في دعاءِ الإمام زينِ العابدينَ (عليه السلام) في الصحيفةِ السجّاديةِ:”وأسألك أن تصلّي على محمد وآل محمدٍ، وأن تجعل وفاتي قتلاً في سبيلك مع أوليائِك تحت رايةِ الحقِ من أهلِ بيتِ نبيك محمدٍ بنِ عبدِ الله صلّى الله عليه وآله”.
للموتِ المحتومِ على هذا الإنسانِ صورُه المتعدّدة، ولكنّ حقيقتَه واحدةٌ فهو انتقالٌ من دارِ هذه الدنيا الفانيةِ إلى دارِ الآخرةِ الباقيةِ والأبديةِ.
والإنسانُ وبفطرةِ سعيه نحو الأكملِ والأفضلِ لا بدّ وأن يختارَ صورةَ الموتِ الذي هو الأفضلُ، ولا وجودَ لموتٍ أفضلُ من الشهادةِ في سبيلِ اللهِ، ولذا وردَ عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام):”إِنَّ الْمَوْتَ طَالِبٌ حَثِيثٌ لَا يَفُوتُه الْمُقِيمُ, ولَا يُعْجِزُه الْهَارِبُ, إِنَّ أَكْرَمَ الْمَوْتِ الْقَتْلُ, والَّذِي نَفْسُ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ بِيَدِه, لأَلْفُ ضَرْبَةٍ بِالسَّيْفِ أَهْوَنُ عَلَيَّ, مِنْ مِيتَةٍ عَلَى الْفِرَاشِ فِي غَيْرِ طَاعَةِ اللَّه”، فبينَ صورتينِ من الموتِ تكونُ ألفُ ضربةٍ بالسيف غايةً في السهولةِ وتتقبّلها النفسُ برحابةِ صدرٍ.
إنّ ذلك يرجعُ إلى معرفةِ عظمةِ مقامِ الشهادةِ حتى إنّ الأنبياءَ والأولياءَ والأئمةَ (عليهم السلام) يتمنّونَه ويتوجّهون إلى الله عزّ وجلّ بالدعاءِ بأنْ يكونَ رزقاَ مقسوماً لهم.
فالشهادةُ لقاءٌ مع اللهِ عزّ وجلّ في أبهى صورةٍ وهي صورةُ أهلِ الحقِّ، وردَ أنَّ الإمامَ الحسين (عليه السلام) خطبَ في أصحابِه فقال:”أمَّا بعدُ فإِنّه قد نزلَ بنا من الأمرِ ما قد تَرون، ألا وإنّ الدُنيا قد تغيّرت وتنكّرت وأدبرَ معروفُها واستمرت حذّاء ولم يبقَ منها إلا صبابةٌ كصبابةِ الإناءِ وخسيسُ عيشٍ كالمرعى الوبيلِ، ألا ترونَ إلى الحقِّ لا يُعمَلُ به وإلى الباطلِ لا يُتَناَهَى عنه؟! فَليَرغبْ المؤمنُ في لقاءِ ربِّه محقّاً فإنّي لا أرى الموتَ إلا سعادةً والحياةَ معَ الظّالمينَ إلا بَرَمَاً”.
والسعادةُ التي يُثنَى عليها ويُطمعُ بها هي تلك التي ينالُها الشهداءُ، يقولُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام):”إنَّ اللهَ كتبَ القتلَ على قومٍ والموتَ على آخرينَ وكلٌّ آتيةٌ منيّتُه كما كتبَ اللهُ لكم فطوبى للمجاهدينَ في سبيلِ اللهِ والمقتولينَ في طاعتِه”.
ويظهرُ من الرواياتِ أنّ قتلَ الشهادةِ في نفسِه مقامٌ ومنزلةٌ يتمنّى حتى من نالَه أن يعودَ إلى الدنيا ليعودَ إلى الفوزِ به مجدّداً، ففي الروايةِ عن رسولِ اللهِ (صلّى الله عليه وآله):”ما من أحدٍ يدخلُ الجنّة فيتمنّى أنْ يخرجَ منها إلا الشهيدُ، فإنه يتمنّى أن يرجعَ فَيُقتل عشرَ مرّاتٍ، ممّا يرى من كرامةِ اللهِ”.
والشهادةُ بهذا المقامِ هي خيرُ ما يمكنُ أنْ يتوجّه الإنسانُ إلى اللهِ عزّ وجلّ بالدعاءِ بأن يُعطاه، ففي الروايةِ:”رأى رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليه وآله) رجلاً يدعو ويقولُ: اللهمَّ إنّي أسألُك خيرَ مَا تُسأَلُ، فأعطني أفضلَ ما تُعطي، فقال (صلّى الله عليه وآله): إن استُجيبَ لكَ أهريقَ دمُك في سبيلِ اللهِ”.
وبهذا نعرفُ عظمةَ مقامِ الشهداءِ الذين نحفظُ وصيّتَهم ونُجدّد العهدَ بذكراهم في كلِّ عامٍ ونتوجّه إلى اللهِ عزّ وجلّ أنْ يجعلَ أرواحَنا معهم في علّيّين وكما كان يدعو الإمامُ زينُ العابدينَ (عليه السلام):”أسألُك أنْ تُصَلّيَ على محمدٍ وآلِ محمدٍ وأن تجعلَ اسمي في السعداءِ، ورُوحي مع الشهداءِ”.
__
يوم_الشهيد
على طريق القدس
مدرسةأهل البيت
اللهم عجل لوليك_الفرج
محاسن_الكلام
للانضمام إلى مجتمعنا على الواتس اب:
https://chat.whatsapp.com/HQ5StBT435DGhOlHxy1VhT