نور العترة

نماذج من أخلاقيات الامام السجاد عليه السلام


من الأُمور المهمّة التي كانت واضحة في سيرة الإمام زين العابدين (عليه السلام ) التأكيد على الأخلاقيات، ومنها: العفو عن الآخرين لدى إساءتهم، وعدم الردّ بالمثل. ففي دعائه المعروف بـدعاء (مكارم الأخلاق) يقول:
(اللهمّ صلّ على محمّد وآله، وحلّني بحلية الصالحين، وألبسني زينة المتّقين، في بسط العدل، وكظم الغيظ، وإطفاء النائرة، وضمّ أهل الفرقة، وإصلاح ذات البين، وإفشاء العارفة، وستر العائبة، ولين العريكة، وخفض الجناح.
وهكذا كان (عليه السلام ) في مواقفه الكريمة:
💢روي أنه كان عنده قوم أضياف. فاستعجل خادماً له بشواء كان في التنور، فأقبل به الخادم مسرعاً فسقط السفود منه على رأس بني لعلي بن الحسين تحت الدرجة فأصاب رأسه فقتله
. فقال عليه السلام للغلام ـ وقد تحير الغلام واضطرب “أنت حر؛ فإنك لم تعتمد”. وأخذ في جهاز ابنه ودفنه.
💢وعن سفيان، قال: جاء رجل إلى علي بن الحسين ( عليه السلان )فقال له: إنّ فلاناً قد وقع فيك وآذاك. قال (عليه السلام ): (فانطلق بنا إليه
(. فانطلق معه وهو يرى أنّه سينتصر لنفسه، فلمّا أتاه قال (عليه السلام ) له: (يا هذا، إنّ كان ما قلت فيَّ حقّاً فالله تعالى يغفره لي، وإن كان ما قلت فيَّ باطلاً فالله يغفر لك.
💢ونادى علي بن الحسين ( عليه السلام )يوماً مملوكاً له فلم يجبه وهو يسمعه.
فقال: يا بني، أناديك فلا تجيبني، أ ما تخاف أن أعاقبك؟
قال: لا والله ما أخافك؛ وذلك الذي حملني على أن لم أجبك.
فقال علي بن الحسين (عليه السلام ): (الحمد لله الذي جعل مملوكي آمناً مني.
💢وجعلت جارية لعلي بن الحسين ( عليه السلام )تسكب الماء عليه وهو يتوضأ للصلاة، فسقط الإبريق من يد الجارية على وجهه فشجه. فرفع علي بن الحسين (عليه السلام ) رأسه إليها.
فقالت الجارية: إن الله عز وجل يقول: [وَالكَاظِمِينَ الغَيْظَ].
فقال لها: (قد كظمت غيظي)
قالت: [وَالعَافِينَ عَنِ النَّاسِ].
قال: (قد عفى الله عنكِ).
قالت: [وَاللهُ يُحِبُّ المُحْسِنِينَِ].
قال: (اذهبي فأنتِ حرة).
💢وكسرت جارية له قصعة فيها طعام فاصفرّ وجهها. فقال (عليه السلام ): (اذهبي فأنت حرّة لوجه الله.

🔰وعن أبي عبد الله (عليه السلام )، قال: (قال رجل لعلي بن الحسين (عليه السلام ): إنّ فلاناً ينسبك إلى أنك ضال مبتدع!.
فقال له علي بن الحسين (عليه السلام ): ما رعيت حق مجالسة الرجل حيث نقلت إلينا حديثه، ولا أديت حقّي حيث أبلغتني عن أخي ما لست أعلمه. إنّ الموت يعمّنا، والبعث محشرنا، والقيامة موعدنا، والله يحكم بيننا. إياك والغيبة! فإنها إدام كلاب أهل النار. واعلم إنّ من أكثر عيوب الناس شهد عليه الإكثار إنه إنما يطلبها بقدر ما فيه.

💢كان الإمام زين العابدين (عليه السلام ) آية في الحلم وكظم الغيظ حتى مع ألد خصومه. فهو من أهل بيت شيمتهم الحلم، وخُلُقهم الصفح، وردّ السيئة بالحسنة.
* ففي الخبر أنه (عليه السلام ) قال: (ما تجرّعت جرعة غيظ أحبّ إليَّ من جرعة غيظ أعقبها صبراً، وما أُحبّ أنّ لي بذلك حمر النعم.
* وذات مرّة سبّه رجل فسكت عنه. فقال الرجل: إياك أعني. فقال ( عليه السلام ): وعنك أغضي.
💢 وروي أنّ رجلاً وقف وأسمعه وشتمه، فلم يكلّمه. فلمّا انصرف قال ( لجلسائه: (قد سمعتم ما قال هذا الرجل وأنا أُحبّ أن تبلغوا معي إليه حتّى تسمعوا منّي ردّي عليه( ـ وهذا بقصد تعليم أصحابه ـ.
فأتى منزل الرجل وصرخ به فخرج الرجل متوثّباً للشرّ. فقال علي بن الحسين (عليه السلام )يا أخي، إن كنت قد قلت ما فيَّ فأستغفر الله منه، وإن كنت قلت ما ليس فيَّ فغفر الله لك.
قال: فقبّل الرجل بين عينيه وقال: بل قلت فيك ما ليس فيك وأنا أحقّ به.

💢وشتمه بعضهم، فقال (عليه السلام ) يا فتى إنّ بين أيدينا عقبة كؤوداً فإن جزت منها فلا أُبالي بما تقول، وإن أتحيّر فيها فأنا شرّ ممّا تقول.

💢وروي أنّ هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد المخزومي كان والياً على المدينة لعبد الملك بن مروان. وقد أساء جوار الإمام ( عليه السلام )ولحقه منه أذى، – كان شديد الاذى للامام السجاد ع ويكثر من شتمه -فلما مات عبد الملك عزله الوليد بن عبد الملك وأوقفه للناس لكي يقتصوا منه. فقال: والله إني لا أخاف إلاّ علي بن الحسين. فمر عليه الإمام ( عليه السلام )وسلّم عليه، وأمر خاصته أن لا يتعرض له أحد بسوء. وأرسل له: (إن كان أعجزك مال تؤخذ به فعندنا ما يسعك ويسد حاجتك، فطب نفساً منا ومن كل من يطيعنا)
. فقال له هشام بن إسماعيل: الله أعلم حيث يجعل رسالته.

📚المعصومون الاربعة عشر- الشيخ السبحاني- بتصرف

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى