أئمة أهل البيت عليهم السلام هم حلقة الاتصال بيننا و بين الله عَزَّ و جَلَّ عبر النبي المصطفى صلى الله عليه و آله بواسطة الوحي حال حياته و بعده بواسطة القرآن الكريم و ما إنتقل اليهم من علوم النبي صلى الله عليه و آله، إلى الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام و منه إلى أبنائه الأئمة عليهم السلام، قال صلى الله عليه و آله و سلم: ” أنا مدينة العلم و علي بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب ” 1.
ثم إن أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام في حقيقتها كلها مستقاة من مصدر واحد عبر سلسلة ذهبية و متصلة بالوحي عبر النبي المصطفى صلى الله عليه و آله الذي قال الله عَزَّ و جَلَّ فيه: ﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ ﴾ 2، فكل علومهم و أحاديثهم و إن لم تذكر أسنادها صراحة هي في الحجية و الاعتبار كأحاديث الرسول صلى الله عليه و آله، فقد رُوِيَ عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام أنَّهُ كان يَقُولُ: ” حَدِيثِي حَدِيثُ أَبِي، وَ حَدِيثُ أَبِي حَدِيثُ جَدِّي، وَ حَدِيثُ جَدِّي حَدِيثُ الْحُسَيْنِ، وَ حَدِيثُ الْحُسَيْنِ حَدِيثُ الْحَسَنِ، وَ حَدِيثُ الْحَسَنِ حَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليهم السلام، وَ حَدِيثُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه و آله، وَ حَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ ” 3.
ائمة اهل البيت حلقة الاتصال بين الأرض و السماء
ثم إن أئمة أهل البيت عليهم السلام هم آمان لنا و لأهل الأرض من الضلال و إن إتباعهم عاصم من الظلال، فقد أخرج مسلم في صحيحه بسنده عن زيد بن أرقم – في حديث طويل – أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم قال: “أما بعد، ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر، يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، و أنا تارك فيك ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى و النور، فخذوا بكتاب الله و استمسكوا به”، فحثّ على كتاب الله و رغَّب فيه، ثم قال: “و أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي” 4.
و أخرج الترمذي عن زيد بن أرقم و أبي سعيد، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، و عترتي أهل بيتي، و لن يتفرقا حتى يَردا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما” 5، إلى غيرها من الأحاديث الكثيرة.
فنحن إنما نتبع أهل البيت عليهم السلام لأنهم السبيل الى الله تعالى و تعظيمهم و مودتهم فرض علينا بأمر من الله.
ثم أن تعظيمنا لهم حتى لو لم يكن واجب علينا بالأدلة و البراهين فهو واجب علينا و على البشرية جمعاء لما لهم من الفضل على البشرية لأنهم العلماء الربانيون الذين لهم فضل على العلماء و على المراكز العلمية القديمة و الحديثة و على النوابغ من العلماء و آباء العلوم المختلفة ذلك لأن تعظيم العلماء مما يوجبه العقل و يعترف به أولو الالباب.
مضافاً الى أن علماء الغرب و العلم الحديث هم الذين يطأطؤون رؤوسهم أمام أئمة أهل البيت عليهم السلام تعظيماً و إجلالاً لأنهم يعرفون قيمة هؤلاء العلماء و الأئمة الربانين و يقدرون ما قدمه هؤلاء الائمة العظام من العلوم التي خدمت البشرية بصورة ضمنية حيث أن رسالتهم الأولى هي هداية الناس و ليست التركير على نشر العلوم المادية، و يكفيك شاهداً على ما نقول ما كتبه علماء الغرب حول الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام حسب معرفتهم القاصرة و بضاعتهم المتواضعة، و من الكتب المفيدة في هذا المجال:
- الإمام الصادق كما عرفه علماء الغرب، نقله إلى العربية الدكتور نور الدين آل علي.
- دور الإمام الصادق عليه السلام في إرساء علم الكيمياء.
- الإمام الصادق ملهم الكيمياء.
- 1. يوجد هذا الحديث في مصادر كثيرة منها: ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 ص 464 ح 984 و 985 و 986 و 987 و 988 و 989 و 990 و 991 و 992 و 993 و 994 و 998 و 996 ، 997 ، شواهد التنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 ص 334 ح 459، المستدرك للحاكم ج 3 ص 126 و 127 و صححه ، أُسد الغابة ج 4 ص 22 ، مناقب علي بن ابي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 80 ح 120 و 121 و 122 و 123 و 124 و 125 و 126 ، كفاية الطالب للكنجي الشافعي ص 220 و 221 ط الحيدرية و ص 99 ط الغري ، المناقب للخوارزمي الحنفي ص 40 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 113 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 65 و 72 و 179 و 183 و 210 و 234 و 254 و 282 و 407 و 400 ط اسلامبول وص 211 و 217 و 248 و 278 و 303 و 338 ط الحيدرية ، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 170 ، اسعاف الراغبين بهامش نور الابصار ص 140 ط العثمانية و ص 154 ط السعيدية و ص 174 ط اخر ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 47 و 48 ، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج 1 ص 43 ، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي ص 22 و 23 و 24 و 28 و 29 و 40 و 41 و 42 و 43 و 44 و 54 و 55 و 57 ط الحيدرية و ص 3 و 4 و 5 و 14 و 15 و 16 ط الاسلامية بالازهر ، فيض القدير للشوكاني ج 3 ص 46 ، الاستيعاب بهامش الاصابة ج 3 ص 38 ، الميزان للذهبي ج 1 ص 415 وج 2 ص 251 و ج 3 ص 182، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج 7 ص 219 ط مصر بتحقيق ابوالفضل و ج 2 ص 236 ط أفست بيروت ، ذخائر العقبى ص 77 ، جامع الاصول ج 9 ص 473 ح 6489 ، فضائل الخمسة ج 2 ص 250 ، الغدير ج 6 ص 61 ـ 81، مسند الكلابي مطبوع باخر المناقب لابن المغازلي ص 427 ط طهران ، كنز العمال ج 15 ص 129 ح 378 ط 2 ، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 276 ، الجامع الصغير للسيوطي ج 1 ص 93 ط الميمنية و ج 1 ص 364 ح 2705 ط مصطفى محمد، منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 ص 30 ، الرياض النضرة ج 2 ص 255 ط 2 ، فرائد السمطين ج 1 ص 98 و غيرها من عشرات الكتب. بل ألف في هذا الحديث عدة كتب منها : الجزء الخامس من عبقات الانوار ط في الهند فانه خاص في هذا الحديث، فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي للمغربي ط في مصر و في النجف و غيرهما من الكتب.
- 2. القران الكريم: سورة النجم (53)، الآيات: 3 – 5، الصفحة: 526.
- 3. الكافي : 1 / 53 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .
- 4. صحيح مسلم: 4 / 1873 كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
- 5. سنن الترمذي: 5 / 663.