روى الخطيب في تاريخ بغداد : ۱۳ / ۳۲ : « حجّ هارون هارون ، فأتى قبر النبي (ص) زائراً له ، وحوله قريش وأفياء القبائل ، ومعه موسى بن جعفر ، فلمّا انتهى إلى القبر قال : السلام عليك يا رسول الله ، يا ابن عمّي ، افتخاراً على من حوله ! فدنا موسى بن جعفر فقال : السلام عليك يا أبت ! فتغيّر وجه هارون وقال : هذا الفخر يا أبا الحسن حقّاً » وتهذيب الكمال : ۲۹ / ٤۹ ، وابن خلكان في وفيات الأعيان : ٥ / ۳۰۸ ، وابن الأثير في الكامل : ٦ / ۱٦۳ ، والذهبي في سير أعلام النبلاء : ٦ / ۲۷۳.
وعلّق عليه الذهبي في تاريخه : ۱۲ / ٤۱۷ : « ولعلّ هارون ما حبسه إلّا لقولته تلك : السلام عليك يا أبَهْ ! فإن الخلفاء لا يحتملون مثل هذا » !
وقال ابن كثير في النهاية : ۱۰ / ۱۹۷ : « فقال هارون : هذا هو الفخر يا أبا الحسن ! ثمّ لم يزل ذلك في نفسه حتّى استدعاه في سنة تسع وسبعين وسجنه فأطال سجنه ، فكتب إليه موسى رسالة يقول فيها : أمّا بعد يا أمير المؤمنين إنّه لم ينقض عنّي يوم من البلاء إلّا انقضى عنك يوم من الرخاء ، حتّى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون ».
ورواه من مصادرنا الكافي : ٤ / ٥٥۳ : « عن علي بن حسان ، عن بعض أصحابنا قال : حضرت أبا الحسن الأوّل عليه السلام وهارون الخليفة وعيسى بن جعفر وجعفر بن يحيى بالمدينة ، قد جاؤوا إلى قبر النبي صلّى الله عليه وآله فقال هارون لأبي الحسن عليه السلام : تقدّم فأبى فتقدّم هارون فسلّم وقام ناحية ، وقال عيسى بن جعفر لأبي الحسن : تقدّم فأبى ، فتقدّم عيسى فسلّم ووقف مع هارون ، فقال : جعفر لأبي الحسن : تقدّم فأبى ، فتقدّم جعفر فسلّم ووقف مع هارون. وتقدّم أبو الحسن عليه السلام فقال : السلام عليك يا أبه ، أسأل الله الذي اصطفاك واجتباك وهداك وهدى بك ، أن يصلّي عليك. فقال هارون لعيسى : سمعت ما قال ؟ قال : نعم ، فقال هارون : أشهد أنّه أبوه حقّاً ». وكامل الزيارات / ٥٥ ، وتهذيب الأحكام : ٦ / ٦.
أقول : نلاحظ أن الإمام الكاظم عليه السلام احترم عيسى بن جعفر وكان والي البصرة كما احترم جعفر بن يحيى البرمكي رئيس وزراء هارون ، وقدمهما على نفسه ليسلما على النبي صلّى الله عليه وآله قبله. ثمّ تقدم وقال : السلام عليك يا أبهْ ، يقول بذلك للعباسيّين أنتم تدعون الحقّ بالخلافة لأنّكم أبناء عمّ النبي صلى الله عليه وآله بينما نحن أبناؤه !
أمّا قول هارون : « أشهد أنّه أبوه حقّاً » ! فلأنّه كان ناقش الإمام عليه السلام عندما حبسه في أوّل خلافته وأثبت له أنّ أبناء فاطمة عليها السلام أبناء النبي صلّى الله عليه وآله بنصّ القرآن !
مقتبس من كتاب : [ الإمام الكاظم عليه السلام سيّد بغداد ] / الصفحة : ۲۰۱ ـ ۲۰۲