اعتراف أبوبکر و عمر أکثر من مرّة إنّهما ليسا بمأمن عن الخطأ و حصن عن الخطيئة.
<img alt="يقول أبوبکر في إحدي خطبه: “أيّها الناس إني لم أجعل لهذا المکان أن أکون خيرکم و لوددت أن بعضکم کفانيه و لئن أخذتموني بما کان الله يقيم به رسوله من الوحي ما کان ذلک عندي و ما أنا إلّا کأحدکم فإذا رأيتموني قد استقمت فاتبعوني، و ان زغت فقوّمونِ و اعلموا ان لي شيطاناً يعتريني أحياناً فإذا رأيتموني غضبت فاجتنبوني”1.
و قال في مناسبة اخرى: “أيها الناس قد وليت عليکم و لست بخيرکم، فإن أحسنت فأعينوني، و إن أسأت فقوّموني”2.
وقال معاوية لأبي هريرة: “لست أزعم اني أولي بهذا الأمر من علي”3.
أجل لقدکان هناك اتجاه عام حول خلافة رسول الله في الحکم فقط، أي في الجانب السياسي لا غير، و لهذا لم يثيروا أبداً شروطا ً ذاتية في شخص الخليفة باستثناء بعض المواصفات التي لاتنطوي علي دلالة عميقة، مثل الهجرة والمنصرة والسن، مع أن موضوعا کهذا ينبغي أن يکون حساساً للغاية. فالذي يريد أن ينهض بمسؤوليات النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) بعد رحيله ينبغي أن يکون امتدادا ً له في أبعاده الشخصية و قابلياته الذاتية.
وهذه کتب السيرة التي تحدّثنا عن بعض الزعامات الذين عرضوا على سيّدنا محّمد (صلى الله عليه و آله و سلم)حمايته و الدفاع عن دعوته شريطة أن يورثهم سلطانه، و کان النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) يجيبهم ان ذلک ليس من صلاحيته.
عن الزهري قال: أتى رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) بني عامر فدعاهم إلي الله و عرض عليهم نفسه، فقال له رجل منهم: أرأيت ان نحن تابعناك فأظهرك الله علي من خالفک أيکون لنا الأمر بعدك؟ قال النبي (صلى الله عليه و آله و سلم): الأمر لله يضعه حيث يشاء. قال الرجل: أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا ظهرت کان الأمر لغيرنا4؟
وهکذا نجد کلمة الأمر متدأولة منذ فجر الدعوة و حتي حوادث السقيفة و بعده5.
- 1. الامامة و السياسة: ج1 ص16.
- 2. تاريخ الطبري: ج 3ص 224.
- 3. الامامة و السياسة: ج 1ص108.
- 4. تاريخ الطبري، ج2، ص 350 – سيرة ابن هشام، ج 2، ص66.
- 5. من کتاب دراسة عامة في الامامة.