المعروف أن الامام الحسين عليه السلام لدى خروجه من المدينة 1 متوجهاً إلى مكة كان قد احرم لعمرة التمتع ثم عدل عنها إلى العمرة المفردة لعلمه بأنّه سوف لا يتمكن من إتمام حجّه لما كان يواجهه من التهديدات من قبل السلطة الاموية الظالمة بل عزمها على قتله و لو كان متعلقاً بأستار الكعبة، و هذا ما تشير اليه كتب المقاتل و السير 2 .
لكن الصحيح الذي توثقه الاحاديث و الروايات الواردة عن أهل البيت عليهم السلام هو أن الامام الحسين عليه السلام كان قد أحرم بإحرام العمرة المفردة بعد خروجه من المدينة فدخل مكة محرماً بإحرام العمرة المفردة و أتى بأعمالها و بقي بمكة حتى أيام الحج ثم غادرها في يوم التروية 3 .
قال السيد محسن الحكيم قدس سره : ” … و أمّا ما في بعض كتب المقاتل من أنّه عليهالسلام جعل عمرته عمرة مفردة، ممّا يظهر منه أنها كانت عمرة تمتّع و عدل بها إلى الإفراد، فليس ممّا يصحّ التعويل عليه في مقابل الأخبار المذكورة التي رواها أهل البيت عليهمالسلام” 4 .
يقول مُعَاوِيَةُ بْن عَمَّار قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ 5 عليه السلام: مِنْ أَيْنَ افْتَرَقَ الْمُتَمَتِّعُ وَ الْمُعْتَمِرُ؟
فَقَالَ: “إِنَّ الْمُتَمَتِّعَ مُرْتَبِطٌ بِالْحَجِّ وَ الْمُعْتَمِرَ إِذَا فَرَغَ مِنْهَا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ، وَ قَدِ اعْتَمَرَ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ عليه السلام فِي ذِي الْحِجَّةِ ثُمَّ رَاحَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِلَى الْعِرَاقِ وَ النَّاسُ يَرُوحُونَ إِلَى مِنًى، وَ لَا بَأْسَ بِالْعُمْرَةِ فِي ذِي الْحِجَّةِ لِمَنْ لَا يُرِيدُ الْحَجَ” 6 .
و عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُمَرَ الْيَمَانِيِّ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ عليه السلام، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ خَرَجَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُعْتَمِراً ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ؟
قَالَ: “لَا بَأْسَ وَ إِنْ حَجَّ فِي عَامِهِ ذَلِكَ وَ أَفْرَدَ الْحَجَّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ دَمٌ، فَإِنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عليه السلام خَرَجَ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِيَوْمٍ إِلَى الْعِرَاقِ وَ قَدْ كَانَ دَخَلَ مُعْتَمِرا ” 7 .
- 1. خرج الامام الحسين عليه السلام من المدينة المنورة قاصداً مكة ليلة الأحد لليلتين بقيتا من شهر رجب سنة: 60 هجرية، و وصل مكة المكرمة ليلة الجمعة لثلاث ليالٍ مضين من شهر شعبان.
- 2. راجع: الإرشاد: ٢٠0، وإعلام الورى: ٢٣٠، و روضة الواعظين: ١٧٧.
- 3. كان خروج الامام الحسين عليه السلام من مكة قاصداً العراق في يوم التروية أي اليوم الثامن من شهر ذي الحجة سنة 60 هجرية.
- 4. مستمسك العروة الوثقى: 11 / 192.
- 5. أي الإمام جعفر بن محمد الصَّادق (عليه السَّلام)، سادس أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
- 6. الكافي: 4 / 535، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني، المُلَقَّب بثقة الإسلام، المتوفى سنة: 329 هجرية، طبعة دار الكتب الإسلامية، سنة: 1365 هجرية/شمسية، طهران/إيران.
- 7. الكافي: 4 / 535.