بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: زكريَّا بركات
من أهمِّ الأدلَّة النقليَّة المرتبطة بموضوع الإمامة: النصوصُ الكثيرةُ الَّتي وردَ فيها التعبيرُ بالوصيَّةِ والأوصياءِ عن الإمامة والأئمَّة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. والتعبيرُ بالوصيَّة يدلُّ على معنى النصِّ والعهد من النبيِّ أو الإمام السابق، إلى الإمام أو الأئمَّة اللَّاحقين.. وقد وفَّق اللهُ تعالى إلى جمعِ أمثلة وافرة من نصوص الوصيَّة وشواهدها في كتُب الزيديَّة، فأردتُ بها خدمةَ العُلماء والباحثين، واللهُ تعالى من وراء القصد. وهي كما يلي:
1 ـ الاعتصام بحبل الله المتين ج5 ص240، نقلاً عن المصابيح، عن ابن مسعود، قال: قلت يا رسول الله، من يغسلك إذا متَّ؟ قال: يغسل كلَّ نبيٍّ وصيُّه. قال: قلت: يا رسول الله، من وصيُّك؟ قال (ص) : علي بن أبي طالب.
2 ـ تيسير المطالب ص112 برقم70 ، عن رسول الله (ص) أنَّه قال: وصيِّي وأعلم من أُخلِّف بعدي: عليُّ بن أبي طالب.
3 ـ المصابيح ص204 ، عن رسول الله (ص) ، أنه قال: إن لكل نبي وصيًّا، وإنَّ عليًّا وصيي ووارثي.
4 ـ المصابيح ص249 ، عن النبيِّ (ص) ، أنَّه قال لعليٍّ (ع) في مرض وفاته: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلَّا أنَّه لا نبيَّ بعدي، بلِّغ عنِّي تأويلَ القرآن، وأنت وصيِّي وخليفتي في أهلي وأُمَّتي، من والاك فقد والاني، ومن عصاك فقد عصاني.
5 ـ الكامل المنير للقاسم الرسي (ج2 ص146) ، روى من طريق العامة، عن سلمان (رض) ، عن رسول الله (ص) أنه قال لعليٍّ (ع) : “أنت خليفتي ووصيِّي في أهلي، وأنت منِّي كهارون من موسى”. انتهى.
6 ـ تيسير المطالب في أمالي أبي طالب ص108 ، بسنده عن ابن عبَّاس، عن رسول الله (ص) ، أنَّه قال ـ في شأن الرمانة التي قسمها نصفين، نصفاً له (ص) ونصفاً لعلي (ع) ـ : إنَّ هذه قطفة من قطوف الجنَّة، لا يأكلها إلَّا نبيٌّ أو وصيُّ نبيٍّ، ولولا ذلك لأطعمناكم. انتهى.
7 ـ الاعتصام بحبل الله المتين ج5 ص238 ، نقلاً من أمالي المرشد بالله، بسنده عن رسول الله (ص) ، أنَّه قال: أُوصي من آمن بي وصدَّق بي بولاية عليِّ بن أبي طالب، فمن تولاه فقد تولاني، ومن تولاني فقد تولى الله، ومن أحبَّه فقد أحبَّني، ومن أحبَّني فقد أحبَّ الله، ومن أبغضه فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله.
8 ـ الاعتصام بحبل الله المتين ج5 ص238 ، نقلاً من أمالي المرشد بالله، بسنده عن رسول الله (ص) ، أنه قال ـ ضمن حديث ـ لعلي (ع) : أنت الوارث والوصيُّ والخليفة في الأهل والمال والمسلمين في كلِّ غَيبة… إلخ الحديث.
9 ـ الاعتصام بحبل الله المتين ج5 ص239 ، بسنده عن سارية بن أبي سارية، عنه قال: أوصى رسول الله (ص) إلى أولى الناس به وأفضلهم عند الله وعنده، وأعلم النَّاس من بعده؛ عليِّ بن أبي طالب عليه السلام.
10 ـ الاعتصام بحبل الله المتين ج5 ص240 ، نقلاً من مسند أحمد، بسنده عن أنس يعني ابن مالك، قال: قلنا لسلمان رضي الله عنه: سل النبيَّ (ص) : من وصيُّه؟ فقال له سلمان: يا رسول الله، من وصيُّك؟ فقال يا سلمان، من كان وصيُّ موسى؟ قال: يوشع بن نون، قال (ص) : وصيِّي ووارثي يقضي ديني وينجز مواعيدي عليُّ بن أبي طالب.
11 ـ الاعتصام بحبل الله المتين ج5 ص241 ، نقلاً من تفسير الثعلبي، بسنده عن البراء، في حديث الدار يوم الإنذار، وفيه قول رسول الله (ص) : يا بني عبد المطَّلب، إني أنا النذير إليكم من الله عزَّ وجل والبشير لما يجئ به أحد، جئتكم بالدنيا والآخرة، فأسلموا وأطيعوني تهتدوا، ومن يؤاخيني ويؤازرني ويكون وليِّي ووصيِّي بعدي وخليفتي في أهلي ويقضي ديني. فسكت القوم وأعاد ذلك ثلاثاً، كلُّ ذلك يسكت القوم ويقول علي أنا، فقال: أنت… إلخ الخبر.
12 ـ الاعتصام بحبل الله المتين ج5 ص241 ، نقلاً من مناقب ابن المغازلي، في حديث الكوكب الذي انقض، فقال النبي (ص) : من انقضَّ هذا الكوكب في منزله فهو الوصيُّ بعدي. فقام فتية من بني هاشم فنظروا فإذا الكوكب قد انقضَّ في منزل علي بن أبي طالب.
13 ـ الأمالي الخميسية ص191 ، بسنده عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام، أنه قال: الثامن عشر من ذي الحجة عيد الله الأكبر… إلى أن قال: وما بعث الله نبيًّا إلا أقام وصيَّه في مثل هذا اليوم… إلخ الحديث.
14 ـ الأمالي الكبرى الخميسيَّة ص198 برقم733 ، بسنده عن ابن عباس، عن النبيِّ (ص) في قول الله عز وجل (إنَّما يُريد الله ليُذهب عنكم الرِّجسَ ـ أهلَ البيت ـ ويُطهِّرَكم تطهيراً) [الأحزاب: 33] ، قال: فأنا وأهل بيتي مُطهَّرون من الذُّنوب… إلخ الحديث. وفيه قول جبريل عليه السلام: هذا محمَّد سيِّد المرسلين، وهذا عليٌّ خيرُ الوصيِّين، وهذا حمزة سيِّد الشهداء، وهذا جعفر له جناحان خضيبان يطير بهما في الجنَّة حيثُ يشاء. انتهى. وقريبٌ منه اللفظ في الكامل المنير للقاسم الرسِّي (ج2 ص92) وفيه: “سيِّد الوصيِّين”.
15 ـ الكامل المنير للقاسم الرسي، ج2 ص83 ، قال: “حديث الأصبغ بن نباتة أنَّ علي بن أبي طالب قال يوم الجمل ـ والخوارج حضور ـ : إنَّ من أكرم الخلق على الله يوم القيامة سبعةٌ، كلُّهم من ولد عبد المطلب. فقال له عمَّار بن ياسر: من هم يا أمير المؤمنين؟ قال: نبيُّكم خير النبيئين، ووصيُّكم خير الوصيِّين، وحمزة سيِّد الشهداء، وجعفر الطيَّار في الجنَّة، والحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنَّة، ورجل يخرج منَّا آخر الزمان يقال له المهديّ”.
16 ـ الأمالي الكبرى الخميسية ص54 ـ 55، برقم185، بسنده ، قال: …حدَّثني أبي عليُّ بن الحسين زين العابدين، قال: حدَّثني أبي الحسين بن علي سيِّدُ الشهداء، قال: حدَّثني أبي عليُّ بن أبي طالب سيِّدُ الأوصياء، قال: حدَّثني محمَّدٌ (ص) سيِّدُ الأنبياء… إلخ السند والحديث.
17 ـ المصابيح ص302 ، بإسناده إلى المقداد بن الأسود، قال: عليٌّ سيِّدُ الوصيِّين، وقائدُ الغُرِّ المحجَّلين، وخليفةُ ربِّ العالمين. انتهى.
18 ـ الحدائق الوردية ص224 ، وتيسير المطالب ص245 برقم 113 ، عن جابر بن عبد الله الأنصاري، أنه قال في زيارته للإمام الحسين عليه السلام: فأشهد أنَّك ابن خير النبيين، وابن سيِّد الوصيين… إلخ كلامه.
19 ـ الحدائق الورديَّة ص283 ، نقلاً عن محمَّد بن عبد الله النفس الزكيَّة، أنَّه قال ـ ضمنَ رسالةٍ له ـ يصف الإمام عليًّا عليه السلام: ومن قبلُ ما أثبته اللهُ جلَّ ثناؤُه في وحي الزَّبور: أنَّه وصيُّ الأوصياء، وأول من فتح بعمله أبواب السماء. إلخ كلامه.
20 ـ شرح الأزهار ط أهل البيت، ص405 ، الهامش5 ، رواية صياح النخل: هذا محمَّدٌ سيِّدُ الأنبياء، وهذا عليٌّ سيِّد الأوصياء، وأبو الأئمة الطاهرين الأتقياء. إلخ الرواية.
21 ـ شرح الأزهار ط أهل البيت، ص630 ، الهامش3 ، عن المنصور بالله وهو يحث على الإحسان، فقال: فإن اكتساب الخير، ومتاجرة الرب، والإحسان إلى المؤمنين خاصة، وسائر الخلق عامة، من أخلاق الأنبياء، وسيرة الأوصياء… إلخ كلامه.
22 ـ مجد الدين المؤيدي في التحف (ص52) عن رسول الله (ص) أنه قال: “من سرَّه أن يحيا حياتي، ويموت مِيتتي، ويدخل جنة عدنٍ التي غرسها ربِّي بيده، فليتولَّ علي بن أبي طالب وأوصياه، فهم الأولياء والأئمَّة من بعدي، أعطاهم الله علمي وفهمي”.
23 ـ الحدائق الوردية ص205 ، عن الإمام الحسين عليه السلام، أنه قام خطيباً في جيش عمر بن سعد بكربلاء، فقال ـ ضمن كلامه ـ يصفهم: فقبحاً لكم ، فإنما أنتم من طواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، ونفثة الشيطان، وعصبة الآثام، ومحرفي الكتاب، ومطفئي السنن، وقتلة أولاد الأنبياء، ومبيري عترة الأوصياء… إلخ كلامه.
24 ـ في كتاب المصابيح ص393 ، عن زيد عليه السلام، أنَّه قال ـ ضمنَ خُطبة له ـ : نحن الأوصياء والنجباء والعلماء، ونحن خُزَّان علم الله، وورثة وحي الله، وعترة رسول الله… إلخ كلامه.
أقول: يعني الإمامُ زيدٌ ـ عليه السلام ـ بذلك: التعبيرَ عن انتمائه إلى عترة الأوصياء؛ لأنَّ أباه وأخاه وابن أخيه كلَّهم أوصياء، وهو داع إليهم، ولا يعني زيدٌ (ع) بذلك نفسه؛ لأنَّه لا قائل بأنَّ زيداً ـ عليه السلام ـ إمامٌ بالنصِّ والوصيَّة حتى من الزيدية؛ فلا يصحُّ تفسيرُ الكلام بمعنًى لا قائل به.
25 ـ وإيماناً بأهمِّيَّة الوصيَّة، وأنَّ تركها تفريط عظيم وخلاف للحكمة؛ شنَّع القاسم الرسِّي في كتاب الكامل المنير على الخوارج ومن قال بقولهم، فقال إنَّ قولهم بعدم الوصيَّة طعنٌ وانتقاصٌ من دين الله وحطٌّ من شأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
26 ـ روى إمام الزيدية القاسم الرسِّي في كتاب الكامل المنير (ج1 ص49) ، قال: حدَّثني من لا أتَّهمه، عن أحمد بن داود، عن عبد الرزاق بن همام، قال أخبرنا يحيى بن العلاء، عن الأعمش، قال: اشتدَّ مرض إبراهيم النخعي، قال لخيثمة: أجلسني، فأجلسته، فقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وأنَّ عليًّا وصيُّ رسول الله (ص) ، وأنَّ حسناً وصيُّ علي، وأنَّ حُسيناً وصيُّ الحسن، وأنَّ عليَّ بن الحسين وصيُّ الحسين، وأنَّ محمَّد بن عليٍّ وصيُّ عليِّ بن الحسين. انتهى.
أقول: إبراهيم النخعي هو: أبو عمران إبراهيم بن يزيد النخعي الكوفي، إمام حافظ فقيه عندهم، كان بالعراق، من رجال الستة. ترجم له الذهبي في السير 4 : 520 برقم 213 .
27 ـ وقال إمام الزيدية يحيى بن الحسين الهادي ـ كما في مجموع رسائله ص60 ـ : “وأما الوصية فكل من قال بإمامة أمير المؤمنين ووصيته، فهو يقول بالوصية على أن الله عز وجل أوصى بخلقه على لسان النبي إلى علي بن أبي طالب والحسن والحسين، وإلى الأخيار من ذرية الحسن والحسين، أولهم علي بن الحسين وآخرهم المهدي، ثم الأئمة فيما بينهما”.
وعبارة (الحسن و) يلزم أن تؤوَّل أو يُحكم بأنها خطأٌ ؛ بدليل أنَّه لا قائل في الأمَّة بالوصيَّة في ذُريَّة الحسن عليه السلام، كما إنَّ هذا يخالف أيضاً رواية القاسم الرسِّي السابقة التي يُستفاد منها أنَّ الأوصياء هم ذرية الإمام الحسين عليه السلام، إضافةً إلى أن نصوص الوصيَّة والإمامة المتواترة التي تعيِّن الأوصياء والأئمة من أهل البيت بأسمائهم تحصرهم في ذرية الإمام الحسين عليه السلام.
28 ـ وقد أحسَّ بعضُ أئمَّة الزيديَّة بضرورة الوصيَّة في واقع تجربتهم في الحُكم، ومن شواهد ذلك أنَّ إمامَ الزيديَّة أبا طالب الهاروني يقول في كتاب الإفادة ـ في ترجمة إمامهم إبراهيم بن عبد الله بن الحسن ـ : إنَّ أخاه إمام الزيدية السابق محمَّد بن عبد الله كان قد أوصى إليه بالإمامة. قال ما نَصُّه: “وكان أخوه عَهِدَ إليهِ ونَصَّ بالإمامة بعدَهُ عليه”.
هذا تمام ما تيسَّر الاطِّلاع عليه من نصوص الوصيَّة وشواهدها في كتب الزيديَّة.
والحمدُ لله ربِّ العالمين.