أصبح الحسين (عليه السلام) عبأ اصحابه بعد صلاة الغداة وكان معه اثنان وثلاثون فارسا وأربعون راجلا، فجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه، وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه، واعطى رايته العباس أخاه، وجعلوا البيوت في ظهور هم وأمر بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كان قد حفر هناك، وأن يحرق بالنار مخافة ان يأتوهم من ورائهم. واصبح عمر بن سعد في ذلك اليوم وهو يوم الجمعة، وقيل: يوم السبت، فعبأ أصحابه وخرج فيمن معه من الناس نحو الحسين (عليه السلام)، وكان على ميمنته عمرو بن الحجاج، وعلى ميسرته شمر بن ذي الجوشن، وعلى الخيل عروة بن قيس، وعلى الرجالة شبث بن ربعى، وأعطى الراية دريد مولاه.
فروى عن علي بن الحسين (عليهما السلام) انه قال لما اصبحت الخيل تقبل على الحسين (عليه السلام) رفع يديه وقال: ” اللهم أنت ثقتي في كل كرب، وأنت رجائي في كل شدة، وانت لى في كل أمر نزل بى ثقة وعدة، كم من هم يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة، ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو أنزلته بك وشكوته اليك رغبة منى اليك عمن سواك ففرجته عنى وكشفته، فأنت ولى كل نعمة، وصاحب كل حسنة ومنتهى كل رغبة “. قال وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين (عليه السلام) فيرون الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان ألقى فيه، فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته: ياحسين أتعجلت النار قبل يوم القيامة:
فقال الحسين (عليه السلام): من هذا كأنه شمر بن ذي الجوشن؟ فقالوا له: نعم، فقال له: يا بن راعية المعزى أنت أولى بها صليا.
ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه لحسين (عليه السلام) من ذلك، فقال له: دعني حتى أرميه فانه الفاسق من أعداء الله، وعظماء الجبارين وقد أمكن الله منه، فقال له الحسين (عليه السلام): لا ترمه فاني أكره ان أبدأهم.