سيرة أهل البيت (ع)مقالاتمنوعات

مسائل اليهودي

المفيد : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال : حدثنا الحسين بن مهران قال : حدثني الحسين بن عبد الله ، عن أبيه ، عن جده ، عن جعفر بن محمد ، عن . أبيه ، عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب  قال : جاء رجل من اليهود إلى النبي  فقال : يا محمد ! أنت الذي تزعم أنك رسول الله ، وأنه يوحى إليك كما أوحي إلى موسى بن عمران ؟ قال : نعم ، أنا سيد ولد آدم ولا فخر ، أنا خاتم النبيين ، وإمام المتقين ، ورسول رب العالمين . 
فقال : يا محمد ! إلى العرب أرسلت ، أم إلى العجم ، أم إلينا ؟ قال رسول الله  : إني رسول الله إلى الناس كافة . 
فقال : إني أسألك عن عشر كلمات أعطاها الله موسى في البقعة المباركة حيث ناجاه ، لا يعلمها إلا نبي مرسل ، أو ملك مقرب . 
فقال النبي : سل عما بدا لك . 
فقال : يا محمد ! أخبرني عن الكلمات التي اختارها الله لإبراهيم  حين بنى هذا البيت ؟ فقال النبي  : نعم ، سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر . 
فقال : يا محمد ! لأي شيء بنى إبراهيم  الكعبة مربعا ؟ قال : لأن الكلمات أربعة . قال : فلأي شيء سمى الكعبة كعبة ؟ قال : لأنها وسط الدنيا .
قال : فأخبرني عن تفسير سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ؟ فقال النبي  : علم الله أن ابن آدم والجن يكذبون على الله تعالى ، فقال : سبحان الله ، يعني برئ مما يقولون . 
وأما قوله : الحمد لله ، علم الله أن العباد لا يؤدون شكر نعمته ، فحمد نفسه عزوجل قبل أن يحمده الخلائق ، وهي أول الكلام ، لولا ذلك لما أنعم الله على أحد بالنعمة . 
وأما قوله : لا إله إلا الله ، وهي وحدانيته ، لا يقبل الله الأعمال إلا به ، ولا يدخل الجنة أحد إلا به ، وهي كلمة التقوى ، سميت التقوى لما تثقل بالميزان يوم القيامة . 
وأما قوله : الله أكبر ، فهي كلمة ليس أعلاها كلام ، وأحبها إلى الله ، يعني ليس أكبر منه ، لأنه يستفتح الصلوات به لكرامته على الله ، وهو اسم من أسماء الله الأكبر . 
فقال : صدقت يا محمد ! ما جزاء قائلها ؟ قال : إذا قال العبد : سبحان الله ، سبح كل شيء معه ما دون العرش ، فيعطى قائلها عشر أمثالها . وإذا قال : الحمد لله ، أنعم الله عليه بنعيم الدنيا حتى يلقاه بنعيم الآخرة ، وهي الكلمة التي يقولها أهل الجنة إذا دخلوها ، والكلام ينقطع في الدنيا ما خلا الحمد ذلك قولهم : ( تحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) . 
وأما ثواب لا إله إلا الله ، فالجنة ، وذلك قوله : ( هل جزاء الاحسان إلا الاحسان ) .
وأما قوله : الله أكبر ، فهي أكبر درجات في الجنة ، وأعلاها منزلة عند الله .
فقال اليهودي : صدقت يا محمد ! أديت واحدة ، تأذن لي أن أسألك الثانية ؟ فقال : النبي  : سلني ما شئت . 
وجبرئيل عن يمين النبي  ، وميكائيل عن يساره يلقنانه . 
فقال اليهودي : لأي شيء سميت محمدا وأحمد وأبا القاسم وبشيرا ونذيرا وداعيا ؟ فقال النبي  : أما محمد ، فإني محمود في السماء ؛ وأما أحمد ، فإني محمود في الأرض ؛ وأما أبو القاسم ، فإن الله تبارك وتعالى يقسم يوم القيامة قسمة النار بمن كفر بي ، أو يكذبني من الأولين والآخرين ؛ وأما الداعي ، فإني أدعو الناس إلى دين ربي إلى الإسلام ؛ وأما النذير ، فإني أنذر بالنار من عصاني ؛ وأما البشير ، فإني أبشر بالجنة من أطاعني . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن الثالث ، لأي شيء وقت الله هذه الصلوات الخمس في خمس مواقيت على أمتك في ساعات الليل والنهار ؟ فقال النبي  : إن الشمس إذا بلغ عند الزوال لها حلقة تدخل فيها ، فإذا دخل فيها زالت الشمس ، فسبحت كل شيء ما دون العرش لربي ، وهي الساعة التي يصلي علي ربي ، فافترض الله علي وعلى أمتي فيه الصلاة إذ قال : ( أقم الصلوة لدلوك الشمس ) وهي الساعة التي تؤتى بجهنم يوم القيامة ، فما من مؤمن يوافق في تلك الساعة ساجدا ، أو راكعا ، أو قائما في صلاته إلا حرم الله جسده على النار . 
وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم  من الشجرة ، ونقص عليه الجنة ، فأمر الله لذريته إلى يوم القيامة بهذه الصلاة ، واختارها وافترضها ، فهي من أحب الصلوات إلى الله عزوجل ، فأوصاني ربي أن أحفظها من بين الصلوات كلها ، قال : ( حفظوا على الصلوات والصلوة الوسطى ) ، فهي صلاة العصر . 
وأما صلاة العشاء فهي الساعة التي تاب الله على آدم  ، فكان ما بين ما أكل من الشجرة وبين ما تاب ثلاثمائة سنة من أيام الدنيا ، وفي أيام الآخرة يوم كألف سنة مما تعدون ، فصلى آدم صلوات الله عليه ثلاث ركعات : ركعة لخطيئته ، ركعة لخطيئة حواء ، وركعة لتوبته . 
فتاب الله عليه ، وفرض الله على أمتي هذه الثلاث ركعات ، وهي الساعة التي يستجاب فيها الدعوة ، ووعدني ربي أن لا يخيب من سأله حيث قال : ( فسبحن الله حين تمسون وحين تصبحون ) . 
وأما صلاة العتمة ، فإن للقبر ظلمة ، وليوم القيامة ظلمة ، أمر الله لي ولأمتي بهذه الصلاة ، وما من قدم مشيت إلى صلاة العتمة إلا حرم الله عليه قعور النار ، وينور الله قبره ، ويعطى يوم القيامة نورا تجاوز به الصراط ، وهي الصلاة التي اختارها للمرسلين قبلي . 
وأما صلاة الفجر ، فإن الشمس إذا طلعت تطلع من قرن الشيطان ، فأمر الله لي أن أصلي الفجر قبل طلوع الشمس ، وقبل أن يسجد الكفار لها يسجدون أمتي لله ، سرعتها أحب إلى الله ، وهي الصلاة التي تشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن الرابع ، لأي شيء أمر الله غسل هذه الأربع جوارح وهي أنظف المواضع في الجسد ؟ فقال النبي  : لما أن وسوس الشيطان فدنى آدم إلى الشجرة فنظر إليها ذهب بماء وجهه ثم قام ، فهي أول قدم مشيت إلى الخطيئة ، ثم تناولها ، ثم شقها فأكل منها ، فلما أن أكل منها طارت منه الحلل والنور من جسده ، ووضع آدم يده على رأسه وبكى ، فلما أن تاب الله على آدم افترض الله عليه وعلى ذريته اغتسال هذه الأربع جوارح ، وأمر أن يغسل الوجه لما نظر آدم إلى الشجرة ، وأمر أن يغسل الساعدين إلى المرافق لما مد يديه إلى الخطيئة ، وأمر أن يمسح الرأس لما وضع يده على أم رأسه ، وأمر أن يمسح القدم بما مشيت إلى الخطيئة ، ثم سننت على أمتي المضمضة والاستنشاق ، والمضمضة تنقي القلب من الحرام ، والاستنشاق يحرم رائحة النار . 
فقال : صدقت يا محمد ! ما جزاء من توضأ كما أمرت ؟ قال : أول ما يمس الماء يتباعد عنه الشيطان ، وإذا مضمض نور الله لسانه وقلبه بالحكمة ، وإذا استنشق آمنه الله من فتن القبر ومن فتن النار ؛ فإذا غسل وجهه بيض الله وجهه يوم تسود الوجوه ، وإذا غسل ساعديه حرم الله عليه غلول النار ، وإذا مسح رأسه مسح الله سيئاته ، وإذا مسح قدميه جاوزه الله على الصراط يوم تزل فيه الأقدام . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن الخامس ، بأي شيء أمر الله الاغتسال من النطفة ، ولم يأمر من البول والغائط ، والنطفة أنظف من البول والغائط ؟ فقال رسول الله  : لإن آدم لما أكل من الشجرة تحول ذلك في عروقه وشعره وبشره ، وإذا جامع الرجل المرأة خرجت النطفة من كل عرق وشعر ، فأوجب الله الغسل على ذرية آدم إلى يوم القيامة ، والبول والغائط لا يخرج إلا من فضل ما يأكل ويشرب الإنسان ، كفى به الوضوء . فقال اليهودي : ما جزاء من اغتسل من الحلال ؟ قال : بنى الله له بكل قطرة من ذلك الماء قصرا في الجنة ، وهو شيء [ فيما ] بين الله وبين عباده من الجنابة .
فقال اليهودي : يا محمد ! فأخبرني عن السادس ، عن ثمانية أشياء في التوراة مكتوبة ، أمر الله بني إسرائيل أن يعبدونه بعد موسى . فقال النبي  : أنشدك الله إن أخبرتك أن تقر به ؟ فقال اليهودي : بلى ، يا محمد ! فقال النبي  : إن أول ما في التوراة مكتوب : محمد رسول الله ، وهي مما أساطه ثم صار قائما ، ثم تلا هذه الآية : ( يجدونه ومكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) ( ومبشرا برسول يأتى من بعدي اسمه أحمد ) وأما الثاني والثالث والرابع : فعلي ، وفاطمة ، وهي سيدة نساء العالمين ، وسبطيهما ، في التوراة إيليا ، شبرا وشبيرا ، وهليون ، يعني فاطمة والحسن والحسين  . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن فضلك على النبيين وفضل عشيرتك على الناس ؟ فقال النبي  : أما فضلي على النبيين ، فما من نبي إلا دعا على قومه ، وأنا اخترت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة . 
وأما فضل عشيرتي وأهل بيتي وذريتي كفضل الماء على كل شيء ، بالماء يبقي كل [ شئ ] ويحيى ، كما قال ربي تبارك وتعالى : ( وجعلنا من الماء كل شىء حي أفلا يؤمنون ) ، ومحبة أهل بيتي وعشيرتي وذريتي يستكمل الدين . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن السابع ، ما فضل الرجال على النساء ؟ فقال النبي  : كفضل السماء على الأرض ، وكفضل الماء على الأرض ، بالماء يحيى كل شيء وبالرجال يحيى النساء ، لولا الرجال ما خلق الله النساء ، وما مرأة تدخل الجنة إلا بفضل الرجال ، قال الله تبارك وتعالى : ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض ) . 
فقال : يا محمد ! لأي شيء هذا هكذا ؟ فقال النبي  : خلق آدم صلوات الله عليه من طين ، ومن صلبه ونفسه خلق النساء ، وأول من أطاع النساء آدم صلوات الله عليه ، فأنزله من الجنة ، وقد بين الله فضل الرجال على النساء في الدنيا ، ألا ترى النساء كيف يحضن فلا يمكنهن العبادة من القذارة ، والرجال لا يصيبهم ذلك . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن الثامن ، لأي شيء افترض الله صوما على أمتك ثلاثين يوما ، وافترض على سائر الأمم أكثر من ذلك ؟ فقال النبي  : إن آدم صلوات الله عليه لما أن أكل من الشجرة بقي في جوفه مقدار ثلاثين يوما ، فافترض على ذريته ثلاثين يوما الجوع والعطش ، وما يأكلونه بالليل فهو تفضل من الله على خلقه ، وكذلك كان لآدم صلوات الله عليه ثلاثين يوما كما على أمتي ، ثم تلا هذه الآية : ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) . 
قال : صدقت يا محمد ! ما جزاء من صامها ؟ فقال النبي  : ما من مؤمن يصوم يوما من شهر رمضان حاسبا محتسبا إلا أوجب الله تعالى له سبع خصال : أول الخصلة : يذوب الحرام من جسده ، والثاني : يتقرب إلى رحمة الله ، والثالث : يكفر خطيئته ، ألا تعلم أن الكفارات في الصوم يكفر ، والرابع : يهون عليه سكرات الموت ، والخامس : آمنه الله من الجوع والعطش يوم القيامة ، والسادس : براءة من النار ، والسابع : أطعمه الله من طيبات الجنة . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن التاسع ، لأي شيء أمر الله الوقوف بعرفات بعد العصر ؟ فقال النبي  : لأن بعد العصر ساعة عصى آدم صلوات الله عليه ربه ، فافترض الله على أمتي الوقوف والتضرع والدعاء في أحب المواضع إلى الله وهو موضع عرفات ، وتكفل بالإجابة ، والساعة التي ينصرف وهي الساعة التي تلقى آدم صلوات الله عليه من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم . 
قال : صدقت يا محمد ! فما ثواب من قام بها ودعا وتضرع إليه ؟ فقال النبي  : والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن لله تبارك وتعالى في السماء سبعة أبواب : باب التوبة ، وباب الرحمة ، وباب التفضل ، وباب الإحسان ، وباب الجود ، وباب الكرم ، وباب العفو . 
لا يجتمع أحد إلا يستأهل من هذه الأبواب وأخذ من الله هذه الخصال ، فإن لله تبارك وتعالى مائة ألف ملك ، مع كل ملك مائة وعشرون ألف ملك ، ولله مائة رحمة ينزلها على أهل عرفات ، فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بعتق رقاب أهل عرفات ، فإذا انصرفوا أشهد الله تلك الملائكة بأنه أوجب لهم الجنة ، وينادي مناد : انصرفوا مغفورا لكم ، فقد أرضيتموني ورضيت لكم . 
قال : صدقت يا محمد ! فأخبرني عن العاشر ، تسعة خصال أعطاك الله من بين النبيين ، وأعطى أمتك من بين الأمم ؟ فقال النبي  : فاتحة الكتاب ، والأذان ، والإقامة ، والجماعة في مساجد المسلمين ، ويوم الجمعة ، والإجهار في ثلاث صلوات ، والرخصة لأمتي عند الأمراض والسفر ، والصلاة على الجنائز ، والشفاعة في أصحاب الكبائر من أمتي . 
قال : صدقت يا محمد ! فما ثواب من قرأ فاتحة الكتاب ؟ فقال النبي  : من قرأ فاتحة الكتاب أعطاه الله من الأجر بعدد كل كتب أنزل من السماء قرأها وثوابها . 
وأما الأذان فيحشر مؤذن أمتي مع النبيين والصديقين والشهداء . 
وأما الجماعة فإن صفوف أمتي كصفوف الملائكة في السماء الرابعة ، والركعة في الجماعة أربعة وعشرون ركعة ، كل ركعة أحب إلى الله من عبادة أربعين سنة . 
وأما يوم الجمعة فهو يوم جمع الله فيه الأولين والآخرين يوم الحساب ، ما من مؤمن مشى بقدميه إلى الجمعة إلا خفف الله عليه أهوال يوم القيامة بعد ما يخطب الإمام ، وهي ساعة يرحم الله فيه المؤمنين والمؤمنات . 
وأما الإجهار فما من مؤمن يغسل ميتا إلا يتباعد عنه لهب النار ، ويوسع عليه الصراط بقدر ما يبلغ الصوت ويعطى نورا حتى يوافي الجنة . وأما الرخصة فإن الله يخفف أهوال القيامة على من رخص من أمتي ، كما رخص الله في القرآن . 
وأما الصلاة على الجنائز فما من مؤمن يصلي على جنازة إلا يكون شافعا ، أو مشفعا . 
وأما شفاعتي في أصحاب الكبائر من أمتي ما خلا الشرك والمظالم . 
قال : صدقت يا محمد ! أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأنك خاتم النبيين وإمام المتقين ورسول رب العالمين . ثم أخرج ورقا أبيضا من كمه مكتوب عليه جميع ما قال النبي حقا ، فقال : يا رسول الله ! والذي بعثك بالحق نبيا ما استنسختها إلا من الألواح الذي كتب الله لموسى بن عمران ، فقد قرأت في التوراة مائة ألف آية ، فما من آية قرأتها إلا وجدتك مكتوبا فيها ، وقد قرأت في التوراة فضيلتك حتى شككت فيها ، يا محمد ! فقد كنت أمحي اسمك في التوراة أربعين سنة ، فكلما محوت وجدت اسمك مكتوبا فيها ، ولقد قرأت في التوراة هذه المسائل لا يخرجها غيرك ، وإن ساعة ترد جواب هذه المسائل يكون جبرئيل عن يمينك وميكائيل عن يسارك . 
فقال النبى  : جبرئيل عن يميني وميكائيل عن يساري ، وصلى الله على محمد وآله .

المصدر: https://www.sibtayn.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى