سادة القافلةسيرة أهل البيت (ع)في رحاب نهج البلاغةمناسباتمنوعات

الإمام علي عليه السلام وزير وخليفة ووصي الرسول صلى الله عليه واله وسلم بالدليل – الثالث

مجاهد منعثر منشد الخفاجي

العدو والصديق يشهد بعلم الامام علي (ع)

وذاك معاوية فقد كان يكتب فيما ينزل به ليسآله به علي بن ابي طالب (ع )، فلما بلغه مقتله قال: ( ذهب الفقه والعلم بموت ابن ابي طالب ).

قال له اخوه عتبة: (لا يسمع هذا منك اهل الشام ). قال: (دعني عنك ) [١].

ولما جاء نعي علي بن ابي طالب (ع) إلى معاوية وهونائم مع امراته فاخته بنت ورطة فقعد باكيا مسترجعا فقالت له فاخته: انت بالامس تطعن عليه واليوم تبكي ؟ قال: (ويحك انما ابكي لما فقد الناس من حلم وعلم ) [٢].

وما قآله ابوبكر في قضية سآله فيها احد اليهود مسألة أجاب عنها علي بن ابي طالب، (يا كاشف الكربات انت يا علي فارج آلهم ) [٣].

اما عمر بن الخطاب، فكلماته في علي (ع) مشهورة في كتب التأريخ ومصادر السنّة كقوله 🙁 لولا علي لهلك عمر) .. (اعوذ بالله ان اعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن)، (اللهم لا تنزل بي شدة الا وابوالحسن إلى جنبي )، يا ابن ابي طالب فما زلت كاشف كل شبهة وموضع كل حكم )، وغيرها [٤].

ويقول عثمان في هذا المضمار أيضاً: (لولا علي لهلك عثمان ) [٥].

وللمقارنه بين اصحاب الرسول (ص) لنرى من اعلمهم :ـ

وهنا ليس طعنا في أحد بل على المسلم ان يبحث من الاعلم بعد الرسول (ص) ليتبعه .

الصحابي ابوبكر يجهل اية من تفسير القرأن قال ابن حجر في (فتح الباري ): ” أخرج عبد بن حميد … عن إبراهيم النخعي قال: قرأ أبوبكر الصديق ” وفاكهة وأبا ” فقيل: ما الأب ؟ فقيل: كذا وكذا، وقال أبوبكر: إن هذا لهوالتكلف أي أرض تقلني أوأي سماء تظلني إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم، وهذا منقطع بين النخعي والصديق، وأخرج أيضا من طريق إبراهيم التيمي أن أبا بكر سئل عن ” الأب ” ما هو؟ فقال: أي سماء تظلني فذكر مثله، وهومنقطع أيضا لكن أحدهما يقوي الآخر [٦].

وللصحابي عمر بن الخطاب اعتراف على مايروية مسلم في كتاب الآداب باب الاستئذان عن عبيد بن عمير قال: ” استأذن أبوموسى على عمر فكأنه وجده مشغولا فرجع، فقال عمر: ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس ائذنوا له، فدعي له، فقال: ما حملك على ما صنعت ؟ فقال: إنا كنا نؤمر بهذا، قال: فأتني على هذا ببينة أولأفعلن بك، فانطلق إلى مجلس من الأنصار، فقالوا: لا يشهد إلا أصاغرنا فقام أبوسعيد الخدري، فقال: قد كنا نؤمر بهذا، فقال عمر: خفي علي هذا من أمر النبي (ص) ألهاني الصفق بالأسواق ” [٧].

وهناك تنبيهات للصحابي عمر من قبل امام زمانه وخليفة الرسول (ص) الامام علي (ع) فقد روى البخاري معلقا في كتاب المحاربين باب لا يرجم المجنون والمجنونة: ” وقال علي لعمر: أما علمت أن القلم رفع عن المجنون حتى يفيق وعن الصبي حتى يدرك وعن النائم حتى يستيقظ [٨].

قال ابن حجر في (الفتح ): ” وفي أول الأثر قصة تناسب هذه الترجمة وهوعن ابن عباس أتى عمر أي بمجنونة قد زنت وهي حبلى فأراد أن يرجمها فقال له علي: أما بلغك أن القلم قد رفع عن ثلاثة فذكره “، ثم ذكر ابن حجر عدة أسانيد للخبر، إلى أن قال: ” وهذه طرق تقوي بعضها ببعض [٩].

ويجهل الصحابي عمر بن الخطاب الكثير من القضايا مثل ماذا كان رسول الله (ص) يقرأ في صلاة العيد فقد روى مسلم في كتاب صلاة العيدين باب ما يقرأ به في صلاة العيد: عن عبيد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله (ص) في الأضحى والفطر، فقال: كان يقرأ فيهما بـ (ق والقرآن المجيد) و(اقتربت الساعة وانشق القمر) [١٠].

وحكم التيمم عند فقد الماء في فترة خلافته. روى مسلم كتاب الحيض باب التيمم: ” عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه أن رجلا أتى عمر فقال: إني أجنبت فلم أجد ماء فقال: لا تصل فقال: عمار أما تذكر يا أمير المؤمنين إذا أنا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماء فأما أنت فلم تصل وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت، فقال النبي (ص): إنما كان يكفيك أن تضرب بيديك الأرض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك فقال عمر: اتق الله يا عمار! قال: إن شئت لم أحدث به [١١].

أما البخاري فقد نقل الحديث باب التيمم باب المتيمم هل ينفخ فيهما ولم يذكر رد عمر (لا تصل) ولا قوله لعمار (اتق الله ) [١٢] .

وفي بعض المرات كان الصحابي عمر يخالف حكم كتاب الله بتصريح ابنه عبد الله بن عمر .

قال ابن حزم في كتابه (الإحكام ): ” وقيل لابن عمر في اختياره متعة الحج على الإفراد: إنك تخالف أباك، فقال: أكتاب الله أحق أن يتبع أم عمر ؟ روينا ذلك عنه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر [١٣].

والحديث رواه الترمذي في (السنن) عن سالم بن عبد الله حدثه ” أنه سمع رجلا من أهل الشام وهويسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج ؟ فقال عبد الله بن عمر: هي حلال، فقال الشامي: إن أباك قد نهى عنها فقال عبد الله بن عمر: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله (ص) أأمر أبي نتبع أم أمر رسول الله (ص)، فقال الرجل: بل أمر رسول الله (ص) فقال: لقد صنعها رسول الله (ص) [١٤].

بل قال ابن كثير في تاريخه: ” وكان ابنه عبد الله يخالفه، فيقال له إن أباك كان ينهى عنها، فيقول: خشيت أن يقع عليكم حجارة من السماء، قد فعلها رسول الله (ص)، أفسنة رسول الله نتبع أم سـنة عمر ؟ [١٥] .

واما ماقيل في علم الامام علي (ع) كثير ومنه :ـ

قال المناوي في (فيض القدير ): ” وأخرج عن ابن مسعود قال :كنت عند النبي (ص) فسئل عن علي كرم الله وجهه فقال: قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطى علي تسعة أجزاء والناس جزءا واحدا، وعنه أيضا أنزل القرآن على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله بطن وظهر، وأما علي فعنده منه علم الظاهر والباطن …، وأخرج ابن عباس كنا نتحدث أن رسول الله (ص) عهد إلى علي كرم الله وجهه سبعين عهدا لم يعهده إلى غيره، والأخبار في هذا الباب لا تكاد تحصى … وقد شهد له بالأعلمية الموافق والمخالف والمعادي والمحالف، خرج الكلاباذي أن رجلا سأل معاوية عن مسألة فقال: سل عليا هوأعلم مني، فقال: أريد جوابك، قال: ويحك كرهت رجلا كان رسول الله (ص) يعزه بالعلم عزا، وقد كان أكابر الصحابة يعترفون له بذلك وكان عمر يسأله عما أشكل عليه، جاءه رجل فسأله مسألة فقال: ههنا علي فاسأله وصح عنه من طرق انه كان يتعوذ من قوم ليس هوفيهم حتى أمسكه عنده ولم يوله شيئا من البعوث لمشاورته في المشكل، وأخرج الحافظ عبد الملك بن سليمان قال: ذكر لعطاء أكان أحد من الصحب أفقه من علي قال: لا والله، قال الحرالي: قد علم الأولون والآخرون أن فهم كتاب الله منحصر إلى علم علي [١٦].

ويروي ابن عبد البر في (الاستيعاب) في ترجمة علي (ع) عن عبد الملك بن أبي سليمان يسأل عطاء: أكان في أصحاب محمد (ص) أعلم من علي ؟ قال: لا والله ما أعلمه [١٧].

ويروي ابن عبد البر في (الاستيعاب) في ترجمة علي (ع) عن عبد الملك بن أبي سليمان يسأل عطاء: أكان في أصحاب محمد (ص) أعلم من علي ؟ قال: لا والله ما أعلمه”.

وقال ابن حجر في (فتح الباري ): ” … وأما قوله وأقضانا علي فورد في حديث مرفوع أيضا عن أنس رفعه (أقضى أمتي علي بن أبي طالب) أخرجه البغوي … وروى البزار من حديث ابن مسعود قال: كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب (رض) [١٨].

وعن أبي إسحاق أن عليا لما تزوج … قال النبي (ص): لقد زوجتكه وإنه لأول أصحابي سلما وأكثرهم علما وأعظمهم حلما، قال الهيثمي: رواه الطبراني وهومرسل صحيح الإسناد [١٩].

وقد جمع العلوم امامنا ابوالحسن (ع) فقد قال رسول الله (ص) فيه :ـ

من أراد أن ينظر إلى نوح في عزمه وإلى آدم في علمه وإلى إبراهيم في حلمه وإلى موسىفي فطنته وإلى عيسى في زهده فلينظر إلى علي بن أبي طالب [٢٠].

قوله (ص) علي باب علمي ومبين من بعدي لأمتي ما أرسلت به، حبه إيمان وبغضه نفاق…..الحديث [٢١].

وذلك لما أرسل الرسول أبا بكر في عشر آيات من سورة براءة ليقرأها على أهل مكة ثم دعا علياً [٢٢], فقال له أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ الكتاب من فاذهب أنت به إلى أقل مكة فاقرأه عليهم فلحقه بالجحفه فأخذ الكتاب منه (قال) ورجع أبوبكرإلى النبي فقال يا رسول الله أنزلت فيّ شيء ؟

قال: لا ولكن جبرائيل جاءني فقال لن يؤدي عنك إلا أنت أورجل منك.

قوله (ص) من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع عليا فقد أطاعني ومن عصى عليا فقد عصاني [٢٣].

قوله (ص) إن منكم من يقاتل علي تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله فاستشرف لها القوم وفيهم أبوبكر وعمر قال أبوبكر:أنا هو، قال: لا قال عمر: أنا هو، قال:لا ولكن خاصف النعل يعني علياً، قال أبوسعيد الخدري: فأتيناه فبشرناه فلم يرفع به رأسه كأنه قد كان سمعه من رسول الله [٢٤].

قوله(ص) يا علي أخصمك بالنبوة فلا نبوة بعدي وتخصم الناس بسبع أنت أولهم إيماناً بالله وأوفاهم بعهدالله وأقومهم بأمر الله وأقسمهم بالسوية وأعدلهم في الرعية وأبصرهم في القضية وأعظمهم عند الله مزية [٢٥].

وفي كتاب المسائل العكبرية: ص٥٣. وراجع ايضا الاستيعاب لابن عبد البر: ج١ ص٨ وفيه: (روي فيه حديثاً عن النبي(ص) بطرق متعددة: وأقضاها علي ـ أي وأقضى الأمة ـ. وفي حديث آخر: (علي أقضى أمتي)، وفي حديث ثالث عن أبي سعيد الخدري قال رسول الله (ص): (أقضاهم علي بن أبي طالب) ووردت أيضاً هذه الرواية في مرقاة المفاتيح لعلي بن سلطان ج٥ ص٥٨٢، وأيضاً الاستيعاب: ج٢ ص٤٦٢، والعسقلاني في فتح الباري: ج٩ ص٢٣٣: عن أنس رفعه إلى النبي (ص): (أقضى أمتي علي بن أبي طالب). وفي الرياض النضرة: ج٢ ص١٩٨، وذخائر العقبي: ص٨٣ .

وقوله (ص) أنا مدينة العلم وعلي بابها [٢٦] .

قول إبن عباس ثاني علماء الصحابة:ما علمي وعلم أصحاب محمد في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر [٢٧].

قول الإمام علي سلوني قبل أن تفقدوني، والله لا تسألوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلا أخبرتكم به وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل [٢٨].

قال الإمام أحمد بن حنبل: أن علياً كان كثير الأعداء ففتش أعداؤه عن شيء يعيبونه فلم يجدوا، فجاءوا إلى رجل قد حاربه وقاتله فأطروه كيداً منهم [٢٩].

جاء في حلية الاولياء ج ١| ٦٣: لقب رسول الله (ص) الامام علي (ع) (أمير المؤمنين).

ولو تأملنا في نهج البلاغة وكلمات وخطب امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع) لكفانا أن نجد خطبته الرائعة بدون نقط والاخرى بدون الاف ,وهنا كم يستطيع الانسان من الزمن ليكتب هذه الخطب ! وامام المتقين عليا (ع) يرتجل ذلك .

ونعود الان لكتابة احاديث الرسول الاكرم محمد (ص) في الامام علي (ع) :ـ

ومن أقواله (ص):

عنوان صحيفة المؤمن حب علي بن أبي طالب [٣٠].

وقال (ص): حامل لوائي في الدنيا والآخرة علي [٣١].

وقوله (ص): أمر ربي بسد الأبواب إلا باب علي [٣٢] .

وقال (ص): الصديقون ثلاثة مؤمن آل ياسين ومؤمن فرعون وأفضلهم علي [٣٣].

وقوله (ص): من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي فليتول من بعدي علي [٣٤].

وقال (ص): ” نادى المنادي يوم القيامة يا محمد، نِعم الأب أبـوك إبراهيم ونِعم الأخ علي “[٣٥].

وقال (ص): لكل نبي وصي ووارث، ووصي ووارثي علي [٣٦].

وقوله (ص): اللهم لا تمتني حتى تريني وجه علي [٣٧].

وقال (ص): خُلقتُ من شجرة واحدة أنا وعلي [٣٨].

وقوله (ص): زينوا مجالسكم بذكر علي [٣٩].

وقال (ص): أنا المنذر والهادي من بعدي علي [٤٠].

وقوله (ص): براءة من النار حب علي [٤١].

وقال (ص): لم يكن لفاطمة كفؤ لولم يخلق الله علي [٤٢].

وقوله (ص): أولكم وروداً على الحوض أولكم إسلاماً وهوعلي [٤٣].

وقال (ص): لا يُبَلغ عني إلا علي [٤٤].

وقوله (ص): لا يجوز أحد على الصراط إلا بجواز من علي [٤٥].

وقال (ص): وليكُم من بعدي علي [٤٦].

وقوله (ص): الفاروق بين الحق والباطل علي [٤٧].

وقال (ص): علي الصديق الأكبر [٤٨].

وقوله (ص): علي خير البشر فمن أبى فقَد كفر [٤٩].

وقال (ص): علي حقه على الأمة كحق الوالد على ولده [٥٠].

قوله (ص): يا فاطمة أما ترضين أن الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين أحدهما أبوك والآخر بعلك [٥١].

وقوله (ص) يا عمار إذا رأيت علياً قد سلك وادياً وسلك الناس وادياً غيره فاسلك مع علي ودع الناس إنه لن يدلك على ردى ولن يخرجك من هدى [٥٢].

وقوله (ص): مكتوب على ساق العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله أيدته بعلي ونصرته بعلي [٥٣].

وقوله (ص):ـ في حديث أم سلمه: من سب عليا فقد سبني [٥٤].

وقوله (ص):ـ ياعلي أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرةحبيبك حبيبي وحبيبي حبيب الله , وعدوك عدوي وعدوك عدوالله , والويل لمن أبغضك بعدي [٥٥].

عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله (ص)أوصي من آمن بي وصدق بي بولاية علي بن أبي طالب فمن تولاه فقد تولاني ومن تولاني فقد تولي الله ومن أحبه فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغضه فقد أبغضني ومن أبغضني فقد أبغض الله عز وج [٥٦].

قول رسول الله (ص) وهوآخذ بصبع علي:هذا إمام البررة قاتل الفجرة منصور من نصره مخذول من خذله، ثم مد بها صوته [٥٧].

حديث الدار

بعد سرد تفاصيل دقيقة عن امير المؤمنين عليا (ع) وبيان منزلته وبالاحاديث المتواترة ورغم أن حديث الدار قبل حديث المنزلة وحديث الغدير ..ولكن لمعرفة غير المهتدين أوالذين لم يبحثوا عن الحقائق اردنا أن يطلعوا على مكانة الامام علي (ع) من الله تعالى والنبي الاكرم محمد (ص) .

وجاء الآن دور حديث الدار .

أخرج ابن جرير الطبري بسندة: ان النبي (ص) عندما نزل عليه قوله تعالى (وانذر عشيرتك الاقربين) دعا بني عبد المطلب اليه وفيهم أعمامه ابوطالب وحمزة والعباس وابو لهب . ولما فرغوا من طعامهم قام فيهم رسول الله (ص) خطيبا فقال:

يابني عبد المطلب .اني والله ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به , أني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ,وقد امرني الله تعالى أن ادعوكم اليه , فأيكم يؤازرني على هذا الامر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم ؟

فأحجم القوم عنها جميعا , فقام علي (ع) فقال: أنا يانبي الله أكون وزيرك عليه. فقال (ص): أن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا .

فقام القوم يضحكون ويقولون لآبي طالب: قد أمرك أن تسمع لآبنك وتطيع [٥٨].

ومن ذلك نجد ثلاث صفات لعلي (ع) :ـ

١. وزير .

٢. وصي.

٣. خليفة .

ومن حق السائل يسأل ! لماذا منح النبي (ص) عليا (ع) هذه الصفات دون غيره ؟ ولماذا أختار أول اجتماع يعقد بعد البعثة .

واذا كانت المؤازرة ضرورية له لآنه بحاجة فعلاً الى الظهير والوزير فلماذا أضاف اليها الوصاية والخلافة بلفظيهما هذين ؟ وما علاقة الوصاية والخلافة بإنذار عشيرتك ودعوة بني قومه للاسلام .

وقبل الاجابة علينا ان نتذكر أن النبي (ص) في خطابه هذا يعلن لأول مرة بداية دولة جديدة وعهد جديد ومجتمع جديد .

وان كل كيان يراد له البقاء والدوام لابد له في وجوده واستمراره من رئيس اعلى يقود الآمة .ومن نائب له يلجأ الناس اليه أن المت بالرئيس ملمة .

والنبي (ص) في هذا الموقف كان يهدف الى افهام هؤلاء الحضور أن المسألة بدينها ودنياها ليست مسألة زعامة يتفيأ ظلالها أورئاسة يتمتع بها مادام حيا , وانما هي رسالة سماوية خالدة لن تموت بموته ولن تنتهي بنهاية عمره , بل ستبقى بقاء السموات والارض , وسيكون لها من بعده من يضطلع بمهماتها ويقوم بأمرها ,وهوهذا الفتى الذي يعلن استعداده للتضحية والفداء والمؤزرة , ونعني به علي بن ابي طالب (ع) .

وهذا كله عند التأمل والتدقيق واضح وصريح في النص النبوي السالف الذكر .

ولما لم يجد الامام الرازي مناصا من الاعتراف بصحة هذا النص سندا ودلالة , بادر الى الشك في معنى الخلافة الوارد في الحديث , مدعيا أن النبي (ص) لوكان يقصد من ذلك تعين الخليفة بعد وفاته لما اكتفى بقوله (ص): (خليفتي فيكم) بل أضاف اليه (من بعدي) ليكون نصا جليا .

ويقول الشيخ محمد حسن ال ياسين (قدس سرة) والحقيقة أننا لانجد فرقا بين التعبيرين [٥٩].

واذا كان (خليفتي فيكم من بعدي) صريحا في الدلالة فأن (خليفتي فيكم) كذلك ايضا , لآن معناه أن عليا هوالذي يخلفني فيكم لوأصابني مكروة , وهذا نص على الخلافة بعد الموت , ويؤكد هذا المعنى ذكر النبي (ص) لكلمة (وصي ).

والوصاية في الاسلام انما يقصد بها ما بعد الموت , حيث يقوم الوصي بما طلب منه الموصى ان يقوم به ,ولوكان الامر يتعلق بما قبل الموت لقال , وكيلي ولم يقل وصي .

لان الوكالة هي التعبير الاسلامي عمن يطلب منه تنفيذ بعض الاعمال نيابة عن انسان موجود على قيد الحياة.

وأذن. فالنص صريح في أن النبي (ص) قد أختار من اليوم الاول للدعوة من يخلفه بعد وفاته ويكون وصيا عنه في رعاية شؤون المسلمين , حتى لاتصبح السفينة بمجرد موت ربانها تحت رحمة الموج والاعاصير .

وانها البداية التي أنطلقت مع أول صوت البعث بالدعوة في محيطها الضيق وفي ايامه الاولى , واستمر منطلقا في تاكيد هذه البداية حتى اليوم الاخير من عمر رسول الاسلام (ص) .

علي الدر والذهب المصفى ***** وباقي الناس كلهم تراب.

فالسلام على امير المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين. وسيد المسلمين ويعسوب الدين هذا الصديق الأكبر وفاروق هذه الأمة يامن ذكره عبادة , يامن من يقارقه يفارق رسول الله (ص) ومن فارق رسول الله فارق الله تعالى , يامن هوبمنزلة الكعبة يامن قال فيه نبي الله (ص) علي مني مثل رأسي من بدني ..

فالسلام عيك يا ابا الحسن والحسين مولاي ووسيد ي علي بن ابي طالب (ع) لعن الله قاتليك وظالميك من الان الى قيام يوم الدين .

——————————————————————————–
[١] . فضائل الخمسة من الصحاح الستة: ج ٢ ص ٣٠٥. عن الاستيعاب لابن عبد البر ج ٢ ص ٤٦٣ .
[٢] . احقاق الحق ج ٧ ص ٣٦٠ عن فرائد السمطين. وقريب منه عن مناقب الخوارزمي ص ٢٧٢ ط. تبريز.
[٣] . احقاق الحق: ج ٨ ص ٢٤٠ عن كتاب (در بحر مناقب ).
[٤] . يراجع في مصادر هذا الكلمات واشباهها كتاب (فضائل الخمسه من الصحاح الستة) ج ٢ ص ٢٧٣ وما بعدها كما يراجع الجزء الثامن من كتاب (احقاق الحق وازهاق الباطل ).
[٥] . الغدير ج ٨ ص ٢١٩ عن العاصمي في (زين الفتى في شرح سورة هل أتى ) .
[٦] . كتاب فتح الباري – ج١٣ ص٢٧٢ .
[٧] . صحيح مسلم – ج٣ ص١٦٩٥  .
[٨] . صحيح البخاري – ج٨ ص٢٠٤ .
[٩] . فتح الباري – ج١٢ ص١٢١ .
[١٠] . صحيح مسلم – ج٢ ص٦٠٧ .
[١١] . صحيح مسلم – ج١ ص٢٨٠ .
[١٢] . صحيح البخاري – ج١ ص٩٢ .
[١٣] . الإحكام – ج١ ص١٥٧ .
[١٤] . سنن الترمذي – ج٣ ص١٨٥ .
[١٥] . البداية والنهاية – ج٥ ص١٤١ .
[١٦] . فيض القدير – ج٣ ص٤٦ (٥٦) .
[١٧] . الاستيعاب – ج٣ ص٢٠٦ .
[١٨] . فتح الباري – ج٨ ص١٦٧ .
[١٩] . مجمع الزوائد – ج٩ ص١٠١ .
[٢٠] . أخرجه البيهقي في صحيحه والأمام أحمد بن حنبل في مسنده وقد نقله عنهما ابن أبي الحديد في الخبرالرابع من الأخبار التي أوردها في ص٤٤٩ من المجلد الثاني من شرح النهج، وأورده الأمام الرازي في معنى آية المباهلة من تفسيره الكبيرص٢٨٨ من جزئه الثاني .
[٢١] . أخرجه الديلمي من حديث أبي ذر كما في صفحة ١٥٦من الجزء السادس من كنز العمال .
[٢٢] . فيما أخرجه الإمام أحمد في ص١٥١ من الجزء الأول من الأول من مسنده .
[٢٣] . أخرجه الحاكم في ص١٢١ من الجزء الثالث من المستدرك والذهبي في تلك الصفحة من تلخيصه .
[٢٤] . أخرجه الحاكم في آخر ص١٢٢ من الجزء الثالث من المستدرك وقال هذا حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه، واعترف الذهبي بصحته علي شرط الشيخين وذلك حيث أورده في التلخيص، وأخرجه الأمام أحمد من حديث أبي سعيد في ص٨٢ وفي ص٣٣ من الجزء الثالث من مسنده، وأخرجه البهيقي في شعب الإيمان وسعيد بن منصور في سننه وأبو نعيم في حليته، وأبو يعلى في السنن وهو الحديث ٢٥٨٥ في ص١٥٥ من الجزء الثالث من المستدرك.
[٢٥] . أخرجه أبو نعيم من حديث معاد راجع ص١٥٦ من الجزء السادس من كنز العمال.
[٢٦] . صحيح الترمذي ج٥ ص٢٠١، مستدرك الحاكم ج٣ ص١٢٦ ١٢٧، تاريخ ابن كثير ج٧ ص٣٥٨، أحمد بن حنبل في كتاب المناقب.
[٢٧] . راجع كتاب الاستيعاب ج٣ ص٣٩، مناقب الخوارزمي ص٤٨، الرياض النضرة ج٢ ص٩٤ .
[٢٨] . راجع كتاب المحب الطبري في الرياض النضرة ج٢ ص١٩٨، تاريخ الخلفاء للسيوطي ص١٢٤،الإتقان ج٢ ص٣١٩، فتح الباري ج٨ ص٤٨٥،تهذيب التهذيب ج٧ ص٣٣٨.
[٢٩] . كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري ج٧ ص٨٣،تاريخ الخلفاء للسيوطي ص١٩٩، الصواعق المحرقة لابن حجر ص١٢٥.
[٣٠] . المناقب لابن المغازلي، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٤، الجامع للسيوطي ٢، ينابيع المودة .
[٣١] . كنز العمال ٦، الطبري ٢، الخوارزمي، الفضائل لأحمد ابن المغازلي .
[٣٢] . الخصائص للنسائي ١٣، مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري ٣، الترمذي ١٣، البيهقي ٧، ينابيع المودة، مسند أحمد ٤، ابن المغازلي، كنزالعمال .
[٣٣] . المناقب لأحمد، كنز العمال ٥، الجامع للسيوطي ٢، ابن المغازلي، ينابيع المودة .
[٣٤] . مسند أحمد ٥، مستدرك الصحيحين، للحاكم النيسابوري ٣، كنز العمال ٦، الطبراني.
[٣٥] . الفضائل لأحمد، ابن المغازلي، الخوارزمي، الرياض النضرة ٢ .
[٣٦] . كنز العمال ٦، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، شواهد التنزيل ٢، ينابيع المودة، مناقب الإمام علي بن أبي طالب (ع) لابن المغازلي الشافعي(بزيادة: بن أبي طالب)وأخرجه العلامة العيني في عمدة القارئ ١٦ / ٢١٥ .
[٣٧] . الرياض النضرة ٢، الفضائل لأحمد، ، ابن المغازلي، أخطب خوارزم .
[٣٨] . الترمذي، ابن المغازلي، أسد الغابة ٤، الرياض النضرة ٢ .
[٣٩] . مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري ٣، مسند أحمد (٤،٥)، الخصائص للنسائي، ابن المغازلي، المناقب لأخطب خوارزم، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي، كنز العمال ٦، ينابيع المودة .
[٤٠] . مسند أحمد (١،٣)، الترمذي ٢، الخصائص للنسائي، كنز العمال ١، ابن المغازلي .
[٤١] . مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري ٢، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٦، أخطب خوارزم، ابن المغازلي .
[٤٢] . حلية الأولياء ١، الرياض النضرة ٢، ابن المغازلي، الخوارزمي، ينابيع المودة .
[٤٣] . كنز العمال ٦، الطبراني ٥، الرياض النضرة ١، ذخائر العقبى، ابن المغازلي .
[٤٤] . ابن المغازلي، الرياض النضرة ٢، ينابيع المودة، الخوارزمي .
[٤٥] . ينابيع المودة ٢ .
[٤٦] . ينابيع المودة ٢ ب ٥٦ .
[٤٧] . مستدرك الصحيحين للحاكم النيسابوري ٣، مسند أحمد، ينابيع المودة .
[٤٨] . البيهقي ٤، كنز العمال ٧، الجامع للسيوطي ٢، ابن المغازلي .
[٤٩] . ابن المغازلي، ينابيع المودة، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ٥، الخوارزمي .
[٥٠] . مسلم ٢، الترمذي ٢، الحاكم ٣، مسند أحمد ٣، النسائي ٧، أسد الغابة ٣. .
[٥١] . أخرجه الحاكم ص١٢٩ من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك .
[٥٢] . أخرجه الديلمي عن عمار وأبي أيود كما في أول ص١٥٦من الجزء السادس من الكنز .
[٥٣] . أخرجه الطبراني في الكبير و ابن عساكر عن أبي الحمراء مرفوعاً كما في ص١٥٨ من الجزء السادس من الكنز .
[٥٤] . أخرجه الحاكم في أول ص١٢١ من الجزء الثالث من المستدرك, وأورده الذهبي في تلخيصه مصرحا بصحته, ورواه أحمد من حديث أمسلمه في ص٣٢٣ من الجزء السادس من مسنده,والنسائي في ص١٧ من الخصائص العلوية.
[٥٥] . أخرجه الحاكم في أول ص١٢٨ من الجزء الثالث من المستدرك .
[٥٦] . أخرجه الطبراني في الكبير وابن عساكر في تاريخه وهو الحديث٢٥٧١ من أحاديث الكنز في آخر ص١٥٤ من الجزء السادس.
[٥٧] . أخرجه الحاكم من حديث جابر في ص١٢٩ من الجزء الثالث من صحيحه المستدرك، حديث رقم ٢٥٢٧ من أحاديث الكنز ص١٥٣ من جزئه السادس وأخرجه الثعلبي من حديث أبي ذر في تفسير آية الولاية من تفسيره الكبير.
[٥٨] . نقل ملخصا من تاريخ الطبري ج٢ | ٣١٩ ـ ٣٢١ ..طبعة دار المعارف بمصر سنة ١٩٦١ .ومما يذكر أن الدكتور محمد حسنين هيكل قد أثبت هذا الحديث في الطبعة الاولى من كتابه حياة محمد ص ١٠٤ .ثم حذفه من الطبعة التالية وراجع في مصادر هذا الحديث واسانيده كتاب الغدير ج٢ : ٢٥٢ ـ ٢٦٠ .
[٥٩] . الامامة : شيخ محمد حسن ال ياسين : ص ٤٠ . طبعة بيروت .

إنتهى.

المصدر: http://arabic.balaghah.net

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى