مقالات

القائم(ع)…

نص الشبهة: 

تناقضات في حياة مهدي الشيعة المنتظر:

  1. من هي أم المهدي؟ هل هي جارية اسمها نرجس، أم جارية اسمها صقيل، أم جارية اسمها مليكة، أم جارية اسمها خمط، أم جارية اسمها حكيمة، أم جارية اسمها ريحانة، أم سوسن، أم هي حرَّة اسمها مريم؟!
  2. ومتى ولد؟ هل ولد بعد وفاة أبيه بثمانية أشهر، أم ولد قبل وفاة أبيه سنة 252، أم ولد سنة255، أم ولد سنة 256، أم ولد سنة 257، أم ولد سنة 258، أم ولد في 8 من ذي القعدة، أم ولد في 8 من شعبان، أم ولد في 15 من شعبان، أم ولد في 15 من رمضان؟!
  3. كيف حملت به أمه؟ هل حملت به في بطنها كما يحمل سائر النساء؟ أم حملته في جنبها ليس كسائر النساء؟!
  4. كيف ولدته أمه؟ هل ولدته من فرجها كسائر النساء؟ أم من فخذها على غير عادة النساء؟
  5. كيف نشأ؟ رووا عن أبي الحسن: (إنا معاشر الأوصياء ننشأ في اليوم مثلما ينشأ غيرنا في الجمعة)!. وعن أبي الحسن قال: (إن الصبي منا إذا أتى عليه شهر كان كمن أتى عليه سنة)!. وعن أبي الحسن أنه قال: (إنا معاشر الأئمة ننشأ في اليوم كما ينشأ غيرنا في السنة) (انظر: الغيبة، للطوسي، ص159 ـ 160.)!.
  6. أين يقيم؟ قالوا: في طيبة، ثم قالوا: بل في جبل رضوى بالروحاء، ثم قالوا: بل في مكة بذي طوى، ثم قالوا: بل هو في سامراء! حتى قال بعضهم: (ليت شعري أين استقرت بك النوى… بل أي أرض تقلك أو ثرى، أبرضوى أم بغيرها أم بذي طوى… أم في اليمن بوادي شمروخ أم في الجزيرة الخضراء) (بحار الأنوار: 102 / 108).
  7. هل يعود شاباً أو يعود شيخاً كبيراً؟ عن المفضل قال سألت الصادق: يا سيدي يعود شابا أو يظهر في شيبه؟ قال: (سبحان الله، وهل يعرف ذلك، يظهر كيف شاء وبأي صورة شاء) (بحار الأنوار: 53 / 7). وفي رواية أخرى: (يظهر في صورة شاب موفق ابن اثنين وثلاثين سنة) (كتاب تاريخ ما بعد الظهور: ص 360). وفي وراية أخرى: (يخرج وهو ابن إحدى وخمسين سنة) (كتاب تاريخ ما بعد الظهور: ص 361.) وفي رواية أخرى: (يظهر في صورة شاب موفق ابن ثلاثين سنة) (كتاب الغيبة للطوسي: ص 420).
  8. كم مدة ملكه؟! قال محمد الصدر: (وهي أخبار كثيرة ولكنها متضاربة في المضمون إلى حد كبير حتى أوقع كثيراً من المؤلفين في الحيرة والذهول) (تاريخ ما بعد الظهور: ص 433.). وقيل: (ملك القائم منا 19سنة) وفي رواية: (سبع سنين، يطول الله له في الأيام والليالي حتى تكون السنة من سنيه مكان عشر سنين فيكون سني ملكه 70 سنة من سنيكم) (تاريخ ما بعد الظهور: ص 436). وفي رواية أخرى: أن القائم يملك 309 سنة كما لبث أهل الكهف في كهفهم.
  9. كم مدة غيبته؟ رووا عن على بن أبي طالب أنه قال: (تكون له ـ أي للمهدي ـ غيبة وحيرة، يضل فيها أقوام ويهتدي آخرون، فلما سئل: كم تكون الحيرة؟ قال: ستة أيام أو ستة أشهر أو ست سنين) (الكافي: 1 / 338). وعن أبي عبد الله أنه قال: (ليس بين خروج القائم وقتل النفس الزكية إلا خمس عشرة ليلة)، يعني 140 للهجرة! قال محمد الصدر عن هذا الخبر: خبر موثوق قابل للإثبات التاريخي ـ بحسب منهج هذا الكتاب ـ فقد رواه المفيد في الإرشاد عن ثعلبة بن ميمون عن شعيب الحداد عن صالح بن ميتم الجمال، وكل هؤلاء الرجال موثقون أجلاء! (تاريخ ما بعد الظهور: ص 185). فلما لم يظهر كما حددت الرواية السابقة! جاءت رواية أخرى عنه أنه قال: (يا ثابت إن الله كان وقت هذا الأمر في السبعين، فلما أن قتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومائة: فحدثناكم أنه سيخرج سنة 140، فأذعتم الحديث وكشفتم قناع الستر، فلم يجعل الله له بعد ذلك عندنا وقتا)!! (أصول الكافي: 1 / 368، الغيبة للنعماني: ص 197، الغيبة للطوسي: ص 263، بحار الأنوار: 52 / 117.). ثم جاءت رواية تكذب كل ما سبق عن أبي عبد الله جعفر الصادق أنه قال: (كذب الوقاتون إنا أهل البيت لا نوقّت) (أصول الكافي: 1 / 368، الغيبة للنعماني ص 198). و (ما وقتنا فيما مضى، ولا نوقت فيما يُستقبل) (الغيبة للطوسي: ص 262)، بحار الأنوار: 52 / 103).

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
وله الحمد،  والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
فإننا نجيب بما يلي:
أولاً: إن المطلوب هو معرفة الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه»،  وأنه قد ولد،  وأنه سيظهر ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً،  كما ملئت ظلماً وجوراً.. أما سائر التفاصيل فليست ضرورية،  ولا يضر الجهل بها في صحة الإعتقاد.
ثانياً: إن الإختلافات المشار إليها إنما هي نتيجة عدم اهتمام الناس بضبط هذه الأمور في حينها،  وعدم الحرص على تسجيلها فور وقوعها.. ولأجل ذلك تجد: أن هذه الإختلافات بعينها موجودة بالنسبة لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بنفسه،  فلا تكاد تجد حديثاً عن حدث إلا وتجد الأقوال فيه تتقاطر عليك من كل حدب وصوب،  لأن الناس لم يهتموا بالتدقيق في خصوصيات الحدث،  فيعتمد كل منهم على ذاكرته،  التي قد لا تسعفه في كثير من التفاصيل الصغيرة،  بل قد يغفل عنها في حينها،  ثم يستفيق بعد سنوات كثرت أو قلت ليجد نفسه بحاجة إليها.. وحين يجد نفسه خالي الوفاض منها يلجأ إلى ظنونه،  وحدسياته،  أو إلى الإستعانة بغيره ممن قد لا يجد نفسه مطالباً بالتدقيق والتحقيق،  فيطلق العنان لأوهامه وخيالاته..
فإذا جمعت هذه النماذج،  وضمت إلى بعضها،  وحصلت المقارنة بينها ظهر التباين والإختلاف.. وقد ساعد على وجود هذه الإختلافات،  المنع من تدوين حديث رسول الله «صلى الله عليه وآله»،  وإحراق ما كتبه الصحابة عنه ابتداءً من عهد أبي بكر وعمر.
ثالثاً: لو صح ما أراده هذا السائل،  لفسدت أمور الدين كلها،  ولأمكن إبطال النبوات من أساسها،  إذ يمكن لأعداء الدين أن يقولوا لنا: إن الإختلافات في قضايا التاريخ النبوي لا تكاد تحصى،  فمثلاً: هل قام النبي «صلى الله عليه وآله» في مكة عام الفتح خمس عشر ليلة،  أو تسع عشرة،  أو سبع عشرة،  أو ثماني عشرة،  أو ست عشرة؟!
أو هل كان عمر النبي «صلى الله عليه وآله» حين توفي ستين سنة،  أو ثلاثاً وستين،  أو خمساً وستين،  أو اثنتين وستين ونصفاً،  أو إحدى وستين؟!
أو هل ولد «صلى الله عليه وآله» يوم الإثنين،  أو يوم الجمعة؟!
وهل ولد لسبع عشرة خلت من ربيع الأول،  أو لليلتين خلتا منه،  أو لثمان خلون منه،  أو لعشر خلون منه،  أو لاثنتي عشرة خلت منه؟!
وهل ولد في شهر رمضان،  أو في ربيع الأول؟!
وهل ولد في عام الفيل،  أو بعده بعشر سنين،  أو بثلاث وعشرين،  أو بثلاثين،  أو بأربعين سنة،  أو قبل الفيل بخمس عشرة سنة؟!
وهل نزلت عليه النبوة،  وهو ابن أربعين سنة،  أو ابن ثلاث وأربعين؟!
والإختلافات في سائر الأمور لا تخرج عن هذا السياق،  فلو كانت الإختلافات تبرِّر القول بنفي حصول موردها لوجب على هؤلاء أن يقولوا: إنه «صلى الله عليه وآله» لم يولد،  ولم يبعث،  ولم يمت.. ولم.. ولم..
فإن كل ذلك وسواه مما يجده المتتبع في مختلف المواضع والمواقع،  لا يبرر إنكار الأحداث بصورة عشوائية،  ومن دون بحث وتمحيص..
بل هذا الإختلاف يدل على أن جميع الأقوال صحيحة باستثناء واحد منها. ولا يدل على كذب جميعها.. كما أنه يدل إما على تعمد التلاعب بالحقيقة،  أو على عدم الإهتمام بضبطها.
رابعاً: بالنسبة للإختلاف في اسم أم الإمام المهدي «عجل الله تعالى فرجه» نقول:
إن الجارية قد تسمى نفسها بأسماء عديدة بحسب ما ينتابها من ظروف،  وما يمر عليها من حالات.
وإما أنها حرَّة أو مملوكة،  فإن هناك من يكون حراً وله مكانته وموقعه،  ثم يبتلي بمن يحاول التسلط عليه ببعض أسباب التسلط. فيأتي الحديث عنه تارة بعنوان كونه حرَّاً،  وأخرى بعنوان كونه عبداً..
على أن كلمة «جارية» تعني الفتاة،  حرَّة كانت أو أمة،  ولا تعني المملوكة حصراً..
خامساً: بالنسبة لما يقال عن كيفية الحمل به في البطن أو في الجنب،  وفي كيفية ولادته نقول:
إن هذا إنما ورد من طريق الغلاة،  بل في بعض كتب رؤسائهم،  وهو الحسين بن حمدان الخصيبي في كتابه: الهداية الكبرى..
وموقف الأئمة والشيعة من الغلاة شديد،  ورفضهم لمقولاتهم أكيد. ولا يرتاب فيه أحد.
إلا أن يكون المراد: عدم ظهور الحمل على الأم تماماً كما حصل لوالدة نبي الله إبراهيم،  وأم نبي الله موسى «عليهما السلام».. فلعل عدم ظهور الحمل بسبب استقرار الجنين في الجنب هو من مفردات إكرام الأم بذلك،  كما أكرم الله أم علي «عليه السلام» بشق جدار الكعبة لها حتى ولدته فيها.
وأما الولادة من الفخذ،  فقد يدعى أيضاً: أن المقصود هو كمال الستر حين وضع جنينها بحيث لا يرى منها إلا جنبها. أو التأدب في التعبير معها،  أو نحو ذلك من التأويلات التي لسنا مضطرين إلى نفي وتأكيد أي منها إلا بعد إثبات النص نفسه.
سادساً: بالنسبة لما ذكره السائل عن كيفية نشأة الإمام نقول:
لا ضير ولا محذور في مفاد هذه الروايات،  إذ أي مانع من أن يكون هناك أناس متميزون على سائر الناس بأمور تخصهم،  كأن يكون لهم نموٌّ غير عادي في ميزاتهم الجسدية،  وعلى الخصوص في ميزاتهم وكمالاتهم الإنسانية،  أو اكتمالهم في معارفهم وعلومهم،  أو في حالاتهم الروحية وغيرها..
سابعاً: إن الترديد في مكان وجود الإمام «عليه السلام» ليس على نحو الحقيقة،  بل هو تعبير عن عدم المعرفة بمكان وجوده «عليه السلام»،  وإظهار لمزيد الشوق إليه،  والتلهف للقائه،  ونفس العبارات التي ساقها والتي تبدأ بعبارة: «ليت شعري أين استقرت بك النوى» ظاهرة الدلالة على ما نقول..
وقد كنا نربأ بالسائل عن أن يضيف من عند نفسه عبارات إلى فقرات دعاء الندبة،  بهدف السخرية والتشنيع.
ثامناً: بالنسبة لظهوره «عليه السلام» شاباً أو شيخاً نقول:
ألف: لا منافاة بين روايتي ابن الثلاثين،  وابن اثنين وثلاثين،  فإن من يراه يحسب أنه في هذه المنزلة المتقاربة من السن.
ب: أما رواية: يظهر كيف يشاء،  فهي أيضاً لا تنافي ما عداها.. بل هي تفسير لسائر الروايات،  وليس المقصود بها: أنه يظهر لجماعة بهذه الحال،  ولجماعة أخرى في حال أخرى.
