منوعات

من فضائل العلم عند أمير المؤمنين (عليه السلام)

الباحث: محمد حاكم الكريطي

الحمد لله احمده شكرا لإنعامه واستعينه على وظائف حقوقه, وصل الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 وبعد:

قال أمير المؤمنين عليه السلام: ((العِلْمُ عِلْمَانِ: مَطْبُوعٌ وَمَسْمُوعٌ، وَلاَ يَنْفَعُ الْمَسْمُوعُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَطْبُوعُ))([1]).

يتحدث الإمام (عليه السلام) عن فضيلة العلم، ويميز بين نوعين من العلم، هناك ما هو مغروس في ذات الإنسان منذ فطرته، وهناك ما هو مكتسب أي العلم الحصولي, وذلك العلم المطبوع هو المعرفة التي تأتي مع تجربة الحياة والإيغال في سنيّها, فجاء معنى الطبع في معجمات اللغة: ((الطبع ما يقع على الإنسان بغير إرادة وقيل الطبع الجبلة التي خلق الإنسان عليها))[2], إذن فعلم الإنسان المطبوع هو العلم الذي يحصل للإنسان من دون تجربة قصدية، وإنما هو عن تجارب فطرية وحركة مع الحياة يتزود عبرها الإنسان بتلك العلوم، التي عادة ما تكون أقل تعقيدا وأكثر بساطة من تلك المعارف التي يحصل عليه بقصد.

إن الإمام (عليه السلام) لا يرى ذلك كافيا أي العلم المكتسب لو لم يكن متوافقًا مع فطرة الإنسان وعلومه التي وهبها الله له منذ أن نشأ في احضان هذا الكون, لذا نحن نلاحظ كثيرًا من الخبرات المعرفية التي حصل عليها طالبها, لكن تلك المعارف لم تتمكن من دفع صاحبها إلى طريق الله تبارك وتعالى, ويمكن لبعض العلوم أن تكون وبالا على صاحبها، فكثير من أهل المعارف الحصولية قد زاغوا عن طريق الحق وركبوا موجة الإلحاد, ما هذه الظاهرة الا تصديقا لقول الإمام (عليه السلام) في العنوان اعلاه, فلابد أن يتوافق ما ولد عليه الإنسان من فطرة إلاهية مع ما حصل عليه من معارف وعلوم حتى تكون رافدا لدعم الاتجاه السليم للإنسان, ففي كلام الإمام (عليه السلام) تبدو إشارة للتوافق الذي لابد أن يحصل بين العلمين المطبوع والمسموع حتى يتم من خلال هذين الجزأين توظيف دقيق للمعرفة ومن خلالهما  يتم استثمار العلم بشكل أعمق وأدق, إذ يبتعد بصاحبه عن الانحرافات الفكرية التي أشرنا إليها, وللعلم دور في بناء ذات الإنسان إذا توافق مع فطرته, قال تعالى في فضل العلم والعلماء:)) إنما يخشى الله من عباده العلماء ))[3] وقال جل من قال (( هل يستولي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ))[4] , إذن إذا اتفق العلمان اللذان أشار اليهما الإمام ( عليه السلام ) فالنتيجة الرجوع إلى الله والطاعة والقنوت, فضلا عن المعرفة بذات الله وهي السبب الذي دعا العلماء أن يخشوا الله تبارك وتعالى, على الخلاف من الذين لم يتفق علمهم المطبوع مع المسموع, إذ كان ذلك مدعاة لركوب موجات الانحدار الفكري الذي ابتعد بالكثيرين عن الساحة الإلهية المباركة, وصاروا إلى شبهة الأفكار والوقوع في المحذور والابتعاد عن المفروض, وصار العلم هنا سلاحا ذا حدين فصار الأول وهو المتحد بين الفكرتين التي ذكرهما الإمام (عليه السلام) هو منجاة في الدنيا والآخرة، وقد أشار إلى ذلك القرآن الكريم, وصار الآخر انحراف في الدنيا وهلاك في الآخرة .

الهوامش:

[1])) نهج البلاغة، حكمة 329.

[2] – التعريفات : 1/140

[3] – سورة فاطر : 28

[4] – سورة الزمر : 9.

المصدر: http://inahj.org

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى