إسئلنا

الأبدال…

نص الشبهة: 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

من هم الأبدال؟! . .

الجواب: 

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد..
إن الروايات التي تتحدث عن الأبدال، وأنهم في الشام، إنما رواها العامة، لا الخاصة.. غير أنه قد روى خالد بن أبي الهيثم الفارسي، قال: قلت لأبي الحسن الرضا عليه السلام: إن الناس يزعمون أن في الأرض أبدالاً، فمن هم هؤلاء الأبدال ؟!
قال: صدقوا، الأبدال هم الأوصياء، جعلهم الله عز وجل في الأرض بدل الأنبياء، إذا رفع الأنبياء، وختمهم بمحمد صلى الله عليه وآله 1..
وفي هذا الحديث إسقاط للحديث الذي رواه العامة عن الاعتبار، وإثارة لأكثر من سؤال عن سبب وضعه..
وورد في الدعاء المروي عن أم داود، عن الإمام الصادق عليه السلام، في النصف من رجب، قوله:
«اللهم صل على محمد وآل محمد، وارحم محمداً وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، كما صليت، ورحمت، وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، الله صل على الأوصياء والسعداء، والشهداء، وأئمة الهدى، اللهم صل على الأبدال والأوتاد، والسياح والعباد، والمخلصين والزهاد، وأهل الجد والاجتهاد» 2..
ولكن.. رغم أن ما ورد في هذا الدعاء إنما جاء على سبيل النعت والتوصيف، لا ليدل على وجود أناس بأعيانهم لهم هذا الاسم.. إلا أنه لا يأبى عن الإنطباق على مضمون الرواية الآنفة الذكر، فإن الذين ثبتت لهم هذه الصفات على نحو الحقيقة، هم خصوص أئمة الهدى، وأما إطلاقها على غيرهم، فهو إنما يكون بضرب من التجوز والتسامح في التعبير..
بل لقد روي ما قد يستفاد منه تضايق الأئمة من نسبة مثل هذا الحديث إليهم، فقد روى المفيد، بسنده عن محمد بن سويد الأشعري، قال:
«دخلت أنا وفطر بن خليفة، على جعفر بن محمد، فقرب إلينا تمراً فأكلنا، وجعل يناول فطراً منه..
ثم قال له: كيف الحديث الذي حدثتني عن أبي الطفيل ـ (رحمه الله) ـ في الأبدال ؟!
فقال فطر: سمعت أبا الطفيل يقول: سمعت علياً أمير المؤمنين عليه السلام يقول: الأبدال من أهل الشام، والنجباء من أهل الكوفة، يجمعهم الله لشر يوم لعدونا..
فقال جعفر الصادق: رحمكم الله، بنا يبدأ البلاء ثم بكم. وبنا يبدأ الرخاء ثم بكم، رحم الله من حببنا إلى الناس، ولم يكرِّهنا إليهم 3..
وهذا الحديث كما ترى، قد رواه للإمام عليه السلام، فطر بن خليفة ـ وهو من رجال العامة ـ ثم ويلاحظ أن الإمام عليه السلام، كان يناول التمر لفطر، ربما لأنه يريد أن يتلطف به، ليستخرج منه إقراراً بحديث أبي الطفيل، عن الإمام علي (عليه السلام)، وكأنه توطئة لإعلان عدم رضاه بمثل هذه النقول. حيث إنه بعد أن أعاد فطر الحديث على مسامعه، أعلن (عليه السلام)، بلطف وحكمة، عدم رضاه عن مضمونه، ربما لأنه اعتبره أحد وسائل التحريض على أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم.. من حيث إن ذلك يوجب إثارة مناوئيهم ضدهم، إذا عرفوا: أن الشيعة سوف يجتمعون في يوم يحل فيه البلاء بأولئك المناوئين..
وقد ذكر عليه السلام أن البلاء إن أصاب أهل البيت (عليهم السلام) فسوف يصيب الآخرين أيضاً..
أو أنه (عليه السلام) رأى في هذا الحديث تأييداً لحكم بني أمية، وتقوية لهم. وهذا الأمر يزيد من بلاء أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم..
وفي جميع الأحوال نقول:
إن حديث الأبدال في الشام، قد وضعه ـ فيما يظهر ـ الأمويون، وروجوا له، بهدف تأييد ملكهم وسلطانهم به.. وليس لهذا الحديث أثر ـ فيما يبدو ـ في كتب شيعة أهل البيت عليهم السلام..
والحديث المذكور عن الاحتجاج يدلنا على أن مصطلح الأبدال يشير إلى معنى آخر، لا يمكن انطباقه على أهل الشام، ولا على غيرهم، فهو إذن مصطلح قد غُيّر مساره، وطُبِّق على غير أهله..
وبذلك كله يظهر: أنه لا يصح تطبيق حديث الأبدال بالشام، على شيعة أهل البيت، الذين يعيشون في أكناف هذه البلاد، إذ إن المثل يقول: «العرش ثم النقش»..
والحمد لله، والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله الطاهرين 4.

  • 1. الاحتجاج ج2 ص449 و450 والبحار ج27 ص48.
  • 2. البحار ج27 ص48 وإقبال الأعمال ج3 ص244 وبحار الأنوار ج95 ص401 ومسند الإمام الرضا ج2 ص11.
  • 3. الأمالي للمفيد ص31 والبحار ج52 ص347.
  • 4. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)، السيد جعفر مرتضى العاملي، «المجموعة السادسة»، المركز الإسلامي للدراسات، الطبعة الأولى، 1424 ـ 2003، السؤال (305).
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى