سادة القافلةسيرة أهل البيت (ع)في رحاب نهج البلاغةمناسباتمنوعات

نحن مع الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام (مقدمة ديوان الإمام علي)

د. محمد عبد المنعم الخفاجي

نحن مع الإمام علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف ، ابن عم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وزوج ابنته فاطمة الزهراء ، وحفيد عبد المطلب ابن هاشم سيد قريش وزعيمها وعلمها المشهور.

والده أبو طالب ، كانت شريفا عظيما ، اشتغل بالتجارة في الجاهلية ، ولما مات أبوه ورث عنه السقاية والرفادة ، وهو الذي كفل ابن أخيه محمداً صلوات الله عليه ، وشمله بالرعاية والعون والتأييد ، ولما تعاهدت قريش على : مقاطعة بني هاشم وبني المطلب قال :

ألا أبلغا عني ـ على ذات بينها *****   لؤيا وخصا من لؤي بني كعب

ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً ***** نبياً كموسى خط في أول الكتب

أفيقوا أفيقوا قبل ان تحفر الزبى ***** ويصبح من لم يجن ذنباً كذي الذنب

ولا تتبعوا أمر الوشاة وتقطعوا ***** أواصرنا بعد المودة والقرب

وتستجلبوا حربا عوانا وربما ***** أمر على من ذاقه حلب الحرب

فلسنا ورب البيت نسلم أحمدا ***** لعزاء من عض الزمان ولا كرب

وظل كذلك إلى أن توفاه الله.

اما والدته فهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد المناف ، وهي أول هاشمية ولدت هاشميا. أسلمت وهاجرت إلى المدينة وماتت في حياة الرسول.

وعلي هو خليفة المسلمين بعد عثمان ؛ وابن عم الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، وزوج ابنته ، ووالد الحسن والحسين رضوان الله عليهما ، ورابع الخلفاء الراشدين ، وإمام الخطباء من المسلمين بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وقد والد ; بمكة بعد مولد النبي صلّى الله عليه وسلّم باثنتين وثلاثين سنة ( وقبل البعثة بثمان سنين ).

ونشأ بها النشأة العالية ، في كفالة الرسول كأحد أولاده ، ذلك أنه صلّى الله عليه وسلّم كان متزوجا خديجة ، وكانت ذات مال كثير ، وكان الرسول يتجر فيه فحصل له ربح وفير ، فلما أصيبت قريش بالقحط والمجاعة ، قال الرسول لعمه العباس : « إن أخاك أبا طالب كثير العيال ، والناس فيما ترى من الشدة ، فانطلق بنا فلنخفف من عياله : تأخذ أنت واحدا وأنا واحدا » وكان لأبي طالب من الذكور أربعة أولاد ، كل واحد بينه وبين الذي يليه عشر سنين ، وكان أسنهم طالبا ، فعقيلا ، فجعفراً ، فعليا ؛ فلما جاء الاسلام أسلم علي فجعفر فعقيل ، أما طالب فمات على الكفر كأبيه ، وكان إسلام علي وهو صغير في السنة الثامنة أو العاشرة من عمره قبل أن يتدنس بشيء من رجس الجاهلية ولذلك قيل فيه : « كرم الله وجهه » لأنه لم يسجد لصنم قط.

ولما علم أبوه بإسلامه وصلاته مع الرسول قال له « أي بني : أي شىء الذي أنت عليه » ؟ قال : « يا أبت آمنت بالله ورسوله ! وصدقت ما جاء به واتبعته ».

فقال له « أما إنه لم يدعك إلا إلى الخير فالزمه ».

وكان ذا منزلة سامية عند الرسول صلّى الله عليه وسلّم والصحابة والمسلمين كافة.

كان على جانب كبير من التقوى ، وكان أوفرهم نصيبا وأكرمهم مدداً من الرسول ، ولهذا كانت اليه الفتوى في حياة الرسول وبعده ، حتى ضرب به المثل بعد وفاة الرسول فقيل : « قضية ولا أبا حسن لها ».

قال عبد الله بن عباس : « قسم علم الناس على خمسة أجزاء فكان لعلي منها أربعة ولسائر الناس جزء شاركهم فيها فكان أعلمهم به ».

وقال عبد الله بن مسعود : « كان علي رضى الله عنه أفرض أهل المدينة وأقضاهم ». يريد أعلمهم بعلم الميراث والفصل في القضايا بين الناس.

ومن دلائل عبقريته أنه كان يسأل عن الأمور المشكلة فيجيب فيها على البديهة ويحل مشكلات المسلمين الدينية والاجتماعية ، وكان بطلا مقداما ، وفارسا شجاعا ، وعلما من أعلام الاسلام ، كما كان خطيبا مصقعا ، وبليغا مفوها ، ومستشاراً مؤتمناً عند أبى بكر وعمر رضوان الله عليهما.

وجهاد علي رضوان الله عليه في نشر الدعوة في حياة الرسول الكريم ذائع مشهور.

وتعلمون موقفه الخالد ليلة الهجرة ، وكيف نام في الموضع الذي ينام فيه الرسول ليلة الهجرة ليفدي الرسول ، ويضمن نجاح هجرته مع أنه كان يعلم ما يترقبه من قتل وتعذيب.

ثم هاجر إلى المدينة وأقام فيها مع الرسول الكريم ، يكمل ثقافته الدينية بما يتلقاه من الرسول ، وكان من كتاب الوحي ، واشترك في غزواته ومشاهده ما عدا غزوة تبوك.

وتوفى رسول الله صلوات الله وولي الخلافة أبو بكر بعده فحنق كثير من المسلمين ، ولكن عليا كان كريما رائع التضحية وما يضر به من المثل العظيمة ، فوقف مع أبي بكر يشد أزره ؛ ويسند ظهره ، ويشير عليه في المشكلات ، وتوفى أبو بكر وتولى الخلافة عمر ، فكان علي له ظهيراً معينا ، كان يشير عليه بالصواب والرشد إذا تفاقمت الأمور واشتدت الخطوب.

ثم قام عثمان بعد عمر بالخلافة فبايعه علي وظل يعاونه إلى أن تفاقمت الأمور وقامت الثورة على عثمان ومات فيها قتيلا ، ويروي أن عثمان كتب إلى علي وهو محاصر في داره رسالة جاء فيها :

أما بعد :

فقد بلغ السيل الزبى ، وجاوز الحزام الطبيين ، وطمع في من لا يدفع عن نفسه ، ولم يغلبك مثل مغلب ، فأقبل إلي صديقاً كنت أو عدواً :

فان كنت مأكولا فكن خير آكل ***** وإلا فادركني ولما امزق

فبعث اليه بابنيه : الحسن والحسين يدافعان عنه. ولكنهما لم يستطيعا مقاومة الجماهير الثاثرة فقتل عثمان.

وبويع علي بالخلافة بعد عثمان على كره منه سنة ٣٥ ه‍ فأخذ معاوية بن أبي سفيان يؤلب بني أمية عليه لأنه لم يأخذ بدم عثمان ، وقد كان الثوار يوم بويع لعلي مجتمعين ولم تغمد سيوفهم ، فرأى عليه السلام أن الحكمة تركهم حتى تخمد نار الفتنة وتتم البيعة ، ورأى معاوية أنه يجب الأخذ بدم عثمان قبل الشروع في البيعة ، وانضم إليه في هذا أهل الشام وطائفة من أهل مصر والعراق.

قضى ; في الخلافة نحو خمس سنوات من ذي الحجة عام ٣٥ ه‍ إلى رمضان عام ٤٠ ه‍.

وقد كانت الأحداث التي وقعت في خلافته أحداثا عظيمة جعلته في كفاح دائم وحروب مستمرة.

وخرجت عليه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بالبصرة ومعها طلحة والزبير ، ومعركة الجمل مشهورة ثم استمرت الحروب بينه وبين معاوية بن أبي سفيان سجالا ، ومنها موقعة صفين ثم كان أمر التحكيم الذي قبله عليٌّ على كره منه ، وخدع عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري فيه.

ثم انتهى الأمر بقتل الخوراج لعلي بيد عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، بالكوفة في السابع عشر من رمضان عام ٤٠ ه‍ ودفن بها وعمره ثلاثة وستون عاما وتولى بعده ابنه الحسن خلافة المسلمين ثم تنازل عنها لمعاوية عام ٤١ ه‍.

وللإِمام علي كتاب نهج البلاغة وهو كتاب رائع مشهور وسفر جليل ، وأثر أدبي خالد ، بعد كلام الله وكلام رسوله.

جمع فيه الشريف الرضي م ٤٠٦ ه‍ كل ما ينسب للإمام علي من خطب ووصايا ونصائح وحكم وأمثال وموعظ وآراء ومحاورات ورسائل وعهود ، وقيل إن الذي قام بجمعه هو الشريف المرتضى م ٤٣٦ ه‍.

والشيعة على أن الكتاب بجملته وتفصيله لأمير المؤمنين علي ، وذهب بعض الباحثين إلى انه منحول مفترى عليه.

أما حجج الذين ينفون نسبته عن علي فأهمها :

١ ـ أن في الكتاب أقوالا شديده اللهجه في حق بعض الصحابة كما في الخطبة الشقشقية ولكن بعض الباحثين يؤيدون نسبة هذه الخطبة إليه.

٢ ـ ما في الكتاب من أفكار عميقة واصطلاحات صوفية متأخرة.

واصطلاحات كلامية أيضا لم توجد فيه عصره.

٣ ـ ما في بعض رسائل الكتاب من طول كثير مما يدع للشك مجالا في صحة نسبتها إلى الإمام علي كما في عهد علي إلى الأشتر النخعي.

٤ ـ خلو الكتاب المؤلفة قبل الشريف الرضي من كثير مما في نهج البلاغة وقد ذهب كثير من الباحثين إلى نسبة الكتاب لعلي.

ولكن مما لا ريب أن بعضا مما في الكتاب منتحل مدخول ، لا تصح نسبته إلى الإمام ، هذا وقد تثقف بثقافة نهج البلاغة كثير من عاشقي الأدب ودارسيه في القديم والحديث. ولم يزل إلى اليوم من أهم كتب الأدب والثقافة الدينية والعربية.

والكتاب عالي الأسلوب فخم العبارة ، مصقول البيان ! لطيف الروح ، ينحدر إلى النفس بسهوله.

وموضوعات الكتاب كما يقول الرضي ثلاثة : اولها الخطب والأوامر ، وثانيها ، الكتب والرسائل ، وثالثها الحكم والمواعظ.

ويمتاز مع ذلك بطوله وضخامته وبأهمية ما فيه من آراء في الاخلاق والسياسة والدين والاجتماع وبأنه ثروة فكرية وأدبية واسعة.

والإمام علي كرم الله وجهه في الذروة من البلاغة والفصاحة والبيان وهو أخطب الخطباء بعد رسول الله صلوات الله ولذلك أسباب :

١ ـ أسرته وبيئته ومكانهما في البلاغة.

٢ ـ تأثره ببلاغة القرآن والرسول.

٣ ـ كانت حياته كلها كفاحا وجهادا ونضالا وهذا من أهم ما يبعث على الخطابة ويدعو إليها.

٤ ـ نشأته وطبعه من صغره على البيان واللسان والفصاحة.

٥ ـ قوة عارضته ، وحدة ذكائه وعبقريته ، وجليل شخصيته وحبه الصراحة والرأي الواضح. وكل ذلك مما يبعث الخطابة ويعين عليها.

وتمتاز خطابته بخصائص كثيرة من اهمها :

١ ـ تمثيلها لحياته وشخصيته وآرائه وعقيدته في الحياة.

٢ ـ بلاغة أسلوبه وإحكامه وإشراقه واستمداده من أسلوب الذكر الحكيم والبلاغة النبوية الشريفة.

٣ ـ دقة معانيه وإحكامها وترتيبها وجلالها وعظمة الروح فيها وعلو الأفق مما لا يكون إلا لمثل علي كرم الله وجهه.

٤ ـ جزالة ألفاظه إذا استثنينا منها هذه الألفاظ الاصطلاحية الكثيرة.

ويقول فيه الرضي :

كان أمير المؤمنين علي عليه السلام مشرع الفصاحة وموردها ، ومنشأ البلاغة ومولدها ؛ ومنه عليه السلام ظهرت مكنونها ، وعنه أخذت قوانينها … من أجل هذا كان إذا خطب فهو أخطب العرب بعد رسول الله ، وإذا كتب كان أبلغ الناس قولا وأصدقهم وصفا وأسيرهم مثلا عليه السلام .

ومعاني الخطابة عند الإمام علي لا تخرج عما علمت من الحكمة والصدق والحق والخير والطهر.

وهي مع ذلك مرتبة منظمة صادرة عن عقلية موهوبة مهذبة مثقفة.

فضلا عن دقتها وعمقها ووضوحها وجلالها وتأثيرها ؛ وكان الإمام ينهل هذه الحكمة من القرآن الشريف والحديث النبوي الخالد.

وسمو الروح ، وعظمة الإيمان ؛ وقوة العقيدة وجلال الغاية كل هذه خصائص ظاهرة لمعاني الخطابة عند الإِمام ؛ وخطبه كلها مرتبطة الأجزاء سليمة المنطق ؛ مرتبة مهذبة واضحة ولاغرو فقد كان عصر الإِمام هو عصر الخطابة والبلاغة وقد امتاز هذا العصر بكثرة الخطباء البلغاء كثرة رائعة عجيبة.

وفي صدر الخطباء الخطيب الأول والإمام الأكبر والزعيم الروحي الأعظم محمد صلوات الله عليه ، ومن الخطباء ، أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وعائشة وخالد وعبد الله بن عباس وعبد الله بن الزبير ، وأبو عبيدة عامر بن الجراح ، ومعاوية ؛ وسواهم من أعلام الخطباء والبلغاء ، رضوان الله عليهم أجمعين ومن الخطباء المشهورين ، عطارد بن حاجب بن زرارة وكان الخطيب عند النبي صلّى الله عليه وسلّم كما يقول الجاحظ  [١] .

وهذه بعض الآثار من كلام الإمام علي كرم الله وجهه :

١ ـ  قال عليه السلام قبل موته :

أنا بالأمس صاحبكم ، واليوم عبرة لكم وغدا مفارقكم ، إن أبق فانا ولي دمي ، وإن أفن فالفناء ميعادي ، وإن أغفر فالعفو لي قربة ؛ وهو لكم حسنة.

فاعفوا واصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله ما فجأني من الموت وارد كرهته ، ولا طالع أنكرته وما كنت إلا كقارب ورد. وطالب وجد وما عند الله خير للأبرار.

ومن دعائه عليه السلام :

اللهم إني أعوذ بك أن أفتقر في غناك ، أو أضل في هداك ، أو أضام في سلطانك ، أو أضطهد والأمر لك.

٢ ـ وقال من وصية لولده محمد ، ابن الحنفية حين أعطاه الراية يوم الجمل :

« تزول الجبال ولا تزل. عض على ناجذك [٢] أعر الله جمجمتك [٣]  تدفي الأرض قدمك [٤] ارم ببصرك أقصى القوم ، وعض بصرك ؛ واعلم أن النصر بيد الله سبحانه ».

٣ ـ ومن كلامه عليه السلام يصف بيعته بالخلافة ويرد على من زعم أن البيعة له أخذت قسرا.

بسطتم يدي فكففتها ؛ ومددتموها فقبضتها ، ثم تداككتم على تداك الإبل الهيم [٥] على حياضها يوم ورودها ، حتى انقطعت النعل وسقط الرداء وبلغ من سرور الناس بيعتهم إياي أن ابتهج بها الصغير وهدج [٦] ، إليها الكبير ، وتحامل نحوها العليل وحسرت إليها الكعاب.

٤ ـ ومن كلامه في التحريض على القتال لما أغار سفيان الأسدي عن الأنبار ، قتل عامله عليها :

حمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال : أما بعد : فان الجهاد باب من ابواب الجنة فمن تركه رغبة عنه [٧] ألبسه الله الذل ، وسيماء [٨] الخسف [٩] وديث بالصغار [١٠] وقد دعوتكم إلى حرب هؤلاء القوم ليلا ونهاراً ، وسرا وإعلاناً وقلت لكم اغزوهم من قبل أن يغزوكم ، فو الذي نفسي بيده ما غزى قوم قط في عقر [١١] دارهم إلا ذلوا ؛ فتخاذلتم وتواكلتم ، وثقل عليكم قولي ، واتخذتموه وراءكم طهريا حتى شنت عليكم الغارات [١٢] .

هذا أخو غامد قد بلغت خيله الأنبار ، وقتل حسان البكري ، وأزال خيلكم عن مسالحها [١٣]  وقتل منكم رجالا صالحين. وقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة ، والأخرى المعاهدة ، فينزع حجلها وقلبها ورعاثها [١٤] ، ثم انصرفوا موفورين [١٥] ، ما نال رجلا منهم كلم [١٦] ولا أريق لهم دم. فلو أن رجلا مسلما مات من دون هذا أسفاً ما كان عندي فيه ملوما ، بل كان به عندي جديرا. يا عجباً كل العجب !!

عجب يميت القلب ، ويشغل الفهم ، ويكثر الأحزان ، من تضافر هؤلاء القوم على باطلهم ، وفشلكم عن حقكم حتى أصبحتم غرضا ترمون ولا ترمون ، ويغار عليكم ولا تغيرون ، ويعصى الله فيكم وترضون ، إذا قلت اغزوهم في الشتاء قلتم هذا أوان قر وصر [١٧] وإن قلت لكم اغزوهم في الصيف قلتم هذه حمارة  [١٨] القيظ. أنظرنا ينصرم الحر عنا ، فاذا كنتم من الحر والبرد تفرون ، فأنتم والله من السيف أفر ، يا أشباه الرجال ولا رجال ، ويا طغام [١٩] الأحلام ، ويا عقول ربات الحجال [٢٠] والله لقد أفسدتم على رأيي بالعصيان ، ولقد ملأتم جوفي غيظاً حتى قالت قريش : ابن أبي طالب رجل شجاع ولكن لا رأي له في الحرب لله درهم [٢١] ومن ذا يكون أعلم به مني وأشد لها مراساً ، فو الله لقد نهضت فيها وما بلغت العشرين ولقد نيفت اليوم على الستين ، لكن لا رأي لمن لا يطاع ( يقولها ثلاثاً ) فقام إليه رجل ومعه أخوه ، فقال يا أمير المؤمنين : أنا وأخي هذا كما قال تعالى : ( رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي ) فمرنا بأمرك ، فوالله لننتهين إليه ولو حال دونه جمر الغضى وشوك القتاد ، فدعا لهما بخير ، ثم قال لهما وأين تقعان مما أريد.

٥ ـ وهذه هي خطبته المشهورة المسماة : الخطبة الشقشقية :

أما والله لقد تقمصها ابن أبي قحافة ، وإنه ليعلم أن محلي منها محل القطب من الرحى ، ينحدر عني السيل ، ولا يرقى إلى الطير ، فسدلت دونها ثوبا وطويت عنها كشحا ، وطفقت رتثي به بين أن أصول بيد جذاء [٢٢] أو أصبر على طخية عمياء [٢٣] يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ، فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ، حتى مضى الأول لسبيله فأدلى بها إلى ابن الخطاب بعده ، ثم تمثل بقول الأعشى :

شتان ما يومى على كورها ***** ويوم حيان أخي جابر [٢٤]

فيا عجبا بينا هو يستقيلها في حياته ، اذ عقدها لآخر بعد وفاته ، لشد ما تشطرا ضرعيها فصيراها في حوزة خشناء يغلظ كلمها ، ويخشن مسها ، يكثر العثار فيها ، والاعتذار منها ، فصاحبها كراكب الصعبة [٢٥] إن أشنق لها خرم وإن اسلس لها تقحم.

فمني الناس لعمر الله بخبط وشماس ، وتلون واعتراض ، فصبرت على طول المدة وشدة المحنة ، حتى إذا مضى لسبيله ، جعلها في جماعة [٢٦] زعم أني أحدهم فيالله وللشورى ، متى اعترض الريب في مع الأول منهم حتى صرت أقرن إلى هذه النظائر ، لكنى أسففت إذ أسفوا ، وطرت إذ طاروا ، فصغا رجل منهم لضعنه ، ومال الآخر لصهره ، مع هن وهن ، إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه ، وقام معه بنو أبيه يخضمون ما الله خضمة الإبل نبتة الربيع ، إلى ان انتكث فتله ، وأجهز عليه عمله ، وإلى كبت به بطنته ، فما راعني إلا والناس كعرف الضبع إلى ، ينثالون على من كل جانب حتى لقد وطئ الحسنان ، وشق عطفاي ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم ، فلما نهضت بالأمر نكثت طائفة ، ومرقت أخرى ، وقسط آخرون كأنهم لم يسمعوا كلام الله حيث يقول :

( تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ).

بل والله لقد سمعوها ووعوها ، ولكنهم حلت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجها ، أما والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، لولا حضور الحاضر ، وقيام الحجة بوجود الناصر وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم ، لالقيت حبلها على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أولها ، ولألفيتم دنياكم هذه عندي من عفطة عنز.

قالوا : وقام إليه رجل من أهل السواد ، عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا فأقبل ينظر فيه ، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما يا أمير المؤمنين لو اطردت خطبتك من حيث أفضيت ! فقال هيهات يا ابن عباس ! تلك شقشقة [٢٧] هدرت ثم قرت ، قال ابن عباس فو الله ما أسفت على كلام قط كأسفى على هذا الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حيث أراد.

هذا وينكر كثيرون هذه الخطبة لما تشتمل عليه من اتهام للخلفاء الثلاثة رضوان الله عليهم مما لا يصدر مثله عن أمير المؤمنين علي ; مع جلاله وعفته وتسامحه وفرط أدبه وفضله وكرمه.

٦ ـ ومن حكم الامام كرم الله وجهه :

إيمان المرء يعرف بايمانه. أدب المرء خير من ذهبه. أداء الدين من الدين. أحسن إلى المسيء تسد. إخوان هذا الزمان جواسيس العيوب. أخوك من واساك بنسب لا من واساك بنسب. بشر نفسك بالظفر بعد الصبر. بركة المال في أداء الزكاة ، بع الدنيا بالآخرة تربح. بكاء المرء من خشة الله تعالى قرة العين. باكر تسعد. بطن المرء عدوه. بركة العمر حسن العمل. بلاء الإنسان من اللسان بشاشة الوجه عطية ثانية. توكل على الله يكفك. تدارك في آخر العمر ما فاتك في أوله تكاسل المرء في الصلاة من ضعف الإيمان.

تغافل عن المكروه توفر. ثلمة الدين موت العلماء. ثبات الملك بالعدل. ثواب الآخرة خير من نعيم الدنيا. ثناء الرجل على معطيه مستزيد. جد بما تجد. جولة البالطل ساعة وجولة الحق إلى قيام الساعة. جودة الكلام في الاختصار. جليس المرء مثله. جليس المرء غنيمة. جالس الفقراء تزد شكرا. جل من لا يموت. حياء المرء ستره. حموضات الطعام خير من حموضات الكلام. خف الله تأمن غيره. خالف نفسك تسترح. خير الأصحاب من يدلك على الخير. خليل المرء دليل عقله. خوف الله يجلو القلب. خلو القلب خير من ملء الكيس. خير المال ما انفق في سبيل الله. دليل عقل المرء فعله ودليل علمه قوله. دوام السرور برؤية الإخوان دولة الأرذال آفة الرجال. دين الرجل حديثه. دولة الملوك في العدل. دار من جفاك تخجيلا. دم على كظم الغيظ تحمد عواقبك. ذنب واحد كثير ذكر والف طاعة قليل. ذكر الأولياء ينزل الرحمة. ذليل الخلق عزيز عند الله. ذكر الموت جلاء القلب. ذكر الشباب حسرة. رؤية الحبيب جلاء العين. رفاهية العيش في الأمن. رسول الموت الولادة. زيارة الحبيب إطراء المحبة. زوايا الدنيا مشحونة بالرزايا. زيارة الضعفاء من التواضع. زينة الباطن خير من زينة الظاهر. سيرة المرء تنبى عن سريرته. سمو المرء التواضع. شين العلم الصلف. شمروا في طلب الجنة. شيبك تاعيك. شحيح غنى أفقر من فقير سخي. صدق المرء نجاته. صحة البدن في الصوم. الصبر يورث الظفر. صلاة الليل بهاء النهار. صلاح الإنسان في حفظ اللسان. صاحب الأخيار تأمن الأشرار. صمت الجاهل ستره. صلاح الدين في الورع وفساده في الطمع. ضل سعى من رجا غير الله تعالى. ضرب الحبيب أوجع. ضل من ركن إلى الأشرار. طاب من وثق بالله. طلب الأدب أولى من طلب الذهب. ظلم المرء يصرعه ظلامة المظلوم لا تضيع. ظمأ المال أشد من ظمأ الماء. ظل عمر الظالم قصير وظل عمر الكريم فسيح. عش قنعا تكن ملكا. عيب الكلام تطويله. عاقبة الظالم وخيمة. غدرك من ذلك عل الإساءة. فاز من ظفر بالدين. فخر المرء بفضله اولى من فخره بأصله. فاز من سلم من شر نفسه. فسدت نعمة من كفرها. قبول الحق من الدين ، كلام الله دواء القلب. كفران النعمة مزيلها. كفى بالشيب داء. كمال العلم في الحلم. لين الكلام قيد القلوب. من كثر كلامه كثر ملامه. مجلس العلم روضة من رياض الجنة. مصاحبة الأشرار ركوب البحر. نسيان الموت صدأ القلب. نم آمنا تكن في أمهد الفرش. نضرة الوجه في الصدق. ولاية الأحمق سريعة الزوال. وحدة المرء خير من جليس السوء. هم السعيد آخرته وهم الشقي دنياه. هلاك المرء في العجب. هربك من نفسك أنفع من هربك من الأسد. لا دين لمن لا مروءة له. لا فقر للعاقل. يعمل النهام في ساعة فتنة أشهر. يسود المرء قومه بالإحسان إليهم.

٧- ومن روائع الحكم ودرر الكلم من كلام علي بن أبي طالب – عليه السلام :

الدين يعصم .الدنيا تسلم ، الصيانة رأس المروءة. الحق سيف قاطع. العجب عنوان الحماقة. البشاشة حبل المودة. الارتقاء إلى الفضائل صعب. الانحطاط إلى الرذائل سهل. السكوت عن الأحمق جوابه. إمام عادل خير من مطر وابل. المحسن حي وإن نقل إلى منازل الأموات. العاقل إذا سكت فكر وإذا نطق ذكر وإذا نظر اعتبر. الداعي بلا عمل كالقوس بلا وتر. إعجاب الرجل بنفسه عنوان ضعف عقله ، أحسن الجود عفو بعد مقدرة ، بركوب الأهوال تكسب الأموال ، بالسخاء يستر العيوب ، تكلموا تعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه ، ثوب التقى أشرف الملابس ، ثوب الآخرة ينسى مشقة الدنيا ، ثروة العاقل في علمه وثروة الجاهل في ماله ، ثلاث يوجبن المحبة الدين والتواضع والسخاء. جهاد النفس أفضل الجهاد. حسن الأدب يستر قبح النسب. حلاوة الظفر تمحو مرارة الصبر. حد اللسان يقطع الأوصال. خير الثناء ما جرى على ألسنة الأخيار. دوام الفتن من أعظم المحن. رب سكوت أبلغ من كلام. زلة العالم كانكسار السفينة تغرق وتغرق معها غيرها. زخارف الدينا تفسد العقول الضعيفة. سلاح اللئام قبل الكلام. سمع الأذن لا ينفع مع غفلة القلب. شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس. مسيئا شيئان لا يعرف فضلهما إلا من فقدهما الشباب والعافية صمتك حتى تستنطق أجمل من نطقك حتى تسكت. صوم النفس عن لذات الدنيا أفضل الصيام. صدر العاقل صندوق سره. ضع فخرك واحطط كبرك وكما تزرع تحصد وكما تدين تدان. ضعف البصر لا يضر مع استنارة البصير. طوبى لمن غلب نفسه ولم تغلبه ومن ملك هواه ولم يملكه. طلب الثناء بغير استحقاق خرق. ظن العاقل أصح من يقين الجاهل. ظرف الرجل تنزهه عن المحارم ومبادرته إلى المكارم. عليك بالآخرة تأتك الدنيا صاغرة. عند الامتحان يكرم المرء أو يهان.

عجيب لعامر دار الفناء وتارك دار البقاء. عجيب لمن يجهل نفسه كيف يعرف ربه. عبد الشهوة أذل من عبد الرق. عبد المطامع أسير لا يفك أسره. عاشر أهل الفضائل تنبل. عداوة الأقارب أمس من لسع العقارب. غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه. غنى المؤمن بالله. غنى العاقل في حكمته. غنى الجاهل في قنيته. في الذكر حياة القلوب. في رضا الله نيل المطلوب. في الدنيا عمل ولا حساب وفي الآخرة الحساب ولا عمل. في الاستشارة عين الهداية. فقد البصر أهون من فقد البصيرة. قد يبعد القريب. قد يلين الصليب. قلة الاكل تمنع كثيراً من اعلال الجسم. قل الحق وإن كان عليك. قليل الحق يدفع كثير الباطل كما أن قليل النار يحرق كثير الحطب. كل طير يأوي إلى شكله ، كل شيء من الدنيا سماعه أعظم من عيانه ، كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلا العلم فإنه يتسع ، كم يفتح بالصبر من غلق. كيف ينجو من الله هارب. كيف يسلم من الموت طالبه ، كن عالما ناطقا أو مستمعا واعيا ، كلام الرجل ميزان عقله ، كلما قاربت أجلا فاحسن عملا ، ليس من عادة الكرام تأخير الإِنعام ، للشدائد تدخر الرجال ، من توفر وقر ، ومن تكبر حقر ، من استشار العاقل ملك ، من استبد برأيه هلك ، ما حقر نفسه إلا عاقل. ما أعجب برأيه إلا جاهل ، نعم الإدام الجوع ، هدى من أطاع ربه ، وخاف ذنبه ، هلك امرؤ لا يعرف قدره ، هانت عليه نفسه من أمر عليه لسانه ، وقروا كباركم توقركم صغاركم ، وقار الشيب أجمل من نضارة الشباب ، لا تثقن بعهد من لا دين له ، لا تعد ما تعجز عن الوفاء به ، لا تثق بمن يذيع سرك ، لا يسترقك الطمع فقد جعلك الله حرا. يستدل على الكريم بحسن بشره وبذل خيره. يستدل على إدبار الدول باربع : تضييع الأصول والتمسك بالفروع وتقديم الأراذل وتأخير الأفاضل ، يبلغ الصادق بصدقه ما لا يبلغة الكاذب باحتياله .

٨ ـ وعن علي بن أبي رافع

قال : كنت على بيت مال علي بن أبي طالب وكاتبه ، فكان في بيت ماله عقد لؤلؤ كان أصابه يوم البصرة فأرسلت إلى بنت علي بن أبي طالب فقالت لي : إنه قد بلغني أن في بيت مال أمير المؤمنين عقد لؤلؤ ، وهو في يدك وأنا أحب أن تعيرنيه أتجمل به في يوم الأضحى ، فأرسلت إليها : عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة أيام يا بنت أمير المؤمنين ، فقالت : نعم عارية مضمونة مردودة بعد ثلاثة أيام فدفعته إليها وإذا أمير المؤمنين رآه عليها فعرفه. فقال لها : من أين جاء إليك هذا العقد ، فقالت : استعرته من ابي رافع خازن مال أمير المؤمنين لأتزين به في العيد ثم أرده ، فبعث إلي أمير المؤمنين فجئته فقال لي : أتخون المسلمين يا ابن أبي رافع ، فقلت معاذ الله أن أخون المسلمين ، فقال : كيف أعرت بنت أمير المؤمنين العقد الذي في بيت مال المسلمين بغير إذني ورضاهم ، فقلت : يا أمير المؤمنين إنه بنتك وسألتني أن أعيرها تتزين به ، فأعرتها إياه عارية مضمونه مردودة عل أن ترده سالما إلى موضعه فقال : رده من يومك وإياك أن تعود إلى مثله فتنالك عقوبتي إلى مثله ثم قال ويل لابنتي لو كانت أخذت العقد على غير عارية مردودة مضمونه لكانت إذن هاشمية قطعت يدها في سرقة. فبلغت مقالته ابنته فقالت له يا أمير المؤمنين أنا ابنتك وبضعة منك فمن أحق بلبسه مني فقال لها : يا بنت ابن أبي طالب لا تذهبي بنفسك عن الحق أكل نساء المهاجرين والانصار يتزين في مثل العيد بمثل هذا فقبضته منها ورددته إلى موضعه.

٩ ـ ووصف علي الدنيا

وقد سئل ذلك فقال : وما آصف لك من دار أولها عناء وآخرها فناء ، من صح فيها أمن ومن سقم فيها ندم ومن افتقر فيها حزن ومن استغنى فتن ، حلالها حساب وحرامها عذاب [٢٨].

وراجع وصف علي  لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم [٢٩] .

وراجع وصف ضرار الصدائي لعلي رضي الله وقد طلب منه ذلك معاوية [٣٠].

ووصف الحسن البصري لعلي بن أبي طالب  [٣١] .

وجواب علي  لمن سأله عن الإيمان [٣٢].

وصيغة صلاته على النبي صلّى الله عليه وسلّم وكان يعلمها أصحابه [٣٣].

وللإمام علي كرم الله وجهه مقام كبر في الشعر ، وينسب لأمير المؤمنين رضي عنه الله ديوان شعر كبير ، وهو الذي بين أيدينا اليوم ، وهو متداول ، ونسب إليه ابن رشيق شعراً في الجزء الأول من العمدة.

وقد يكون أكثر ما ينسب لعلي من الشعر منتحلا ، لان الإمام كرم الله وجهه لم يفرغ للشعر ولم يعش من أجله ، ولكي يكون شاعرا.

وليس بمعقول أن يكف لبيد عن الشعر ويخوض فيه مثل الإمام علي كرم الله وجهه ، إلى هذا الحد الذي يصوره لنا الديوان المنسوب إليه.

هذا وأكثر ما ينسب للإمام تصح نسبته لغيره ، وإن كان جل شعره في الزهد والحكمة والموعظة ، ومما ينسب اليه قصيدة طويلة سميت باسم القصيدة الزينبية ومطلعها :

صرمت حبالك بعد وصلك زينب ***** والدهر فيه تصرم وتقلب

ومما ينسب إلى الإمام قوله يرثى النبي صلّى الله عليه وسلّم :

أمن بعد تكفيني النبي ودفنه ***** باثوابه آسى على هالك ثوى

رزئنا رسول الله فينا فلن نرى ***** بذاك عديلا ما حيينا من الورى

لقد غشيتنا ظلمة بعد موته ***** نهارا فقد زادت على ظلمة الدجى

وكنا برؤياه نرى النور والهدى ***** صباحا مساء راح فينا أو اغتدى

فيا خير من ضم الجوانح والحشا ***** ويا خير ميت ضمه الترب والثرى

كأن أمور الناس بعدك ضمنت ***** سفينة نوح حين في البحر قد سما

وضاق فضاء الارض عنا برحبه ***** لفقد رسول الله إذ قيل قد مضى

فقد نزلت بالمسلمين مصيبة ***** كصدع الصفالا شعب للصدع في الصفا

فلن يستقل الناس تلك مصيبة ***** ولن يجبر العظم الذي منهم وهى

وفي كل وقت للصلاة يهيجها ***** بلال ويدعو باسمه كلما دعا

ويطلب أقوام مواريث هالك ***** وفينا مواريث النبوة والهدى

وبعد فهذا هو ديوان الإمام ، قد حققناه وشرحناه وراجعناه مراجعة دقيقة. ليخرج في صورة رائعة تليق بمقام الإمام كرم الله وجهه.

وندعو الله أن ينفع به ، وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، وفقنا الله عز وجل الى مرضاته وحسن مثبوته.

وما توفيقي الا بالله ، عليه توكلت واليه أنيب.

——————————————————————————-
[١] . البيان والتبيين ٢١٤ حـ ١ .
[٢] . أي احرص على أن يكون الأمر لك.
[٣] . أي لا تشعر نفسك أن رأسك الآن لك بل أعرها الله جل ذكره وهذا آثر قول في الاستهانة بالنفس يوم الروع.
[٤] . تدفع الأمر من وتد ـ بفتح التاء ـ الوتد ثبته.
[٥] . تداككتم تزاحمتم والهيم جمع هيماء وهي التي برح بها العطش.
[٦] . هدج مشى مشية ضعف.
[٧] . رغب ( كفرح ) فيه أراده وعنه كرهه وليه ابتهل ، ورغب ( ككرم ) اشتد نهمه.
[٨] . علامة.
[٩] . الذل.
[١٠] . ديث : وصم ، والصغار الذل.
[١١] . عقر : وسط.
[١٢] . قال المبرد : قوله شئت عليكم الغارات يقول صبت. يقال شننت الماء وكذلك فسرها صاحب القاموس المحيط.
[١٣] . جمع مسلحة وهي الثغر حيث يخشى طروق العدو.
[١٤] . الحجل : الخلخال ، القلب : السوار, الرعاث جمع رعثة وهي القرط.
[١٥] . تامين لم ينقص منهم أحد.
[١٦] . جرح .
[١٧] . القر بالضم : ويوم فر بالفتح وليلة قرة كذلك باردة والقرة بالكسر البدر والرجل مقرور. والصر الريح الشديد كالصرصر.
[١٨] . حمارة القيظ شدته ومثلها صبارة الشتاء.
[١٩] . الطغام : السفلة من الناس والواحد طغامة.
[٢٠] . الحجال جمع حجلة وهي الستر أي ذوات الخدور كناية عن النساء أو جمع حجل بكسر فسكون وهو الخلخال.
[٢١] . الدرهم : النفس ، واللبن ، العمل ، والمراد من نسبة الدر إلى الله بأحد هذه المعاني هو تعظيمه لأن الشيء إذا نسب إلى العظيم كان عظيما.
[٢٢] . اليد الجذاء المقطوعة.
[٢٣] . الطخية قطعة من الغيم والسحاب.
[٢٤] . كان حيان بن السمين نديما للأعشى وهو في هذا البيت يشكون تفاوت ما بينه وبينه فهو يسير في الرمضاء على كور ناقته بينا نديمه يقيم في رفاهة العيش.
[٢٥] . الصعبة من النياق التي لم تركب لم ترض وأشنق الرجل ناقته إذا كفها بالذمام ، وخرم أي قطع انفها.
[٢٦] . هؤلاء الجماعة أهل الشورى هم : علي وعثمان وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف.
[٢٧] . الشقشقة ما مخرجة البعير من فيه إذا هاج.
[٢٨] . الامالي ٢ : ١٢٦ .
[٢٩] . الامالي ٢ : ٦٩ .
[٣٠] .  الامالي ٢ : ١٤٧ .
[٣١] . الامالي ٢ : ١٧٠ و١٩٤ .
[٣٢] . النوادر ١٧١ .
[٣٣] . النوادر ١٧٣ .

مقتبس من  ديوان الامام علي عليه السلام تحقيق الدكتور محمد عبد المنعم الخفاجي
المصدر: http://arabic.balaghah.net

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى