مقالات

الخطاب القرآني…

كما أن الآيات القرآنية جاءت بصورة واضحة لشخصية الفرد المؤمن، فانها في الوقت نفسه رسمت صورة واضحة للمجتمع المؤمن، ورمزت اليها كثيرا كما في قوله سبحانه: ﴿ وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ … ﴾ 1، ولذلك فقد جاءت بقيم كثيرة تدفع باتجاه تكوين تلك الصورة، كالايمان والدعوة الى الدين ووحدة الصف واستيعاب الاختلاف في الوجهات الفكرية.

وهذا البعد تارة تقوم الايات بتحريره عن طريق العرض المباشر، كما في قوله سبحانه بالنسبة لتنظيم حالة الاختلاف ﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَىٰ شَاكِلَتِهِ … ﴾ 2، وتارة تقوم بالاشارة اليه او الاحالة عليه في سياق حادثة تاريخية او مشكلة اجتماعية، كما في قوله تعالي:﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ … ﴾ 3، فهذه الاية جاءت لتكون علاجا لمشكلة نفسية اجتماعية طرأت على المسلمين بعد هزيمتهم في احد، فالهزيمة كادت تزرع فيهم روح اليأس والاحباط، لكن الاية اعطتهم الثقة بانفسهم وبينت لهم بأنهم ارقى امة على وجه الارض، وبالتالي فالتفوق لهم، فذلك اعطاهم زخما روحيا هائلا، ذوب حالة الاحباط التي اعترتهم، فاندفعوا وحققوا مكاسب عديدة.

ومن ذلك كثير من القرآن الكريم، والمفسر ينبغي له ان يستكشف هذه الاشارة التوجيهية ويضيئها، لتتحرك المعاني القرآنية في مساحاتها الحقيقية وتحقق اهدافها التي جاءت من اجلها4.

  • 1. القران الكريم: سورة البقرة (2)، الآية: 143، الصفحة: 22.
  • 2. القران الكريم: سورة الإسراء (17)، الآية: 84، الصفحة: 290.
  • 3. القران الكريم: سورة آل عمران (3)، الآية: 110، الصفحة: 64.
  • 4. منشور في صحيفة الدار الكويتية – الشيخ فيصل العوامي.
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى