منوعات

أثر الفرقة في هدم نسيج المجتمع في فكر الامام علي ( عليه السلام )

الباحث: محمد حاكم الكريطي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خير خلق الله أجمعين أبي القاسم محمد وآله الطاهرين. وبعد:

قال الإمام علي (عليه السلام): ((ما اختلفت دعوتان الا كانت إحداهما ضلالة))[1]، يظهر أن قول الإمام ( عليه السلام ) هذا مأخوذ من معنى الآية المباركة {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}[2]، وهذا التنازع في القران الكريم هو بمعنى اختلاف الدعوات التي أشار إليها الإمام (عليه السلام) , وفيه تحذير للحث على رص صفوف الامة والابتعاد عن التشتت الفكري الذي يؤدي حتما الى التشتت النفسي والروحي للمجتمع وهذا ما يهدد النسيج الاجتماعي حيث يتم هدم ما تم بناؤه؛ ذلك بسبب الفرقة، ولكثرة الاتجاهات الفكرية يبدو التخاصم العقلي وهو من اشد الخصومات, لأن تلك الحال يمكن أن تدفع الى أمور تصل الى حد إراقة الدماء, لأن العقيدة هي المحرك والدافع الاول وراء كل الافعال ويتوقف نوع الفعل على نوع العقيدة, فإذا كان هناك فساد في العقيدة لابد أن تنتج افكارا فاسدة من شأنها أن تهدد السلم المجتمعي, وهذا ما نلاحظه وسط المجتمعات الاسلامية التي تفرقت الى فرق عدة, بعد ان زاغت عن طريق الحق بعد وفاة النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) , ولم تلتزم بوصيته الشرعية، التي نصت على تنصيب الإمام علي (عليه السلام), وهذا الواقع الاسلامي المعاش نلاحظه كيف ابتعد عن نهج أهل البيت (عليهم السلام) ولو كانوا على هذا الطريق لما وصلت الامة الإسلامية الى هذه الحال التي هم عليها, فنجد أن هذا الواقع الإسلامي كيف بدأ كاسفا اليوم, فنشأت جماعات إسلامية متعددة كل تدعي الحق معها وتكفر الأخرى، وهذا التكفير تسبب في استباحة الدماء , فهذا القتل والتشريد هو اضعاف لكلمة الاسلام, وصار بناء الاسلام الى خراب بعد نشوء هذه الجماعات التي تخاصم بعضها بعضا, وهذا كله نتيجة الابتعاد عن نهج أهل بيت رسول الله (عليهم السلام) فطريقهم هو الطريق الذي رسمته السماء, لذلك نرى من المحال أن يكون هناك فرد يدعي الانتماء الى نهج أهل البيت (عليهم السلام) ويستطيع تكفير الآخر على الرغم من تكفير الآخر لهذا النهج المحمدي الأصيل, فضلا عن هذه الفرقة التي أحدثت شرخا في الاسلام وذلك بسبب الافتراق عن نهج أهل البيت (عليهم السلام) كما أشرنا, فقد استثمر أعداء الإسلام هذه الحال من الارباك الفكري ودخلوا من خلالها الى المجتمع محاولين بث الوهن والضعف في جسد الامة, وقد تمكنوا من النجاح, وهذا بعيد عن فكر أهل البيت (عليهم السلام), فقد تسور فكرهم بجدار منيع ظل حصينا في وجه دعاة الفرقة وقد التمسوا اتباع أهل البيت (عليهم السلام) مدهم الروحي والعقائدي من هذه الأفكار التي عنونا بها كلامنا, فهذا محال أن تتسرب من خلاله الأفكار الغربية التي تحرص على ايجاد الصراع الإسلامي الإسلامي, ولأن هذه القلعة الحصينة التي عنوانها محمد وآل محمد (عليهم السلام) ظلت منيعة في وجه الحركات الغربية المريبة, ارتد الغربيون على أدبارهم وراحوا يستثمرون المسلم الآخر ليكون ساحة لاستيعاب ما يملون عليه من أفكار بعيدة عن واقع الإسلام وحقيقته, ليظن بها المخدوعون انها إسلامية ويتبنوها وبذلك تدفع بهم الى خسران الدنيا والآخرة .

الهوامش:

[1] – نهج البلاغة , قصار الحكم : 518

[2] – سورة الانفال : 46.

المصدر:

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى