مقالات

الشبهة الخامسة عشر: شبهة إهانة الشيعة للإمام الحسن عليه السلام بوصفهم إياه مذل المؤمنين

مضمون الشبهة:
يتمطّق بعض من لا خلاق له بهراء، ويتنطع بفضول القول مدعياً أن الشيعة يصفون إمامهم الحسن بن عليّ عليهما السلام بمذل المؤمنين ومسود وجوههم!.
ثم يهرف بما لا يعرف فيسترسل مستدلاً على ذلك: بأن (سفيان بن أبي ليلى) كان أحد خواصّ أصحاب الإمام الحسن عليه السلام، ويستشهد جهلاً على قرب ومنزلة سفيان من الإمام عليه السلام بما رواه الكشـي في رجاله عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام في ضمن حديث له، أنه قال: (إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ….. إلى قوله… ثم ينادي المنادي (أين حواري الحسن بن علي وابن فاطمة بنت محمد رسول الله)؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني، وحذيفة بن أسيد الغفاري…).
ثم يسترسل ليملأ فاه مزيداً من الهذر قائلاً: فهذا الحواري الذي سينادي يوم القيامة بوصفه حواري الحسن بن علي عليهما السلام يوم القيامة، هو نفسه القائل للحسن بن عليّ: (السلام عليك يا مذل المؤمنين), وذاك طبقاً لرواية الكشي في رجاله, عن أبي حمزة عن الإمام محمد بن عليّ الباقر, قال: (جاء رجل من أصحاب الحسن عليه السلام يقال له سفيان بن أبي ليلى وهو على راحلة له فدخل على الحسن وهو محتب في فناء داره فقال له: السلام عليك يا مذل المؤمنين! فقال له الحسن: انزل ولا تعجل فنزل فعقل راحلته في الدار وأقبل يمشي حتى انتهى إليه. قال: فقال له الحسن: ما قلت؟ قال: قلت: السلام عليك يا مذل المؤمنين! قال: وما علمك بذلك؟ قال: عمدت إلى أمر الأمة فخلعته من عنقك وقلدته هذا الطاغية يحكم بغير ما أنزل الله, قال: فقال له الحسن عليه السلام: سأخبرك لم فعلت ذلك…), وهكذا نرى أن كل ما فعله الإمام الحسن بن عليّ هو أمره (سفيان بن أبي ليلى) بالصبر والاصطبار، ولم يقل له: اسكت! إني عالم بالغيب وعارف بما ستصير إليه الأمور لذا قمت بما قمت به!! كما أن (سفيان بن أبي ليلى) أيضاً لم يكن يعتقد في حق إمامه الحسن بمثل تلك العقيدة ولا كان أحد من الشيعة في زمن الحسن يعتقد فيه بمثل ذلك.. وغير هذا وذاك فإن (ابن شهرآشوب) أضاف في (المناقب) أن (حجر بن عدي) – وهو من خواص أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والإمام الحسن عليهما السلام- كان حاضراً في ذلك المجلس أيضاً فقال لإمامه: لوددت أنك كنت مت في مثل ذلك اليوم ومتنا نحن أيضاً معك! ولم نر مثل هذا اليوم!. فهل يمكن لمن يعتقد بعلم الإمام بالغيب أن يقول له مثل هذا الكلام؟(1).
رد الشبهة:
وللرد على هذه الشبهة نتبع الخطوات الآتية:
الخطوة الأولى: هل سفيان بن أبي ليلى من حواريي الإمام المجتبى عليه السلام.
المشهور أن الحواري أصله من الحور بمعنى خلوص البياض، والتحوير بمعنى التبييض، والخبز الحواري الذي نخل طحينه مرة بعد مرة. ومنه في الحديث: الحواري من أمتي أي خاصتي من أصحابي وأنصاري.
والحواريون من أصحاب عيسى عليه السلام أول من آمن به من أصفيائه وخلصائه وكانوا اثني عشر رجلاً, قيل: كانوا قصارين يحورون الثياب أي يبيضونها فسموا الحواريين، ثم صار هذا الاسم مستعملاً فيمن أشبههم من الذين خلصوا من كل ريب ونقوا من كل عيب وأخلصوا سرائرهم ونياتهم في نصرة الأنبياء والأوصياء والتصديق بهم.
وقال الراغب في المفردات: قال بعض العلماء: إنما سموا حواريين لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدين والعلم… وقال: إنما كانوا قصارين على التمثيل والتشبيه، وتصور منه من لم يتخصص بمعرفة الحقايق المهنة المتداولة بين العامة, وقال: وإنما كانوا صيادين لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة وقودهم إلى الحق(2).
وقال المير داماد الاسترابادي: عندي أنه يجوز أن يعتبر أصل الحواري من الحور بمعنى الرجوع؛ لأن حواري الرجل يرجع إليه في أموره، وحواري النبي أو الوصي يرجع إليه في دينه لا إلى غيره(3).
ومما تقدم يتضح أن الحواري هو من خلص من كل ريب ونقي من كل عيب وأخلص سريرته ونيته في نصرة الأنبياء والأوصياء والتصديق بهم, وإذا ما أردنا تطبيق هذا المعنى على سفيان بن أبي ليلى المدعى أنه من حواريي الإمام الحسن السبط عليه السلام سنجد أن هذا المعنى لا ينطبق عليه لا كلاً ولا بعضاً؛ إذ إن تعنيفه وعيبه على الإمام الحسن عليه السلام لصلحه مع معاوية بقوله: (السلام عليك يا مذل المؤمنين), لا ينم عن خلوص نيته وإخلاص سريرته في نصرة الإمام المجتبى عليه السلام مع أن المفروض والمتوقع منه كحواري نصرة الإمام وتأييده بل والرجوع إليه في كل أقواله وأفعاله إلا أن هذا الفرض منتفٍ بحسب الرواية المنقولة التي بينت رفضه واعتراضه على عقد الصلح الذي أبرمه الإمام المجتبى عليه السلام مع معاوية بن أبي سفيان.
وفضلاً عن ذلك, فقد اختلف في اسم سفيان هذا بين سفيان بن ليلى، وسفيان بن أبي ليلى، وسفيان بن يا ليل, وعلى الرغم من ذلك فقد عدّه بعض الرجاليين في حواريي الإمام الحسن السبط عليه السلام، وبعضهم نظر في ذلك كابن داود, قال: سفيان بن أبي ليلى الهمداني من أصحاب الحسن عليه السلام عنونه الكشي وقال: ممدوح من أصحابه عليه السلام، عاتب الحسن بقوله (يا مذل المؤمنين) واعتذر له بأنه قال ذلك محبة، وفيه نظر(4).
وبعضهم استدل بما رواه الشيخ المفيد في الاختصاص(5) والكشي في رجاله(6)، عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام أنه قال: (…ثم ينادي المنادي: أين حواري الحسن بن علي؟ فيقوم سفيان بن أبي ليلى الهمداني وحذيفة بن أسيد الغفاري…).
إلا أن السيد الخوئي قدس سره ضعّف هذه الرواية بالإرسال وجهالة علي بن الحسن الطويل، فلا يمكن الاستدلال بها على مدح الرجل ولا على قدحه(7).
هذا كما أنه لا يمكن الاعتماد على كتاب الاختصاص لعدم ثبوت نسبته إلى الشيخ المفيد قدس سره, وهو ما أشار إليه أيضا السيد الخوئي قدس سره في معجمه(8).
والظاهر من بعض الروايات أن سفيان بن أبي ليلى كان على رأي الخوارج، وهذا ما أشار إليه الشيخ القرشي رحمه الله في موسوعته, قال: (وسفيان بن أبي ليلى كان ممن يدين بفكرة الخوارج فقد دخل على الإمام وتكلم بكلمات تنم عن نفس مترعة بالجفاء والجهل قائلاً: السلام عليك يا مذل المؤمنين)(9), فقد جاء في تذكرة الخواص ما نصه: (وفي رواية ابن عبد البر المالكي في كتاب الاستيعاب أن سفيان بن يا ليل، وقيل ابن ليلى وكنيته أبو عامر، ناداه يا مذل المؤمنين، وفى رواية هشام، ومسود وجوه المؤمنين، فقال له: ويحك أيها الخارجي لا تعنفي؛ فان الذي أحوجني إلى ما فعلت قتلكم أبي، وطعنكم إياي، وانتهابكم متاعي: وأنكم لما سرتم إلى صفين كان دينكم أمام دنياكم، وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم, ويحك أيها الخارجي! انى رأيت أهل الكوفة قوماً لا يوثق بهم، وما اغتر بهم إلا من ذل، ليس رأي أحد منهم يوافق رأي الآخر، ولقد لقي أبي منهم أموراً صعبة وشدائد مرة، وهي أسرع البلاد خراباً، وأهلها هم الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً. وفى رواية: أن الخارجي لما قال له: يا مذل المؤمنين! قال: ما أذللتهم، ولكن كرهت أن أفنيهم واستأصل شأفتهم لأجل الدنيا)(10).
وعليه فلا يمكن بحال من الأحوال الركون إلى الروايات التي يدعى فيها أن المعنف والعائب على الإمام الحسن السبط عليه السلام هو من حوارييه؛ إذ إن تعنيفه وعيبه لا يوحي بذلك بل لا يشم منه رائحة الولاء والاتباع على أقل التقادير, فقول سفيان بن أبي ليلى للإمام الحسن عليه السلام: السلام عليك يا مذل المؤمنين أو يا مسوّد وجوههم كاشفٌ عن اعتقاده ارتكاب الإمام الحسن عليه السلام معصية إذلال المؤمنين، وهو وصف يتنافى مع الاعتقاد بعصمته وإمامته عليه السلام بل لا يمكن بحال من الأحوال صدوره عن المعصوم عليه السلام, ومنه يمكن الجزم بعدم كون سفيان بن أبي ليلى من حواري الإمام الحسن المجتبى عليه السلام.
فعن أبي يحيى كوكب الدم، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (إن حواري عيسى كانوا شيعته، وإن شيعتنا حواريونا وما كان حواري عيسى بأطوع له من حوارينا لنا، وإنما قال عيسى للحواريين: من أنصاري إلى الله؟ قال الحواريون: نحن أنصار الله، فلا والله ما نصروه من اليهود ولا قاتلوهم دونه، وشيعتنا والله لم يزالوا منذ قبض الله عز ذكره رسوله ينصروننا ويقاتلون دوننا ويحرقون ويعذبون ويشردون في البلدان جزاهم الله عنا خيراً)(11).
الخطوة الثانية: في قول الإمام الباقر عليه السلام: (فجاء رجل من أصحاب الحسن).
هناك ذريعة أخرى يتشبث بها المستشكل لإدخال كل من هب ودب في شيعة الإمام الحسن عليه السلام إذ لا يسعه تقبل حقيقة أن شيعة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام دائبون على السمع والطاعة له بعد أبيه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام امتثالاً لأمر الله وسوله صلى الله عليه وآله وسلم لكون الإمامة الكبرى قد انحصرت فيهم صلوات الله عليهم أجمعين, فعن الإمام الرضا عليه السلام قال: (شيعتنا المسلِّمون لأمرنا، الآخذون بقولنا، المخالفون لأعدائنا، فمن لم يكن كذلك فليس منا)(12), وعن الإمام موسى الكاظم عليه السلام: (إنّما شيعتنا مَن شَيَّعَنا، واتّبع آثارنا، واقتدى بأعمالنا)(13).
وفي السرائر: من كتاب أبي القاسم بن قولويه، عن محمد بن عمر بن حنظلة قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: ليس من شيعتنا من قال بلسانه وخالفنا في أعمالنا وآثارنا ولكن شيعتنا من وافقنا بلسانه وقلبه، واتبع آثارنا وعمل بأعمالنا، أولئك شيعتنا(14).
فلفظ الصاحب يطلق للدلالة على العلاقة بين الناس وقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم في ستة عشر موضعاً، وجميعها تدل على أن علاقة الصحبة هي علاقة بين طرفين أحدهما مؤمن والآخر كافر وهي لا تستوجب الملازمة المعنوية بين الطرفين وإنما هي ملازمه ماديه فقط, منها قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ)(15), وقوله تعالى: (وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ)(16), وقوله تعالى: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى)(17), فهذه الموارد للصحبة هي بين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والكافرين.
وقال تعالى: (وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا)(18), وهذا المورد جعل علاقة الصحبة بين الولد ووالديه هي العلاقة الرابطة بينهما في حالة كفر الوالدين.
وقوله تعالى: (يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ)(19), والطرفان هنا هما يوسف النبي والسجينان الكافران.
وقال تعالى: (وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا)(20), والمحاورة هنا بين اثنين أعطاهما الله جنتين لكن أحدهما شكر الله فكان مؤمناً والآخر ظلم نفسه وطغى فصار كافراً، فالمحاورة بين مؤمن وكافر، وكفر الثاني واضح في الآية التالية: (قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا)(21).
فلفظ الصحبة في قول الإمام الباقر عليه السلام:(فجاء رجل من أصحاب الحسن عليه السلام) في الرواية المذكورة إنما هو لفظ يطلق لأجل التمييز والفصل بين الطرفين بين من كان في جيش الإمام الحسن عليه السلام وجيش معاوية بن أبي سفيان, خصوصاً وأن الاعتراض والتعنيف الذي صدر من بعضهم في حق الإمام عليه السلام كان بعد الصلح، الأمر الذي قد يصعب بعده تشخيص من كان قبل الصلح في جيش الإمام الحسن عليه السلام أو في جيش معاوية بن أبي سفيان, فبعد اندماج الطرفين وتداخل الفريقين اقتضى تشخيص المعنف والمعترض على الإمام بلفظ (من أصحابه), فيكون واضحاً عندما نجد لفظ الصحبة أو أصحابه – كما ورد في الرواية – أن هنالك طرفين جمعهما المكان والزمان لأجل حادث ما.
