نص الشبهة:
- نحن الشيعة نعتقد بأن الإمامة أعلى مرتبة من النبوة, فهل كل الأئمة أعلى من جميع الرسل ما عدا رسولنا الأكرم؟
- كيف تسنى لأئمة أهل البيت الحصول على الإمامة دون النبوة؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين . .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . . وبعد . .
بالنسبة للسؤال الأول نقول:
إن مراتب النبوة والأنبياء تختلف وتتفاوت، فهناك أنبياء لأنفسهم، أو لأحيائهم، وهناك مرتبة أولي العزم من الأنبياء، وأعلى مراتب النبوات مرتبة النبوة الخاتمة، وأفضل الأنبياء هو النبي الخاتم صلى الله عليه وآله ..
وكذلك الحال بالنسبة للإمامة، فإن لها مراتب، وقد كانت للنبي إبراهيم عليه السلام مرتبة منها، نالها بعد أن مضت عشرات السنين من نيله لمقام النبوة والرسولية، وكونه من أولي العزم، وبعد أن بلغ من الكبر عتياً، وذلك بعد حصوله على الذرية، قال تعالى: ﴿ وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ 1.
وقد تحدثنا عن هذا الأمر في كتابنا : «مقالات ودراسات» . .
ولكن مقام الإمامة المرتبط بالنبوة الخاتمة يبقى هو الأعظم فضلاً وشرفاً .. وقد وردت أخبار صريحة في أن الأئمة الطاهرين أفضل من الأنبياء ما عدا نبينا الأكرم صلى الله عليه وآله ..
هذا، وقد قال الشيخ المفيد:
«قطع قوم من أهل الإمامة بفضل الأئمة من آل محمد على سائر من تقدم من الأنبياء ، سوى محمد صلى الله عليه وآله».
ثم ذكر قولين آخرين، ثم قال:
«وقد جاءت آثار عن النبي صلى الله عليه وآله في أمير المؤمنين وذريته من الأئمة، والأخبار عن الأئمة الصادقين من بعد، وفي القرآن مواضع، تقوي العزم على ما قاله الفريق الأول في هذا المعنى» 2 .
وأما بالنسبة للإجابة عن السؤال الثاني فإننا نقول:
ليست الإمامة متوقفة على النبوة ليقال: كيف وصلوا إليها وهم ليسوا أنبياء ..
بل الإمامة مقام مستقل، قد يعطيه الله سبحانه لمن ليس بنبي، وقد يعطيه للأنبياء أيضاً، وذلك لاختلاف الحيثيات التي توجب إعطاء هذا المقام، وذاك المقام ..
فمثلاً إذا كان هناك إنسان له بصر بالطب، فإنه يعطى امتيازات الأطباء، وتسبغ عليه الألقاب المناسبة لهذا الاختصاص .. فإذا انضم إلى ذلك معرفته بعلم الفقه أو الكلام، فإنه يستحق أيضاً الامتيازات والألقاب المناسبة لهذا الاختصاص أيضاً ..
وبما أن لعلم الفقه أو الكلام خصوصية، تجعله أعظم وأشرف، فإن لصاحبه نصيب من هذا الشرف أيضاً، ويصبح موضع احترام وتبجيل وتكريم من أجل ذلك ..
وهكذا الحال بالنسبة للإمامة والنبوة ..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 3 . .
- 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 124، الصفحة: 19.
- 2. أوائل المقالات ص 71 .
- 3. مختصر مفيد . . (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة السابعة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1423 ـ 2002 ، السؤال (367 و 368) .