نص الشبهة:
إن الجريمة التي اقترفها الصحابة عند الشيعة هي انحرافهم عن ولاية علي «رضي الله عنه» كما يدَّعون، وعدم التسليم له بالخلافة، فتصرفهم هذا أسقط عدالتهم عند الشيعة. فما بالهم لم يفعلوا مثل ذلك مع الفِرَق الشيعية الأخرى، الذين أنكروا بعض أئمتهم كـ«الفطحية» و«الواقفة» وغيرهم؟! بل تجدهم يحتجون برجالهم ويعدلونهم! فلماذا هذا التناقض؟!
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
تقدم نفس هذا السؤال، وقد أجبنا عنه.. ونعود، فنقول:
أولاً: إن الذين صرفوا الأمر عن أبي الحسن «عليه السلام» هم فريق بعينه، وهم الفريق الأقل عدداً في الصحابة، ولكن نفوذهم كان قوياً، وكانت هيمنتهم طاغية.. وإذا نظرنا إلى من عدا هؤلاء، فسنجد أنهم إما لم يتابعوهم على ذلك، بل كانوا إلى جانب علي «عليه السلام» وهم بنو هاشم وكثير غيرهم..
وإما لم يجرؤا على المخالفة، خوفاً من البطش والأذى.
وإما لم يكونوا أصحاب قرار، بل كانوا من عامة الناس الذين لا يعنيهم هذا الشأن كثيراً، وهم الأكثر عدداً.
فما معنى إسقاط عدالة جميع الصحابة من أجل ما فعله فريق بعينه؟!
ثانياً: إن الاحتجاج برجال هذه الطائفة أو تلك في التصحيح والتضعيف للروايات، لا يحتاج إلى الحكم بعدالة أولئك الرجال، بل يحتاج إلى ثبوت وثاقتهم في النقل، وعدم كذبهم فيه. وهذا الأمر كما يوجد في الفطحية والواقفة، فإنه يوجد في غيرهم من سائر الفرق الإسلامية. والتعديل شيء، والتوثيق شيء آخر..
من أجل ذلك وجدنا: أن الشيعة يأخذون بخبر الثقة، سواء أكان فطحياً، أو واقفياً، أو حنفياً، أو حنبلياً، أو معتزلياً، أو أشعرياً. وتلك هي كتبهم الرجالية تشهد بذلك أيضاً.. فلماذا اقتصر السائل على الثقات من هذه الفرقة دون تلك..
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 1.
- 1. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)، السيد جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1431 هـ . ـ 2010 م، الجزء الرابع، السؤال رقم (186).