
بسم الله الرحمن الرحيم
هناك أمران واجه بهما الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) أبا بكرٍ فيما يرتبط بموضوع الخلافة:
الأمر الأوّل: أنَّ الإمامَ عليًّا (عليه السلام) هو صاحب الحقِّ في خلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
الأمر الثاني: أنَّ أبا بكر ومن معه حرموا الإمامَ عليًّا (عليه السلام) من حقِّه بالاستبداد الذي مارسوه.
وفيما يلي نستعرض العبارة التي قالها الإمام عليٌّ (عليه السلام) لأبي بكر، وهي تتضمن التصريح بالأمرين المذكورين، وذلك من رواية البخاري ومسلم في “صحيحيهما” وعبد الرزاق بن همام الصنعاني في “مُصنَّفه”:
1 ـ “لكنَّك استبددت علينا بالأمر؛ وكنَّا نرى لقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نصيباً”. “صحيح البخاري” 4 : 1549 برقم 3998 .
2 ـ “لكنَّك استبددت علينا بالأمر؛ وكنَّا نرى لنا حقًّا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم”. “صحيح مسلم” 3 : 1380 برقم 1759 .
3 ـ “لكنَّا نرى أنَّ لنا في هذا الأمر حقًّا، فاستبددتم به علينا”. “المصنف لعبد الرزاق الصنعاني” 5 : 471 برقم 9774 .
فإن كان الأمرُ كذلك؛ فما الذي دفع الإمام علياً (عليه السلام) للمبايعة بعد وفاة السيدة فاطمة (عليها السلام) ؟ هل كان نادماً يريد التراجع عن خطئه؟ أم كان مضطراً بسبب الضغط الاجتماعي الذي واجهه؟
فلنرجع إلى صحيحي البخاري ومسلم ومصنف عبد الرزاق؛ لنقرأ الجواب الواضح:
1 ـ “كان لعليٍّ من الناس وجه حياةَ فاطمة، فلمَّا تُوفِّيت استنكر عليٌّ وجوه الناس، فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته”. “صحيح البخاري” 4 : 1549 برقم 3998 .
2 ـ “كان لعليٍّ من الناس وجهة حياة فاطمة، فلمَّا تُوفِّيت استنكر عليٌّ وجوه الناس، فالتمس مُصالحة أبي بكر ومبايعته”. “صحيح مسلم” 3 : 1380 برقم 1759 .
3 ـ “كان لعليِّ من الناس حياةَ فاطمة حُظوةٌ، فلمَّا تُوفِّيت فاطمةُ انصرفتْ وجوهُ الناس عنه….. فلمَّا رأى عليٌّ انصرافَ وجوه الناس عنه، أسرع إلى مُصالحة أبي بكر”. المصنَّف لعبد الرزاق الصنعاني 5 : 471 برقم 9774 .
أقول: معنى ذلك أنَّ الناس لو لم يتغيَّروا ولم يُسيئوا معاملة الإمام عليٍّ (عليه السلام) ، لما بايعَ أبابكر أبداً ولا صالحه.
وهناك أحاديث كثيرة مروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تشير إلى هذه الأحداث؛ نذكر منها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ :
ـ أ ـ في «المستدرك على الصحيحين» 3 : 150 ، عن الإمام عليٍّ (عليه السلام) قـال: «إنَّ ممَّا عَهِدَ إليَّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنَّ الأمَّة ستغدر بي بعده». قال الحاكم: «هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه». وقال الذهبي في «التلخيص»: «صحيح».
ـ ب ـ في «المستدرك على الصحيحين» 3 : 153 ، من طريق أخرى، عن الإمام عليٍّ (عليه السـلام) ، قـال: قال لي رسول الله (صلى الله عليـه وآله وسلم) : «إنَّ الأمَّة ستغدر بك بعدي وأنت تعيش على ملَّتي وتُقتل على سُنَّتـي، مَن أحبَّك أحبَّـني ومن أبغضك أبغضني، وإنَّ هذه ستُخضب من هذا» يعني لحيته من رأسه. قال الحاكم: «صحيح»، وقال الحافظ الذهبي في «التلخيص» : «صحيح».
ـ جـ ـ في «المستدرك على الصحيحين» 3 : 151 ، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال للإمام عليٍّ (عليه السلام) : «أما إنَّك ستلقى بعدي جُهداً». قال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه»، ووافقه الحافظ الذهبي في «التلخيص»، وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنَّف» 7 : 503 .
ـ د ـ عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال للإمام عليٍّ (عليه السلام) : «ضغائن في صدور أقوام، لا يبدونَها لك إلاَّ من بعدي». أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (1/427) ، والطبراني في «المعجم الكبير» (11/61) ، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (42/322) .
ـ هـ ـ في كتاب «الخصال» للصدوق (2/440) بسند صحيح عن الإمام عليٍّ (عليه السلام) أنه قال: «حَكَمَ الله بيني وبين هذه الأمَّة؛ قطعوا رحمي، وأضاعوا أيَّامي، ودفعوا حقِّي، وصغَّروا عظيمَ منزلتي، وأجمعوا على مُنازعتي».
إلى غير ذلك من النصوص المتواترة التي لا نذكرها توخِّياً للاختصار.
والله يهدي أهلَ التقوى إلى اكتشاف المزيد من الحقائق المرتبطة بالموضوع.. والله وليُّ التوفيق.
والحمد لله أوّلاً وآخراً.