش ، وأبان ابن تغلب ، ومحمّد بن مسلم ، وزرارة بن أعين ، وأبي خالد الكابلي ، ثمّ روى الحديث. راجع : تاريخ أهل البيت عليهم السلام : ٨٠ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠ ، الكافي ١ : ٤٦٩ ، معاني الأخبار : ٢٨٠ ، عيون الأخبار / الدينوري ١ : ٢١٢ ، الإرشاد ٢ : ١٥٨ ، الإختصاص : ٦٢ ، رجال الكشي : ٤١ / ٨٨ ، الأمالي / الطوسي : ٦٣٦ / ١٣١٤ / ١٦ ، دلائل الإمامة : ٢١٨ ، الهداية : ٢٣٧ ، روضة الواعظين : ٢٠٢ و ٢٠٦ ، تذكرة الخواص : ٣٤٧ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٧٦ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٧ ، مطالب السؤول : ٨١ ، الصواعق المحرقة : ١٢٠ ، كشف الغمة ٢ : ٣٣٠ و ٣٤٩ ، الكامل / ابن عدي : ٦ / ٢٤٠ ، تاريخ مواليد الأئمّة عليهم السلام / ابن الخشاب : ٢٦ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٤ ، إعلام الورى ١ : ٥٠٥ ، لسان الميزان ٥ : ١٦٨ ، نور الأبصار : ١٤٣ ، عمدة الطالب : ١٩٤ ، مجمع الزوائد ١٠ : ٢٢ ، سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب / السويدي : ٣٢٩ وغيرها كثير.
۳. كتاب سليم : ٤٤٤ ، الكافي ١ : ٢٩٧ ، التهذيب ٩ : ١٧٦ / ٧١٤.
٤. تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٧٥ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٤.
٥. الغيبة / النعماني : ٨٠ / ١٠.
مقتبس من كتاب : [ الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام سيرة وتاريخ ] / الصفحة : ٦۱ ـ ٦۳