 فإطلاق الصحبة على أفراد جيش الإمام الحسن عليه السلام المتكون من خليط غريب تجمعت فيه عدة اتجاهات مختلفة وعناصر متضادة, مفروضة قهراً عليه للتفريق والتمييز بينهم وبين أفراد جيش معاوية.
وقد بين الإمام المجتبى عليه السلام المراد من الشيعة في رواية جاء فيها أن رجلاً قال له: (يا بن رسول الله إني من شيعتكم! فقال عليه السلام: يا عبد الله إن كنت لنا في أوامرنا وزواجرنا مطيعاً فقد صدقت، وإن كنت بخلاف ذلك فلا تزد في ذنوبك بدعواك مرتبةً شريفةً لست من أهلها…)(22).
وجاء في رواية أخرى أن رجلاً قال للحسين بن علي عليهما السلام: يا بن رسول الله أنا من شيعتكم، قال: اتق الله ولا تدعين شيئاً يقول الله لك كذبت وفجرت في دعواك، إن شيعتنا من سلمت قلوبهم من كل غش وغل ودغل، ولكن قل أنا من مواليكم ومحبيكم(23).
فنسبة شخص إلى هذه المرتبة الشريفة وبهذا الاعتبار الوارد عن أئمة أهل البيت عليهم السلام يعد ذا شأن عظيم ومكانة رفيعة فيما لو تحقق ذلك فيه وكان أهلاً له, وبخلافه يكون مزلقاً شديداً, وفي أحيان يتبرأ منه من نسب إليه هذا الاسم الشريف لظنه وخوفه بعدم لياقته وكفاءته بهذه المنزلة الرفيعة, كما جاء في روايةٍ نُقل فيها للإمام الصادق عليه السلام خبرٌ عن عمار الدهني أنه رفضت شهادته من قبل قاضي الكوفة ابن أبي ليلى لكونه رافضياً فارتعدت فرائصه واستفرغه البكاء وكشف عن سبب ذلك البكاء بقوله للقاضي: (فإنك نسبتني إلى رتبة شريفة لست من أهلها زعمت أني رافضي، ويحك لقد حدثني الصادق عليه السلام أن أول من سمي الرفضة السحرة الذين لما شاهدوا آية موسى في عصاه آمنوا به واتبعوه، ورفضوا أمر فرعون، واستسلموا لكل ما نزل بهم، فسماهم فرعون الرافضة لما رفضوا دينه، فالرافضي كل من رفض جميع ما كره الله، وفعل كل ما أمره الله، فأين في هذا الزمان مثل هذا؟ وإن ما بكيت على نفسي خشيت أن يطلع الله عز وجل على قلبي وقد تلقبت هذا الاسم الشريف على نفسي فيعاتبني ربي عز وجل ويقول: يا عمار أكنت رافضاً للأباطيل، عاملاً بالطاعات كما قال لك …)(24).
 ومن جميع ما تقدم يتضح لنا أنْ ليس كل من حضر مجلس الإمام عليه السلام أو صاحبه أو كلّمه أو كان في جيشه, يلزم أن يكون من شيعته, بل إن الأمر رهن بالاتباع والانقياد والتسليم التام بعصمة الإمام عليه السلام وعدم صدور ما يتنافى مع عصمته, وهذا ما لم نجده في سفيان بن أبي ليلى المدعى أنه من حواري الإمام المجتبى عليه السلام, نعم هو أحد أفراد جيشه إن لم نقل أنه ممن يرى رأي الخوارج, وجيش الإمام عليه السلام كما لا يخفى كان خليطاً وفئات متضادة، وأحد فئاته الخوارج ومقولة: (يا مذل المؤمنين أو يا مسود وجوه المؤمنين) إنما فاه بها الخوارج والأمويون ولا تتعداهما, أما الخوارج فكانوا مصرين على حرب معاوية, وأما الأمويون فبودهم أن لم يتم الصلح ليشنوا الحرب ضد الإمام الحسن عليه السلام, إذن كان هناك فئة من جيش الإمام تروم الحرب ضد معاوية لأغراضها ومصالحها الخاصة, وجيش معاوية يتحين الفرصة ليحظى بأسر الإمام الحسن عليه السلام كما تنبأ الإمام بذلك وبادر عليه السلام على ضوئه إلى إبرام الصلح, قال عليه السلام: (والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلماً، والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير، أو يمن علي فيكون سبة على بني هاشم آخر الدهر ولمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت)(25), الأمر الذي أوجد في نفوس الخوارج والأمويين حزازة وحرارة في أكبادهم.. فما نال الخوارج منالهم ولا حظي معاوية بمبتغاه فكانت هذه المقولة بمثابة ردة فعل كشف لنا الإمام عليه السلام عن مصدرها وسببها.
الخطوة الثالثة: استبعاد صدور الذم من حجر بن عدي بحق الإمام المجتبى عليه السلام
وفي بيان ذلك نذكر عدة أمور:
الأمر الأول: ربَّ سائل يسأل: ما هو السبب الموجب لاتهام حجر بن عدي باعتراضه على الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وإساءة الأدب معه؟
فيجاب: ان حُجْراً كان ممن يلهج لسانه بذكر فضائل أئمة أهل البيت عليهم السلام, وممن يعظم حقهم ولا يخاف في الله لومة لائم وهذا الأمر يعد أشد خطراً على معاوية وعلى مصالحه, ويدلك على ذلك ما جاء في رسالة الإمام الحسين عليه السلام المشهورة التي بعث بها إلى معاوية – بعد قتله حُجراً وأصحابه- من وصف لحجر بن عدي ومن قتل معه صبراً, جاء فيها قوله عليه السلام:
(ولعمري ما وفيت بشرط ولقد نقضت عهدك بقتل هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والإيمان والعهود والمواثيق ولم تفعل ذلك إلا لذكرهم فضلنا، وتعظيمهم حقنا، وليس الله بناسٍ لأخذك بالظنة، وقتلك أولياءه على التهم، ونفيك أولياءه من دورهم إلى دور الغربة)(26).
فإن كان معاوية قد اجترأ على قتل حجر وأصحابه لذكرهم فضائل أهل البيت عليهم السلام فما أسهل أن يلصق بهم الأكاذيب والأباطيل التي تحط من شأنهم في نظر اتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام إذ بات معروفاً لدى القاصي والداني أنّ من يذكر فضائل علي عليه السلام يتعرض إما للضرب أو الهتك أو القتل.
وهذا ابن عساكر ينقل في تاريخه على لسان أبي سليمان الزبر ما جرى لأبي بكر الطائي عند ذكره فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام, يقول أبو سليمان: اجتمعت أنا وعشرة منهم أبو بكر الطائي نقرأ فضائل علي بن أبي طالب في جامع دمشق فوثب إلينا نحو المئة من أهل الجامع يريدون ضربنا، وأخذ واحد منهم يلحقني فجاء بعض الشيوخ إلي وكان قاضياً في الوقت فخلصوني من أيديهم وعلقوا أبا بكر الطائي فضربوه وعملوا على أنهم يسوقونه إلى الشرطة في الخضراء فقال لهم أبو بكر: يا سادة إنما كنا في فضائل علي وأنا أخرج لكم غداً فضائل معاوية أمير المؤمنين، واسمعوا هذه الأبيات التي قلتها وأنشأ يقول:

 حب علي كله ضرب* * *يرجف من خيفته القلب(27)

وغيرها كثير لا يسعنا ذكرها ونحن في هذه العجالة.
الأمر الثاني: إن الخلَّص من أصحاب أئمة أهل البيت عليهم السلام أدركوا ان مواقف الأئمة عليهم السلام وأدوارهم انما هي بتكليف من الله عزّ وجلّ وهم لا يتجاوزون ذلك ولا يقصرون عنه, فقد ورد حديثا مستفيضا ان لم نقل متواترا من طرق الإماميّة عن الامام الصادق عليه السلام عرف بحديث الصحيفة المختومة(28)، جاء فيه أن الله عَزَّ وَجَلَّ أنزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم صحيفة من السماء فيها اثنا عشر ختماً، لكل إمام ختمه، ومكتوب تحت الختم ما يعمله(29).
فلما أدرك أصحابهم تلك الحقيقة آلوا على أنفسهم وبكل ما أُوتوا من قوة وقدرة في الدفاع عن حق أهل البيت عليهم السلام حتى سفكت دماؤهم وزهقت أرواحهم, منهم حُجر بن عديّ، وهو من أجلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل لقد وصفه بعضهم بقوله: (هو راهب أصحاب محمّد)(30).
ولا بأس بذكر بعض ما قاله فيه علماء المسلمين:
قال ابن عبد البرّ: (كان من فضلاء الصحابة، وصغر سنّه عن كبارهم، وكان على كندة يوم صِفّين، وكان على الميسرة يوم النهروان)(31).
وقال ابن الأثير: (كان من فضلاء الصحابة، وكان على كندة بصِفّين، وعلى الميسرة يوم النهروان، وشهد الجمل أيضاً مع عليّ، وكان من أعيان أصحابه)(32).
وقال ابن حجر: (شهد القادسية، وإنّه شهد بعد ذلك الجمل وصِفّين، وصحب عليّاً فكان من شيعته، وقُتل بمرج عذراء بأمر معاوية)(33).
وقال ابن كثير: (وفد إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم… وكان هذا الرجل من عبّاد الناس وزهّادهم، وكان بارّاً بأُمّه، وكان كثير الصلاة والصيام… ما أحدث قطّ إلا توضّأ، ولا توضّأ إلاّ صلّى ركعتين)(34).
وقال الذهبي: (كان شريفاً، أميراً مطاعاً، أمّاراً بالمعروف، مقدِماً على الإنكار، من شيعة عليّ رضي الله عنهما، شهد صِفّين أميراً، وكان ذا صلاح وتعبُّد)(35).
وقال أحمد بن حنبل: (قلت ليحيى بن سليمان: أَبَلَغك أنّ حُجراً كان مستجاب الدعوة؟ قال: نعم، وكان من أفاضل أصحاب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم)(36).
وقال ابن سعد: (كان ثقة معروفاً، ولم يرو عن غير عليّ شيئاً)(37).
قال الحاكم: (قُتل في موالاة عليّ)(38).
وقد ذُكرت كيفيّة قتله في كثير من كتب التاريخ والسير بنحو مفصل(39).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر عن هذه الواقعة كما في رواية ابن عساكر: (عن أبي الأسود، قال: دخل معاوية على عائشة فقالت: ما حملك على قتل حُجر وأصحابه؟ فقال: يا أُمّ المؤمنين! إنّي رأيت قتلهم صلاحاً للأُمّة، وإنّ بقاءَهم فسادٌ للأُمّة, فقالت: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول: سيُقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهلُ السماء)(40).
فهل يا ترى أن الله تعالى يغضب لمن يعترض ويعنّف له ولياً من أوليائه!! فهذا إن دل فإنما يدل على كذب ما نسب إلى حجر من كلام بحق الإمام الحسن المجتبى عليه السلام الذي يفهم منه الاعتراض والتعنيف والنسبة إلى إذلال المؤمنين أو تسويد وجوههم بل وعدم الاعتقاد بعصمة الإمام.
وأخبر بذلك أيضاً أمير المؤمنين عليه السلام، فقد روى ابن عساكر: (عن ابن زرير الغافقي، عن عليّ بن أبي طالب، قال: يا أهل الكوفة! سيُقتل فيكم سبعة نفر من خياركم، مثلهم كمثل أصحاب الأُخدود)(41).
الأمر الثالث: أن حجر بن عدي اتهم في إخلاصه وولائه للإمام الحسن عليه السلام، بأنه كان من المعارضين لصلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية، والمعنفين له, فتارة ينسب إليه بأنه قال للإمام الحسن عليه السلام بعد الصلح: (السلام عليك يا مذل المؤمنين)، والصحيح أن القائل وهو سفيان بن أبي ليلى الهمداني.
وتارة أخرى ينسب إليه بأنه قال: (يا بن رسول الله! لوددت أني مت قبل ما رأيت! أخرجتنا من العدل إلى الجور! فتركنا الحق الذي كنا عليه! ودخلنا في الباطل الذي كنا نهرب منه! وأعطينا الدنية في أنفسنا! والخسيسة التي لم تلق بنا)(42).
وفي نص آخر: (أما والله لقد وددت أنك مت في ذلك اليوم ومتنا معك ثم لم نر هذا اليوم، فإنا رجعنا راغمين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا)(43).
وقد أجاب السيد الخوئي قدس سره عن سؤالٍ وجِّه له حول النصوص المذكورة في أعلاه ومدى صحتها, فقال: (ما وجدنا لذلك سنداً معتبراً، والله العالم)(44).
وقد حاول بعض المحققين تبرير مقالة حجر بن عدي مع إقراره بأن في مقالته سوء أدب مع الإمام عليه السلام, منهم السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة بقوله: (ولا شك أن هذا الكلام فيه سوء أدب من حجر مع الحسن عليه السلام, ولكنه دعاه إليه شدة الحب وزيادة الغيظ مما كان)(45).
ومنهم المحقق التستري في قاموس الرجال، في ترجمته بقوله: (ولعله لفرط اسفه من تسلط معاوية لم يفهم ما قال)(46).
إذن ما صدر من حجر بن عدي بحق الإمام الحسن عليه السلام هو:
أولاً: وكما أقره العلمان من أنه سوء أدب مع الإمام عليه السلام وهذا واضح بيِّن.
ثانياً: أنه كغيره ممن لا معرفة لهم بمقام الإمامة.
ثالثاً: أنه يعتقد بصدور المعصية من الإمام عليه السلام.
أقول: إن التبرير المذكور ليس في محله, لعدة أمور نذكرها تباعاً:
الأول: إن حجراً كان عارفاً بمقام وأحقية الأئمة عليهم السلام بدليل أنه لما أرسل أمير المؤمنين عليه السلام ابنه الحسن عليه السلام إلى الكوفة مع عمار بن ياسر واستقبلهم مالك الأشتر وحجر بن عدي وغيرهما، ولما خطب الإمام الحسن عليه السلام يستنهض أهل الكوفة في حرب الجمل لنصرة أمير المؤمنين عليه السلام قام من بعده عمار بن ياسر فأخذ في تقريض الإمام الحسن عليه السلام وحث الناس على اللحوق بأمير المؤمنين عليه السلام والجهاد معه، وقام من بعده حجر بن عدي وأيضاً أخذ في تقريض الإمام عليه السلام وحث الناس على نصرة أمير المؤمنين عليه السلام فقال: (أيها الناس هذا الحسن بن علي، أحد أبويه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والآخر من ليس له عديل من أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولا شبيه، هذا سيد شباب أهل الجنة، سيد شباب العرب والعجم في الدنيا والآخرة، وهو رسول أبيه إليكم يدعوكم إلى الحق والنصر لدين الله، فالسعيد من وازره، والشقي من تخلف عنه)(47).
فكلام حجرٍ هذا يحوي حقائق صارخة تكذب ما نسب إليه من سوء أدب مع الإمام الحسن عليه السلام وتكشف عن تمام معرفته بمقام الإمام عليه السلام ومنزلته.
الثاني: أن حجراً ممن قاتل بين يدي أمير المؤمنين عليه السلام وهذا أشهر من أن يستدل عليه.
الثالث: أن حجراً كان ممن يظهر التسليم التام للإمام أمير المؤمنين عليه السلام بدليل جوابه بعد وعظ الإمام علي عليه السلام له حيث قال: (نقبل عظتك ونتأدب بأدبك.. ثم قال مستعرضاً مناصرته لأمير المؤمنين عليه السلام: وأزمتنا منقادة لك بالسمع والطاعة، فإن شرقت شرقنا، وإن غربت غربنا، وما أمرتنا به فعلناه)(48).
فجواب حجرٍ هذا مما لا يصحّ من عاقلٍ أن يُكابر في إنكار كاشفيته عن اعتقاده بكون الإمام مفترض الطاعة وبأن طاعته من طاعة الله عزّ وجلّ.
فكيف يتصور اعتراضه على فعل الإمام الحسن عليه السلام واختياره للصلح وهو يعتقد بإمامته ووجوب طاعته بل إنه مسلِّم له تسليماً تاماً كما كان مسلماً من ذي قبل للإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام؟!.
أضف إلى ذلك أن ما آل إليه مصير حجر من القتل صبراً كما لا يخفى على أحد يدل على أنه كان متفانياً في الولاء تفانياً منقطع النظير، بل إن ذلك آية الولاء والإخلاص والوفاء لآل البيت عليهم السلام, فكيف يتهم من كانت حاله هذه بالاعتراض على سيد شباب الجنة الإمام المجتبى عليه السلام؟!
أليس في هذا الاتهام الباطل محاولة لزعزعة عقيدة أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام بالخلص الأوفياء من شيعتهم حتى يتسنى لهم القول بأن خلَّص أتباع الأئمة عليهم السلام كانوا في مرية من أمرهم وفي شك وريب في عصمة أئمتهم فما بالك بمن دونهم؟ وهذا نظير ادعائهم أيضاً بأن الشيعة هم من قتلوا الحسين عليه السلام!! ولكن هيهات.. هيهات أن يبلغ حجارهم تلك السماء الشامخة، فإن الله كافي المؤمنين وناصرهم, وحال أولئك كما قال القائل:

كناطح صخرة يوماً ليوهنها *** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

مركز الإمام الحسن عليه السلام للدراسات التخصصية

الوحدة العلمية / السيد مهدي الجابري

الهوامش:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) انظر: طريق النجاة من شر الغلاة -حيدر علي قلمداران القُمِّي-, ص100 – 102.
(2) ينظر: مفردات ألفاظ القرآن- للراغب الأصفهاني -: ص263.
(3) ينظر: اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) – للشيخ الطوسي – 1: شرح ص41.
(4) ينظر: بحار الأنوار, 44: هامش ص 23.
(5) الاختصاص – للشيخ المفيد -, ص61.
(6) اختيار معرفة الرجال (رجال الكشي) – للشيخ الطوسي – 1: 45.
(7) ينظر: معجم رجال الحديث – للسيد الخوئي – 9: 157.
(8) ينظر: المصدر نفسه, 11: 362.
(9) موسوعة سيرة أهل البيت عليهم السلام – للشيخ باقر شريف القرشي – 11: 273.
(10) تذكرة الخواص – لسبط ابن الجوزي -, ص199, مكتبة نينوى الحديثة, طهران – ناصر خسرو ومروى.
(11) الكافي, 8، 268.
(12) من كتاب صفات الشيعة ج 68 / 154، وص 167، وص 168، وص 187.
(13) بحار الأنوار، 8 / 353.
(14) بحار الأنوار, 8 / 353
(15) سورة الأعراف: آية 184.
(16) سورة التكوير: آية 22.
(17) سورة النجم: آية 2.
(18) سورة لقمان: آية 15.
(19) سورة يوسف: آية 39.
(20) سورة الكهف: آية 34.
(21) سورة الكهف: آية 37.
(22) مجموعة ورام, ص 301.
(23) بحار الانوار, 65 / 156.
(24) بحار الانوار, 65: 157.
(25) الاحتجاج – للطبرسي – 2: 10.
(26) بحار الانوار, 44: 214.
(27) تاريخ دمشق – لابن عساكر – 71: 147.
(28) كمال الدين: 232 والبحار 66: 535 عن العلل وراجع إثبات الهداة 1: 440 ثم نقله عن جعفر بن سماعة ثم نقله عن محمد بن الحسن الكناني عن جده و: 441 عن سماعة عن الإكمال والأمالي والعلل والطوسي والنعماني والعلل: 171 رواه بإسناده عن الحسن بن سماعة عن أبي عبد الله (عليه السلام) والبحار 36: 204 عن العلل وكمال الدين.
(29) رواه الصدوق في كمال الدين عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد (رضي الله عنه)، عن محمد بن الحسن الصفار وسعد بن عبد الله وعبد الله بن جعفر الحميري، جميعا قالوا: حدثنا محمد بن عيسى بن عبيد، قال: حدثنا أبو القاسم الهاشمي، قال: حدثني عبيد بن نفيس الأنصاري، قال: أخبرنا الحسن بن سماعة، عن جعفر بن سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: (نزل جبرئيل (عليه السلام) على النبي (صلى الله عليه وآله) بصحيفة من السماء، لم ينزل الله تبارك وتعالى من السماء كتابا مثلها قط قبلها ولا بعدها، مختوما فيه خواتيم من ذهب). فقال له: يا محمد، هذه وصيتك إلى النجيب من أهلك؟ قال: (يا جبرئيل، ومن النجيب من أهلي)؟ قال: علي بن أبي طالب، مره إذا توفيت أن يفك خاتما منها، ويعمل بما فيه. فلما قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فك علي (عليه السلام) خاتما وعمل بما فيه، ما تعداه. ثم دفع الصحيفة إلى الحسن بن علي (عليهما السلام)، ففك خاتما، وعمل بما فيه، ما تعداه. ثم دفعها إلى الحسين بن علي (عليهما السلام) ففك خاتما، فوجد فيه: أن اخرج بقوم إلى الشهادة، لا شهادة لهم إلا معك. وأشر نفسك لله عز وجل، فعمل بما فيه، ما تعداه. ثم دفعها إلى رجل بعده، ففك خاتما فوجد فيه: أطرق، وأصمت، وألزم منزلك وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين. ثم دفعها إلى رجل بعده، ففك خاتما، فوجد فيه: أن حدث الناس وأفتهم، وانشر على آبائك، ولا تخافن أحدا إلا الله، فإنك في حرز الله، وضمانه، وأمر بدفعها. فدفعها إلى من بعده، ويدفعها من بعده إلى من بعده إلى يوم القيامة.
(30) المستدرك على الصحيحين 3: 531,كتاب معرفة الصحابة.
(31) الاستيعاب 1: 329, رقم 487.
(32) أُسد الغابة 1: 461, رقم 1093.
(33) الإصابة 2: 37, رقم 1631.
(34) البداية والنهاية 8: 41, حوادث سنة 51 هـ.
(35) سير أعلام النبلاء 3: 463, رقم 95.
(36) الاستيعاب 1: 331.
(37) الطبقات الكبرى 6: 244, رقم 2212.
(38) الطبقات الكبرى 6: 244, رقم 2212.
(39) المستدرك على الصحيحين 3: 534, ح/ 5983.
(40) تاريخ دمشق 12: 226، وانظر: بغية الطلب 5: 2129، كنز العمّال 11: 126,ح 30887، الجامع الصغير: ص293 ح 4765.
(41) تاريخ دمشق 12: 227.
(42) الأخبار الطوال – للدينوري -, ص220.
(43) مناقب آل أبي طالب – لشهر بن اشوب – 3: 197.
(44) صراط النجاة – السيد الخوئي قدس سره – 2: 451.
(45) أعيان الشيعة, 4: 574.
(46) قاموس الرجال, 3: 131.
(47) المعيار والموازنة – لابي جعفر الاسكافي -, ص121. الجمل – للشيخ المفيد -, ص 138.
(48) بحار الانوار, 32: 399.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى