الباحث: محمد حمزة عباس
قال أمير المؤمنين (عليه السالم): (الْبُخْلُ عَارٌ والْجُبْنُ مَنْقَصَةٌ)[1].
أما البخل فلأن البخيل لا بد أن يقصر مع غيره في الكثير من الأمور كرد الطلب وعدم مساعدة الاخرين ماديا ومعنويا وهذا هو العار.
والبخل صفة جامعة للعيوب كما قال (عليه السلام): (الْبُخْلُ جَامِعٌ لِمَسَاوِئِ الْعُيُوبِ وهُوَ زِمَامٌ يُقَادُ بِه إِلَى كُلِّ سُوءٍ)[2].
والبخيل لا يجامل ولا يعاشر ويكون بخيلا حتى في سلامه ذلك ليسد جميع الأبواب على الآخرين، والبخيل بعيد من الكريم والله سبحانه أكرم الكرماء لذا صار البخل جامع للمساوئ، فمن ابتعد عن خالقه لا شك انّه بعيد عن النَّاس، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، والبخيل بعيد من الله، بعيد من الناس، قريب من النار)[3].
وقال الشيخ محمد جواد مغنية: (البخل يخطط لصاحبه منهجا يسير عليه في تفكيره وسلوكه، ولا يحيد عنه بحال، وهذا المنهج يرفض بطبعه التعاون على الخير ومصلحة الفرد والجماعة، ويهدي إلى القسوة وعدم الاكتراث بالناس ومشاكلهم … ومن لا يهتم بهموم الناس فليس منهم ولا من الانسانية في شيء، ونعطف على ذلك ما جاء في الآثار من أن البخيل يعيش في الدنيا عيش الفقراء، ويحاسب في الآخرة حساب الأغنياء)[4].
أما الجبن: فهو نقص في الإنسان والجبان يعيش في الأوهام ويكون ضعيف الارادة ضعيف العزيمة وقد حذر الإمام من استشارة البخيل والجبان، قال أمير المؤمنين (عليه السَّلَام): (لَا تُدْخِلَنَّ فِي مَشُورَتِكَ بَخِيلًا يَعْدِلُ بِكَ عَنِ الْفَضْلِ ويَعِدُكَ الْفَقْرَ ولَا جَبَاناً يُضْعِفُكَ عَنِ الأُمُورِ)[5]، كالجهاد في سبيل الله ونصرة المظلوم وإعانة الملهوف.
والشجاع كريم والكريم قوي لأن بذل المال ومساعدة الآخرين تحتاج الى ايثار وايمان وقوة قلب، قال الإمام جعفر بن مُحَمَّد الصَّادق (عليه السَّلَام): (إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن، وللمعادن أصولًا، وللأصول فروعًا، وللفروع ثمرًا، ولا يطيب ثمر إِلَّا بفرعٍ، ولا فرع إِلَّا بأصلٍ، ولا أصل إِلَّا بمعدنٍ طيّب)[6].
فكل هذه الصّفات تعتمد على اصالة الانسان فمن ينشأ في بيئة كريمة مفعمة بالحب والعز والشّموخ لا شك انّه سيكون من الكرماء ذو الشجاعة والبأس والايمان، والعكس من ذلك اذا نشأ الإنسان في بيئة شحيحة لا شك انّه سيصبح من البخلاء الضعفاء.
والحمد لله رب العالمين والصَّلَاة والسَّلَام على سيِّد المُرسلين وعلى آل بيته الطِّيِّبين الطَّاهرين.
الهوامش:
[1] – نهج البلاغة، الحكمة: 3.
[2] – نهج البلاغة: الحكمة: 378.
[3] – روضة الواعظين، الفتال النيسابوري: 385.
[4] – في ظلال نهج البلاغة: 4 / 215.
[5] – نهج البلاغة، من كتاب له (عليه السلام): 430.
[6] – ميزان الحكمة، محمد الريشهري: 1/483.
المصدر: http://inahj.org