بل المقصود: أنه بعد غيبته الطويلة هذه هو الذي يختار الصورة التي تناسب هذا السن،  أو الصورة التي تناسب ذلك السن،  تماماً كما كان الحال بالنسبة لأهل الكهف،  وبالنسبة لعزير وأخيه. فإنهم بعد موتهم عشرات أو مئات السنين يحيهم الله تعالى،  ثم يختار لهم الصورة التي تناسب هذا العمر وذاك،  كما أن الجنة لا يدخلها شيوخ ولا كهول،  بل يدخلها شباب. أي أن الله تعالى يختار لهم صورة تناسب بعض سني الشباب،  ويجعلها لهم،  ثم يدخلهم الجنة.
ج: بالنسبة لرواية: يظهر وهو ابن إحدى وخمسين،  نقول:
قد نقلها عن كتاب عصر الظهور. وقد ضعف سندها صاحب ذلك الكتاب في نفس الكتاب،  وأسقطها عن الاعتبار،  فراجع..
تاسعاً: صرح السائل في الفقرة رقم 9: أن المقصود بالنفس الزكية هو محمد بن عبد الله بن الحسن المقتول سنة 140 هـ. وطبق الخبر المروي عن أبي عبد الله «عليه السلام»: ليس بين خروج القائم،  وقتل النفس الزكية إلا خمس عشرة ليلة..
ونقول:
إن في كلامه عدة مؤاخذات،  فلاحظ ما يلي:
ألف: إن محمد بن عبد الله بن الحسن لم يقتل سنة 140،  بل قتل سنة 145 هجرية 1.
ب: كيف يكون المقصود هو محمد بن عبد الله بن الحسن مع أن الإمام المهدي «عليه السلام» قد ولد في سنة 255 هـ. أي بعد مقتل محمد بن عبد الله بن الحسن بمئة وعشر سنوات؟!
ج: يستفاد من الأخبار: أن المقصود بالنفس الزكية رجل هاشمي،  يذبح بين الركن والمقام 2.
وقد صرح في الخرائج والجرائح: بأن اسم الرجل هو محمد بن الحسن 3.. وليس محمد بن عبد الله بن الحسن.
عاشراً: بالنسبة للحديث عن مقدار الحيرة،  هل هي ستة أيام،  أو ستة أشهر،  أو ست سنوات،  نقول:

  1. إنها ظاهرة في أن الإمام نفسه قد قصد الإبهام في هذا الأمر لمصلحة رآها.. ويدلُّ على ذلك: أنه «عليه السلام» قد حدَّد الستة،  ولكنه أبهم متعلقها.. ولعل المقصود: هو مجرد بيان أن الحيرة تكون فور غيبته،  ثم تتضح الأمور للناس..
  2. إن الرواية المشار إليها ضعيفة السند. فلا يصح الإستدلال بها،  ولا الاعتماد عليها..

حادي عشر: بالنسبة لحديث أبي جعفر: يا ثابت،  إن الله تعالى كان قد وقَّت هذا الأمر في السبعين إلخ.. نقول:
ألف: إن هذا الحديث ليس بصدد بيان وقت ظهور الإمام المهدي «عليه السلام»،  لأن الإمام المهدي هو الإمام الثاني عشر في سلسلة الأئمة الذين أخبر النبي «صلى الله عليه وآله» عنهم أنهم يكونون من بعده. وفي سنة سبعين كانت إمامة الإمام الرابع علي بن الحسين زين العابدين «عليه السلام»،  وفي سنة مئة وأربعين كانت إمامة الإمام السادس جعفر الصادق «عليه السلام»..
ب: قد أوضح النص الذي رواه الشيخ الطوسي في كتاب الغيبة المراد،  ففيه: قلت لأبي جعفر «عليه السلام»: إن علياً «عليه السلام» كان يقول: إلى سبعين بلاء،  وكان يقول: بعد البلاء رخاء. وقد مضت السبعون ولم نر رخاء..
فقال أبو جعفر: يا ثابت،  إن الله تعالى قد وقَّت الخ..
فدلَّ هذا الحديث: على أن المقصود بالسبعين،  والمئة وأربعين ليس هو ظهور المهدي «عليه السلام»،  بل المقصود حصول الرخاء بعد البلاء.. فكان قتل الحسين «عليه السلام» مانعاً من حصول انفراج ورخاء.
وفي سنة أربعين كانت هناك فرصة لحصول انفراج،  ولو بأن يمسك الأئمة «عليهم السلام» بزمام الأمور،  ولكن إذاعة الأمر من قبل أناس غير منضبطين أفسد التدبير.
ملاحظة: يبدو لنا: أن المراد بالسبعين: هي السبعون التي بدأت منذ البعثة،  بعد انتهاء السنوات الثلاث الأولى،  التي كانت الدعوة فيها غير معلنة بصورة تامة..
ثاني عشر: إننا نقول لهؤلاء الناس: إن التشبث بقول شخص هنا،  وقول شخص هناك لا يبطل المذهب الذي ينسب نفسه إليه،  إذا لم يكن قوله قول جميع أساطين ذلك المذهب،  كما أن هذه الأسئلة عن مفردات الروايات لا تجدي في إبطال أي مذهب كان،  فإن الأحاديث المختلفة موجودة بين أيدي الناس من جميع المذاهب،  ووظيفة علماء المذهب تنقيتها من الشوائب،  وبيان وجوه الصحة والإشكال فيها..
ولذلك ترى علماء جميع المذاهب يبحثون في تلك الأحاديث،  ويصوِّبون ويخطِّئون ما ظهر لهم صوابه أو خطؤه منها..
ولو أراد أتباع المذاهب الأخرى أن يجعلوا الإشكالات على الأحاديث دليلاً على فساد المذهب الذي أوردها في مجاميعه،  لم يكن ذلك من الإنصاف في شيء،  إذ إن هذه الطريقة فيها تجنّ ظاهر. وهي بعيدة عن العلمية،  إذ لو كانت علمية لأمكن إبطال جميع مذاهب الإسلام بها،  بل يمكن لهذه الطريقة أن تسقط كل دين وكل مذهب فيه من دون استثناء..
ولكان بإمكاننا أن نشغلكم في الدفاع عن أنفسكم طيلة مئات السنين،  بل إن وضع غير الشيعة سيكون أصعب،  لأنهم يلتزمون بصحة عدد من المجاميع الحديثية الكبرى،  فكيف إذا انضم إليها ما هو بحجم مسند أحمد الذي يدعي البعض: أن الأحاديث غير الصحيحة فيه لا تتجاوز الأربعة أحاديث؟!
من أجل ذلك نقول:
أولاً: لا بد من حصر البحث في العقائد الرئيسية لكل مذهب،  ثم في المنطلقات،  وأمهات المسائل فيه.. وفقاً لما يتبناه علماء ذلك المذهب في كتبهم الكلامية.. من دون التفات إلى ما ينفرد به هذا العالم أو ذاك من آراء وأقاويل،  لا يوافقه عليها عمدة علماء مذهبه..
ثانياً: الكف عن التشبث برواية من هنا أو رواية من هناك بهدف التنفير،  والتشنيع غير المنطقي،  وبعيداً عن الروح العلمية،  وعن الإنصاف..
ثالثاً: لا تجدي إثارة المسائل الفقهية الفرعية قبل حسم الأمر في أمر الإمامة،  وفي مصادر المعرفة،  وفي عدالة الصحابة،  وفي أسس تصحيح الحديث،  وغير ذلك من أمور أساسية..
والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله.. 4.

  • 1. راجع: مقاتل الطالبيين ص 232 و (ط المكتبة الحيدرية سنة 1385هـ) ص 177 ـ 185 والمعارف لابن قتيبة ص 378 ووفيات الأعيان ج 7 ص 20 والوافي بالوفيات ج 14 ص 106 وخلاصة تذهيب تهذيب الكمال ص 344 والمنتظم لابن الجوزي،  وتاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج 6 ص 250 والتنبيه والإشراف للمسعودي ص 295 والكامل لابن الأثير ج 5 ص 529 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج 6 ص 147 وتاريخ أبي الفداء ج 2 ص 3 ونفس الرحمن في فضائل سلمان ص 301.
  • 2. الإرشاد للمفيد ص336 وعن بحار الأنوار ج 13 ص 180 و 178 وعصر الظهور ص 248 و 249.
  • 3. عصر الظهور ج 2 ص 249 عن الخرائج والجرائح ص 196 و (ط مؤسسة المهدي ـ قم) ج 3 ص 1154 ومنتخب الأثر للصافي ص 454 و 455 عن كتاب الغيبة للشيخ الطوسي.
  • 4. ميزان الحق.. (شبهات.. وردود)،  السيد جعفر مرتضى العاملي،  المركز الإسلامي للدراسات،  الطبعة الأولى،  1431 هـ. ـ 2010 م.،  الجزء الثاني،  السؤال رقم (90).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى