مقالات

قدرة الانسان…

نص الشبهة: 

هل يستطيع الإنسان أن يمتلك قدرة تمكنه من تدمير كوكب الأرض ؟ إذا كان الجواب نعم ألا يعد ذلك سيطرة على ناموس الطبيعة ، وتحديداً لقدرة الله سبحانه ؟ بمعنى أنه لو كان مقدراً لهذه الأرض أن تدوم آلاف السنين ، لكن ونتيجة للأحقاد والضغائن التي تنتج عنها الحروب قرّر إنهاء هذه الحياة وتدمير الكوكب . ألا يكون بذلك قد حدد مشيئة الله سبحانه وتعالى ، وتحكم هو بمبدأ الفناء ؟ وهل قيام الساعة خاص بفناء عالمنا الذي نعرفه ؟ هذا وقد أكد الأمريكيون والسوفيات [سابقاً] على أنهم يمتلكون قدرة تمكنهم من تدمير الأرض مئة مرة أو تزيد .

الجواب: 

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين
وبعد . .
إن امتلاك الإنسان قدرة تمكنه من إحداث الكارثة لا يعتبر تحديداً لقدرة الله سبحانه . . فإن التقدير الإلهي لبقاء الأرض آلاف السنين لا يعني : إلا أن الله سبحانه العالم بكل شيء يعلم بأن الأرض ستبقى هذه المدة ، وإنه يعلم أيضاً أن الإنسان لن يمتلك هذه القدرة التدميرية أو يعلم أنه سيمتلكها ، لكنه سوف لن يستعملها لأكثر من مانع . وعلم الله بكل ذلك علم صادق بلا شك ، ولكن هذا العلم الصادق بالشيء لا يوجب الإجبار على الشيء . . ولا يكون أيضاً سبباً في حصول الشيء ، بل هو كعلمي وعلمك بطلوع الشمس غداً ، فإنه علم صادق بلا ريب ، لكنه ليس سبباً في طلوعها ، بل سبب الطلوع شيء آخر . .
وإنما يلزم تحديد القدرة الإلهية في صورة ما لو أراد الله بقاءها ، ثم جاءت إرادة الإنسان وقهرت وألغت الإرادة الإلهية . . وليس الأمر كذلك . .
بل إن الله سبحانه قد خلق الخلق ، وأعطى للإنسان الاختيار والإرادة ، وأفسح له في المجال لإخضاع نواميس الطبيعة . . فالإنسان حين يمارس ذلك إنما يمارسه أيضاً وفق مشيئة الله ، لأن الله قد شاء له أن يكون مختاراً مريداً ، متعرضاً حتى لنواميس الطبيعة .
فإذا تدخل سبحانه ، وألغى اختيار الإنسان ، وإرادته ، فإنه سيكون قد نقض مشيئته هذه ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً . .
على أن من الواضح : أن لدينا بعض الأخبار التي تقول : إنه سيهلك تسعة أعشار الناس ، فهذا الهلاك العظيم له أسبابه ، ومن أسبابه اختيار الإنسان ، وإرادته ، وممارسته . . وسيتحمل الإنسان مسؤولية ذلك . . ولا يكون ذلك إلغاءً لمشيئة الله سبحانه وتعالى . . 1

  • 1. مختصر مفيد . . ( أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة ) ، للسيد جعفر مرتضى العاملي ، « المجموعة الأولى » المركز الإسلامي للدراسات ، الطبعة الأولى ، 1423 ـ 2002 ، ص 9 ـ 11 .
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى