مقالات

أربعون حديثاً في حديثٍ واحدٍ (بسند معتبر على التحقيق)

بسمِ اللّٰهِ الرَّحمٰنِ الرَّحيمِ

إعداد: زكريَّا بركات

روى الصدوق في الخصال 2 : 543 ـ 544 ، برقم 19 ، قال:

حدَّثنا عليُّ بن أحمد بن موسى الدقَّاق؛ والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتِّب؛ ومحمَّد بن أحمد السِّنانيُّ رضي الله عنهم، قالوا: حدَّثنا محمَّد بن أبي عبد الله الأسدي الكوفي أبو الحسين، قال: حدَّثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمِّه الحسين بن يزيد، عن إسماعيل بن الفضل الهاشمي، وإسماعيل بن أبي زياد جميعاً، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه محمَّد بن عليٍّ، عن أبيه عليِّ بن الحسين، عن أبيه الحسين بن عليٍّ (عليهم السلام) ، قال:

إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلَّم) أوصى إلى أمير المؤمنين عليِّ بن أبي طالب (عليهما السلام) ، وكان فيما أوصى به أن قال له:

يا علي؛ من حفظ من أُمَّتي أربعين حديثاً يطلب بذلك وجه الله ـ عزَّ وجلَّ ـ والدار الآخرة، حشره الله يوم القيامة مع النَّبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقاً.

فقال عليٌّ (عليه السلام) : يا رسول الله؛ أخبرني ما هذه الأحاديثُ؟

فقال (صلى الله عليه وآله وسلَّم) : أن تؤمن بالله وحدَه لا شريك له، وتعبدَهُ ولا تعبُدَ غيره، وتقيمَ الصلاة بوضوء سابغ في مواقيتها، ولا تؤخِّرَها؛ فإنَّ في تأخيرها من غير علَّة غضبَ اللهِ عزَّ وجلَّ، وتؤدِّي الزكاة، وتصوم شهر رمضان، وتحجَّ البيت إذا كان لك مالٌ وكنت مستطيعاً، وألَّا تعُقَّ والديك، ولا تأكل مال اليتيم ظلماً، ولا تأكلَ الرِّبا، ولا تشرب الخمر، ولا شيئاً من الأشربة المسكرة، ولا تزني، ولا تلوط، ولا تمشي بالنميمة، ولا تحلف بالله كاذباً، ولا تسرق، ولا تشهد شهادة الزُّور لأحد؛ قريباً كان أو بعيداً، وأن تقبل الحقَّ ممَّن جاء به صغيراً كان أو كبيراً، وألَّا تركن إلى ظالم، وإن كان حميماً قريباً، وألَّا تعمل بالهوى، ولا تقذف المحصنة، ولا ترائي؛ فإنَّ أيسر الرِّياء شركٌ بالله عزَّ وجلَّ، وألَّا تقول لقصير يا قصير، ولا لطويل يا طويل؛ تريد بذلك عيبه، وألَّا تسخر من أحدٍ من خلق الله، وأن تصبر على البلاء والمصيبة، وأن تشكر نعم الله التي أنعم بها عليك، وألَّا تأمن عقابَ الله على ذنب تصيبه، وألَّا تقنط من رحمة الله، وأن تتوب إلى الله عزَّ وجلَّ من ذنوبك؛ فإنَّ التائب من ذنوبه كمن لا ذنب له، وألَّا تُصِرَّ على الذنوب مع الاستغفار؛ فتكون كالمستهزئ بالله وآياته ورُسُلِه، وأن تعلم أنَّ ما أصابك‏ لم يكن لِيُخطئك، وأنَّ ما أخطأك لم يكن لِيُصيبَك، وألَّا تطلب سخط الخالق برضا المخلوق، وألَّا تؤثر الدنيا على الآخرة؛ لأنَّ الدنيا فانية والآخرة باقية، وألَّا تبخل على إخوانك بما تقدر عليه، وأن تكون سريرتك كعلانيتك، وألَّا تكون علانيتك حسنةً وسريرتك قبيحة؛ فإن فعلت ذلك كنت من المنافقين، وألَّا تكذب، وألَّا تخالط الكذَّابين، وألَّا تغضب إذا سمعت حقًّا، وأن تؤدِّب نفسك وأهلك وولدك وجيرانك على حسب الطاقة، وأن تعمل بما علمت، ولا تُعاملنَّ أحداً من خلق الله عز وجل إلَّا بالحق، وأن تكون سهلاً للقريب والبعيد، وألَّا تكون جبَّاراً عنيداً، وأن تُكثر من التسبيح والتهليل والدُّعاء وذكرِ الموت وما بعده من القيامة والجنَّة والنار، وأن تُكثر من قراءة القرآن وتعملَ بما فيه، وأن تستغنم البرَّ والكرامة بالمؤمنين والمؤمنات، وأن تنظر إلى كلِّ ما لا ترضى فعله لنفسك؛ فلا تفعله بأحدٍ من المؤمنين، ولا تملَّ من فعل الخير، وألَّا تُثقِّل على أحدٍ، وأن لا تمُنَّ على أحدٍ إذا أنعمت عليه، وأن تكون الدُّنيا عندك سجناً؛ حتَّى يجعل الله لك جنَّة. فهذه أربعون حديثاً، من استقام عليها وحفظها عنِّي من أُمَّتي، دخل الجنَّة برحمة الله، وكان من أفضل الناس وأحبِّهم إلى الله عزَّ وجلَّ بعد النبيِّين والوصيِّين، وحشره الله يوم القيامة مع النبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالحين، وحسُن أولئك رفيقاً. انتهى.

أقول: سند الرواية معتبر على التحقيق.

وعنه العلامة المجلسي (رض) في البحار 2 : 154 ، الباب 20 ، برقم 7 . وقال:

ظاهر هذا الخبر أنه لا يُشترط في حفظ الأربعين حديثاً كونُها منفصلةً بعضها عن بعض في النقل، بل يكفي لذلك حفظ خبر واحد يشتمل على أربعين حُكماً؛ إذْ كلٌّ منها يصلح لأن يكون حديثاً برأسه. ويُحتمل أن يكون المراد بيان مورد هذه الأحاديث؛ أي أربعين حديثاً يتعلَّق بهذه الأمور…

إلى أن قال المجلسي (رض) : وتصحيح عدد الأربعين إنَّما يتيسَّر بجعل بعض الفقرات المكرَّرة ظاهراً، تفسيراً وتأكيداً لبعض. انتهى.

واللّٰه وليُّ التوفيق، والحمدُ للّٰه ربِّ العالمين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى