مقالات

الإسلام…

الدين الإسلامي عقيدة و شريعة هو الدين الذي إرتضاه رب العالمين لعباده بإعتباره المنهج الإلهي الكامل و الأتم 1 ليكون نهجاً واضحاً و مسلكاً سهلاً يسلك بهم إلى الصراط المستقيم المؤدي إلى مرضاة الله، فأرشد عباده إلى إختيار الإسلام و دعاهم لإتباعه و الالتزام بتعاليمه و نهاهم عن إتباع سائر الأديان و المذاهب و السُبل فقال سبحانه: ﴿ وَأَنَّ هَٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ 2، كل ذلك حتى لا يضل الناس و لا يتيهوا و لا يترددوا ابداً في معرفة الحق.

لا دين مقبول عند الله سوى الاسلام

لقد نهى الله جل جلاله عن التفرق عن سبيله الوحيد و صراطه المستقيم الذي هو دين الإسلام، بل و صرح في كتابه بأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يقبله و أنه سوف لا يقبل غيره أبداً بكل تأكيد فقال عَزَّ و جَلَّ: ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ 3، إذن فلا دين إلا ما أتى به الرسول المصطفى محمد صلى الله عليه و آله.

الاسلام دين واحد لا مذاهب فيه

لا شك في أن الدين الإسلامي الذي إرتضاه الله و لم و لن يرتضِ غيره هو دين واحد و حقيقة واحدة فلا يمكن أن تكون هذه الحقيقة الواحدة متعددة،  فتعدد المذاهب و إختلافها في بعض الأصول و الفروع هو دليل على خطئها و أنها لا تمثل الإسلام الخالص الذي أنزله الله على نبيه الكريم، حيث أن النبي المصطفى صلى الله عليه و آله لم يأت إلا بدين واحد و عقيدة واحدة و شريعة واحدة، فلا مجال لتصحيح المذاهب المتعددة التي خرجت بعد إرتحال النبي صلى الله عليه و آله، بل بعد مضي فترة طويلة على وفاته.

اين الدين الاسلامي الخالص إذن؟

و الآن فمن الطبيعي أن يتساءل المسلم الغيور و يقول: أين ذلك الدين الخالص و الإسلام الحقيقي الذي أتى به الرسول صلى الله عليه و آله حتى نتبعه و ندين به فنكون مسلمين حقاً؟
الجواب: لقد أرشدنا الرسول المصطفى صلى الله عليه و آله الى هذا الدين و أخبرنا عن محل وجوده و بيَّن لنا كيفية التمسك به بكل وضوح و صراحة في أحاديث كثيرة مُجمع على صحتها لدى كل المذاهب الاسلامية، فمن أراد الاسلام الخالص عن الشوائب و الزوائد و الخالي عن النواقص فعليه أن يعمل بما أمر رسول الله صلى الله عليه و آله في حديثه، و الحديث كالتالي:
جاء في صحيح مسلم عن زيد بن أرقم أنه قال: قام رسول الله (صلَّى الله عليه و آله) يوماً فينا خطيباً بماء يدعى خُماً بين مكة و المدينة، فحمد الله تعالى و أثنى عليه، و وعظ و ذكَّر، ثم قال: “أما بعد، ألا أيها الناس، فإنّما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، و أنا تارك فيكم ثقلين، أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به ” فحَثَّ على كتاب الله و رغَّبَ فيه، ثم قال: “و أهل بيتي، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي، أذكِّرَكُمُ الله في أهل بيتي ” 4، فالإسلام الخالص كما بيّنه لنا و أمرنا بإتباعه هو اسلام القرآن الكريم زائداً اسلام أهل بيت النبي المصطفى صلى الله عليه و آله دون أدنى شك.
و عن أبي سعيد الخُدْري، عن النبي (صلَّى الله عليه و آله)، قال: ” إنّي أُوشكُ أن أُدعى فأُجيب، و إني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين، كتابَ اللهِ عَزَّ و جَلَّ، و عِتْرَتي، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أَهْلُ بيتي، و إن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما ” 5.

من هم اهل بيت النبي؟

في مسند أحمد بن حنبل، عن أم سلمة أن النبي (صلَّى الله عليه و آله) كان في بيتها فأتت فاطمة ببرمة 6 فيها خزيرة 7 فدخلَتْ بها عليه.
فقال لها: ” إدعي زوجك و ابنيك “.
قالت: فجاء علي و الحسن و الحسين فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة 8 و هو على منامة 9 له على دكان 10 تحته كساء 11 خيبري 12 ـ قالت ـ و أنا أصلي في الحجرة، فأنزل الله عَزَّ و جَلَّ هذه الآية: ﴿ … إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ 13.
قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها السماء ثم قال: ” اللهم إن هؤلاء أهلُ بيتي و خاصتي فأًذهِب عنهم الرجسَ، و طَهِّرهم تطهيراً، اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فأذهِب عنهم الرجسَ و طَهِّرهُم تطهيراً.
قالت: فأدخلتُ رأسي البيت فقلت: و أنا معكم يا رسول الله؟
قال: ” إنك إلى خير إنك إلى خير ” 14.
فمن أراد الاسلام كما أنزله الله على نبيه صلى الله عليه و آله فهو عند عترة النبي و أهل بيته عليهم السلام بصريح قول النبي المصطفى صلى الله عليه و آله الذي لا ينطق عن الهوى.

  • 1. قال الله عَزَّ و جَلَّ: ﴿ … الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا … ﴾ سورة المائدة (5)، الآية: 3.
  • 2. القران الكريم: سورة الأنعام (6)، الآية: 153، الصفحة: 149.
  • 3. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 85، الصفحة: 61.
  • 4. صحيح مسلم: 4/1873، برقم 2408، طبعة عبد الباقي، و أيضا طبعة: دار احياء التراث العربي، و دار القلم، بيروت / لبنان.
  • 5. مسند أحمد: حديث: 10707، و في هامش الكتاب الموجود على c.d الحديث الشريف، الثقلين: المراد كتاب الله و أهل بيت الرسول، عترتي: أهل بيتي، و يراجع الحديث في صحيح مسلم، إذ أخرجه في: 4 / 1873، عن زيد بن أرقم.
  • 6. البُرمة: قِدْرٌ عَميقٌ مِنَ الحِجارَةِ أَوِ النُّحاسِ.
  • 7. الخَزِيرَة: حساء من لحم و دقيق.
  • 8. الخَزِيْرَة‏: هي ما يتخذ من الدقيق على هيئة العصيدة لكنه أرق منها، قاله الطبري ‏.
    و قال ابن فارس‏: ‏ دقيق يخلط بشحم‏.‏
    و قال القتبي و تبعه الجوهري‏: ‏ الخَزِيْرَة أن يؤخذ اللحم فيقطع صغارا و يصب عليه ماء كثيرا فإذا نضج ذُرَّ عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة، و قيل مرق يصفى من بلالة النخالة ثم يطبخ، و قيل حساء من دقيق و دسم‏.‏
  • 9. المنامة: ثوب يُنام فيه.
  • 10. الدكان: الدكة.
  • 11. الكساء بالكسر و المد، ما يُكتسى به، و الجمع أكسية.
  • 12. نسبة إلى خَيْبَر، و خَيْبَر بلدة معروفة قريبة من المدينة المشرفة.
  • 13. القران الكريم: سورة الأحزاب (33)، الآية: 33، الصفحة: 422.
  • 14. مسند احمد بن حنبل: 6 / 292، طبعة: بيروت.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى