مقالات

الرسول (صلى الله عليه واله) يبكي الحسين

نعى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أهل بيته وعترته الطاهرة، بما يلاقون بعده من المصائب والويلات، والنوائب الفادحة، والقتل الذريع، كل هذه المصائب تحل بساحة أهل بيته وفلذة كبده، وكأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) يراها من وراء ستر رقيق.
وقد كان (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته الشريفة كئيبا حزينا والشجو والأسى لا يفارقانه، لذلك فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) كان دائما يحث أمته على التمسك بأهل بيته وحفظهم وصونهم مراعاة لحقه فيهم، وكونهم أعدال الثقلين المتفق عليهما، ولن يتفرقا حتى يردا
عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) الحوض , كما أورد المحب الطبري أنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: ” إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي وإني سائلكم غدا عنهم “، وقد جاءت الوصية الصريحة بهم في عدة أحاديث منها حديث ” إني تارك فيكم ما إن تمسكتم لن تضلوا بعدي، الثقلين أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما “. وفي رواية أخرى، ” كأني دعيت فأجبت، إني قد تركت فيكم أحدهما آكد من الآخر: كتاب الله عز وجل وعترتي، أي بالمثناة، فانظروا كيف تخلفوني فيهما فأنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض ” ، وفي رواية: ” وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض، سألت ربي ذلك لهما فلا تتقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تعلموهم فأنهم أعلم منكم “. فهو (صلى الله عليه وآله وسلم) يصرح في أكثر من موضع بأنهم أئمة الهدى، ومثلهم مثل القرآن في إنقاذ البشرية من تيه الضلالة وحيرة الجهالة، إلى الحياة السعيدة. كما صرح (صلى الله عليه وآله وسلم) كونهم سفينة نجاة الأمة، كما في حديث السفينة الصحيح الثابت: ” مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ” ، وأخرج الحاكم في المستدرك عن جابر (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ” النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت جاءهم ما يوعدون، وأنا أمان لأصحابي فإذا ذهبت أتاهم ما يوعدون، وأهل بيتي أمان لأمتي فإذا ذهب أهل بيتي أتاهم ما يوعدون “.
وفي رواية من أبغضنا أهل البيت حشره الله يهوديا وإن شهد لا إله إلا الله.
كما أكد لأمته (صلى الله عليه وآله وسلم) كون حب أهل البيت وولائهم شرطا عاما في قبول مطلق الأعمال والطاعات والقربات، من الصلاة والصلات والحج والصوم وغيرها، كما جاء منصوصا عليه في جملة من الأحاديث. 
لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان على يقين بأن أمته سوف تمتهن حرمة عترت
الطاهرة كما أخبره الأمين جبرائيل (عليه السلام)، وتقصيهم عن مراتبهم التي رتبهم الله فيها،
بل سوف تذهب أبعد من هذا من سفك دمائهم وسبي ذراريهم، لا يراعون لرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) حقا ولا حرمة، لكنه (صلى الله عليه وآله وسلم) أراد أن يلقي على أمته ويعذر فيما يرتكبون من جرائم وآثام بحقهم (سلام الله عليهم). فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يحذرهم في مناسبات كثيرة وينذرهم بيوم المعاد.
قال ابن عباس: خرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قبل موته بأيام يسيرة إلى سفر له، ثم رجع وهو متغير، محمر الوجه، فخطب خطبة بليغة موجزة وعيناه تهملان دموعا قال فيها:
” أيها الناس إني خلفت فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي، وأرومتي، ومزاج مائي، وثمرتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض، إلا وإني أنتظرهما، ألا وإني لا أسئلكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم به المودة في القربى، فانظروا لا تلقوني على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم، ألا وإنه سترد علي في القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة: راية سوداء مظلمة فتقف علي، فأقول من أنتم؟ فينسون ذكري ويقولون: نحن أهل التوحيد من العرب. فأقول: أنا أحمد نبي العرب والعجم. فيقولون: نحن أمتك يا أحمد، فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي؟ فيقولون: أما الكتاب فضيعناه وفرقناه، وأما عترتك فحرصنا على أن ننبذهم عن جديد الأرض. فأولي وجهي عنهم، فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم، ثم ترد علي راية أشد سوادا من الأولى، فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون كالقول الأول بأنهم من أهل التوحيد، فإذا ذكرت لهم اسمي عرفوني، وقالوا: نحن أمتك، فأقول لهم: كيف خلفتموني في الثقلين الأكبر والأصغر؟ فيقولون: أما الأكبر فخالفناه، وأما الأصغر فخذلناه ومزقناه كل ممزق،
فأقول لهم: إليكم عني فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم.
ثم ترد علي راية أخرى تلمع نورا، فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن كلمة أهل التوحيد والتقوى، ونحن أمة محمد، ونحن بقية أهل الحق الذين حملنا كتاب ربنا، فحللنا حلاله وحرمنا حرامه، واجبنا ذرية محمد فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا، وقاتلنا معهم، وقتلنا من ناوأهم. فأقول لهم: أبشروا أنا نبيكم محمد، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم، ثم أسقيهم من حوضي، فيصدرون رواء . 
وحديث آخر للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما أخرجه الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا معاوية بن هشام، عن علي بن صالح، عن زيد بن أبي زياد، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: بينما نحن عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، إذ أقبل فئة من بني هاشم، فلما رآهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) اغرورقت عيناه وتغير لونه، قال: فقلت له: ما نزال نرى في وجهك شيئا نكرهه، قال: إنا أهل البيت اختار الله لنا الآخرة على الدنيا، وإن أهل بيتي سيلقون بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا، حتى يأتي قوم من المشرق، معهم رايات سود، يسألون الحق فلا يعطونه، فيقاتلون فيضربون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا كما ملؤوها جورا، فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو حبوا على الثلج .
وأخرج الشريف النسابة أبو الحسين العبيدي الحقيقي، في كتابه أخبار المدينة، عن طريق مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: قال (رضي الله عنه): زارنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فعملنا له خزيرة، وأهدت لنا أم أيمن قعبا من لبن، وصفحة من تمر، فأكل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأكلنا معه، ثم توضأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فمسح رأسه وجبهته ولحيته بيده، ثم استقبل فدعا الله بما شاء، ثم أكب على الأرض بدموع غزيرة، يفعل ذلك ثلاث مرات، فتهيبنا رسول لله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نسأله، فوثب الحسين على ظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فبكى فقال له: بأبي وأمي ما يبكيك؟ قال: يا أبت رأيتك تصنع شيئا ما رأيتك تصنع مثله، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بني سررت بكم اليوم سرورا لم أسر مثله قط، وإن حبيبي جبريل أتاني وأخبرني أنكم قتلى، وأن مصارعكم شتى، فأحزنني ذلك ودعوت الله لكم بالخيرة .
لكن على الرغم من تحذيرات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أمته، ووصاياه المتكررة على التمسك بولاية أهل بيته، كيف خلفوه فيهم؟ لقد قتلوهم شر قتلة، وجهدوا في وضع الأحاديث الكاذبة في حقهم.
لكن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يدرك تلك الحقيقة وما تؤول إليه عاقبة أهل بيته، فكان (صلى الله عليه وآله وسلم) مدة حياته يبدو الحزن والكآبة في أساريره، فكان منغص العيش يسر الزفرة، ويخفي الحسرة، ويجرع الغصة.. مهما وجد جوا صافيا يعالج لوعة فؤاده،
ويطفي لهفة قلبه، ويخمد ثائرة الحزن بأن يضم أحدا من أهله إلى صدره، ويشمه ويقبله، ساكبا عبرته، باكي العينين، وفي لسانه ما يتسلى به خاطره.
فتراه يلتزم عليا سيد عترته وابن عمه وأبا ولده في قارعة الطريق ويقبله ويكرر قوله: بأبي الوحيد الشهيد. كما أخبرت بذلك السيدة عائشة أم المؤمنين فيما أخرجه عنها الحافظ أبو يعلى الموصلي في مسنده، وأخذه عنه جمع من الأعلام.
وأخرج الحفاظ بأسانيدهم الصحيحة عن ابن عباس قال: خرجت أنا والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي (رضي الله عنه) في حيطان المدينة، فمررنا بحديقة فقال علي (رضي الله عنه): ما أحسن هذه الحديقة يا رسول الله! فقال: حديقتك في الجنة أحسن منها. ثم أومأ بيده إلى رأسه ولحيته، ثم بكى حتى علا بكاؤه. قيل: ما يبكيك؟ قال: ضغائن في صدور قوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني.
وفي لفظ عن أنس بن مالك: ثم وضع النبي رأسه على إحدى منكبي علي فبكى، فقال له: ما يبكيك يا رسول الله؟ قال: ضغائن في صدور أقوام لا يبدونها حتى أفارق الدنيا .
وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) يستخفيه عن صبره وجلده، ويقول (صلى الله عليه وآله وسلم) له (عليه السلام): كيف صبرك إذا خضبت هذه من هذه؟ وأهوى بيده إلى لحيته ورأسه. فقال علي: أما بليت ما بليت فليس ذلك من طريق مواطن الصبر، وإنما هو من مواطن البشرى والكرامة .
فيتسلى (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك الكلام الطيب المعرب عن عظمة نفسيات علي (عليه السلام) ومبلغ تفانيه في الله تعالى.
وتراه يضم (صلى الله عليه وآله وسلم) أبا محمد الحسن السبط إلى صدره ويقبله من فمه وسرته
متيقنا بأن أحشاءه من فمه إلى سرته ستقطع بالسم النقيع، ويضم الحسين السبط إليه ويشمه ويقبله ويقبل منه مواضع السيوف والرماح والطعون، ويخص من جوارحه بالقبلة شفتيه، علما منه بأنهما ستضربان بالقضيب.
وأما الصديقة الطاهرة فإنها لما يخبرها أبوها (صلى الله عليه وآله وسلم) بأنها أسرع لحوقا به من أهل بيته يسرها هذا النبأ وتأنس به، وإن هو إلا لعلمها بأن حياة آل محمد حفت بالمكاره والقوارع والطامات، ولولا الحذر والجزع من تلكم المصائب الهائلة النازلة بساحتهم فأي مسوغ للزهراء في استيائها من حياتها؟ وحياتها السعيدة هي أحسن حياة وأحلاها وأسعدها وأجملها وأعظمها فخرا، زوج في شاكلة أبيها في فضائله وفواضله، وأولاد من البنين مثل الحسنين ريحانتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سيدي شباب أهل الجنة، لا يمثلون بنظير، ويقصر عن بلوغ نعتهما وصف كل بليغ طلق ذليق، ومن البنات مثل العقيلة زينب جوهرة القدس والكمال والشرف والمنعة فلماذا تستاء عندئذ فاطمة من الحياة وهي بعد في عنفوان شبابها الغض لم تبلغ فناها، ولم تنل آمالها من الحياة؟ ولماذا تدعو وتسأل ربها أن يعجل لها وفاتها، وهي بعد لم تدرك مرارة الدنيا، وتفدي دونها كل تليد وطارف؟ لماذا ترفع اليد عن حضانة أولادها، وتفرغ منهم حجرها، وترضى بيتمهم، وهم بعد ما شبوا وما زهوا؟ ولماذا تحب فراق بعلها، وتدع حبيبها أليف الأسى والهم والجوى، حزنه بعدها سرمد، وليله في فراقها مسهد؟ ولماذا ذلك الفرح والجذل من اقتراب الأجل ودنو الموت؟
إن كل هذه إلا تخلص من هول تلكم النوائب التي كانت تعلمها من أبيها الصادق الصدوق. ولم تك فاطمة (عليها السلام) تتصور لنفسها منجى ومرتجى وملجأ تثق بالطمأنينة لديها، وسكون الخاطر في حماها غير جوار ربها الكريم.
ماذا تصنع فاطمة بالحياة وهي ترى أباها (صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة حياته حليفا للشجون؟
قد قضى حياته بعين عبرى، وقلب مكمد محزون، وزفرة وحسرة ولهفة دفينة بين جوانحه كمدا على أهل بيته، يقيم لحسينه المآتم من يوم ولادته ومن يوم كان رضيعا وفطيما وفتيا، وقد أتخذت بيوت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) دار حزن وبكاء منذ ولد ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الحسين العزيز، يأتي إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) ملائكة ربه أفواجا وزرافات ووحدانا، حينا بعد حين، مرة بعد أخرى، بين فينة وفينة، ينعون الحسين، ويأتون إليه (صلى الله عليه وآله وسلم) بتربته ممثلين بذلك مصرعه ومقتله.
ومن هنا سنتطرق إلى ذكر ما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بما يحل بعترته
الطاهرة في (عليه السلام) كربلاء.
فقد أخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق الأمين جبرائيل بأن ولده الحسين (عليه السلام) يقتل بأرض يقال لها كربلاء، والطف، وشاطئ الفرات، وقد نعى (صلى الله عليه وآله وسلم) فلذة كبده الحسين السبط منذ يوم ولادته:
أخرج الحاكم النيسابوري، في المستدرك على الصحيح، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الجواهري ببغداد، حدثنا الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، حدثنا محمد بن مصعب، حدثنا الأوزاعي، عن أبي عمار شداد بن عبد الله، عن أم الفضل بنت الحارث، إنها دخلت على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالت: يا رسول الله إني رأيت حلما منكرا الليلة. قال: وما هو؟ قالت: إنه شديد! قال: ما هو؟ قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): رأيت خيرا، تلد فاطمة إن شاء الله غلاما يكون في حجرك، فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فدخلت يوما إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاته فإذا عينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تهريقان من الدموع. قالت: فقلت: يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك؟ قال: أتاني جبرئيل (عليه السلام) فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا. 
فقلت: هذا؟ فقال: نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء .
– أخرج الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن محمد المفسر، أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الحفيد، حدثنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عامر الطائي بالبصرة، حدثني أبي، حدثني علي بن موسى، حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر بن محمد، حدثني أبي محمد بن علي، حدثني أبي علي بن الحسين، قال: حدثتني أسماء بنت عميس قالت: قبلت جدتك بالحسن والحسين… فلما ولد الحسين جاءني النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا أسماء هاتي ابني فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، ثم وضعه في حجره وبكى، قالت: فقلت: فداك أبي وأمي مم بكاؤك؟ قال: على ابني هذا، فقلت: إنه ولد الساعة، قال: يا أسماء تقتله الفئة الباغية لا أنالهم الله شفاعتي، ثم قال: يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا، فإنها قريبة عهد بولادته .
– أخرج الحافظ الطبراني في المعجم، قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة المروزي، نا علي بن الحسين بن وافد، نا أبي، نا أبو غالب عن أبي أمامة، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لنسائه: لا تبكوا هذا الطفل (يعني الحسين) قال: وكان يوم أم سلمة، فنزل جبرئيل فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وقال لأم سلمة: لا تدعي أحدا يدخل، فأخذته أم سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه وتسكته، فلما اشتد في البكاء خلت عنه، فدخل حتى جلس في حجر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال جبرئيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن أمتك ستقتل ابنك هذا، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يقتلونه وهم مؤمنون بي؟ قال: نعم يقتلونه. 
فتناول جبريل تربة فقال: كذا وكذا، فخرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد احتضن حسينا كاسف البال، مهموما، فظنت أم سلمة أنه غضب من دخول الصبي عليه، فقالت: يا نبي الله، جعلت لك الفداء، إنك قلت لنا: لا تبكوا هذا الصبي، وأمرتني أن لا أدع أحدا يدخل عليك، فجاء فخليت عنه، فلم يرد عليها، فخرج إلى أصحابه وهم جلوس. فقال: إن أمتي يقتلون هذا، وفي القوم أبو بكر وعمر، (وكانا أجرأ القوم عليه) فقالا: يا نبي الله يقتلونه وهم مؤمنون؟!
قال: نعم، وهذه تربته، فأراهم إياها.
– أخرج الحافظ ابن عساكر قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي، حدثنا أبو محمد الحسن بن علي إملاء. وأخبرنا أبو نصر بن رضوان، وأبو غالب محمد بن الحسن، وأبو محمد عبد الله بن محمد قالوا: حدثنا محمد الحسن بن علي، نا أبو بكر بن مالك، نا إبراهيم بن عبد الله، نا حجاج، نا حماد بن أبان عن شهر بن حوش، عن أم سلمة قالت: كان جبريل عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والحسين معي، فبكى فتركته فدنا من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال جبريل: أتحبه يا محمد؟ فقال: نعم. قال: إن أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها فأراه إياها، فإذا يقال لها: كربلاء .
– عن خالد بن مخلد ومحمد بن عمرة، قالا: حدثنا موسى بن يعقوب الزمعي، قال: أخبرني هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن وهب بن زمعة، قال: أخبرتني أم سلمة أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اضطجع ذات يوم للنوم فاستيقظ فزعا وهو خاثر! ثم اضطجع واستيقظ وهو خاثر دون المرة الأولى، ثم اضطجع فنام فاستيقظ فزعا وبيده تربة حمراء يقلبها بيده وعيناه تهرقان بالدموع! فقلت: ما هذه التربة يا رسول الله؟ فقال: أخبرني جبريل أن ابني الحسين يقتل بأرض العراق! فقلت لجبريل: أرني تربة الأرض التي يقتل بها، فجاء بها فهذه تربته .
– عن يعلى ومحمد ابنا عبيد، قالا: حدثني موسى الجهني عن صالح بن أربد النخعي، قال: قالت أم سلمة: قال لي نبي الله: اجلسي بالباب فلا يلج علي أحد فجاءه الحسين وهو وضيف فذهبت تناوله فسبقها فدخل.
قالت: فلما طال علي خفت أن يكون قد وجد علي فتطلعت من الباب فإذا في كف النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شئ يقلبه، والصبي نائم على بطنه ودموعه تسيل.
فلما أمرني أن أدخل قلت: يا رسول الله، إن ابنك جاء فذهبت أتناوله فسبقني، فلما طال علي فتطلعت من الباب فرأيتك تقلب شيئا في كفك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل!
فقال: إن جبريل أتاني بالتربة التي يقتل عليها، وأخبرني أن أمتي يقتلونه .
– عن أبي بكر السمعاني قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد المطرز قال: أخبرنا أبو نعيم بن عبد الحميد قال: حدثنا سليمان بن بلال من كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم سلمة قالت: كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) جالسا ذات يوم فقال: لا يدخلن علي أحد فانتظرت فدخل الحسين، فسمعت نشيج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يبكي فأطلعت فإذا في حجره الحسين أو في جنبه يمسح رأسه وهو يبكي، فقلت: والله ما علمت به حتى دخل، قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إن جبريل كان معنا في البيت، فقال: أتحبه؟ فقلت: من حب الدنيا فنعم، فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبريل من ترابها فأراه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما أحيط بالحسين حين قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: أرض كربلاء، قال: صدق رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أرض كرب وبلاء .
– أخرج الحافظ الكبير أبو القاسم الطبراني في (المعجم الكبير) لدى ترجمة الحسين السبط (عليه السلام) قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثني عباد بن زياد الأسدي، نا عمرو بن ثابت بن الأعمش، عن أبي وايل شقيق بن سلمة، عن أم سلمة قالت: كان الحسن والحسين (رضي الله عنهما) يلعبان بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيتي، فنزل جبريل (عليه السلام) فقال: يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك، فأومأ بيده إلى الحسين، فبكى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضمه إلى صدره، ثم قال لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): وديعة عندك هذه التربة، فشمها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال: ريح كرب وبلاء.
قالت: وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد قتل.
قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول: إن يوما تحولين دما ليوم عظيم .
وقيل لما أتى جبرئيل بالتربة إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من موضع يهراق فيه دم أحد ولديه ولم يخبر باسمه: شمها وقال: هذه رائحة ابني الحسين وبكى، فقال: جبرئيل: صدقت.
– أخرج الإمام أحمد بن حنبل في المسند قال: حدثنا مؤمل، ثنا عمارة بن راذان، ثنا ثابت عن أنس بن مالك، إن ملك المطر أستأذن ربه أن يأتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأذن له، فقال لأم سلمة: اغلقي علينا الباب، لا يدخل علينا أحد. 
قال: وجاء الحسين ليدخل فمنعته، فوثب فدخل فصعد على ظهر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلى منكبه وعلى عاتقه قال: فقال الملك للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم): أتحبه؟ قال: نعم. قال: أما إن أمتك ستقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، فضرب بيده فجاء بطينة حمراء، فأخذتها أم سلمة فصرتها في خمارها. قال: قال ثابت: بلغنا أنها كربلاء .
وأخرجه الحافظ البيهقي في دلائل النبوة قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عبدان، أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، حدثنا عبد الصمد بن حسان بالإسناد بلفظ: استأذن ملك أن يأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأذن له فقال لأم سلمة: احفظي علينا الباب لا يدخلني أحد، قال: فجاء الحسين بن علي فوثب حتى دخل فجعل يقع على منكب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال الملك: أتحبه؟ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): نعم، قال: فإن أمتك تقتله، وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه قال: فضرب بيده وأراه ترابا أحمر، فأخذته أم سلمة فصرته في ثوبها، كنا نسمع أن يقتل بكربلاء .
وأخرجه الحافظ ابن عساكر، وفي لفظه: فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يلثمه ويقبله . فقال: وفي رواية: أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأم سلمة: هذه التربة وديعة عندك، فإذا تحولت دما فاعلمي أن ابني قد قتل، فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم وتقول: إن يوما تتحولين فيه دما ليوم عظيم.
وذكر الخوارزمي، قال شرحبيل بن أبي عون: إن الملك الذي جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إنما كان ملك البحار، وذلك إن ملكا من ملائكة الفراديس، نزل إلى البحر ثم نشر أجنحته عليه وصاح صيحة قال فيها: يا أهل البحار البسوا ثياب الحزن، فإن فرخ محمد مقتول مذبوح، ثم جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا حبيب الله تقتل على هذه الأرض فرقتان من أمتك بأرض كرب وبلاء. وهذه التربة عندك. 
وناوله قبضة من أرض كربلاء، وقال له: تكون هذه التربة عندك حتى ترى علامة ذلك. ثم حمل ذلك الملك من تربة الحسين في بعض أجنحته، فلم يبق في سماء الدنيا ملك إلا وشم تلك التربة وصار لها عنده أثر وخبر، قال: أخذ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تلك القبضة التي أتاه بها الملك، فجعل يشمها ويبكي، ويقول في بكائه: اللهم لا تبارك في قاتل ولدي، وأصله نار جهنم، ثم دفع تلك القبضة إلى أم سلمة وأخبرها بقتل الحسين بشاطئ الفرات، قال: يا أم سلمة هذه التربة إليك، فإنها إذا تغيرت وتحولت دما عبيطا فعند ذلك يقتل ولدي الحسين .
وفي رواية أخرى قالت: ثم ناولني كفا من تراب أحمر، وقال: إن هذا من تربة الأرض التي يقتل بها، فمتى صار دما عبيطا فاعلمي أنه قد قتل، قالت أم سلمة: فوضعته في قارورة عندي وكنت أقول: إن يوما يتحول فيه دما ليوم عظيم، وفي رواية عنها: فأصبته يوم قتل الحسين وقد صار دما. وفي أخرى ثم قال يعني جبريل ألا أريك تربة مقتله، فجاء بحصيات فجعلهن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في قارورة، قالت أم سلمة: فلما كانت ليلة قتل الحسين سمعت قائلا يقول: 
أيها القاتلون جهلا حسينا * أبشروا بالعذاب والتنكيل
قد لعنتم على لسان ابن داود * ويحيى وحامل الإنجيل
– أخرج الحافظ ابن عساكر في رواية مسندا عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه قال: قالت أم سلمة (رضي الله عنه): كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نائما في بيتي، فجاء الحسين (رضي الله عنه) يدرج فقعدت على الباب فأمسكته مخافة أن يدخل فيوقظه، ثم غفلت في شئ فدب فدخل فقعد على بطنه، قالت: فسمعت نحيب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)
فجئت فقلت: يا رسول الله، والله ما علمت به! فقال: إنما جاءني جبرئيل (عليه السلام) – وهو على بطني قاعد – فقال لي: أتحبه؟ فقلت: نعم، قال: إن أمتك ستقتله، ألا أريك التربة التي يقتل بها؟ قال: فقلت: بلى، قال: فضرب بجناحه فأتى بهذه التربة قالت: وإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ويقول: يا ليت شعري من يقتلك بعدي ؟
– روي بإسناد آخر عن أم سلمة أنها قالت: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من عندنا ذات ليلة فغاب عنا طويلا، ثم جاءنا وهو أشعث أغبر ويده مضمومة، فقلت له: يا رسول الله ما لي أراك شعثا مغبرا؟ فقال: أسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له (كربلاء)، فأريت فيه مصرع الحسين (عليه السلام) ابني وجماعة من ولدي وأهل بيتي، فلم أزل القط دماءهم فهاهو في يدي وبسطها إلي فقال: خذيه فاحتفظي به فأخذته فإذا هو شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة وشددت رأسها واحتفظت به.
فلما خرج الحسين (عليه السلام) من مكة متوجها نحو العراق، كنت أخرج تلك القارورة في كل يوم وليلة أشمها وأنظر إليها ثم أبكي لمصابه، فلما كان اليوم العاشر من المحرم وهو اليوم الذي قتل فيه الحسين (عليه السلام)، أخرجتها في أول النهار وهي بحالها، ثم عدت إليها آخر النهار فإذا هي دم عبيط، فصحت في بيتي وبكيت وكظمت غيظي مخافة من أن يسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسروا بالشماتة فلم أزل حافظة للوقت واليوم حتى جاءنا الناعي ينعاه فحقق ما رأيت.
– عن الباقر (عليه السلام) قال: لما أراد الحسين (عليه السلام) الخروج إلى العراق بعثت إليه أم
سلمة رضي الله عنها وهي التي كانت ربته وكان أحب الناس إليها وكانت أرق الناس عليه وكانت تربة الحسين عندها في قارورة دفعها إليها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
فقالت: يا بني أتريد أن تخرج فقال لها: يا أماه أريد أن أخرج إلى العراق. فقالت: إني أذكرك الله تعالى أن تخرج إلى العراق. قال: ولم ذلك يا أماه. قالت: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: يقتل ابني الحسين بالعراق وعندي يا بني تربتك في قارورة مختومة دفعها إلي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: يا أماه والله إني لمقتول وإني لا أفر من القدر والمقدور والقضاء المحتوم والأمر الواجب من الله تعالى. فقالت: واعجباه فأين تذهب وأنت مقتول فقال: يا أماه إن لم أذهب اليوم ذهبت غدا وإن لم أذهب غدا لذهبت بعد غد وما من الموت – والله يا أماه – بد، وإني لأعرف اليوم والموضع الذي أقتل فيه والساعة التي أقتل فيها والحفرة التي أدفن فيها كما أعرفك وأنظر إليها كما أنظر إليك. قالت: قد رأيتها! قال: إن أحببت أن أريك مضجعي ومكاني، فأراها مضجعه ومكانه ومكان أصحابه، وأعطاها من تلك التربة، فخلطتها مع التربة التي كانت عندها، ثم خرج الحسين (عليه السلام) وقد قال لها: إني مقتول يوم عاشوراء. فلما كانت تلك الليلة التي صبيحتها قتل الحسين بن علي (عليه السلام) فيها أتاها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام أشعث باكيا مغبرا فقالت: يا رسول الله ما لي أراك باكيا مغبرا أشعث! فقال: دفنت ابني الحسين عليه السلام وأصحابه الساعة. فانتبهت أم سلمة رضي الله عنها فصرخت بأعلى صوتها فقالت: وا إبناه. فاجتمع أهل المدينة وقالوا لها: ما الذي دهاك فقالت: قتل ابني الحسين بن علي (عليهما السلام). فقالوا لها: وما علمك (بذلك) قالت: أتاني في المنام رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) باكيا أشعث أغبر فأخبرني أنه دفن الحسين وأصحابه الساعة. فقالوا: أضغاث أحلام قالت: مكانكم فإن عندي تربة الحسين (عليه السلام)، فأخرجت لهم القارورة فإذا هي دم عبيط . 
– عن ابن عباس قال: بينا أنا راقد في منزلي إذ سمعت صراخا عظيما عاليا من بيت أم سلمة وهي تقول: يا بنات عبد المطلب أسعدنني وابكين معي فقد قتل سيدكن فقيل: ومن أين علمت ذلك؟ قالت: رأيت رسول الله الساعة في المنام شعثا مذعورا فسألته عن ذلك، فقال: قتل ابني الحسين وأهل بيته فدفنتهم قالت: فنظرت فإذا بتربة الحسين التي أتى بها جبرئيل من كربلاء وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا صارت دما فقد قتل ابنك فأعطانيها النبي فقال: اجعليها في زجاجة فليكن عندك فإذا صارت دما فقد قتل الحسين فرأيت القارورة الآن صارت دما عبيطا يفور . 
– عن علي بن محمد، عن عثمان بن مقسم، عن المقبري، عن عائشة، قالت: بينما رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) راقد إذ جاء الحسين يحبو إليه فنحيته عنه، ثم قمت لبعض أمري فدنا منه فاستيقظ يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: إن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين، فاشتد غضب الله على من يسفك دمه، وبسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء.
قال: يا عائشة والذي نفسي بيده ليحزنني، فمن هذا من أمتي يقتل حسينا بعدي ؟
– عن محمد بن عمرة، قال: أخبرنا موسى بن محمد بن إبراهيم، عن أبيه، عن أبي سلمة، عن عائشة، قالت: كانت لنا مشربة، فكان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أراد لقي جبريل لقيه فيها، فلقيه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مرة من ذلك فيها، وأمر عائشة أن لا يصعد إليه أحد، فدخل حسين بن علي ولم تعلم حتى غشيها، فقال جبريل: أما إنه سيقتل! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ومن يقتله؟ قال: أمتك! فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أمتي تقتله؟! قال: نعم، وإن شئت أخبرتك بالأرض التي يقتل بها فأشار جبريل إلى الطف بالعراق، وأخذ تربة حمراء فأراه إياها فقال: هذه من تربة مصرعه .
– أخرج الحافظ أبو القاسم الطبري في المعجم الكبير لدى ترجمة الحسين بن علي (عليه السلام) قال: حدثنا أحمد بن رشد بن المصري، نا عمرو بن خالد الحراني، نا ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عن عائشة (رضي الله عنه)، قالت: دخل الحسين بن علي (رضي الله عنه) على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يوحى إليه، فنزا على رسول الله وهو منكب ولعب على ظهره، فقال جبريل لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): أتحبه يا محمد؟
قال: يا جبريل وما لي لا أحب ابني؟ قال: فإن أمتك ستقتله من بعدك. فمد جبريل (عليه السلام) يده فأتاه بتربة بيضاء، فقال: في هذه الأرض يقتل ابنك هذا يا محمد، واسمها الطف، فلما ذهب جبريل (عليه السلام) من عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والتربة في يده يبكي، فقال: يا عائشة إن جبريل (عليه السلام) أخبرني أن الحسين ابني مقتول في أرض الطف، وأن أمتي ستفتتن بعدي، ثم خرج إلى أصحابه فيهم علي وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر (رضي الله عنه) وهو يبكي فقالوا: ما يبكيك يا رسول الله. فقال: أخبرني جبريل: أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف وجاءني بهذه التربة وأخبرني أن فيها مضجعه .
– أخرج الحافظ أبو القاسم الطبراني في ” المعجم الكبير ” لدى ترجمة الحسين (عليه السلام) قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا الحسين بن الحريث، حدثنا الفضل بن موسى بن عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عن عائشة: أن الحسين بن علي دخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): يا عائشة ألا أعجبك لقد دخل علي ملك آنفا ما دخل علي قط، فقال: إن ابني هذا مقتول، وقال: إن شئت أريتك تربته التي يقتل فيها، فتناول الملك بيده فأراني تربة حمراء .
وأخرج إمام الحنابلة في المسند قال: ثنا وكيع قال: حدثني عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة قال وكيع: شك، وهو يعني عبد الله بن سعيد أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال لأحدهما: لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء .
– أخبرتنا أم المجتبى العلوية، قالت: قرأ علي أبي القاسم السلمي، أنبأنا أبو بكر بن المقرئ، أنبأنا أبو يعلى، أنبأنا عبد الرحمن بن صالح، أنبأنا عبد الرحيم بن سليمان، عن ليث بن أبي سليم، عن جوير بن الحسن العبسي، عن مولى لزينب أو عن بعض أهله، عن زينب قالت: بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في بيتي وحسين عندي حين درج، فغفلت عنه فدخل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فجلس على بطنه، قالت: فبال عليه، فانطلقت لأخذه، فاستيقظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقال: دعيه، فتركته حتى فرغ، ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بماء فقال: إنه يصب من الغلام ويغسل من الجارية، فصبوا صبا، ثم توضأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم قام يصلي، فلما قام احتضنه إليه، فإذا ركع أو جلس وضعه، ثم جلس فبكى، ثم مد يده (فدعا الله تعالى) فقلت حين قضى صلاته: يا رسول الله إني رأيتك اليوم صنعت شيئا ما رأيتك تصنعه قبل اليوم؟! قال: إن جبريل أتاني فأخبرني أن هذا تقتله أمتي!! فقلت: يا جبريل أرني تربة مصرعه، فأراني تربة حمراء .
– أخبرنا عفان بن مسلم، ويحيى بن عباد، وكثير بن همام، وموسى بن إسماعيل، قالوا: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: رأيت النبي فيما يري النائم، وهو قائم أشعث أغبر بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي وأمي ما هذا؟ قال: دم الحسين وأصحابه أنا منذ اليوم التقطه.
قال: فأحصي ذلك اليوم فوجده قتل ذلك اليوم .
– عن ابن عباس في حديث طويل قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ألا وإن جبرئيل قد أخبرني بأن أمتي تقتل ولدي الحسين بأرض كربلاء، ألا فلعنة الله على قاتله وخاذله آخر الدهر. قال: ثم نزل عن المنبر، ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا وتيقن بأن الحسين مقتول. حتى إذا كان في أيام عمر بن الخطاب وأسلم كعب الأحبار، وقدم المدينة، جعل أهل المدينة يسألون عن الملاحم التي تكون آخر الزمان، وكعب يحدثهم بأنواع الملاحم والفتن، فقال كعب لهم: وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا، وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب وقد ذكره في كتابكم * (ظهر الفساد في البر والبحر) * وإنما فتح بقتل هابيل ويختم بقتل الحسين بن علي .
– أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان، أخبرنا أبو الحسين بن بشران، أخبرنا الحسين بن صفوان، أخبرنا عبد الله بن أبي الدنيا، نا عبد الله بن محمد بن هاشمي أبو عبد الرحمن النحوي، نا معدي بن سليمان، نا علي بن زيد بن جذعان قال: استيقظ ابن عباس من نومه فاسترجع، وقال: قتل الحسين والله، فقال له أصحابه: كلا يا ابن عباس، قال: رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه زجاجة من دم، فقال: إلا تعلم ما صنعت أمتي من بعدي؟ قتل ابني الحسين، وهذا دمه ودم أصحابه أرفعها إلى الله عز وجل.
قال: فكتب ذلك اليوم الذي قال فيه ذلك وتلك الساعة، قال: فما لبثوا إلا أربعة وعشرين يوما حتى جاءهم الخبر بالمدينة أنه قتل في ذلك اليوم وتلك الساعة .
– أخرج أحمد في المسند قال: حدثنا عفان، نا حماد هو بن سلمة، نا عمار عن ابن عباس، قال: رأيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما يرى النائم بنصف النهار، وهو قائم أشعث أغبر، بيده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين وأصحابه، لم أزل التقطه من منذ اليوم، فأحصينا ذلك اليوم، فوجدوه قتل في ذلك اليوم .
– عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: سمعته يقول: بينا الحسين (عليه السلام) عند رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذ أتاه جبرئيل، فقال: يا محمد أتحبه؟ قال: نعم، قال: أما إن أمتك ستقتله، قال: فحزن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك حزنا شديدا، فقال: جبرئيل أيسرك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟ قال: فخسف جبرئيل ما بين مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى كربلا حتى التقت القطعتان هكذا، وجمع بين السبابتين، فتناول بجناحه من التربة، فناولها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ثم دحا الأرض أسرع من طرف العين، فقال: رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): طوبى لك من تربة وطوبى لمن يقتل فيك .
إخبار رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الحسين يقتله يزيد – قال المسور بن مخرمة: لقد آتي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ملك من ملائكة الصفيح الأعلى، لم ينزل إلى الأرض منذ خلق الله الدنيا، أستأذن ذلك الملك ربه ونزل شوقا منه إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلما نزل إلى الأرض أوحى الله عز وجل إليه: أيها الملك أخبر محمدا بأن رجلا من أمته يقال له (يزيد) يقتل فرخك الطاهر وابن الطاهرة نظيرة البتول مريم ابنة عمران، فقال الملك: إلهي وسيدي، لقد نزلت وأنا مسرور بنزولي لما أمرت، فجاء وقد نشر أجنحته حتى وقف بين يديه، فقال: السلام عليك يا حبيب الله، إني استأذنت ربي في النزول إليك، فليت ربي دق جناحي ولم آتك بهذا الخبر ولكني مأمور يا نبي الله، اعلم أن رجلا من أمتك يقال له (يزيد) يقتل فرخك الطاهر بن فرختك الطاهرة نظيرة البتول مريم ابنة عمران، ولم يمتع من بعد ولدك، وسيأخذه الله معاقبة على أسوء عمله، فيكون من أصحاب النار .
– أخرج الطبراني قال: حدثنا الحسن بن عباس الرازي، نا سليم بن منصور بن عمار، نا أبي، نا أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان الرقي، نا عمرو بن بكر بن بكار القضبي، نا مجاشع بن عمرو قالا: نا عبد الله بن لهيعة عن أبي قبيل، حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص، أن معاذ بن جبل أخبره، قال: خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) متغير اللون فقال: أنا محمد أوتيت فواتح العلم وخواتمه، فأطيعوني ما دمت بين أظهركم، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله عز وجل أحلوا حلاله، وحرموا حرامه، أتتكم الموتة، أتتكم بالروح والراحة بكتاب الله من الله سبق، أتتكم فتن كقطع الليل المظلم، كلما ذهب رسل جاء رسل، تناسخت النبوة فصارت ملكا رحم الله من أخذها بحقها وخرج منها كما دخلها. 
أمسك يا معاذ واحص، قال: فلما بلغت خمسة قال: يزيد لا يبارك الله في يزيد، ثم ذرفت عيناه، ثم قال: نعي إلي الحسين، وأتيت بتربته وأخبرت بقاتله، والذي نفسي بيده لا يقتل بين ظهراني قوم لا يمنعوه إلا خالف الله بين صدورهم وقلوبهم، وسلط الله عليهم شرارهم، وألبسهم شيعا ثم قال: واها لفرخ آل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) من خليفة مستخلف مترف، يقتل خلف وخلف الخلف .
– قال الحافظ الخوارزمي ولما أتى على الحسين من ولادته سنة كاملة، هبط على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنا عشر ملكا محمرة وجوههم، قد نشروا أجنحتهم، وهم يقولون: يا محمد سينزل بولدك الحسين ما نزل بهابيل من قابيل، وسيعطى مثل أجر هابيل، ويحمل على قاتله مثل وزر قابيل، قال: ولم يبق في السماء ملك إلا ونزل على النبي يعزيه بالحسين ويخبره بثواب ما يعطى، ويعرض عليه تربته، والنبي يقول: اللهم أخذل من خذله، وأقتل من قتله، ولا تمنعه بما طلبه.
ولما أتت على الحسين من مولده سنتان كاملتان، خرج النبي في سفر فلما كان في بعض الطريق وقف فاسترجع ودمعت عيناه، فسئل عن ذلك فقال: هذا جبريل يخبرني عن أرض بشاطئ الفرات يقال لها: كربلاء، يقتل فيها ولدي الحسين بن فاطمة، فقيل: من يقتله يا رسول الله؟ فقال: رجل يقال له يزيد، لا بارك الله في نفسه، وكأني أنظر إلى منصرفه ومدفنه بها، وقد أهدى رأسه، والله ما ينظر أحد إلى رأس ولدي الحسين فيفرح إلا خالف الله بين قلبه ولسانه – يعني ليس في قلبه ما يكون بلسانه من الشهادة – قال: ثم رجع النبي من سفره ذلك مغموما، فصعد المنبر فخطب ووعظ والحسين بين يديه مع الحسن، فلما فرغ من خطبته وضع يده اليمنى على رأس الحسين، وقال: اللهم إني محمد عبدك ونبيك، وهذان أطائب عترتي، وخيار ذريتي، وأرومتي، ومن أخلفهما بعدي.
اللهم وقد أخبرني جبريل بأن ولدي هذا مقتول مخذول، اللهم فبارك لي في قتله، واجعله من سادات الشهداء إنك على كل شئ قدير، اللهم ولا تبارك في قاتله وخاذله.
قال: فضح الناس في المسجد بالبكاء، فقال النبي: أتبكون ولا تنصرونه؟! اللهم فكن له أنت وليا وناصرا .

المصدر: http://h-najaf.iq

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى